رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو

تناولت الصحف البريطانية الصادرة اليوم قضايا دولية عدة، وتصدرت الحرب الدائرة في غزة بين حركة حماس وإسرائيل عناوينها. نبدأ مع افتتاحية صحيفة الفاينانشال تايمز، ومقال بعنوان "بنيامين نتنياهو لن يقول كلمة آسف"، كتبه جون ريد من القدس، ونيري زيلبر من تل أبيب.
يقول كاتبا المقال إن قادة الجيش والأمن الإسرائيلي أخذوا نصيبهم من اللوم، منذ أن قتل مسلحو حماس أكثر من 1400 شخص.
فقد قال رئيس المخابرات العسكرية للجيش الإسرائيلي إنه يتحمل "المسؤولية الكاملة"، واعترف رئيس الشاباك بأن وكالته الأمنية " فشلت في التحذير من الهجوم"، وقال رئيس أركان الجيش الإسرائيلي إن الجيش "لم يحقق إنجازا في منع القتل".
ومع ذلك، فقد تجنب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بشكل واضح تحمل المسؤولية، ناهيك عن الاعتذار

ويضيف المقال أن فشل نتنياهو في الاعتذار عما يعتبره كثيرون "أسوأ كارثة حلت بالشعب اليهودي منذ المحرقة" أمر محير للغرباء، ولكنه بالنسبة للإسرائيليين ليس مستغرباً إلى هذا الحد، فهؤلاء راقبوا عن كثب ولعقود زعيمهم الذي خدم لفترة طويلة..

ويقول كاتب المقال إن نتنياهو، بعد الصدمة الأولى التي أعقبت هجوم حماس، أعاد اكتشاف مكانته السياسية، من خلال إلقاء خطابات نارية والتقاط صور جذابة له مع القوات الإسرائيلية. كما التقى - بعد أكثر من أسبوع - بأقارب بعض الرهائن الـ 203 الذين تم أخذهم إلى غزة، ومع ذلك فقد أثارت تصرفاته الجدل.
ويستعرض المقال رأي أنشيل بفيفر، مؤلف السيرة الذاتية للزعيم الإسرائيلي، الذي يقول إن "نتنياهو يدرك تماما أن هذه هي أكبر مأساة في تاريخ إسرائيل ومسيرته السياسية، لكن في نظره الاعتذار هو الخطوة الأولى نحو الاستقالة، وهو لا ينوي فعل ذلك".
وينقل المقال عن شخص آخر - لم يذُكر اسمه - يعلم بطبيعة تفكير نتنياهو قوله :" نتنياهو يعتقد أنه إذا قال 'أنا مسؤول'، فسيتم ترجمة ذلك على أنه 'أنا مذنب'".
حرب غزة: هل يغير موقف الشارع العربي من مسارها؟
هذا وأظهر استطلاع أجرته صحيفة معاريف الإسرائيلية أن 80 في المئة من الإسرائيليين يعتقدون أن نتنياهو يجب أن يتحمل المسؤولية بشكل علني، بما في ذلك أكثر من ثلثي ناخبي الليكود.
ويُشير المقال إلى أن بعض الإسرائيليين يعتقدون أنه من السابق لأوانه استبعاد سياسي يُلقب بـ "الساحر" لقدرته على التفوق على المعارضين، خاصة قبل انتهاء الحرب.
كما يقول كبير موظفي نتنياهو السابق جورج بيرنباوم: "لا أعتقد أنه من الجيد لإسرائيل أن تتحدث عن المساءلة والاعتذارات والتفسيرات الآن، لكن الوقت سيأتي لذلك".
ويختم المقال بالقول إن الانتقادات العلنية لنتنياهو وائتلافه اتسعت في الآونة الأخيرة لتتجاوز منتقديه التقليديين من اليسار والوسط - ليس بسبب أحداث السابع من أكتوبر فحسب، بل أيضا بسبب ما يعتبره العديد من الإسرائيليين غيابا شبه كامل للدعم الحكومي في الأسابيع التي تلت ذلك.

وفي صحيفة الإندبندنت كتب مراسل شؤون الدفاع والأمن كيم سينغوبتا مقالا بعنوان "مع تصاعد العنف، تزداد المخاوف من أن تصبح الضفة الغربية جبهة أخرى في الحرب الإسرائيلية".
واستضاف كيم في مقاله عددا من الفلسطينيين في الضفة الغربية الذين يرون أنهم يواجهون حملة قمع من القوات الإسرائيلية وتهديدات لحياتهم من المستوطنين، ويقول كيم إن المسؤولين الإسرائيليين يرون أن تهديد حماس واضح.
ويقول الكاتب إن كلا الجانبين، الإسرائيلي والفلسطيني، يحذران من أن تتحول الضفة الغربية إلى جبهة أخرى في الحرب الإسرائيلية؛ مع تصاعد الاشتباكات العنيفة منذ هجمات حماس التي خلفت عددا متزايدا من القتلى الفلسطينيين.
ما هي حماس وماذا يحدث في إسرائيل وقطاع غزة؟
ويشير سينغوبتا إلى أن 13 فلسطينيا، من بينهم خمسة أطفال، قتلوا عندما تحولت الغارة التي شنتها القوات الإسرائيلية في مخيم نور شمس للاجئين بالقرب من طولكرم يوم الخميس إلى معركة طويلة بالنيران، حيث تم استدعاء مروحية أباتشي لإطلاق الصواريخ.
كما قُتل رقيب في شرطة الحدود الإسرائيلية بالرصاص خلال العملية التي نفذتها قوات الأمن للقبض على أربعة من مقاتلي حماس الذين زُعم أنهم هاجموا مستوطنين إسرائيليين في وقت سابق من هذا العام.
ويضيف الكاتب أنه ورغم أن التركيز الدولي المنصب على هجمات حماس على إسرائيل والغارات الجوية الإسرائيلية على غزة، فقد اندلعت مواجهات متكررة وإراقة للدماء في الضفة الغربية.
وقد قُتل أكثر من 80 فلسطينيا وأصيب ما يقرب من ألف آخرين في هذه المنطقة على يد القوات الإسرائيلية والمستوطنين منذ هجوم حماس قبل أسبوعين، وفقا لوزارة الصحة في رام الله. كما تم اعتقال حوالي 900 شخص خلال تلك الفترة، مع دخول، ما سماه الكاتب "فرق الخطف الإسرائيلية" إلى المنطقة الخاضعة لسيطرة السلطة الفلسطينية.

ويرى الكاتب بأن هناك دعما مفتوحا لحماس والجهاد الإسلامي، خاصة بين العديد من الشباب العربي، إذ رفعت أعلام ورايات الجماعتين الإسلاميتين في جنازة القتلى في مخيم نور شمس.
ويقتبس الكاتب من مقابلته مع خالد (20 عاما) وهو عضو في حركة الجهاد الإسلامي: "الإسرائيليون غاضبون مما حدث مع حماس وهم يهاجمون الفلسطينيين. أنا متأكد من أننا سنشهد المزيد والمزيد من هذه الهجمات خاصة عندما يواجهون صعوبات كبيرة في غزو غزة".
ويشير الكاتب إلى أن السلطة الفلسطينية تقول إن بعض الاشتباكات كانت نتيجة لتصرفات المستوطنين، الذين يعيش 700 ألف منهم الآن في الضفة الغربية، والذين بدأوا يتصرفون بعدوانية ويتمتعون بالحصانة على ما يبدو منذ هجوم حماس. وهناك مزاعم عن تواطؤ مزعوم من قبل قوات الأمن.
ويذكر الكاتب بأن مسؤولا أمنيا إسرائيليا اعترف بأن عدد الاعتقالات ارتفع بشكل ملحوظ.
وأخيرا، يستذكر الكاتب في مقاله موقف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول، حينما قال إنه يروج للضم "التدريجي" للضفة الغربية، ورفع خريطة لإسرائيل تضم الضفة الغربية وقطاع غزة كجزء من البلاد.

وفي صحيفة الغارديان البريطانية كتب ألون لي جرين العضو في ائتلاف السلام اليهودي العربي "نقف معا" مقال رأي بعنوان " أنا إسرائيلي، لكنني أعتقد أن إلحاق المزيد من الضرر بغزة لن يؤدي إلى حل".
ويعتقد الكاتب أن هناك بديل لدوامة العنف الجارية. فعدد الضحايا من الإسرائيليين الذين قتلتهم حماس بلغ 1400، وأما حصيلة الفلسطينيين الذين راحوا جراء حرب إسرائيل على قطاع غزة تخطت 4000 معظمهم من المدنيين الأطفال والنساء وكبار السن. هذا عدا عن نزوح مئات آلاف الفلسطينيين من منازلهم وقطع إمدادات الرعاية الصحية والكهرباء والمياه والغذاء، مما يشكل تهديدا بقتل عدد لا يحصى من المدنيين في قطاع غزة، حيث فرضت إسرائيل "حصارا كاملا"، وقطعت الخدمات الأساسية ومنعت المساعدات الإنسانية.
ويرى الكاتب أن هذا الوضع يؤثر بشكل مدمر على مواطني اسرائيل -اليهود والعرب الفلسطينيين؛ فكثير من الإسرائيليين لديهم أفراد من عائلاتهم أو أحبائهم قُتلوا أو اختطفوا. وبالنسبة للعديد من المواطنين العرب الفلسطينيين في إسرائيل، الذين يشكلون 20 في المئة من سكان إسرائيل، فإن أفراد عائلاتهم وأحبائهم في غزة قتلوا أو أصيبوا أو ما زالوا يعيشون في ظروف معيشية مروعة.
ويقول الكاتب إن الأقلية العربية الفلسطينية داخل إسرائيل هي جزء من الشعب الفلسطيني وفي الوقت نفسه هم مواطنون إسرائيليون أيضا. وكثيرا ما تستغل الحكومة الإسرائيلية هذه الازدواجية، فتثير العنصرية والعنف تجاه مواطنيها العرب وتضفي الشرعية عليها. وعلى الرغم من أن المواطنين العرب في إسرائيل لا علاقة لهم بالهجمات الإرهابية، فقد صنفتهم المؤسسة السياسية منذ ذلك الحين على أنهم "إرهابيون" مشتبه بهم، وتعرضوا للاضطهاد والتمييز والاعتقال بشكل غير متناسب.

ويُضيف الكاتب أنه تم فصل بعض العمال العرب لمجرد أنهم غيروا صورة ملفهم الشخصي على فيسبوك إلى "أوقفوا الحرب!" بالعبرية والعربية والإنجليزية. وتعرض طلاب جامعيون عرب لإجراءات تأديبية لأنهم وضعوا علامة "إعجاب" على منشور على إنستغرام يسلط الضوء على المعاناة الإنسانية في غزة.
ويشدد جرين على أن البديل في خضم هذا الواقع المظلم هو "الوقوف معا"، لإن إلحاق المزيد من الأذى بالمدنيين في غزة لن يؤدي إلى حل، بل إن الحل يجب أن يكون سلميا.
ويقول أيضا إن ما حدث منذ عام 2005، حين شنت إسرائيل 16 عملية عسكرية كبرى ضد السكان المدنيين في غزة لم يجلب السلام والأمن للإسرائيليين أو الفلسطينيين، ولم يمهد أي منهم الأساس لأي نوع من التسوية السلمية.
كما يضيف الكاتب أن الطريقة الوحيدة لحماية حياة ورفاهية الشعبين، وحماية المدنيين الأبرياء من الأذى، هي من خلال المفاوضات من أجل التوصل إلى اتفاق سلام إسرائيلي فلسطيني، على أساس قرارات الأمم المتحدة، ينهي الاحتلال ويؤمن الحرية والعدالة والاستقلال لكلا الطرفين.
ويقول جرين إنه يريد ذلك ليس فقط لأنه يتضامن مع الفلسطينيين، بل من أجل نفسه وعائلته - "إنها المصلحة الإسرائيلية الحقيقية".
ويختم الكاتب مقاله بالقول إن المواطنين اليهود والعرب الفلسطينيين في إسرائيل، يؤمنون أن العيش معا في ظل مساواة ومستقبل مشترك هو أمر لا يقل أهمية عن أي شيء آخر.