غزة ـ محمد حبيب
جدَّد نائب الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية، جفري فلتمان، الخميس، مطالبته بضرورة إنهاء النزاع الفلسطيني الإسرائيلي بالطرق السلمية دون أي تأخير، مبرزًا الظروف الاقتصادية والمالية الصعبة للسلطة الوطنية جراء حجز عائدات الضرائب الفلسطينية.
جاء ذلك خلال جلسة خاصة عن الوضع في الشرق الأوسط، وبشكل خاص عن فلسطين، مجددًا إطلاق تحذيره المعلن الشهر الماضي من داخل مجلس الأمن بشأن المخاطر المحدقة بشأن حلّ الدولتين.
وذكر نائب الأمين العام: "يواجه الفلسطينيون تحديات مالية حادة يجب مواجهتها بسرعة، ففي 4 فبراير/ شباط الجاري، أعلنت الحكومة الإسرائيلية أنها للشهر الثاني ستحجز عائدات الضرائب التي تجمعها نيابة عن السلطة الفلسطينية؛ ردًا على انضمام الفلسطينيين إلى المحكمة الجنائية الدولية، وبذلك يصبح مجموع المحتجز لديها أكثر من 200 مليون دولار أميركي، وكإجراء لسد الثغرة، اقترضت السلطة الفلسطينية الأموال من المصارف الخاصة لدفع جزء من رواتب موظفي الخدمة المدنية؛ ولكن هذا التوجه ليس كافيًا أو مستدامًا".
وتابع فلتمان: "كما ذكر صندوق النقد الدولي في 29 كانون ثاني/يناير الماضي انكمش النشاط الاقتصادي الفلسطيني العام 2014 للمرة الأولى منذ عام 2006، شلّ السلطة الفلسطينية من ممارسة الأعمال التجارية الحكومية الأساسية، بما في ذلك الوظائف المتعلقة بالخدمات الصحية والقانون والنظام، ليس في مصلحة أي طرف، وما تقوم به إسرائيل هو انتهاكًا لالتزاماتها بموجب بروتوكول باريس الخاص باتفاقيات أوسلو، ونحن، مرة أخرى، ندعو إلى الوقف الفوري لهذا القرار".
وذكّر بدعوة الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، لكلا الجانبين الامتناع عن اتخاذ خطوات أحادية الجانب أو أيّة إجراءات قد تزيد من تفاقم الانقسامات الحالية، مشدَّدًا على ضرورة تهيئة الأجواء للعودة إلى المفاوضات، والإسراع في إعادة إعمار قطاع غزة، مضيفًا: "أعطت اللجنة الرباعية الأولوية لاستئناف المفاوضات بشكل عاجل وتعزيز مشاركتها للتحضير لإحياء عملية السلام، بما في ذلك التواصل المنتظم والمباشر مع الدول العربية، ويجب أنَّ نكون واضحين: في غياب إجراءات ملموسة ووحدة هدف واضحة من المجتمع الدولي، لن تكون اللجنة الرباعية قادرة على لعب دور فعال".
وأردف: "الأهم من ذلك هو الحاجة إلى التزام راسخ من الإسرائيليين والفلسطينيين على حدٍ سواء لوضع عدم ثقتهم الراسخة جانبًا وإظهار الشجاعة والقيادة".
وبشأن الوضع في غزة، ذكر جفري فلتمان لا يزال الأمين العام قلقًا للغاية بشأن الوضع الأمني الهش، وديناميات سياسية متقلبة وبطيئة بشأن إعادة الإعمار، مضيفًا: "وما يثير جزع الأمين العام وجود خروقات للتهدئة في القطاع، ووردنا أنَّ القوات الإسرائيلية قتلت وجرحت اثنين من الفلسطينيين الذين اقتربوا من السياج الحدودي لغزة يومي 16 و 23 كانون الثاني/يناير الماضي، بالإضافة إلى قتل فلسطينيين بجروح في 21 كانون الثاني بعدما أطلقت البحرية الإسرائيلية طلقات تحذيرية على قواربهم".
وقال: "في ظل غياب إعادة فتح المعابر في إطار قرار مجلس الأمن 1860 (2009)، تواصل آلية إعادة إعمار غزة المؤقتة (GRM) توفير قدر من الأمل في أنَّ تقدم حقيقي يمكن أنَّ يتحقق في غزة، وعلى الرغم من الصعوبات، فإنَّ آلية العمل مستمرة الآن وتحقق نتائج ملموسة".
ثم تطرق المسؤول الأممي إلى قلق الأمم المتحدة بشأن استمرار الاستيطان والاعتقالات وقمع المظاهرات السلمية من قِبل إسرائيل في الضفة الغربية، مشيرًا إلى أنَّ السلطات الإسرائيلية واصلت هدم المباني في الضفة الغربية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية بمجموع 62 مبنًا و33 بيتًا، ما أدى إلى تشريد نحو 88 فلسطينيًّا، من بينهم 49 طفلاً.
ودعا إسرائيل إلى وقف عمليات الهدم والتهجير للفلسطينيين في القدس الشرقية والمنطقة (ج)، وتسهيل المساعدات الدولية للمناطق المعرضة للخطر، مشددًا على أنَّ منطقة (ج) أمر أساسي للتواصل من الضفة الغربية وبقاء فلسطين واقتصادها.
كما أعرب عن خيبة أمله من قرار السلطات الإسرائيلية إصدارها مناقصات لبناء نحو 450 وحدة سكنية في مستوطنات الضفة الغربية، في الوقت الذي كان فيه الوضع متقلبًا للغاية، مشيرًا إلى إعراب الأمين العام مرارًا وتكرارًا أنَّ النشاط الاستيطاني غير قانوني بموجب القانون الدولي ويشكل عقبة أمام السلام وبالتالي ينبغي وقف ذلك.
وذكر فيلتمان أنَّ الظروف في غزة أصبحت مدعاة للقلق المتزايد، مبيّنًا أنَّ الفشل في تصحيح مسائل الحكم والأمن والبطء في وتيرة إعادة الإعمار، بعد ستة أشهر من نهاية الصراع الصيف الماضي، خلق بيئة سامة، مضيفًا أنَّ الالتزام الأساسي يكمن بشكل واضح مع الأطراف، والعنصر الأساسي هو تنفيذ الالتزامات المالية التي قدمتها الجهات المانحة في مؤتمر القاهرة، والفشل في تقديم الدعم اللازم يضع عبئًا لا يطاق على بيئة منقسمة.
وشدد على أنَّ وضع إطار يمكن أنَّ يقود إلى سلام شامل هو من الأولويات، ونأمل أنَّ يساعد المجتمع الدولي، ربما من خلال تنشيط الرباعية، لتجنيب الطرفان أي تدهور ودعم العودة إلى المفاوضات.
وأكد فيلتمان أنَّ الأمين العام مصمم على أنَّ تواصل الأمم المتحدة القيام بدور نشط في دعم هذه الجهود، ومع ذلك، لا يمكن أنَّ تنجح الجهود الدولية في عزلة، ولا يمكن التوصل إلى سلام حقيقي ودائم إلا من خلال التزام الطرفين بالتغلب على انعدام الثقة وتقديم التنازلات الصعبة الضرورية لتحقيق حل لهذا الصراع.