البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي

أعطت عودة البطريرك الماروني الكاردينال، بشارة الراعي، إلى بيروت زخمًا قويًّا للمشاورات بين البطريركية والزعماء الموارنة الأربعة لاتخاذ موقف من دعم زعيم تيار المستقبل، الرئيس سعد الحريري ورئيس اللقاء النيابي الديموقراطي وليد جنبلاط، ترشيح رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية للرئاسة الأولى، بعدما حصل هذا الترشيح على مباركة خارجية، لاسيما سعودية وفرنسية.

وتوسعت الاتصالات حول التسوية التي اقترحها الحريري بدعم فرنجية، راوحت التقديرات بين توقع تسريع إنجاز التسوية قبل جلسة البرلمان المخصصة لانتخاب الرئيس في 16 كانون الأول/ ديسمبر الجاري لعلها تنهي الفراغ الرئاسي، وبين حذر بعض الفرقاء من إمكان الانتهاء من طبخ التوافق على ترشيح فرنجية قبل هذا التاريخ، إذ أبلغت مصادر معنية بأن الأمور ليست محكومة بالوضوح قبل الجلسة النيابية المقبلة.

وبينما يترقب الوسط السياسي نتائج اللقاءات التي عقدها الراعي بناء على طلبه، مع كل من رئيس حزب الكتائب سامي الجميل ورئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل، ثم اجتماعه المرتقب مع رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، بعد لقائه فرنجية؛ للاستماع إلى اعتراضات الأحزاب المسيحية الثلاثة على دعم فرنجية للرئاسة، فإن الفريقين المعنيين بإعلان مساندتهما هذا الخيار تبادلا انتظار أحدهما الآخر لدفع التسوية إلى الأمام.

وينتظر المستقبل نتائج الجهود التي كان فرنجية أمل بأن يبذلها حزب الله مع عون لإقناعه بخيار رئيس المردة، كي يعلن الحريري بناء عليه ترشيحه رسميًّا، والحزب ينتظر إعلان الحريري رسميًا اتفاقه مع فرنجية حتى يبدأ الحديث الجدي مع عون حول إمكان تخليه عن الرئاسة لمصلحة فرنجية.

ودفع هذا الحذر مصادر الحلقة الضيقة التي تواكب التسوية إلى القول إن توقع إعلان الحريري رسميًّا دعمه فرنجية في 8 كانون الأول الجاري ليس أكيدًا.

كان الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند أجرى اتصالين هاتفيين بكل من فرنجية والراعي، وحرص على الاتصال بفرنجية بعد لقائه الحريري، وقد أبلغ الأول  فرنجية بأنه تحدث مع الحريري عن التسوية وترشيحه للرئاسة، وسأله عن تطور الأمور بالنسبة إلى الرئاسة وما هو انطباعه حول الاحتمالات.

وأظهر فرنجية بعض التفاؤل من دون الدخول في أيّة تفاصيل عن أيّة مفاوضات تتعلق بحزب الله أو العماد ميشال عون.

وأمل الرئيس هولاند بأن تشمل التسوية أوسع مروحة من الأطراف اللبنانيين، معربًا عن أمله بأن يحرص فرنجية على سياسة النأي بالنفس بالنسبة إلى الأزمة السورية.

وذكرت المصادر أن فرنجية كرر مرات عدة للرئيس الفرنسي تعلقه القوي باستقلال لبنان وحرصه على حماية هذا الاستقلال، وكان واضحًا أنه عازم على ألاّ تملي سورية على لبنان برنامج عمله، وأنه بالتأكيد لديه صداقات (لم يذكر اسم بشار الأسد) وإنه لن يتخلى عن أصدقائه، ولكنه إذا أصبح رئيسًا للبنان فسيهتم بلبنان فقط، وأن رؤيته في التسوية مع الحريري هي الاهتمام بلبنان، وإن أي أحد يريد الإخلال باستقلال لبنان لن يعود صديقه.

وأشارت المصادر إلى أن فرنجية تحدث بوضوح وبشكل مباشر بالقول مرات عدة إنه يجب أن تكون هناك ثقة به وبتعلقه باستقلال لبنان، وإنه لن يكون هناك أيّة مشكلة.

كما اتصل هولاند بالبطريرك الراعي، ووصفت المصادر أجواء المكالمة بأنها كانت إيجابية جدًا، وذكر هولاند للراعي إنه يجب تشجيع روح الوحدة بين اللبنانيين وبين المسيحيين وموقع البطريرك مهم جداً لذلك، والرئاسة الفرنسية قررت بذل جهودًا للمساعدة على إنجاح التسوية، وسط تساؤلات تبقى حول الموقف الحقيقي لإيران وحزب الله من هذه التسوية.