الرئيس السوري بشار الأسد

أكّدت مصادر سورية مطلعة أن الرئيس السوري بشار الأسد غادر دمشق وكانت وجهته موسكو  فيما وصل شقيقه ماهر الأسد إلى العراق برفقة عدد كبار من القادة العسكريين وأعداد كبير من جنود وضبّاط الفرقة الرابعة .وقال شهود عيّان إن قوات المعارضة إحتلت مبنى الإذاعة والتلفزيون في ساحة الأمويين وسط العاصمة وعلى مسافة عدة مئات من الأمتار عن مبنى الأركان العامة للجيش السوري و على مسافة غير بعيدة من القصر الجمهوري في حي المهاجرين .

و أشارت المصادر إلى أن الإنهيار المفاجىء للبنية العسكرية للجيش السوري والقوات المسلحة تسارع مع تراجع إيران والعراق عن وعودهم بإرسال حوالي أربعين ألف عسكري من قوات البلدين لدعم الجبهات العسكرية التي كانت تنهار أمام تقدم قوات المعارضة السريع والتي نجحت خلال أيام من السيطرة على المدن الكبرى الواحدة تلو الأخرى.
والشكوك حول استراتيجية إيران؛ "تم المتاجرة بسوريا"
 وبدا إنتشار مقولات مثل قولمقاتل تابع لإيران
"لقد تخلوا عن سوريا"، وقال المقاتل الذي كان   يقف في موقع قريب من مقام السيدة رقية ابنة الإمام الحسين، الواقع في قلب العاصمة السورية دمشق.

و في فيديو متداول على مواقع التواصل الاجتماعي، يقول وهو يبكي، إن القوات الإيرانية غادرت دمشق. ويشير إلى احتمالية "وصول مسلحين إسلاميين سُنّة في سوريا قريباً إلى المقام وتدمير قبر السيدة رقية".

ويأتي ظهور هذه الفيديوهات، في وقت حقق فيه مقاتلو هيئة تحرير الشام، في أقل من أسبوعين، تقدماً غير مسبوق باتجاه العاصمة دمشق.

وفي الأثناء، تمكنت مجموعة أخرى من المسلحين في جنوب البلاد، الذين قيل في وقت سابق إنهم تصالحوا مع نظام الأسد، من السيطرة مرة أخرى على مناطق ذات أهمية استراتيجية قرب الحدود مع الأردن.

و كان إنهيار معنويات أفراد وضبّاط الجيش السوري مع تزايد التكهنات بشأن احتمال سقوط دمشق وانتشار الشائعات حول احتمال مغادرة بشار الأسد لسوريا، أصبح موقف إيران من هذه الحرب غامضاً بشكل متزايد وتتوالى تقارير متناقضة بشأن وجود قوات إيرانية أو تابعة لإيران في البلاد.

ونقلت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية عن مسؤولين إيرانيين وسوريين لم تسمهم، أن إيران بصدد سحب قادتها وقواتها المتبقية من سوريا. وبدأت عملية إجلاء الدبلوماسيين الإيرانيين وعائلاتهم من سوريا وفق هذا التقرير.

وجاء نشر التقرير، بعد ساعات قليلة  من تصريحات قالها مصدر إيراني، أن خطة طهران كانت زيادة عدد مستشاريها العسكريين في سوريا وتزويدها بصواريخ وطائرات بدون طيار، غير أن المصدر نفسه قال إن "إيران تزود حاليا الأسد بدعم استخباراتي وفضائي".

وفي 2 ديسمبر/ كانون الأول الحالي، ذكرت المصادر  أن مجموعة من قوات الحشد الشعبي في العراق دخلت إلى سوريا المجاورة لمساعدة حكومة الأسد. وفي 3 ديسمبر/ كانون الأول، أوردت أيضاً أن إيران أرسلت مجموعة من مقاتلي حزب الله اللبناني إلى سوريا في محاولة لتعزيز القوة العسكرية للأسد.

والسبت، ظل موقف الحكومة الإيرانية الرسمي داعما لبشار الأسد، حتى ولو كان خطابيا. إذ قال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، إن دعم طهران للحكومة السورية مستمر. وفي الوقت نفسه، نفى المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، إخلاء السفارة الإيرانية في دمشق، من دون الإشارة صراحة إلى تقرير صحيفة نيويورك تايمز.

و منذ بداية الموجة الجديدة من الهجمات التي يشنها المسلحون السوريون، لم يكن جيش الأسد أو المراقبون الغربيون وحدهم من أصيبوا بالذهول. تصريحات المسؤولين الإيرانيين أشارت إلى أن قادة الحرس الثوري في إيران لم يكونوا مستعدين لمثل هذه الهزائم الهائلة فحسب بل كانوا يأملون في أن يلعب الجيش السوري دوراً في التوتر العسكري مع إسرائيل خلال الـ 13 شهراً الماضية.

في الواقع، لم يفشل بشار الأسد في لعب أي دور في التوترات مع إسرائيل فحسب، بل إنه كما كان الحال طوال الـ 14 سنة الماضية تقريباً، لم يتمكن من منع المزيد من الهجمات الإسرائيلية ضد قادة الحرس الثوري الإيراني على الأراضي السورية. بل على العكس، تكثفت هذه الهجمات على مدار العام الماضي، ولم تسلم حتى أماكن مثل القنصلية الإيرانية.

وفي وقت تركت فيه الهجمات الإسرائيلية على حزب الله وحماس العضوين الرئيسيين في"محور المقاومة" أضعف من أي وقت مضى، ومع تحول ميزان القوى الإقليمي لصالح إسرائيل على حساب إيران، تعرضت الأخيرة لضربة من جهة لم تكن تتوقعها على ما يبدو: الإسلاميون السنة في سوريا.

إن أحد أوجه الغموض الرئيسية المحيطة برد إيران على هذه الهجمات ينبع من التوقعات الموضوعة على فيلق القدس في سوريا. وفقاً للدعاية المعتادة لـ"مدافعي الحرم"، ففي أوقات كهذه ــ عندما يحتاج الأسد إلى المساعدة العسكرية أكثر من أي وقت مضى ــ يتعين على فيلق القدس أن يبذل قصارى جهده لدعمه.

لكن ما حدث لا يتماشى مع تلك الخطابات. ويكشف، بدلا من ذلك، عن اختلافات جدية في الرأي على أعلى مستويات اتخاذ القرار، وربما شكلاً من الحيرة الاستراتيجية. تنعكس هذه الحيرة في مقابلات تجري على التلفزيون الإيراني الرسمي وفي تعليقات أدلى بها أعضاء مرتبطون بالحرس الثوري الإيراني أو مسؤولون حكوميون على وسائل التواصل الاجتماعي.

ولا تقتصر هذه التصريحات على مقاطع فيديو لإيرانيين يغادرون باكيين مقاماً في دمشق. يقول سهيل كريمي، المقرب من فيلق القدس والمطلع على أنشطته في سوريا، في مقابلة على التلفزيون الرسمي، إن القوات الإيرانية "غير مسموح لها" بالدخول في المعركة لدعم الأسد. وجاءت تعليقاته انتقاداً لتصريحات عباس عراقجي الذي قال: "الإرهاب لا يعرف حدوداً ويجب مواجهته في مصدره وأصله".

كريمي أكد، خلال المقابلة، أهمية سوريا والعواقب بعيدة المدى المترتبة على سقوط بشار الأسد على مصالح الجمهورية الإسلامية في المنطقة. واعتبر أي انسحاب إيراني محتمل من البلاد، بمثابة ضربة كبيرة، وأعرب عن أمله في أن لا يقبل قادة النظام بمثل هذا الانسحاب.

وأتت هذه التصريحات، بالتزامن مع دعوة أبو محمد الجولاني، زعيم هيئة تحرير الشام، في مقابلة إيران، إلى إنهاء دعمها للأسد والوقوف بدلاً من ذلك إلى جانب "الشعب السوري"، الذي قال إنه سيصل إلى السلطة قريبًا. وقال إن هدف مجموعته الإطاحة بالأسد، ولمح على ما يبدو بشكل غير مباشر إلى أنه يجب على إيران الآن أن تعيد النظر في علاقتها بسوريا بعد تغيير النظام في البلاد.

وفي غياب معلومات واضحة بشأن حجم الوجود العسكري الإيراني في سوريا، أدت التصريحات غير المتوقعة بشأن "إخلاء سوريا" أو "عدم السماح للإيرانيين بدعم الأسد" ــ إلى جانب تعليقات الجولاني ــ إلى إثارة تكهنات بأن هناك نوعاً من "الصفقة" قيد التنفيذ. وفي الوقت الحاضر، لا يوجد دليل يؤكد مثل هذه الخطة.

لكن ما هو جلي أن هو الخلاف، بل وحتى الجهل أحياناً، بين النخب والمسؤولين في إيران فيما يتعلق بالخطوة التالية للجمهورية الإسلامية. وعلى سبيل المثال، قال النائب حامد راساي، خلال الجلسة الافتتاحية للبرلمان، السبت، إن أعضاء المجلس ليس لديهم معلومات عن سوريا.

و ليس من غير المعتاد أن تظهر تقارير متناقضة بشأن التطورات العسكرية أثناء الحرب. يمكن أن تكون بعض هذه المعلومات ذات أهمية عسكرية كبيرة، وعادة ما يحاول كلا الجانبين، في إطار دعاية الحرب، التأثير على الرأي العام، وتجنب الكشف عن تفاصيل عملياتهما، أو خداع العدو من خلال نشر معلومات مضللة.

لكن لم يأخذ الوجود العسكري الإيراني في سوريا أبعاد شراكة عسكرية شفافة. بدلاً من العمل في إطار الاتفاقيات بين جيشي البلدين، اتخذت هذه المشاركة شكلاً سرياً، كجزء من أنشطة الحرس الثوري الإيراني في الخارج، المنظمة التي ركزت على مدار الـ 45 عاماً الماضية على دعم ميليشيات إسلامية وتحقيق أهداف إيديولوجية.

على مدار سنوات، أصبح الغموض الاستراتيجي، والامتناع عن الانخراط في التدخل العسكري التقليدي، والاتجاه نحو تكتيكات الحرب غير المتكافئة وغير التقليدية من سمات الحرس الثوري الإيراني وفرعه الخارجي، فيلق القدس. يعتبر مؤيدو الحرس الثوري أن هذه الأساليب ضرورية في الحروب حين تكون القوات التقليدية للطرف المعارض أكثر قوة.

ولهذا السبب، فإن جميع حالات وصول القوى المرتبطة بإيران إلى السلطة في دول عربية كلبنان والعراق واليمن حدثت في أوقات كانت فيها تلك الدول تعاني من فوضى وغياب حكومة مركزية. لكن هذه المرة، يبدو الأمر أقل من لجوء إيران عمداً إلى "استراتيجية الفوضى" وأكثر من أن سياسة طهران في سوريا أصبحت غارقة في أزمة عميقة، مع عدم وجود طريق واضح للخروج في الأفق.

وقد يهمك ايضًا:

السلطات الإسرائيلية تخطط لمضاعفة عدد مستوطنيها في هضبة الجولان

الأسد لجنوده في دير الزور "دماؤكم أثمرت نصرًا مدويًا على الفكر التكفيري"