تنظيم داعش

أكد رئيس الحكومة اللبنانية تمّام سلام في كلمة وجهها للبنانيين بعد إقدام " داعش" على ذبح الجندي الثاني " عباس مدلج"، أن اللبنانيين تمكنوا رغم انقساماتهم السياسية الحادة من كبح تداعيات الأعمال المتطرفة التي استهدفت لبنان، وحالوا دون تحقيق هدفها الأبرز إيقاع الفتنة في البلاد.

وحضّ سلام اللبنانيين على التمسك بهذا النهج لاجتياز الامتحان الصعب الذي نواجهه جميعًا، وقال "نعرف أن النفوس مشحونة والغضب كبير، لكننا يجب أن نعرف أن الفتنة هي المدخل إلى خراب السلم الأهلي"

ولفت إلى أن "مشاعر الحزن والأسى لدى أهالي العسكريين المخطوفين مشاعر طبيعية تحظى بكل احترام وتفهم"، وأضاف   أن "ما جرى في الشارع في الأيام الماضية أساء إلى الشهداء وقضية أبنائنا الأسرى وكاد أن يودي بالبلاد إلى منزلقات خطيرة"

واعتبر سلام أن "اللجوء إلى إقفال الطرق وتعطيل الحركة لن يعيد إلينا عسكريينا، فالمواجهة مع العدو المتطرف في مكان آخر وليس في الداخل مع بعضنا بعضًا". ودعا اللبنانيين إلى "رص الصفوف كسبيل وحيد لاجتياز الامتحان الأصعب"، وأضاف "على القيادات الارتفاع إلى مستوى التحدي وضبط الانفعالات والغرائز وتصويب الرؤية وتغليب كل ما هو وطني جامع على أي مصلحة فئوية". واستدرك"إذا كان الألم كبيرًا، وهو كبير بالفعل، فإن الأكثر إيلامًا هو السماح للتطرف بالعبث بنسيجنا الوطني والتسبب بفتنة مذهبية".

ورأى أن المتطرفين "يفاوضون بالدم لأنهم همجيون لا دين لهم ولا يفهمون إلا بلغة الذبح، فالدم غالٍ لكننا لن نستسلم لمشاعر الانتقام وسنبقى على تماسكنا وإصرارنا على استعادة أبنائنا بكل السبل. لسنا في موقف ضعف، وخياراتنا عديدة وهناك عناصر قوة بين أيدينا لتحرير أسرانا".

وشدد سلام على التمسك بالقرار الأخير الجامع لمجلس الوزراء والذي حدّد قواعد يجري على أساسها التفاوض، وتوجّه بالشكر إلى أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني لمساعيه المستمرة "لمساعدة لبنان على تجاوز هذه المحنة"

وكان نحر تنظيم "داعش" الجندي في الجيش اللبناني شكّل إحراجًا للوسيط القطري الذي تردد أنه سوري انتمى سابقًا إلى جماعة "الإخوان المسلمين" في سورية، بعدما كان تعهد لأكثر من مسؤول لبناني ولجهات لبنانية تواكب وساطته أن يضمن هذا التنظيم ومعه "جبهة النصرة" أمن العسكريين اللبنانيين المخطوفين لديهما طالما أن المساعي القطرية مستمرة من أجل إطلاقهم.

ومع أن الوسيط القطري أبلغ الجهات الرسمية اللبنانية أن تنظيم "داعش" برر قتله مدلج "بعدما ضُبط وهو يحاول الفرار"، فإن أحدًا من المعنيين بمواكبة جهود إطلاق العسكريين لم يأخذ بهذه الذريعة، واعتبروا أن نحره يأتي في سياق الضغط على الحكومة اللبنانية لدفعها إلى التراجع عن موقفها برفض الدخول في مقايضة لمبادلة العسكريين بإطلاق عدد من المساجين في سجن "رومية" ينتمون إلى المجموعات المتطرفة

لكن الوسيط القطري أكد للمعنيين أنه مستمر في وساطته لدى "داعش" و "جبهة النصرة" رغم أن مطالب الأخيرة للإفراج عن العسكريين "أقل" حدة من مطالب "داعش" وإن كانا يلتقيان على ضرورة إخلاء سبيل مجموعة من السجناء لدى القضاء اللبناني.

واستدعى نحر مدلج، دعوة سلام "خلية الأزمة" التي انبثقت عن الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء، إلى اجتماع عاجل رأسه وحضره إضافة إليه نائب رئيس الحكومة وزير الدفاع الوطني سمير مقبل، ووزيرا الداخلية والبلديات نهاد المشنوق والعدل أشرف ريفي والأمين العام لمجلس الدفاع الأعلى اللواء محمد خير.

وتناول الاجتماع استعراض الوضع في ضوء نحر مدلج، وردود الفعل على جريمة ذبحه، وضرورة تكثيف الاتصالات بالقيادات السياسية، وأولاها قيادة "حزب الله" للتعاون من أجل ضبط الشارع واستيعاب تداعيات الجريمة لقطع الطريق على مَنْ يراهن على إحداث فتنة مذهبية بين السنّة والشيعة. وبقي المشنوق على تواصل مع مسؤول الارتباط والتنسيق في حزب الله وفيق صفا، لضبط ردود الفعل ووقف التحركات التي يمكن أن تتسبب بالإخلال بالأمن، نظرًا إلى انتشار المسلحين في أكثر من منطقة، لاسيما في البقاع الشمالي