حيدر العبادي وعمار الحكيم

تواصلت الاتصالات والتحركات على خط تشكيل التحالفات بين الكتل السياسية العراقية تمهيدًا لتكوين كتلة نيابية قادرة على تأمين ثقة البرلمان برئيس جديد للحكومة عقب الانتخابات النيابية الأخيرة التي لم تُفرز فائزًا واضحًا، وكان لافتًا أمس السبت، أن زعيم "تيار الحكمة"، عمار الحكيم، دعا إلى اختيار تشكيلة وزارية من "التكنوقراط المتخصص"، سواء كان مستقلًا أم سياسيًا، معتبرًا أن "الأغلبية الوطنية" تمثل حلًا واقعيًا ومقبولًا لبعض إشكالات النظام السياسي.

وجاء ذلك في وقت دعا إياد علاوي، زعيم "ائتلاف الوطنية"، إلى عقد لقاء وطني موسع للإسراع في تشكيل الحكومة العراقية الجديدة، بحسب ما أوردت وكالة الأنباء الألمانية (د،ب،أ)، وقال "ائتلاف الوطنية"، في بيان صحافي أمس "نؤكد على ضرورة عقد لقاء وطني موسع للقوى الفائزة بعد دعوة وجهها رئيس مجلس الوزراء (حيدر العبادي) وبحضور الإخوة الكرد، ونثمن عاليًا مبادرة وجهود سماحة مقتدى الصدر في هذا الإطار وحرصه على تحقيق الإجماع الوطني"، وأضاف الائتلاف "مع مرور الوقت وللحاجة الماسة لحسم ملف النتائج تمهيدًا لبدء المرحلة التي تليها التي تتمثل بمشاورات الاتفاق على الشكل العام للبرنامج الحكومي من خلال الحوار الوطني المقبل وركائزه، يدعو ائتلاف الوطنية الجهات المعنية إلى الإسراع في حسم التحقيقات التي تتعلق بعمليات التزوير والتلاعب التي شهدتها الانتخابات لغرض تصحيح المسار الانتخابي".

وكان رئيس الوزراء حيدر العبادي قد دعا عشية عيد الفطر إلى عقد مؤتمر وطني لبلورة الأفكار والإسراع بدعوة البرلمان إلى الانعقاد واستكمال الإجراءات الدستورية لتشكيل الحكومة المقبلة،

في غضون ذلك، قال عمّار الحكيم في خطبة صلاة عيد الفطر "من الخطأ العودة إلى المعادلة القديمة وتوقّع الحصول على نتائج أفضل، فالاصطفافات المذهبية والقومية لا تستطيع إنتاج حكومة وطنية تلبي طموحات شعبنا".

وتعليقًا على عبارة "الأغلبية الوطنية" التي وردت في خطبة الحكيم، أوضح القيادي في "تيار الحكمة" محمد جميل المياحي، أنها تعني أن "يتشكل تحالف واسع يمثل الكتلة الأكبر، ويضم قوى مختلفة من المكوّنات العراقية العربية بشقيها الشيعي والسني وقوى كردية تؤلف الحكومة، في مقابل قوى أخرى من المكونات نفسها تذهب إلى المعارضة"، واستبعد "العودة إلى صيغة التحالف الوطني في هذه الدورة، مثلما كانت عليه الحال في الدورات السابقة"، علمًا بأن هذا التحالف كان يجمع بين صفوفه "أغلبية القوى الشيعية الممثلة في البرلمان"، ورأى أن "المشكلة لا تتعلق بالتحالف الشيعي فقط، إنما الأمر ينطبق على القوى السنية والكردية، فعليها أيضًا أن لا تتكل طائفيًا أو قوميًا، نريد أن نخلق جبهتي موالاة ومعارضة في البرلمان ممثلة من جميع القوى السياسية".

وتابع "لدينا اليوم نحو 12 ائتلافًا كبيرًا تمثّل المكونات العراقية، لكننا لا نريد أن يكون الجميع في الحكومة، يكفي أن يكون نصف هذا العدد ومن مختلف المكونات في الحكومة والنصف الآخر يذهب إلى المعارضة"، كما علّق على الاتفاق الأخير بين تحالف "سائرون" الذي يتزعمه مقتدى الصدر و"الفتح" (فصائل "الحشد") الذي يرأسه هادي العامر، فقال إن "ما تم بين الاثنين حتى الآن هو اتفاق وليس تحالفًا، التحالف الموقع أطرافه (سائرون) و(الوطنية) و(الحكمة)"، وحصل تيار "الحكمة" على 19 مقعدًا برلمانيًا في الانتخابات الأخيرة وحل في المركز السادس في تسلسل الائتلافات العربية الفائزة.

وفي إشارة إلى احتمال التحاق تحالف "النصر" الذي يتزعمه العبادي و"دولة القانون" الذي يتزعمه نوري المالكي بتحالف ثلاثي بين "سائرون" و"الفتح" و"الحكمة"، قال المياحي "هناك خمسة تحالفات رئيسية شيعية، وليس بالضرورة أن تجتمع جميعها وتشكل الكتلة الأكبر، يكفي أن يجتمع ثلاثة منها وتُشكّل الحكومة ويذهب الباقون إلى المعارضة"، ويُتوقع أن يعلن تحالف "سائرون" و"الحكمة" و"الفتح" نفسه الكتلة الأكبر في البرلمان، تاركًا لتحالفي "النصر" (العبادي) و"دولة القانون" (المالكي) خيار الانضمام إلى المعارضة في البرلمان المقبل.

لكن مصدرًا قريبًا من حزب "الدعوة الإسلامية" استبعد إمكانية حصول اتفاق بين جناحي "الدعوة" المتنافسين، العبادي - المالكي، متحدثًا عن احتمال ذهاب المالكي إلى المعارضة السياسية في حال أخفق في إقناع القوى الشيعية الأخرى بعقد تحالفات مع كتلته، وقال المصدر الذي فضّل عدم الإشارة إلى اسمه، إن المالكي "يتمنى على الأرجح الانضمام إلى تحالف سائرون – الفتح وبقية القوى الشيعية، لكن ذلك احتمال غير وارد مع معارضة مقتدى الصدر وتيار الحكمة إلى حد ما، ولذلك؛ ربما لن يجد المالكي أمامه سوى خيار المعارضة".

ويتفق هاشم الحبوبي، نائب الأمين العام لحزب "الوفاق" بزعامة إياد علاوي "ائتلاف الوطنية"، على عدم وجود إمكانية لإحياء الصيغة السابقة لـ"التحالف الوطني الشيعي"، لكنه يرى أن "جميع القوى السياسية زاهدة في موقع المعارضة، وأخشى أن ذلك سيعقّد الأمور ويطيل في عمر (مفاوضات) الاتفاق على شكل الحكومة".

وكان المكتب السياسي لزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، نفى أمس ما تناقلته وسائل إعلام حول "التحاق" ائتلاف "دولة القانون" بتحالف "سائرون - الفتح"، وقال مسؤول المكتب السياسي ضياء الأسدي، في بيان، إن "‏وسائل إعلام تكذب وتدلس، نسبوا لي تصريحًا بترجيح التحاق دولة القانون بتحالف (سائرون – الفتح)"، نافيًا أن يكون قد قال ذلك.

في غضون ذلك، رحّبت قوى سنيّة بالدعوة التي وجهها حيدر العبادي قبل أيام إلى القوى السياسية بهدف الاجتماع والاتفاق على تشكيل الحكومة المقبلة، حيث أعلن رئيس "تحالف القرار" أسامة النجيفي، أمس، عن استعداده للمشاركة في الاجتماع، وقال النجيفي في بيان صادر عن "تحالف القرار" "تعقيبًا على دعوة رئيس مجلس الوزراء لقادة القوى السياسية لعقد اجتماع بعد عيد الفطر المبارك، نؤكد دعم هذه الدعوة لعقد حوار وطني موسع"، مشيرًا إلى "ضرورة مشاركة الجميع وعدم استثناء أحد"، وأكد النجيفي "استعداده الشخصي للمشاركة في الاجتماع كرئيس لتحالف القرار وعرض مشروع وطني لمعالجة الأوضاع في العراق"، مشددًا على أن "الواجب الوطني والمسؤولية الأخلاقية تستوجب استنفار كل الجهود من أجل تفكيك المشاكل ومعالجتها وفق مصلحة الشعب".

كما أعلن رئيس تحالف "عابرون" وزير الكهرباء قاسم الفهداوي هو الآخر، أمس، تأييده دعوة العبادي، وقال في بيان، إن "تحالف عابرون يعلن تأييده دعوة رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي إلى عقد اجتماع مع القوى السياسية الوطنية من أجل حوار شامل يضع رؤية جديدة"، وشدد على "ضرورة الاتفاق على تشكيل حكومة عابرة للتخندقات تُراعى فيها مصلحة الوطن والمواطن".