الانتخابات الرئاسية السودانية

تعيش القوى السياسية السودانية حالة من التوهان السياسي، منذ أن أعلنت المفوضية القومية للانتخابات خطواتها العملية الأولى، في التاسع والعشرين من تشرين الأول/أكتوبر الجاري، تمهيدًا لانطلاقة الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقررة في نيسان/أبريل 2015.

وظلّت المعارضة في حيرة من أمرها، بل طرحت تساؤلات لم تجد لها إجابة واضحة حتى الآن، وهددت بأنها ستلجأ إلى طرق أخرى، لم تحددها، حال تمسك الحزب الحاكم بقيام الانتخابات في ميقاتها.

وكانت المعارضة السودانية طالبت في الفترة الماضية الحكومة بضرورة تأجيل الانتخابات، لجهة أن الوضع الذي تعيشه البلاد، بسبب الحروب لا يسمح بإجرائها في العام المقبل.

ووضعت المعارضة شروطًا، اعتبرها حزب "المؤتمر الوطني" الحاكم شبه مستحيلة، بغية تأجيل الانتخابات، من بينها حل الحكومة القائمة، وتكوين حكومة انتقالية قومية تشارك فيها جميع الأحزاب، وإنهاء الحروب الدائرة في ولايات دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان.

ورفض الحزب الحاكم طلب التأجيل، لاعتبار أنَّ الانتخابات حق دستوري، ومطلب شعبي، ولا يمكن تأجيلها لأي سبب من الأسباب، وأكّد أنها إذا لم تقم في موعدها ستدخل البلاد في دوامة من الفشل، وستزيد من الحروب.

في المقابل، ومع أصرار الحزب الحاكم على قيامها، أعلنت أكبر الأحزاب المعارضة في السودان، وعلى رأسها حزب "الأمة" القومي، بزاعمة الصادق المهدي وحزب "المؤتمر الشعبي"، بقيادة حسن الترابي، بصورة رسمية، مقاطعتها للانتخابات.

وفي سياق متصل، طالبت الإدارة الأميركية الحكومة السودانية بتأجيل الانتخابات، ولكن قوبلت هذه الدعوة بالرفض، حيث اعتبرتها الحكومة السودانية تدخلاً في الشأن
الداخلي.

وكثف الحزب الحاكم، في الأيام الماضية، نشاطاته الحزبية في جميع ولايات السودان، كما شرع في اختيار مرشحيه لمنصب الولاة، ليختار منهم واحدًا يخوض به الانتخابات المقبلة، وبالتالي أصبح "المؤتمر الوطني" من أكثر الأحزاب استعدادًا للدخول في الانتخابات، لجهة أنه حدد مرشحه لرئاسة الجمهورية في، الأيام القليلة الماضية.

ولم تتحرك الأحزاب المعارضة، حتى الآن، في إقامة مؤتمراتها القاعدية، وتهدف من ذلك تأكيد رفضها خوض الانتخابات في الظروف الراهنة.

ورأى مراقبون للشأن السوداني أنَّ "تأجيل الانتخابات أمر ممكن، شريطة أن يصدر قرار من الرئيس السوداني عمر البشير، تعدل بموجبه بعض مواد الدستور في شأن الانتخابات"، فيما أكّد آخرون أنه "إذا أصرَّ الحزب الحاكم على التمسك بقيامها في ميقاتها فإنها لن تكون انتخابات حرة ونزيهة".

وأبلغ "المؤتمر الوطني" أحزاب المعارضة، إنها إذا اتفقت على تأجيلها في الحوار السوداني، الذي دعا إليه الرئيس عمر البشير، في كانون الثاني/يناير الماضي، فإنه ليس لديه مانع في تعديل مواد الدستور، وحلّ المفوضية القائمة.