رئيس الحكومة المغربية عبدالإله بنكيران وزعيم "الاستقلال" حميد شباط
الرباط ـ رضوان مبشور
كشفت مصادر "العرب اليوم"، عن أن قيادة حزب "العدالة والتنمية" المغربي، رفضت مقترحات حزب "الاستقلال" للرجوع إلى الائتلاف الحاكم، والتي تضمنتها مذكرة الحزب المرفوعة للملك محمد السادس،
وهاجمت مذكرة "الاستقلال" بشدة، جميع مكونات الغالبية الحاكمة المكونة من أحزاب "العدالة والتنمية"
و "الحركة الشعبية" و "التقدم والاشتراكية"، واقترحت حلولاً هيكلية وجذرية في فلسفة وتركيبة الحكومة للخروج من الأزمة الراهنة، وإعطاء الحزب المكانة التي يستحقها داخل الائتلاف، باعتباره أحد "أبرز مكوناته وليس مكملاً له".
وتتوالى حتى الآن ردود الأفعال المتباينة والمتعارضة على قرار حزب "الاستقلال" بالانسحاب من حكومة عبدالإله بنكيران التي يقودها حزب "العدالة والتنمية" الإسلامي، رغم مرور 10 أيام على إعلان الانسحاب، في انتظار عودة العاهل المغربي محمد السادس من فرنسا، لاستقبال زعيم "الاستقلال" حميد شباط، واتخاذ قرار مناسب يراعي الظرفية الاقتصادية والسياسية التي يجتازها المغرب.
وخصص كل من حزبي "الاستقلال" و "العدالة والتنمية"، مساء الأحد، تجمعات حزبية لتعبئة قواعدهم، وشن هجمات ضد الطرف الآخر، حيث التقى شباط أنصاره في مدينتي فاس ومكناس، بينما اختار بنكيران عقد اجتماع مغلق برفقة المسؤولين المحليين لحزبه في مدينة بوزنيقة (جنوب الرباط)، خصص لتقوية البناء التنظيمي والإداري لقواعد الحزب على المستوى الإعلامي والمحلي، استعدادًا لانتخابات مبكرة سابقة لأوانها، متجاهلاً كل مطالب شباط، واعتبرها مجرد "تشويش على الائتلاف الحاكم" و "لا تحمل أي جديد يُذكر".
ودعا حميد شباط في لقاء الحزب الذي نظم في مكناس إلى إعادة تشكيل التحالف الحكومي الحالي من دون حزب "التقدم والاشتراكية"، والاقتصار فقط على أحزاب "العدالة والتنمية" و"الاستقلال" و"الحركية الشعبية"، باعتبار أن الحزب يتوافر على 18 مقعدًا نيابيًا فقط، ويسيّر 4 وزارات مهمة تتمثل في وزارة الإسكان والتعمير وسياسة المدينة، ووزارة الصحة، ووزارة العمل والتكوين المهني، ووزارة الثقافة، فيما حمل مسؤولية الأزمة الحالية التي تعيشها الحكومة للأمين العام لحزب "التقدم والاشتراكية" محمد نبيل بنعبد الله، وهاجمه قائلاً، "من كلف الشيوعي محمد نبيل بنعبدالله بالقيام بمهمة الوساطة بين شباط وبنكيران؟"، كما اتهمه بتحريض قيادات حزب "العدالة والتنمية" بمهاجمته وحزبه، وتوعده بالكشف عن ملفات الاختلالات التي تعيشها وزارة الإسكان والتعمير.
ووصف زعيم الاستقلاليين، نبيل بنعبدالله بـ"الناطق الرسمي باسم الجزائر"، بعدما انتقد الأخير تصريحات شباط المطالبة باسترجاع الصحراء الشرقية ومنطقة بشار وتندوف من الجزائر، باعتبارهما أراضي مغربية ضمها الاستعمار الفرنسي إلى الجزائر في القرن الـ 19، فيما اتصل "العرب اليوم" بالأمين العام لحزب "التقدم والاشتراكية" محمد نبيل بنعبدالله، لأخذ وجهة نظره في تصريحات شباط، إلا أن الأول أجاب بتحفظ كبير، "لا يمكن أن أنزل لهذا المستوى الدنئ من النقاش، نقطة إلى السطر".
وأضاف شباط، "إن المغرب وحزب (الاستقلال) يعيشان ظروف استثنائية بامتياز، ذلك أن اتخاذنا لقرار الانسحاب من الحكومة، جعل من الحزب هو حزب المصلحة العامة، وهو الأول الذي بادر بإعطاء انطلاقة التنزيل الحقيقي لدستور 2011، حيث أكد الاستقلاليون على أن اتخاذهم لهذا الموقف في ظل الظروف الصعبة التي يجتازها المغرب، نابع من استقلالية قراره السياسي، وهذا ما لم تمارسه بقية الأحزاب السياسية منذ الاستقلال حتى الآن".
ولم يسلم رئيس الحكومة من هجمات شباط في لقائه الحزبي في فاس ومكناس، حيث خاطبه قائلاً، "إن المغرب قادر على مواصلة الطريق من دون حكومتك، لأن الحكومة على الرغم من الصلاحيات الواسعة التي أعطيت لها والإمكانات التي وضعت بين أيديها، وجدت نفسها عاجزة عن تدبير شؤون المغاربة، فقد باع بنكيران الوهم للمغاربة، واستغل الدين من أجل الوصول إلى رئاسة الحكومة، التي لم تحقق أي انجازات على أرض الواقع، اللهم إذا استثنينا الزيادات المسجلة في أسعار المحروقات، والزيادات التي طالت سعر 2700 صنف من الدواء".
وأكدت مصادر مطلعة من بعض قيادات حزب "العدالة والتنمية"، لــ"العرب اليوم"، أن حزبهم لا يمكن أن يستجيب لطلبات شباط، وبخاصة أن الأخير تعود حزبه على تسيير بعض الوزارات مثل وزارة الصحة التي يتحملها حقيبتها الوزير الحسين الوردي المنتمي لحزب "التقدم والاشتراكية"، وأيضًا وزارة التجهيز والنقل التي يتحمل حقيبتها عزيز الرباح المنتمي لحزب "العدالة والتنمية"، واعتبروا أن شباط يعول كثيرًا على هاتين الوزارتين لما لهما من "مردودية انتخابية".
ونفت قيادات "العدالة والتنمية" أي اتصال بين بنكيران وشباط، بشكل رسمي أو غير رسمي، واعتبرت أن آخر لقاء بينهما كان خلا اجتماع الغالبية الذي عقد بعد مسيرات الفاتح من أيار/مايو الجاري، والذي شهد ملاسنات حادة بين الزعيمين، بعدما طلب بنكيران من شباط تقديم اعتذار لوزراء حزب "التقدم والاشتراكية"، اثر اتهام حميد أحد وزراء الحزب بالدخول إلى قبة البرلمان وهو في حالة سكر، وهو المطلب الذي لم يرق لشباط، وانسحب من اجتماع الغالبية من دون مناقشة جدول الأعمال.
وشددت المصادر نفسها، على أن العمل الحكومي وورش الإصلاح لا تزال مستمرة بشكل عادي في الوزارات كافة، بما فيها الوزارات الست التي يسيّرها وزراء من حزب "الاستقلال"، وأن الحكومة ماضية في إصلاح كل من صندوق المقاصة (موازنة الأسعار)، وصندوق التقاعد رغم محاولات شباط المتكررة لإيقافها.
وقال وزير العمل المنتمي لحزب "التقدم والاشتراكية"، عبدالواحد سهيل، الذي اتهمه حميد شباط بـ"السكر العلني في البرلمان"، والذي رفض في اتصال لـ"لعرب اليوم"، أن يتحدث عن هذه النقطة بالذات، "إن حكومة بنكيران لا تزال بخير، وأنها تعمل بشكل متفاهم، في ظل تصور واضح وموحد".
ومن المرتقب أن يعود الملك محمد السادس إلى المغرب منتصف الأسبوع الجاري، بعد جولته الأخير في فرنسا، حيث أكدت مصادر لـ"العرب اليوم" أن الملك سيستقبل زعيم "الاستقلال" حميد شباط في القصر الملكي في وجدة، للفصل بشكل نهائي في هذا الصراع، حيث ترجح معظم التحليلات، تحكيم الملك في اتجاه الإبقاء على "الاستقلال" داخل الائتلاف الحاكم، مع الاستجابة لبعض مطالبه التي تضمنتها مذكرته، نظرًا للظرفية الحساسة التي يعيشها المغرب والمنطقة عمومًا.