إعمار غزة في القاهرة

دعا الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي إلى إنهاء الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي دون الإبطاء؛ للوفاء بالحقوق وإقامة العدل حتى يعمّ الرخاء والأمان، مُرحّبًا بوفود الدول المشاركة فى مؤتمر إعمار غزة بالتنسيق مع ممكلة النرويغ.

وأضاف السيسي، خلال كلمته في مؤتمر إعادة إعمار غزة في فندق ماريوت القطامية في القاهرة، اليوم الأحد: "نسعى لتحقيق السلام الذي يضمن الاستقرار ويجعل حلم العيش المشترك حقيقة وتلك هي الرؤية التي تضعها المبادرة العربية للسلام ويحتم علينا أنَّ تكون ميراثنا للأجيال القادمة.. نؤكد تضامنا مع الشعب الفلسطيني الشقيق لتوفير الدعم اللازم لقيادته الشرعية وحكومته الوطنية لإعادة إعمار غزة والذي كان وسيكون جزءًا أصيلاً من دولة فلسطين للتمتّع باستقلالها".

وتابع السيسي: "يمثل هذا المؤتمر خطوة مهمة لا غِنى عنها لدعم الجهود المصرية في أزمة غزة الأخيرة، وحملت مصر على عاتقها مسؤولية حقن الدماء وصيانة مقدرات الشعب الفلسطيني، وواصلت مساعيها دون كلل منذ أعلنت مبادرتها لوقف إطلاق النار وجرت عِدة جولات تفاوضية خلال 51 يومًا من القتال ورغم الصعاب نجحت في التوصل لاتفاق شامل لوقف طلاق النار في 26 أغسطس الماضي، وتابعت مصر ضمان تثبيت الهدنة وتحقق من خلال دعوة الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي لاستئناف المفاوضات في القاهرة الشهر الماضي للتوصل لتفهمات قبل انعقاد مؤتمر إعادة إعمار غزة".

وأشار إلى أنَّ مشاورات التسوية في القضية الفلسطينية بدأتها مصر منذ سبعينات القرن الماضي، مضيفًا: "يجب علينا أنَّ نأخذ في الاعتبار أنَّ الشعب الفلسطيني لا يمكن أنَّ يستغنى عن حقوقه وأنَّ استمرار الأوضاع على حالها سيخلف أوضاع إنسانية غير طيبة، كذلك فإنَّ محاولة فرض الوصاية على الفلسطينيين بدعوة تحقيق تطلعاته سيخلف أزمة لا يمكن علاجها، وعليه يجب أنَّ نعمل لتحقيق آمال الشعب الفلسطينى ونتمسك بمبادىء قيام دولته". 

وأضاف الرئيس المصري: "عملت مصر على رأب الصدع الفلسطيني من خلال المصالحة الوطنية وإنهاء الانقسام ومحاولة التوصّل لتفاهمات قضية المصالحة وممارسة حكومة التوافق الوطني لمسؤوليتها، ولم تكتفِ مصر بأنَّ تمارس دورها سياسيًا بل امتد لتوفير البعد الإنساني وتوفير الاحتياجات الطبية والغذائية للأشقاء الفلسطنيين وتوفير العلاج للجرحى في المستشفيات المصرية؛ تعبيرًا عن مواقف أصيلة وقوة حقيقية تؤكد بها مصر أنها كانت وستزل قضية العرب لتفعيل التحرك الدولي والمطلوب بالتعاون مع الحكومة الفلسطينية والتي خلّفتها الأزمة الأخيرة".

وناقش السيسي عملية إعادة الإعمار بحديثه: "انعقاد هذا المؤتمر يوجّه رسالة مهمة إلى شعب فلسطين، والى المنطقة بأكلمها بل وللمجمتع الدولي ولا يتعلق بالتعاطف والاستعداد لبذل الدعم والمساندة للشعب الفلسطيني الشقيق فحسب، ويستند المؤتمر إلى محورين أساسين وهما التهدئة الدائمة وممارسة السلطة الوطنية عملها في القطاع، وألا نخذل الشعب الفلسطيني الذي يعلق على ذلك المؤتمر آماله كبيرة وأنَّ انعقاد المؤتمر يوجه رسالة دون شك للشعب الفلسطيني، وهذه الرسالة لا تتعلق فحسب بالتعاطف وإنما تتعلق لضرورة وضع حدّ للوضع القائمة واستحالة العودة إليه، وإنَّ الطريق الوحيد لاستنادة السلم والأمن هو التوصل لتسوية عادلة وشاملة؛ استكمالًا لمسيرة السلام في سبعينات القرن الماضي، لأنه لا بديل عن هذه التسوية والتفرغ للبناء مجددًا، ولا يخفي على أحد أنَّ استمرار حرمان الفلسطنيين من حقوقه المشروع".

وأشار السيسي إلى أنَّ مصر ساهمت بشكل إيجابي جميع التحركات والمبادرات التي استهدفت تحقيق السلام في الشرق الأوسط، وقدّمت مصر جهود لمباحثات الولايات المتحدة الأميركية التي تعثرت في نيسان/ أبريل الماضي، وحذرنا مرارًا من عواقب التصعيد غير المُبرر والتي كانت بمثابة إنذار خطير لكل الأطراف.

وذكر رئيس الجمهورية المصريّة: "مصر تدرك المخاطر والتحديات التي تحيط بمنطقتها ومن خلال رؤيتنا ندعو لتحقيق التسوية الشاملة والعادلة، هذه الكلمة لابد أنَّ توجه لكل الشعوب التي كبدت ويلات الحروب ومازالت تضمد الجرحى وتسمع أنيين المصابين، أنادي الإسرائيلين شعبًا وحكومةً وأخاطبهم: حان وقف الصراع لنحصد جميعًا الأمان، وأنتم جميعًا تشاركوني النداء وإلى كل أم وأب وشيخ في فلسطين وإسرائيل لنجعل هذه اللحظة نقطة حقيقة لتحقيق السلام ونجعل حلم العيش المشترك حقيقة واقعية".

كما أعرب السيسي عن تقديره للوزراء الحاضرين عن استجابتهم للدعوة المصرية والنرويغية لتحقيق آمال الشعب الفلسطيني.
 
ومن جانبه، طالب الرئيس عباس بالتدخل العاجل لإدخال الموارد إلى قطاع غزة واستعادة البناء لدى الشعب الفلسطيني، مضيفًا: "وكنت أتمنى أنَّ نكون في عنى عن عقد المؤتمر للمرة الثانية، لو أنَّ مبادرة السلام العربية قد تمّ تطبيقها أو رؤية حل الدولتين قد تمّ احترامها والمجتمع الإسرائيلي لم يتخل عن هدفه بالاستيلاء على الأراضي الفلسطينية".

وأضاف عباس: "ما تشهده فلسطين أمر لا يمكن احتماله ولا يمكن المرور عليه دون محاسبة ولكننا سوف نواصل العمل والتنسيق مع مصر والجهات ذات العلاقة لاستمرار الأمور هادئة وتثبيتها، ونعمل على وقف إطلاق النار".

وتابع: "بلغ عدد الشهداء 3760 شهيدًا في الحروب الثلاثة على غزة ومنهم 2000 فلطسيني خلال الحرب الأخيرة وبينهم 18 ألف جريح في الحرب الأخيرة وتدمير أكثر من 80 ألف مؤسسة ومنزل في الحرب الأخيرة على غزة، وتضرّرت مرافق البنيّة التحتيّة بشكل كبير بما ذلك محطة الكهرباء الوحيدة في قطاع غزة، ونتيجة لذلك حدثت مأسى يصعب وصفها بالكلمات وأكثر من 90 عائلة لم تعد موجودة في السجل المدني للسكان ومئات من الآلاف من الناجيين تمّ تشريدهم وهناك أكثر من 100 ألف بدون مأوٍ الآن ونسعى لبناء بيوتهم، علمًا بأنَّ بيوتهم لم يتمّ ترميمها منذ العدوان الأول".

وأوضح الرئيس الفلسطيني أنَّ عملية إعادة الإعمار سوف تتكلف 4 مليار دولار خلال خمسة سنوات، وسيتمّ عرض تفاصيل إعادة الإعمار على القائمين والحاضرين في المؤتمر لحشد الدعم والتمويل اللازم وإعادة الإعمار، معربًا عن ثقته في الاستجابة لتنفيذ تلك الخطة.
 
وأشار أبو مازن إلى أنَّ هناك حاجة ماسة للمساعدة في إعادة بناء المؤسسات الحكومية في قطاع غزة التي تمّ تدميرها وإزالة العقبات التي تواجه عملها في هذا المجال وتشغيل المعابر في المدن الفلسطينية في كل من غزة والضفة، ولا يعقل أنَّ يظلّ اقتصاد فلسطيني رهينة إجراءات الاحتلال والمممارسات العقابية.

وشدّد أنه سيعمل دون كلل أو ملل لرفع الظلم عن الشعب الفلسطيني وتعمير قطاع غزة وإعادة بنائه على همة الشعب الفلسطيني قدراتها المتاحة ودعم من أصدقاء الشعب الفلسطيني في العالم لتحسين الأوضاع والتمكين من استعادة الحياة الكريمة في وطنهم لإخراجهم من الوضع الكارثي الذي يعيشوه.