المتظاهرون يحملون أحد المصابين من أمام قصر الاتحادية
القاهرة ـ أكرم علي
تدور ليل الأربعاء، اشتباكات عنيفة بين المتظاهرين المعتصمين أمام قصر الاتحادية في منطقة مصر الجديدة (غرب القاهرة)، وشباب جماعة "الإخوان" المؤيدين لقرارات الرئيس محمد مرسي الأخيرة وسط أنباء عن سقوط 3 قتلى، في الوقت الذي أعلنت فيه وزارة الصحة ارتفاع إجمالي عدد الإصابات إلى 63
حالة في ميدان التحرير وأمام "الاتحادية"، بالتزامن مع توجيه نائب الرئيس المستشار محمود مكي، دعوة إلى القوى السياسية للحوار لدرس سبل تحقيق أهداف الثورة، مؤكدًا أن "أموال مصر المنهوبة يُعاد ضخها لإحداث الفوضى"، في حين اتهمت القوى السياسية المعتصمة في ميدان التحرير، "الإخوان" بالتحول من جماعة سياسية إلى "قوة إرهاب".
وقد أكد نائب الرئيس المصري محمود مكي، أن "أجهزة الأمن الثلاثاء، التزمت بأقصى درجات ضبط النفس، برغم أن المتظاهرين اعتدوا على الشرطة وأحدثوا تلفيات في المال العام، وأنه لم يحدث أي اعتداء من رجال الأمن، وجعل مصر تمر بأحداث ملتهبة، من دون أي خسائر في الأرواح والدماء".
وقال مكي في مؤتمر صحافي بمقر مؤسسة الرئاسة، "أتمنى أن نحافظ على مكاسب ثورة 25 يناير، ومن حقكم التعبير عن الرأي في شكل سلمي، مع التزامنا بالهتاف في ميدان التحرير سلمية.. سلمية، وأن فكرة حشد الجموع والمؤيدين من أجل إظهار القوة (دوامة لن تنتهي) وليست مجدية، وإن المقارنة بين رئيس منتخب بانتخابات نزيهة، مع رئيس جاء بالتزوير ظالمة، في إشارة لمن يقارنون بين مرسي وحسني مبارك، ولو كان الرئيس يتعامل مع مطالب المتظاهرين مثل سابقه، لما كنت في منصبي الآن، لأنه لن يقبل ذلك على كرامته واسمه"، على حد قوله.
وأوضح نائب الرئيس أن "مصر محكومة بنص إعلان دستوري مستفتى عليه، وأن هناك 8 مواد تم الاستفتاء عليها يوم 19 أذار/مارس 2011، وهذا النص يجب احترامه احتراما للشعب، وهو نص أوجب على الرئيس بمجرد الانتهاء الجمعية التأسيسية من مسودة الدستور، أن يدعو الناس للاستفتاء عليه في موعد أقصاه 15 يومًا، وأن الرئيس انصاع للإرادة الشعبية المتمثلة في الإعلان الدستوري"، مؤكدًا أنه على تواصل بكل مستشاري الرئيس، مستدركًا لكن هناك تحفظات على الإعلان الدستوري، ومن حق كل واحد التعبير عن رأيه سواء بتقديم الاستقالة أو غيرها، فالبعض مهدد أن يتخذ إجراء ضده من النقابة المسجل بها، وهذا فيه ضغط معنوي، مضيفًا أن "المواد الخلافية في الدستور لن تطرح في استفتاء آخر إلا إذا تم الاستفتاء عليها على حسب ما أطلعت، وأن الخلافية في الدستور لن تزيد عن 12 أو 15 وغالبها يمكن أن نحصرها ونستفتي عليها خارج الدستور، خمس الأعضاء يقترحوا التعديل وثلثي الأعضاء يوافقون على تعديل المواد كما هي"، مشددًا على أن "الثورة لها أعداء في الداخل والخارج"، محذرًا من "ثورة مضادة تهدد مصالح نسبة لا يستهان بها من الشعب، وهي تملك قوى مادية مؤثرة".
وقال المستشار مكي، إن "أموال مصر المنهوبة يعاد ضخها لإحداث فوضى، وشركاء الثورة يحدث صراع بينهم"، مطالبًا بضرورة "تفويت الفرصة على من يريدون ذلك"، وأبدى مكي تفاؤله بانفراجة الأزمة خلال الساعات أو الأيام المقبلة، لافتًا إلى "وجود بعض الهتافات التي تجاوزت سقف المسموح، وطالما تمت انتخابات لم تشوبها شائبة لابد من الاستمرار، ومن يتصور أن هناك من يستطيع هدم الشرعية غير صحيح"، مطالبًا القوى السياسية بضرورة الحوار والتنازل، مؤكدا على وجود إرادة شعبية والدعوة للاحتكام إليها.
ووجه نائب الرئيس، نداءً إلى القوى السياسية للتمسك بتحقيق أهداف الثورة، وقال "لقد أن الأوان لنلتقي جميعًا ومعنا الرئيس، لنضع وثيقة جامعة شاملة لتحديد أهداف ثورتنا، ووسائل تحقيقها"، محذراً من "أن هذا لن يحدث في ظل أزمة انعدام الثقة الموجودة"، داعيًا إلى توافق جميع القوى السياسية على ثلاث أو خمس شخصيات لم يسبق لهم الإدلاء بدلوهم في الأزمة الراهنة، ليضعوا تصورًا لكيفية التوافق، رافضًا التدخل في اختيار تلك الشخصيات، ولكنه طالب بأن تكون من بين شركاء ميدان التحرير خلال الأيام الـ18 الأولى من عمر الثورة، مضيفًا أن "هؤلاء الثوار لهم حق علينا، ويستحقون أن نسمعهم ونحترم خياراتهم، وسأتواصل مع الرئيس في هذا الشأن، فهو يرحب بالحوار دائمًا.
من جهتها، اتهمت القوى السياسية المعتصمة في ميدان التحرير، في بيان لها، جماعة "الإخوان" المسلمين، بالتحول من جماعة سياسية إلى "قوة إرهاب"، مشيرة إلى رفضها للدعوات المستمرة التي تطلقها الجماعة لاستهداف تظاهرات واعتصامات القوى الثورية الرافضة لقرارات الرئيس محمد مرسي، التى وصفها البيان بـ"الاستبدادية".
وقال البيان إن "الجماعة تمارس عنفها ضد جماهير الشعب المصري وقواه الثورية، وفي هذا الإطار نحمل جماعة (الإخوان) والرئيس محمد مرسي المسؤولية كاملة عن أي أعمال عنف تحدث في محيط قصر الاتحادية، بعدما أعلنت الجماعة تنظيم تظاهراتها هناك، رغم اعتصام القوى الثورية والسياسية في المكان نفسه منذ الثلاثاء، وإننا نعلن تمسكنا بحقنا في الاعتصام والتظاهر السلمي في أي مكان، وأننا سندافع عن اعتصامنا السلمي ضد أي اعتداء".
وحمل البيان توقيع كل من "الجبهة الحرة للتغيير السلمي – التيار الشعبي – حزب الدستور – حزب التحالف الشعبي الاشتراكي – حزب المصري الديمقراطي الاجتماعي – حزب المصريين الأحرار – الحزب الاشتراكي المصري – حزب مصر الحرية – شباب من أجل العدالة والحرية – الاشتراكيون الثوريون – الجمعية الوطنية للتغيير – حركة كفاية – حركة 6 أبريل (الجبهة الديمقراطية)- حركة المصري الحر – الجبهة القومية للعدالة والاجتماعية – إئتلاف زهرة اللوتس - اتحاد شباب ماسبيرو – ائتلاف ثوار مصر".
وعلى الصعيد الميداني، وردت أنباء عن سقوط قتيلين أمام قصر الاتحادية على يد أحد المؤيدين لقررات الرئيس مرسي من شباب "الإخوان" إحداهما لفتاة تُدعى ميرنا عماد ، فيما أعلنت وزارة الصحة ارتفاع عدد المصابين في التحرير والاتحادية إلى 63 حالة، بعدما قام المتظاهرون التابعون لجماعة "الإخوان" المسلمين بالاشتباك مع المتظاهرين المعتصمين من القوى السياسية كافة أمام قصر الاتحادية، بعد محاصرتهم وهتف الإخوان "الشعب يؤيد قرارات الرئيس"، كما اعتدى متظاهرو "الإخوان" على الناشطة السياسية نوارة نجم وقاموا بطرد القوى السياسية المتواجدة أمام قصر الرئاسة، فيما قالت الصفحة الرسمية لحزب "الحرية والعدالة"، إنه قبل بدء متظاهري "الإخوان" في الهتاف، قام مجموعة من "الشباب المجهولين" بالاعتداء عليهم، مشيرة إلى أن الاعتداءات وصلت إلى الاشتباكات بالأيدي.
وقد أعلنت وزارة الصحة المصرية، أن إجمالي عدد الإصابات التي تم تسجيلها حتى الآن ارتفع إلى 63 إصابة، في ميدان التحرير وأمام قصر الاتحادية، موضحة في بيان لها، أنه تم تحويل المصابين إلى مستشفيات الهلال وهليوبولس وقصر العيني، خرج منهم مصاب واحد، في حين ظل باقي المصابين في المستشفيات تحت الملاحظة.
وقال المتحدث الرسمي لوزارة الصحة والسكان، الدكتور أحمد عمر، في تصريح له، الأربعاء: "إنه تم تحويل مصاب إلى كل من مستشفى الهلال والقصر العيني ومصابين إلى كل من مستشفى هليوبوليس ومستشفى المنيرة"، مشيرًا إلى أن إصابتهم كانت ما بين جروح وكدمات وسحجات، وقامت الفرق الطبية في المستشفيات بعمل الإسعافات والفحوصات والعلاجات اللازمة، وحالتهم جميعًا مستقرة"، مضيفًا أنه تقرر خروج مصاب من مستشفى الهلال بعد أن اطمأن الأطباء على استقرار حالته وباقي الحالات، وهي خمس حالات ما تزال تحت العلاج والملاحظة في المستشفيات.
فيما أعلن رئيس هيئة الإسعاف الدكتور محمد سلطان، وقوع ١٦ إصابة حتى الآن بسبب الأحداث الجارية والاشتباكات في محيط قصر الاتحادية وميدان التحرير، منها ١١ إصابة حتى الآن أمام "الاتحادية"، نتيجة الاشتباكات بين المؤيدين والمعارضين لقرارات الرئيس مرسي، والتي ماتزال مستمرة بشدة، حيث تم نقل ٩ مصابين إلى مستشفى هليوبوليس ومصابين إلى مسشتفى منشية البكري، كما وقعت ٥ إصابات في التحرير بين المعتصمين المعارضين للإعلان الدستوري في مشاجرة مع الباعة الجائلين.
وأشار سلطان إلى أنه "نظرًا للظروف الجارية تم الدفع بـ ٣٣ سيارة إسعاف إضافية، وتم تمركزها في الشوارع الجانبية لقصر الاتحادية في شارع صلاح سالم والميرغني ونفق العروبة".
وقال شهود عيان لـ"العرب اليوم"، إن أعضاء الإخوان حاولوا التواجد بالقرب من إحدى بوابات القصر، وإقامة صلاة العصر بها، وهو ما رفضه المعتصمون، مما أدى إلى وقوع اشتباكات طفيفة بالأيدي ومشادات كلامية بين الطرفين.
في سياق متصل، قامت قوات تأمين قصر الاتحادية بإغلاق جميع بوابات القصر، وعدم السماح لدخول أو خروج أي شخص، في إطار إجراءات تأمينه، عقب وقوع اشتباكات خارجه، وانسحبت قوات الأمن من أمام قصر الاتحادية، وأقام المتظاهرون حواجز حديدية حول مكان اعتصامهم لتأمينه ومنع الاشتباكات.
وكان مكتب إرشاد جماعة "الإخوان" المسلمين قد عقد اجتماعًا عاجلاً، صباح الأربعاء، بكامل تشكيله، وانتهى منذ قليل بمقر الجماعة في المقطم، وخرج الاجتماع بقرارات عدة، أبرزها دعوة أعضاء الجماعة للحشد بعد عصر الأربعاء أمام قصر الاتحادية لتنظيم تظاهرة تأييدًا للرئيس محمد مرسي، والقرار الثاني هو المبيت أمام القصر حتى الجمعة المقبلة، والتنسيق مع كل القوى المدنية والإسلامية لتنظيم مليونية حاشدة أمام الاتحادية لتأييد الرئيس محمد مرسي والإعلان الدستوري، والدعوة إلى الاستفتاء على مشروع الدستور الجديد في 15 كانون الأول/ديسمبر الجاري، وكذلك قرر بدء حالة استنفار في صفوف الجماعة لحماية مقراتها على مستوى الجمهورية خلال الفترة المقبلة، إلى حين الانتهاء من الاسفتاء على الدستور الجديد.
وأكد المجتمعون ضرورة التنبيه على أعضاء الجماعة بعدم الاحتكاك بأي من المعارضين الذين يعتصمون أمام قصر الاتحادية، لتفويت الفرصة على أي ادعاءات بارتكاب أعمال عنف، في حين قالت جماعة "الإخوان" في بيان لها "تمت محاولات شتى من القوى السياسية الرافضة لاستقرار البلادن لهدم الجمعية التأسيسية لوضع الدستورن ابتداء من الطعن في تشكيلها أمام المحكمةن إلى التهديد المستمر بالانسحاب منهان إلى تعويق عملها من داخلها رغم موافقتهم على معظم مواد الدستورن إلى تحريض الدول الأجنبية للضغط على أعضائها لإنتاج دستور يتوافق مع رؤية العلمانيين والغرب، وفي ظل هذه الأحداث المؤسفة والتواطؤ ضد المصالح العليا للشعب والوطن فإن الشعب المصري كله سيقوم بحماية الشرعية الدستورية ويحمي إرادته، وسيقبل على الاستفتاء على الدستور تمهيدًا للذهاب إلى انتخاب مجلس الشعب، وليعلم الجميع أن الموافقة على الدستور كفيلة بإلغاء جميع الإعلانات الدستورية ابتداء من إعلان أذار/مارس 2011 حتى إعلان تشرين الثاني/نوفمبر 2012، إذا فليس بيننا وبين تحقيق ذلك إلا بضعة أيام".
ومن جانبها، طالبت اللجنة العليا للانتخابات، برئاسة رئيس محكمة استئناف القاهرة المستشار سمير أبوالمعاطي، رئيس الجمهورية الدكتور محمد مرسي، باتخاذ الإجراءات اللازمة لتأمين الاستفتاء على الدستور المقرر له 15 كانون الأول/ديسمبر الجاري، مشددة على أن ذلك لن يتحقق إلا بمشاركة القوات المسلحة مع الشرطة في تنفيذ عملية تأمين اللجان والقضاة المشرفين عليها.
جاء ذلك عقب لقاء عقده رئيس الجمهورية مع الوزراء المعنيين بعملية الاستفتاء وممثلين عن لجنة الانتخابات، لضمان حسن سير عملية الاستفتاء وتذليل العقبات كافة التي قد تعوقها، والذي يأتي استجابة لرغبة أعضاء اللجنة العليا للانتخابات في الالتقاء بالوزارات المعنية وذات الصلة بعملية الاستفتاء على الدستور، حيث حضر اللقاء نائب رئيس الجمهورية المستشار محمود مكي، ورئيس مجلس الوزراء الدكتور هشام قنديل، ووزير الدفاع والإنتاج الحربي الفريق عبدالفتاح السيسي، ووزير الخارجية محمد كامل عمرو، ووزير الدولة لشؤون المجالس النيابية الدكتور محمد محسوب، ووزير الإعلام صلاح عبدالمقصود، ورئيس المكتب الفني للجنة العليا للانتخابات المستشار طه شاهين، والأمين العام للجنة العليا ومساعد وزير العدل لشؤون التفتيش القضائي المستشار زغلول البلشي.
وصرح المتحدث الإعلامي باسم جماعة "الإخوان" المسلمين، الدكتور محمود غزلان، في وقت سابق الأربعاء، بأن "الجماعة والقوى الشعبية تداعت للتظاهر أمام مقر الاتحادية عصر الأربعاء، لحماية الشرعية بعد التعديات الغاشمة التي قامت بها فئة الثلاثاء، تصورت أنها يمكن أن تهزّ الشرعية أو تفرض رأيها بالقوة"، مضيفًا " تداعت القوى الشعبية لإظهار أن الشعب المصري هو الذي اختار هذه الشرعية وانتخبها، وأنه قادر على حمايتها وإقرار دستوره وحماية مؤسساته".
في غضون ذلك، طالبت "الجمعية الوطنية للتغيير" جموع المتظاهرين أمام قصر الاتحادية، بالحرص على الالتزام بسلمية التظاهر، مع توخي الحذر في ظل تواتر تقارير عن حشود من المحافظات يستعد التيار الإسلامي للدفع بها إلى محيط القصر الرئاسي للاشتباك مع المتظاهرين.
ودعت الجمعية في بيان لها، جماهير الشباب والقوى الثورية إلى تعزيز الاعتصام والاحتشاد السلمي في محيط قصر الاتحادية، لدعم المتظاهرين والمحافظة على سلمية الاحتجاجات، مضيفة "إن القوى الوطنية والثورية تطالب وزارة الداخلية بالقيام بواجبها في حماية المظاهرات السلمية في التحرير وأمام قصر الاتحادية، وأن هذه القوى تعرب عن تقديرها للتطور الإيجابي الذي ميز أداء قوات الشرطة الموجودة في محيط قصر الاتحادية الثلاثاء، حيث التزمت بالقيام بواجبها المهني في حماية المنشآت والمتظاهرين السلميين".
وفور انتشار أنباء تظاهر أعضاء جماعة "الإخوان" المسلمين أمام قصر الاتحادية عقب صلاة العصر، تأييدًا للرئيس مرسي، قرر عدد من معتصمى ميدان التحرير التوجه لمحيط القصر الرئاسي لمساندة المعتصمين ضد أي اعتداءات متوقعة من "ميلشيات الإخوان" بحسب تعبيرهم.
وكانت أعداد الخيام المنصوبة أمام قصر الاتحادية، قد زادت صباح الأربعاء، في أعقاب إعلان بعض القوى السياسية والثورية الاعتصام أمام القصر ليلة الثلاثاء الأربعاء، احتجاجًا على الإعلان الدستوري الذي أصدره رئيس الجمهورية الخميس قبل الماضي، وكذلك المطالبة بإيقاف الاستفتاء على الدستور والمقرر في 15 كانون الأول/ديسمبر الجاري.
وأكد عدد من المتظاهرين لـ"العرب اليوم"، أنه تم نصب نحو 24 خيمة أخرى أمام باب قصر الاتحادية المطل على شارع الميرغني، وكذلك أمام القصر من الجهة الأخرى بجوار نادي هليوبوليس، في الوقت الذي غابت فيه قوات الأمن المركزي عن محيط القصر، حيث لا يوجد سوى تشكيل أمن مركزي ومدرعة واحدة على الباب الخلفي للقصر.
وقام عدد من المعتصمين من أعضاء حزب "التحالف الشعبي الاشتراكي"، بتوزيع بيان على المارين أمام القصر تحت عنوان "نرفض دستور الاستبداد والظلم الاجتماعي والوصاية العسكرية، ويتضمن مسودة الدستور الجديد التي تم وضعها من دون توافق من القوى السياسية والثورية كافة، يكرس لدولة الاستبداد وحكم الفرد والظلم الاجتماعي والوصاية العسكرية، وهي الدولة التي ثار عليها الشعب المصري في 25 يناير"، مشددًا على رفضه التام للكيفية التي تم بها اختيار أعضاء الجمعية التأسيسية، معلنًا رفضه القاطع للمنتج النهائي الذي خرج عن هذه "الجمعية المشوهة"، بحسب وصف البيان.
في السياق ذاته، واصلت عشرات القوى والأحزاب السياسية والثورية اعتصامها في ميدان التحرير، للمطالبة بإسقاط الإعلان الدستوري، وإعادة تشكيل الجمعية التأسيسية لصياغة دستور بمشاركة الأحزاب والقوى السياسية الأخرى، ورفض الدستور الذي طرحته الجمعية، والمقرر الاستفتاء عليه الشهر الجاري.
وأثناء الفعاليات أعلنت المنصة المتواجدة في الميدان، أن "مطالب المتظاهرين تغيرت من عدم الموافقة على الدستور، أو المطالبة بإلغاء قرارات الرئيس محمد مرسي الأخيرة، ومنها الإعلان الدستوري إلى المطالبة بإسقاط النظام بصورة كاملة"، كما رددوا العديد من الهتافات الدالة على ذلك، ومنها "يسقط يسقط حكم المرشد"، و"الشعب يريد إسقاط النظام"، فيما لجأ عشرات المعتصمين إلى خيامهم بعد انتهاء فاعليات الاحتفال بوصول مسيرة الاتحادية، وقام الآخرون بتشكيل حلقات حوارية مع ممثلي الأحزاب والقوى السياسية المتواجدين في الميدان للنقاش حول مواد الدستور الجديد والأزمة الحالية، وما السبل المقترحة للضغط على النظام الحالي للاستجابة لمطالبهم.
واستأنف متظاهرو التحرير اعتصامهم في الميدان، صباح الأربعاء، بعد عودة العشرات الذين شاركوا في مسيرات "الاتحادية"، وشهد الميدان نشاطًا مكثفًا لهؤلاء المشاركين، لشرح تفاصيل المسيرة لزملائهم عبر العديد من الحلقات النقاشية، فيما استمر إغلاق مداخل الميدان من الجهات الأربع، وتم تحويل المرور حول الشوارع المحيطة به طوال الفترة الماضية، واستمر الباعة الجائلون في احتلال مواقعهم حول الحديقة الوسطى للميدان.
وعلى مستوى صحف القاهرة، أبرزت غالبية الصحف القومية والمستقلة التي احتجبت منها 11 صحيفة، أحداث التظاهرات الثلاثاء، ومحاصرة القصر الرئاسي، وتناولت تداعيات التظاهرات التي تطالب بإلغاء الإعلان الدستوري وتشكيل جمعية تأسيسية جديدة لتعديل الدستور الحالي قبل الاستفتاء عليه، ومن بين الصحف التي لم تبرز تظاهرات قصر الرئاسة، صحيفة "الحرية والعدالة" التي اهتمت فقط بالاستفتاء على الدستور، ونصائح الرموز الإخوانية للحركات الليبرالية في مصر.
ومن جانبه، أكد وزير الداخلية اللواء أحمد جمال الدين، في حوار لجريدة "اليوم السابع"، أن قيادات الداخلية هي التي تحكم وزارة الداخلية وليست جماعة الإخوان المسلمين، ومقرات حزب (الحرية والعدالة) مثل أي منشأة تتعرض للتهديد فنؤمنها حتى زوال التهديدات، وأن عملية القبض على نخنوخ لم تكن إرضاء لجماعة الإخوان، وأن هناك قوى ثورية تتهمنا بالوقوف بجوار التيار الإسلامي والعكس أيضًا، وأن ذلك لا يدل إلا على حيادية وزارة الداخلية في عملها".