لندن ـ كاتيا حداد
أكَّد سفير المملكة المتحدة السابق لدى روسيا، السير توني برينتون، أن العداء الدبلوماسي بين الكرملين والغرب سيتآكل وينتهي في غضون بضعة أشهر، لأن كلا الطرفين يحتاج إلى علاقة عمل، واستنتج ذلك من تجاربه الخاصة في التعامل مع العلاقات الدبلوماسية بين بريطانيا وروسيا في أعقاب تسمم ألكسندر ليتفينينكو.
وطردت رئيس الوزراء البريطانية تيريزا ماي طردت 23 دبلوماسيًا روسيًا في 14 مارس/ آذار، ردًا على تسميم العميل المزدوج السابق السيد سكيربال وابنته يوليا بغاز الأعصاب في سالسبوري، و الخميس، أعرب الاتحاد الأوروبي عن دعمه للسيدة ماي، واستدعى سفيره من موسكو، لكن على الرغم من المناورة الدبلوماسية الثقيلة ، يعتقد السير توني أن العلاقات الروسية الأوروبية يجب أن تعود إلى الوضع الطبيعي النسبي لأن الحفاظ على اتصالات عالية المستوى أمر ضروري لجميع الأطراف، وخلال فترة عمله كسفير، احتجزت إيران سفينة "‘إتش إم إس" كورنوول التابعة للقوات البحرية الملكية البريطانية وعلى متنها 15من أفراد قوات البحرية عام 2007، وزُعم أنهم دخلوا المياه الإيرانية، وهو اتهام نفته المملكة المتحدة، وأُطلق سراح البحارة بعد 13 يومًا بعد أن تفاوض السير توني مع الروس الذين كان لهم تأثير كبير على طهران.
وقال السير توني إنه إذا كانت العلاقات البريطانية الروسية توترت إلى حد لا يمكن إصلاحه، فإن إدارة الإفراج عن البحارة سيكون صعبة، مضيفًا "مثل هذه الأمور تحدث بشكل منتظم وعلى مختلف المستويات، سنحتاج إلى الروس لمساعدتنا، وكجزء من العقوبات التي فرضناها، لن يكون لدينا أي اتصالات عالية المستوى مع الروس لفترة من الوقت، ولكن سيبدأ هذا في التآكل خلال بضعة أشهر لأنك بحاجة إلى اتصالات عالية المستوى بشأن تلك الأشياء ".
وفرض الغرب عقوبات اقتصادية على روسيا بعد استيلائها على شبه جزيرة القرم في عام 2014، وعلى الرغم من عدم وجود طريقة رسمية لاستعادة العلاقات الدبلوماسية، فقد هدأت الأمور عبر وزير الخارجية الأميركي آنذاك، جون كيري، ووزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، في عدد من المؤتمرات الدولية.
وقال السير توني "الموازاة المثيرة للاهتمام هنا هي أن الغرب سيعزل روسيا بعد أوكرانيا، وبدأ يفعل ذلك قليلا، ولكن سيختفي هذا الأمر، هذه التجمدات عالية المستوى تميل إلى التآكل بسرعة كبيرة لأن العالم يجب أن يقوم بأعماله، سنكون بطيئين في استئناف علاقاتنا، لكننا سنحتاج في غضون بضعة أشهر إلى العودة إلى القدرة على التعامل مع الروس".
وعلى الرغم من أن السير توني قال إنه يؤيد الإجراءات التي اتخذتها الحكومة، فقد حذر من أن اللغة التي استخدمها وزراء الحكومة حتى الآن كانت قاسية بلا داعٍ.
وأضاف إنه في أعقاب تسميم ليتفينينكو، كان هناك جهد نشط لضمان أن اللغة السياسية كانت مُصانة، وهو نهج لم يعكسه في العام 2018 وزير الدفاع غافين ويليامسون، ووزير الخارجية بوريس جونسون، وكان وليامسون طلب من روسيا "الصمت والابتعاد"، في حين وصف جونسون بطولة كأس العالم المقبلة في موسكو أنها تحت قيادة هتلر.
وقال جونسون إنه سيكون من المقزز مشاهدة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يقدم كأس العالم في الصيف، ردًا على مخاوف من أن هذا الحدث سيستخدم "مسوّغ للعلاقات العامة للتستر على النظام الفاسد".
وقال السير توني "من الواضح أنه علينا أن نتصرف بقوة وحزم للتعامل مع غضب حادث سكريبال،ولكن في مرحلة ما سيكون علينا العودة إلى التعامل مع روسيا، ومن المؤكد أننا يجب أن نتخذ إجراءات تقلل من تكرار هجوم مماثل، ولكن لا ينبغي لنا أن نحرق جسورنا لدرجة أننا لا نستطيع إعادة إنشاء خطوط الاتصال مع موسكو، ويبدو لي أن غافين ويليامسون وبوريس جونسون قريبان بشكل خطير من حرق تلك الجسور".
وشهدت الأزمة الدبلوماسية الحالية تصعيدًا كبيرًا في التوتر، وصف السير توني ذلك بأنه "آخر مظاهر" سوء العلاقة بين البلدين، وحذر من أن المواجهة وصلت بالفعل إلى نقطة خطيرة حيث خصص بوتين جزءًا من خطابه الانتخابي للتفاخر بشأن الأسلحة النووية، مضيفًا أن الروس فخورون جدًا، ويعرفون كيف يتصرفون وهدفهم الأسلحة النووية، ولكن هذا لا يعني أنهم يريدون استخدامها أو يخططون لاستخدامها، ولكن يجب أن نبعد العالم عن استخدامها".
و قال المتحدث باسم بوتيتن، ديمتري بيسكوف، إن روسيا لا تفهم القرارات التي تم اتخاذها، وقال الكرملين إن المملكة المتحدة تجبر حلفائها على اتخاذ "خطوات مواجهة" بشأن الحادث ونفت أي تورط في التسمم، وأوضحت روسيا أنها ستقيم الوضع والإجراءات التي اتخذها الغرب قبل الرد.وقال بيسكوف "لا نعرف ما هي المعلومات التي كانت لدى المملكة المتحدة عندما ناقشت مع زملائها في الاتحاد الأوروبي هذا القرار، لا نفهم ذلك.