بيروت - ميشال صوايا
لاقت قرارت الحكومة اللبنانية الأخيرة عدد ردود فعل متباينة، فبعد نحو شهر من حصول حكومة حسان دياب على ثقة البرلمان واتخاذ الأحزاب المعارضة، وتحديدا «تيار المستقبل» و«الحزب التقدمي الاشتراكي» قرارا بمنحها فرصة في المرحلة الأولى لمراقبة أدائها، بدأت مواقف الطرفين ترتفع انتقادا للحكومة، وأكثرها حدة تلك التي أطلقت بعد اتخاذها قرارًا بعدم دفع سندات «اليوروبوندز».
لكن هذه الانتقادات على حدّتها لم تصل إلى مرحلة «طرح الثقة» بالحكومة، لقناعة الجميع أن وجودها أفضل من الفراغ وبالتالي المراقبة. وهذا ما سبق لرئيس «الاشتراكي» النائب السابق وليد جنبلاط أن دعا إليه قبل أيام قائلا: «بدعم الحكومة لأنّه إذا حلّ الفراغ سقطنا جميعاً في المجهول» وهو ما عاد وأكد عليه النائب في «كتلة اللقاء الديمقراطي» بلال عبد الله، في موقف لا يختلف كثيرا عن نظرة «المستقبل» وإن لم يعلن عنه صراحة مؤكدا أنه سيكون في موقع المراقب. ورغم دعوته لدعم الحكومة، انتقد جنبلاط كلام رئيسها المتعلق بقرار «اليوروبوندز»، سائلا: «ماذا تخفي هذه الحكومة التي لم يذكر رئيسها كلمة عن الإصلاح وقطاع الكهرباء، وحماية الصناعة وضبط الحدود الشرعية وغير الشرعية، وتجاهل كورونا والتشكيلات القضائية وغيرها».
وقال عبد الله لـ«الشرق الأوسط»: «لا نزال نؤكد على منح الحكومة الفرصة، لأن هذه الفرصة قد تكون الأخيرة، وإذا فشلت الحكومة فسندخل في المجهول». ويضيف «انتقادنا لقرار عدم دفع اليوروبوندز الذي أتى بعيدا عن أي خطة إصلاحية، لأنه وبدل طرح حلول كانت كلمة دياب مرتكزة على تحميل غيره المسؤولية والهجوم فقط على الحريرية السياسية التي لا تختصر وحدها هذه الحقبة، بل إن معظم الطبقة السياسية الموجودة معه في الحكومة كانت مسؤولة، فيما يبدو أنه تزوير للتاريخ».
ويبدو واضحا أن الحليفين «المستقبل» و«الاشتراكي» متفقان في مقاربة هذه المرحلة، ورغم البيان الحاد الذي أصدره «تيار المستقبل» يوم أول من أمس بعد قرار الحكومة بعدم دفع سندات اليوروبوندز، لم يعلن تراجعه عن الفرصة التي سبق أن منحها للحكومة. وهو ما لفت إليه مصدر قيادي في «المستقبل» قائلا: «نحن جزء من الحركة السياسية في البلاد وسيكون لنا موقف من كل قضية كما حصل في استحقاق اليوروبوندز»، وأكد هذا الموقف النائب في «المستقبل» نزيه نجم قائلا في حديث تلفزيوني: «نتمنى للرئيس حسان دياب أن ينجح، لكنّ النظام المالي في البلد كلّه أخطاء... نحن جزء من هذا البلد وأخذنا قرارا بالتفرج وإعطاء الرأي».
وقال المصدر القيادي لـ«الشرق الأوسط»: «البيان كان ردا على المقاربات غير الدقيقة التي تحدث عنها دياب، بحيث إنه على الحكومة أن تقدم الحلول وتتخذ الإجراءات بدل أن تحمّل المسؤولية لغيرها، وهي التي كانت قد وعدت بتقديم خطة في نهاية شهر فبراير (شباط)». ويضيف «حتى أن قرار عدم دفع اليوروبوندز، الأول في تاريخ لبنان، اتخذ من دون أن يترافق مع خطة واضحة فيما كان التركيز على انتقاد النموذج الاقتصادي السابق من دون تقديم خطة أو إجراءات بديلة».
وأول من أمس، كان «المستقبل» هاجم في بيان انتقاد رئيس الحكومة للنموذج الاقتصادي الذي اعتمد في حكومات سابقة. وقال في هجوم واضح على دياب من دون أن يسميه «خرجنا من السلطة بأمل أن تتاح أمام البلاد فرصة الخروج من سياسات التعطيل والتضليل... لكن حال الاعوجاج والهروب إلى الماضي ما زالت تتحكم بسلوك الكثرة من القابضين على زمام السلطة، أو حديثي النعمة في ممارستها».
وقال «المستقبل»: «نستطيع أن نفهم العقد السياسية والنفسية والشخصية لدى بعض رجال السياسة والسلطة، التي نشأت عن الدور المميز للرئيس الشهيد رفيق الحريري في تاريخ لبنان، ولكن لا يمكن لأي عاقل أن يفهم جدوى استخدام هذه العقد في حملات متواصلة لتحريف التاريخ وممارسة أعلى درجات الكيدية السياسية تجاه الخط الذي يمثله رفيق الحريري». واعتبر «المستقبل» أن هذا الأمر «يشكل قمة التهرب من المسؤولية... ما سمعناه تأكيد للمراوحة المستمرة حول جنس الحلول والإعلان عن السعي لهيكلة الدين ورمي الكرة في ملاعب السياسات الاقتصادية للسنوات السابقة».
ورأى «المستقبل» أن «من ركّب الحكومة وأعطاها الثقة قد يتذكر أنها التزمت بخطة طوارئ قبل نهاية الشهر الماضي. واللبنانيون ظنوا أنهم سيسمعونه منذ يومين».
وأعرب عن خشيته «أن تشكل التوجهات الحكومية التي انبثقت عن اجتماعات بعبدا السياسية والاقتصادية، رسالة سلبية إلى المجتمع الدولي والجهات المعنية بمساعدة لبنان، في الوقت الذي نحن فيه بأمس الحاجة إلى تعاون الأصدقاء والأشقاء ودعمهم في تنفيذ ونجاح أي خطة مستقبلية».
ولم تتوقف السجالات بين «المستقبل» ودياب منذ فترة خاصة بعدما عمد الأخير إلى إطلاق مواقف سياسية اتّهم فيها أطرافا بالتحريض على الحكومة مطلقا عليها تسمية «أوركسترا» وهو ما قرئ على أنه استهداف لتيار «المستقبل» ليعود بعدها الأخير ويرد، معتبرا أن رئيس الحكومة انضم إلى فريق من يحملون تراكمات السنوات الثلاثين الماضية مسؤولية تفاقم الدين العام. وقال المستقبل إن «كلام دياب مرفوض ويصب في إطار الحملات التي تستهدف السياسات الحريرية».
محكمة الحريري تصدر تقريرها السنوي وتؤكد قرب صدور الحكم
أعلنت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان أنها في المراحل الأخيرة من التحضير لإصدار الحكم في قضية عياش وآخرين التي تتعلق باعتداء 14 فبراير (شباط) 2005 التي أدت إلى اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري، ثم النطق بالحكم في جلسة علنية.
وأشارت إلى أن غرفة الدرجة الأولى قدمت في 5 مارس (آذار) 2020. إشعاراً بأنها ستصدر حكمها خلال جلسة علنية في منتصف مايو (أيار) المقبل.
وقالت المحكمة في بيان إنها أحالت تقريرها السنوي الحادي عشر إلى الأمين العام للأمم المتحدة وإلى حكومة لبنان.
ويعرض التقرير السنوي بالتفصيل أنشطة المحكمة في الفترة الممتدة من 1 مارس 2019 إلى 29 فبراير 2020، وأهدافها للسنة المقبلة، ويسلط الضوء على إنجازات أجهزتها الأربعة: الغرف، ومكتب المدعي العام، ومكتب الدفاع وقلم المحكمة.
وأشارت المحكمة إلى أن «أحد إنجازاتها الرئيسية يتمثل، على وجه التحديد، في تصديق قرار الاتهام وبدء المرحلة التمهيدية في قضية عياش. وبذلك انطلقت إجراءات مرتبطة بثلاثة اعتداءات أخرى تندرج ضمن اختصاص المحكمة، وهي اعتداءات ارتكبت في 1 أكتوبر (تشرين الأول) 2004. و21 يونيو (حزيران) 2005. و12 يوليو (تموز) 2005، واستهدفت مروان حماده وجورج حاوي وإلياس المر، على التوالي.
وأدى افتتاح القضية الجديدة إلى إنشاء غرفة ثانية للدرجة الأولى مكرسة للإجراءات في هذه القضية، وقد أصدرت تلك الغرفة قراراً يفيد بأن الإجراءات يمكن أن تعقد غيابياً.
قد يهمك أيضا:
سعد الحريري يؤكد أن الإصلاح يتطلب وقتًا والوضع في لبنان دقيق جدًا
زيارة الحريري إلى باريس محطة لتنفيذ مؤتمر مقررات “سيدر” بعد تأمين تمويلها