صنعاء ـ عبدالغني يحيى
باشر التحالف العربي عمليات عسكرية برّية في اليمن، وانخرط في القتال إلى جانب وحدات الجيش الموالي للشرعية في محافظة مأرب، ودعم "المقاومة الشعبية" في سياق خطة متكاملة لدحر مسلحي جماعة الحوثيين والقوات الموالية لهم، تمهيدًا للزحف إلى صنعاء لتحريرها من قبضة الجماعة.
وكانت مصادر عسكرية أكدت دخول عشرة آلاف جندي من دول التحالف إلى مأرب عبر الحدود السعودية، وذلك خلال الأسبوعين الأخيرين، تواكبهم مئات المدرعات والدبابات وقطع مدفعية ثقيلة وبطاريات صواريخ ومروحيات من طراز "أباتشي"، لمساندة الجيش اليمني الموالي للشرعية من أجل حسم المعركة الفاصلة مع الحوثيين.
وأضافت المصادر أن عشرات الآليات التابعة للتحالف العربي تقدّمت ظهر الثلاثاء نحو جبهات القتال، وانتشرت في جبهة الجفينة غرب مأرب ومحيط معسكر "صحن الجن"، إيذانًا بدخولها على خط المواجهات.
ونقلت وكالة "فرانس برس" الثلاثاء عن مسؤول قطري رفيع المستوى تأكيده أن بلاده أرسلت ألف جندي إلى اليمن، وأنهم مستعدون للقتال في صفوف قوات التحالف، وزاد أن هؤلاء الجنود يتمركزون على الحدود السعودية اليمنية، وسيدخلون إلى الأراضي اليمنية في غضون أيام.
وتواصلت غارات طيران التحالف بكثافة على مواقع المسلحين الحوثيين والمعسكرات التي يسيطرون عليها في صنعاء وضواحيها وصعدة وحجة وشبوة ومأرب والبيضاء، وسجلت خسائر كبيرة في صفوف الانقلابيين الحوثيين والقوات الموالية لهم.
وسمعت انفجارات ضخمة في صنعاء نتيجة القصف الذي استهدف كلية الشرطة ونادي ضباط الشرطة، ومعهد القوات الجوية وقاعدة الديلمي الجوية ومعسكرات الحفا والنهدين وألوية الصواريخ، وقوات الاحتياط، وقوات الأمن الخاصة، في حين تحدّثت مصادر الحوثيين عن تسعين إصابة بين قتيل وجريح.
وبدأت العاصمة اليمنية تشهد موجة نزوح واسعة إلى الأرياف، تحسبًا لمواجهات محتملة بين مؤيدي الشرعية والحوثيين، وأكدت مصادر دبلوماسية أن كل أفراد بعثة السفارة الإيرانية غادروا صنعاء، بعد أيام على مغادرة بعثة السفارة الروسية.
وأفاد شهود بأن الغارات دمّرت منازل قياديين موالين للحوثيين في حي المدينة الليبية وفي منطقتي دارس وشملان، شمال العاصمة وغربها، بما فيها منزل العقيد خالد العندولي وهو مساعد سابق للجنرال علي محسن الأحمر، قبل أن يلتحق بالجماعة، وكذلك منزل الزعيم القبلي يحيى عايض.
وطاولت الغارات منطقة سنحان جنوب العاصمة، وهي مسقط رأس الرئيس السابق علي صالح، ومواقع في مديرية خولان المجاورة، وامتدت إلى منطقة الخوخة الساحلية التابعة لمحافظة الحديدة. وذكرت مصادر أن 22 شخصًا يحملون الجنسية الهندية قتلوا في قصف استهدف قوارب صيد لهم في المنطقة يعتقد بأنها كانت تنقل أسلحة للحوثيين.
وأغار طيران التحالف على مواقع في صرواح غرب مأرب، واستهدف تجمعات للمسلحين الحوثيين في مناطق من محافظة صعدة، وعلى طول الحد الشمالي الغربي، كما ضرب مواقع الحوثيين والقوات الموالية لهم في مديريتي بيحان وعسيلان في محافظة شبوة، وشاركت مروحيات "أباتشي" في القصف.
وتواصلت معارك الكر والفر بين الحوثيين وقوات المقاومة في مدينة تعز، وأفادت المصادر بأن مسلحي الجماعة شنوا أعنف هجوم لهم على أحياء المدينة، سعيًا إلى دحر المقاومة وإخضاع المدينة التي تعاني ظروفًا إنسانية بالغة التعقيد، نتيجة النقص في الأدوية والحصار المفروض على المدنيين.
وردت المدفعية السعودية الثلاثاء على مصادر قذائف حوثية استهدفت مسجدًا في إحدى القرى الحدودية التابعة لمحافظة الخوبة، وطاولت قذيفة أخرى قرية المصفق الحدودية السعودية وتسببت في إصابة مقيم من الجنسية الباكستانية.
وقصفت المدفعية السعودية عددًا من الأهداف في حرض والملاحيط ورازح على الجانب اليمني، وشهدت المناطق الحدودية تحليقًا كثيفًا لطيران التحالف مساء الثلاثاء والاثنين، وقصفت طائرات التحالف عددًا من الأهداف في صعدة وحجة، كما قصفت كهفًا يستخدمه المسلحون لإطلاق القذائف على الحدود السعودية.
ودمرت طائرات التحالف دبابة في منطقة الظاهر، على طريق جبال مران، في حين تمكنت من تدمير مركبة بالقرب من جبل تويلق، وتمكنت القوات البرية السعودية من القضاء على 11 مسلحًا تابعين لميليشيا الحوثي والحرس الجمهوري الموالي للرئيس السابق علي عبد الله صالح أطلقوا النيران باتجاه الحدود.
وأبلغ المبعوث الخاص إلى اليمن إسماعيل ولد شيخ أحمد، رئيس دائرة الشؤون السياسية في الأمم المتحدة جيفري فيلتمان، أنه سيبدأ مقاربة جديدة أكثر إستراتيجية لإعادة إطلاق جولة جديدة من المحادثات بين الأطراف اليمنيين يُفضل بأن تعقد قبل حلول عيد الأضحى، إما في مسقط كخيار أول أو في الكويت، حسب رسالة الكترونية أفاد دبلوماسيون بأن ولد شيخ أحمد أرسلها إلى فيلتمان.
وأوضحت مصادر مطلعة أن ولد شيخ أحمد يجري مشاورات في جدة الأربعاء للتشاور مع جميع الأطراف لتحديد موعد وآلية المحادثات المباشرة بين الأطراف.
وأبرز ولد شيخ في رسالته: "إن ثمة فرصة قوية الآن للتوصل إلى اتفاق سلام، وتجنب مواجهة عنيفة في صنعاء لأن الحوثيين وحزب المؤتمر الشعبي العام قدما تنازلات جدية وسيكون صعباً الحصول منهم على تنازلات إضافية الآن، كما أن التقدم البطيء أخيرًا من القوات المرتبطة بالحكومة اليمنية حول تعز ومأرب قد يشكل أيضًا فرصة أخرى".
وشدد ولد شيخ على ضرورة التحرك الآن نحو جولة جديدة من المحادثات المباشرة بعد شهرين ونصف الشهر من انتهاء الجولة السابقة في جنيف.
واقترح بأن تعقد المحادثات المقبلة قبل العيد في سلطنة عمان كخيار أول وهو ما يبدو مقبولًا من العمانيين وكل الأطراف، خصوصًا المملكة العربية السعودية، مشيرًا إلى أنه يقترح الكويت كخيار ثان على الرغم من أن الحوثيين لا يزالون مترددين بشأنها.
وأضاف أن محادثاته الحالية في جدة والرياض ستتركز على التقدم نحو مرحلة محادثات سلام بدلًا من الاستمرار في مواصلة الجولات المكوكية ونقل الأوراق والاقتراحات، مشيرًا إلى أن هذا التوجه تدعمه الولايات المتحدة الأميركيةـ مشددًا في هذا الإطار على الحاجة إلى دعم الأمين العام للأمم المتحدة والدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن.
وتابع ولد شيخ أحمد في رسالته: "الحوثيين وحزب المؤتمر الشعبي العام طلبا إعادة صياغة قرار مجلس الأمن 2216 لتجنب الفقرات التي تشير إلى مسألة العقوبات المفروضة على كل من الرئيس السابق علي عبد الله صالح وقادة الحوثيين وأبديا مرونة في قبول تطبيق باقي القرار بشكل كامل".
وبيّن ولد شيخ أحمد أنه أجرى محادثات في لقاءات بين الحوثيين وضباط استخبارات سعوديين بمشاركة الولايات المتحدة وبريطانيا وعُمان، في مسقط، وأن هذه اللقاءات ركزت على إجراءات بناء ثقة ممكنة على غرار انسحاب الحوثيين من المناطق الحدودية مقابل وقف الغارات الجوية التي يشنها التحالف بقيادة المملكة العربية السعودية.
وأردف: "الحوثيين قدموا ورقة اقتراحات أبدوا فيها انفتاحًا على عودة الحكومة اليمنية لفترة 60 يومًا، رغم أنهم استمروا في رفض عودة الرئيس عبد ربه منصور هادي".
واعتبرت مصادر مطلعة أن تسريب رسالة ولد شيخ أحمد عملية تخريب متعمدة له ولمهمته، وأن هدف الرسالة الأساسي هو طلب دعم مجلس الأمن والأمانة العامة للأمم المتحدة للمقاربة الجديدة.
وأصدر مكتب الأمين العام للأمم المتحدة بيانًا اعتبر فيه أن ولد شيخ أحمد منزعج من التقارير الإعلامية المتعلقة بتسريب مراسلات داخلية في الأمم المتحدة، وأن بعض هذه التقارير في الصحافة اليمنية ومواقع أخرى يشكل تشويهًا وتحريفًا ولا تعكس حقيقة موقفه وموقف الأمم المتحدة، وأكد البيان أن ولد شيخ أحمد سيواصل جهوده مع كل الأطراف اليمنيين للتوصل إلى حل سلمي ودائم.