ميدان التحرير في جمعة "كش ملك"
القاهرة – أكرم علي، علي رجب
توافد الآلاف على ميدان نهضة مصر، في محافظة الجيزة، للمشاركة في فعاليات جمعة "معًا ضد العنف"، التي دعت إليها "الجماعة الإسلامية"، والتي حضرها العديد من رموز ما يسمى بـ"التيار الإسلامي"، حيث جاء في مقدمة الحضور الدكتور محمد البلتاجي، والدكتور صفوت حجازي، والدكتور أحمد عارف، والشيخ عاصم عبد
الماجد، ووالدة خالد الإسلامبولي، وطارق الزمر، والداعية صلاح سلطان، فيما غابت قيادات حزب "النور" عن المشهد، في حين بدأت فعاليات تظاهرات "كش ملك"، في محيط قصر الاتحادية، وكذلك في ميدان التحرير.
بدأت المنصة الرئيسية المتواجدة أمام جامعة "القاهرة"، الجمعة، فعاليات تظاهرات "معًا ضد العنف"، بترديد العديد من الهتافات المؤيدة لنظام "الإخوان المسلمين" والاستقرار، ورفعوا عددًا من لافتات "الجماعة الإسلامية"، و"طلاب الشريعة" التابع للشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل، بينما وصلت مسيرة من مسجد الاستقامة عقب صلاة الجمعة، ردد المتظاهرون فيها هتافات منها "الشعب يريد تطبيق شرع الله"، و "هما اثنين ملهمش أمان، النخبة والإعلام"، و "ريس مرسي أنا زعلان، طهر طهر الإعلام"، و"ثورة ثورة إسلامية ضد غلاة العلمانية".
ومن فوق منصة ميدان نهضة مصر، قال الأمين العام لحزب "الحرية والعدالة" في القاهرة الدكتور محمد البلتاجي "جئنا لنبذ ورفض وإدانة العنف وسفك الدماء وقطع الطرق والاعتداء على المؤسسات"، مؤكدًا أن هذه الأعمال بمثابة جرائم جنائية محلها الساحات القضائية، وليست السياسية، و مطالبًا القوى السياسية المعارضة بالنزول إلى الشارع المصري، من أجل إحداث تغيير حقيقي عن طريق الصناديق، و ليس عن طريق قطع الطرق والعنف، مشددًا على أهمية جلوس جميع القوى إلى مائدة الحوار، والبدء في النزول إلى الشارع، من أجل الوصول إلى التغيير، وممارسة الديمقراطية الحقيقية، مؤكدًا على أن الإسلاميين كانوا ولازالوا يرفضون كل وسائل القوة، واقتحام الأسوار وقطع الطرق.
كما طالب القيادي في جماعة "الإخوان المسلمين" الجميع بالاحتكام إلى الإرادة الشعبية، من خلال الصناديق الانتخابية، قائلاً "من يريد أن يغير الحكومة، فمازالت أمامه فرصة الانتخابات البرلمانية، ليحصل على الغالبية، و يشكل الحكومة، مثلما ينص الدستور"، موضحًا أن عدم مشاركة جماعة "الإخوان" بشكل كبير في المليونية، يأتي لانشغال أعضاء الجماعة في حملة "معًا نبي مصر".
وأضاف البلتاجي "إن محاولة فرض الواقع بالقوة جرائم ترفع الغطاء السياسي عن أصحابها"، مستنكرًا "محاولة الذين مارسوا العنف، وأعطوا الغطاء السياسي له، طوال الأسابيع الماضية، إعادة الكرة في ملعب الإسلاميين، وتحميلهم المسؤولية عن تلك الأعمال".
من جانبه، رد المتحدث الرسمي باسم جماعة "الإخوان المسلمين" الدكتور أحمد عارف على من يقارنون بين نظامي مبارك والرئيس مرسي متسائلاً "هل كانت سوزان مبارك توزع الورود على الثوار، وجمال وعلاء يوزعون الحلوى على المتظاهرين"، مشددًا على أن "الرئيس مرسي يرسخ لتبادل سلمي لسلطة، وليس لحكم ملكي له ولأبنائه من بعده، ولو فعل ذلك فإن هذا الشعب أول من سيقف في وجهه"، مؤكدًا على أنه "آن الأوان أن تحيى مصر بإرادة الجماهير، وترفض العنف والتضليل، والسعي لبناء المؤسسات، وأن المعارضة في مصر والسلطة الحاكمة سيكونان قريبًا في توافق واضح، وهو توافق إسلامي"، مؤكدًا على أنه "لا احتكار للإسلام من أحد، وأن جميع التيارات الإسلامية يقدمون معالجة موضوعية من دون احتكار للفهم أو العقل"، مشيرًا إلى "إننا لم نعد في حاجة لأن نسمي شيء إسلاميًا بعد اليوم، لأن كل شيء في حياتنا من حيث الشكل والمضمون والحقيقة والواقع إسلاميًا"، لافتًا إلى أنه "لا مكان للمعارضة التي تسعى لتبادل الأدوار، وتخلق العنف وتبكي خلف النعوش"، مختتمًا كلمته بالقول أن "الأقنعة سوف تسقط قريبًا وأن الباب مفتوح لمن يراجع نفسه ويتبرأ من كل ظلم وبلطجة".
وكذلك أكد الأمين العام لـ"مجلس أمناء الثورة" الدكتور صفوت حجازي على أهمية الحفاظ على سلمية الثورة، وسلمية الممارسة السياسية، ودعم الدكتور محمد مرسي، مهاجمًا الإعلام، ورافضًا دعاوى تغيير الدستور، ومشددًا على أن الثوار الحقيقيين لم يحملوا السلاح أو المولوتوف، قائلاً "الهتافات في وقت الثورة كانت تُسمع قصر الاتحادية، وجميع الوزارات، والآن نريد أن نُسمع من يقفون أمام الاتحادية، وفي ميدان التحرير يحرقون ويخربون، أن الثوار هنا".
وقال حجازي محدثًا المطالبين بإسقاط الرئيس محمد مرسي "إن مرسي مازال وحيدًا وليس معه نظام"، مشددًا على أنهم سيقفون خلف الرئيس، ولن يسمحوا بوجود رئيس آخر، قبل انتهاء مدة مرسي الرئاسية، مهاجمًا المعارضين لمادة الدستور، والتي تنص على استكمال الرئيس لمدته الرئاسية، مؤكدًا "مرسي سيظل الرئيس الفعلي لمصر، حتى انتهاء مدته، في الوقت الذي نقوم بتصويب أخطائه والإشارة لها، حينما يخطئ".
كما قال حجازي "الدستور لن يتم تعديله إلا بالدستور"، مهاجمًا المطالبين بتعديل الدستور الآن، قائلاً "من أنتم يا من تطالبون بتعديل الدستور، أنتم لا تمثلون إلا أنفسكم".
هذا، وقد شهدت المليونية غياب قيادات حزب "النور" و"الدعوة السلفية"، التي كانت تشارك دائمًا في مظاهرات "التيار الإسلامي"، حيث صرح المتحدث الرسمي باسم حزب "النور" نادر بكار بأن عدم مشاركة الحزب في مليونية "معًا ضد العنف" التي دعت إليها "الجماعة الإسلامية" ترجع إلى أن الحزب يرى أن المظاهرات في هذه الفترة لا داعي لها، وتزيد الأمور تأزمًا واشتعالاً، في وقت تحتاج فيه مصر إلى الهدوء والاستقرار، مؤكدًا على أهمية أن يكون هناك حل حقيقي للوضع السياسي المتأزم.
كما أكد بكار على أن حزب "النور" يرى أنه قد حان الوقت لتغيير حكومة الدكتور هشام قنديل، قائلاً "الحكومة أثبتت فشلها في تقديم حلول قوية للأزمات التي تشهدها البلاد".
وكان عضو مجلس الشورى، ومستشار وزير الأوقاف، خطيب الجمعة في "ميدان النهضة" الشيخ محمد الصغير، قد أكد على رفضه للعنف، مشددًا على أن "المتظاهرين جاءوا اليوم من أجل أن يقولوا لا للعنف، وأننا ضده وسندحره"، مستنكرًا أن يكون المتظاهر السلمي مشاركًا في حرق مقرات الدولة، أو في تعطيل مصالحها، أو قطع الطريق و تعطيل المترو، كما أضاف قائلاً "إن من يأتي بالصناديق لا يذهب بالمولتوف"، مؤكدًا على أن "الرئيس محمد مرسي أصبح رئيسًا للبلاد من خلال شرعية طوابير من المواطنين، خرجت لاختياره في الانتخابات، فمن غير المقبول الانقضاض عليه".
كما قال الصغير في خطبته "نعيش في هذه الأيام ألامًا كثيرة، ولكنها لحظات تعقب كل الثورات وتنجلي عنها كل الحروب، فقد كان الشعب المصري في حرب ضروس طاحنة مع نظام غاشم مستبد، جثم على صدر الشعب سنوات عديدة ومن الطبيعي أن نعيش هذه الفترة بعد ثورتنا"، مستنكرًا ما تقوم به بعض وسائل الإعلام من تحسين صور المشاريكن في أعمال العنف و وصفهم بأنهم "ثوار"، مؤكدًا رفضه لما يقوم به بعض السياسين، من توفير غطاء سياسي للمتظاهرين المشاركين في أعمال العنف والتخريب، موجهًا رسالة إلى ثوار مصر قائلاً "لا تسمحوا لمن يغير بوصلة ثورتكم لأعمال العنف والتخريب، بعد أن كانت ثورتكم ثورة سلمية منذ أن بدأت".
كما وجه الخطيب مجموعة من الرسائل أولها إلى "جبهة الإنقاذ"، مشيرًا إلى أنها "ليس لها نصيبًا من اسمها، لأنها لم تسهم في إنقاذ مصر من أي مخاطر، بل كانت سببًا في أعمال العنف والتخريب، وتشجع عليها بتوفير غطاء سياسي لها، فهي جبهة للتخريب وليس للإنقاذ"، مستنكرًا إتهاماتهم لجماعة "الإخوان" بأنهم سبب أعمال العنف أو التحرش التي وقعت في ميدان التحرير الفترة الماضية.
أما الرسالة الثانية، فقد وجهها الخطيب إلى دولة أميركا، مؤكدًا فيها على أن "الشعب المصري سيدافع عن اختياره الحر دون تدخل منها"، مضيفًا "هيهات هيهات أن يتحقق ذلك"، في إشارة منه إلى احتلال أميركا السياسي لمصر.
بينما كانت الرسالة الثالثة موجهة إلى رئيس الجمهورية الدكتور محمد مرسي، وهي عبارة عن نداء له بأن يستمع لفقراء مصر، حيث قال "إن فقراء مصر هم أساس المسؤولية، وهم عامة الرعية، وكلكم راع وكلكم مسؤول ًعن رعيته، فقد تأذي هؤلاء الفقراء من عنف المخربين والبلطجية وتهاون الحكومة وتخاذلها عن نصرتهم، فضعهم نصب عينيك، واجعل لهم من حواركم نصيبًا، ومن نظرتكم حظًا أوفر"، مشدًا على تعاون المصريين، مطالبًا قوات الأمن والداخلية بالتخلص من الفريق "الخبيث"، الذي لا يريد لراية الثورة أن تكتمل ويكره النظام ومن فيه.
هذا، وقد رصد "العرب اليوم" قيام قوات الأمن بوضع الحواجز الحديدية على جميع المداخل والمخارج في محيط جامعة "القاهرة"، حيث تم وضعها من ناحية شارع مراد، وشارع الجامعة، وشارع عبد الخالق ثروت، وأيضًا الشارع المواجه للجامعة، والمؤدي إلى شارع الهرم، في قلب مدينة الجيزة، في الوقت الذي قام فيه بتحويل الطرق إلى طرق بديلة أخرى، منعًا للتكدس والازدحام، ودفعت وزارة الصحة 70 سيارة اسعاف، انتشرت في أرجاء محيط جامعة "القاهرة".
ورفع المتظاهرون لافتات عدة، منها واحدة حملت صورة للشيخ المحتجز في السجون الأميركية عمر عبد الرحمن، تطالب الرئيس محمد مرسي بتحقيق وعوده وطلب الإفراج عن عبد الرحمن.
هذا، بينما أدى الرئيس محمد مرسي صلاة الجمعة، في مسجد عباد الرحمن، في منطقة التجمع الخامس، وهو المسجد الذي يؤدي فيه الصلاة للمرة الأولى، فيما شهد المسجد إجراءات أمنية مشددة خلال الخطبة، وحتى خروج الرئيس.
وتركزت الخطبة التي ألقاها إمام وخطيب المسجد الشيخ عاطف نبوي، بشأن موضوع "الإيمان بالملائكة، وتأثيره على السلوك الإنساني المعاصر"، حيث قال الإمام خلال الخطبة "إن قطع الطرق والمظاهرات التي تؤدي إلى التخريب، تعطل مصالح العباد، ولو أن الإنسان لديه إيمان بالملائكة فإن سلوكه سيتأثر بذلك الإيمان"، وأضاف نبوي "إذا كانت المظاهرات تتم لتغيير شيء مهم في البلاد دون تعطيل أو تخريب فهذا مقبول، لكن الذين يخرجون للتعطيل والتخريب فهو أمر مرفوض في كل الديانات".
في سياق متصل، توافد العشرات من المتظاهرين على محيط قصر "الاتحادية"، استعدادًا لاستقبال المسيرات القادمة من مناطق متفرقة في القاهرة، وذلك لبدء فعاليات "كش ملك" المنددة بحكم الرئيس محمد مرسي.
وأكد شهود عيان أن القوات المسؤولة عن تأمين قصر الاتحادية قد قامت ببناء جدار حديدي، على بعد 5 أمتار من البوابة الرئيسية له، منعًا لوصول المتظاهرين إليها، كما انتشر عدد من القيادات الأمنية المسؤولة عن الحالة المرورية، لضمان استمرار سير حركة السيارات من دون عوائق.
ومن جانبه، دعا خطيب الجمعة في ميدان "التحرير" الشيخ محمد عبد الله نصر المتظاهرين للزحف نحو مطار القاهرة الأحد المقبل، لمنع تعيين نجل الرئيس عمر محمد مرسي بالقوة، قائلاً "إن تعيين نجل الرئيس في وظيفة يقدر راتبها الشهري 30 ألف جنيه، هو أمر مخالف للشريعة"، و أضاف قائلاً "إن الشهيد كان يحلم بالعيش والحرية والكرامة الإنسانية والعدالة الإجتماعية، كأي إنسان مصري، بل كملايين المصريين المهمشين، أثناء وبعد ثورة من المفترض أنها قامت ضد الظلم والفساد والفقر"، وتابع قائلاً "الإخوان المسلمون يرون أنفسهم شعب الله المختار، وقاموا بتقسيم المسلمين إلى طوائف"، متهمًا أياهم بأنهم تحالفوا لإجهاض الثورة وحلم المصريين الذي حملته في طياتها.
كما أشار خطيب الجمعة إلى أن هناك مسيرة ستخرج من التحرير متجهة إلى منزل القيادي في جماعة "الإخوان المسلمين" خيرت الشاطر قائلاً "إننا معزومون على الغداء في منزل الشاطر اليوم بعد وصول مسيرتنا إلى منزله".
يذكر أن 38 حركة وائتلافًا شبابيًا قد أعلنت مشاركتها في تظاهرات "كش ملك"، ومن أبرز الحركات التي ستشارك في هذه المسيرات "تحالف القوى الثورية"، و"الجبهة الحرة للتغيير السلمي"، و"شباب حزب الدستور"، و"ثورة الغضب المصرية الثانية"، و"اتحاد شباب ماسبيرو"، و"مجلس أمناء الثورة في مدينة الإسكندرية".