غزة – محمد حبيب
رفضت الفصائل الفلسطينيَّة في غزة، الأربعاء، تصريحات الرئيس محمود عباس، التي أكّد فيها تمسكه بالتنسيق الأمني مع الاحتلال الإسرائيلي، مؤكّدةً أنّ ذلك التنسيق لم يخدم سوى جنود الاحتلال ومستوطنيه.
وأكّد الرئيس الفلسطيني محمود عباس، أنّ السلطة الفلسطينية تنسق مع الاحتلال من أجل الوصول إلى المستوطنين المفقودين، وأنّ التنسيق مع إسرائيل مصلحة للفلسطينيين حتى لا تندلع انتفاضة جديدة. وأضاف، خلال كلمة له خلال انطلاق أعمال مجلس وزراء خارجية الدول الإسلامية في مدينة جدة السعودية، أنّ الفتيان الإسرائيليين الثلاثة المختفيين في الضفة بشر، ونحن نبحث عنهم حتى نعيدهم إلى عائلاتهم، وسنحاسب من قام باختطافهم كائنا من كان.
وذكر مسؤول المكتب الإعلامي لحركة "الجهاد الإسلامي" داوود شهاد، في تصريحٍ صحافي، أنّ "التنسيق الأمني أشبه بكأس السم الذي تجرعناه على يد من ارتكبوا إثم التوقيع على اتفاق أوسلو المشؤوم وتوابعه، ويصبح هذا السم أكثر نجاعة بالتوازي مع حجم ومدى المشاركة فيه من قبل المستويات الأمنية والسياسية العاملة في السلطة الفلسطينيّة".
وأوضح "اليوم نحن أمام جريمة مركبة يرتكبها الاحتلال بحق أرضنا وشعبنا ومقدساتنا، في ظل صمت العالم وتواطئه، وهو ما يوجب على شعبنا استمرار نضاله وكفاحه الوطني المشروع لمواجهة المحتل وسياساته العدوانية والعنصرية والتوسعية". وشدّد على "أن من ينكر على شعبنا هذا الحق يرتكب إثماً وخطيئة كبيرة، وأن أحد أشكال نكران هذا الحق هي اللغة الانهزامية التي يرددها البعض الذي يشهر سلاحه في وجه شعبه ونراه يتعذر عن مواجهة المحتل، ليس هذا فحسب بل إنه يصر على التنسيق الأمني".
وتابع "في ظل المعركة التي يخوضها الأسرى بلحمهم الحي، وتنكر إسرائيل المعلن لمطالبهم وحالة الغضب التي تتنامى في الشارع الفلسطيني إزاء ذلك، سلطات الاحتلال تجاهر بأنها لن تأبه بسقوط شهيد أو مائة شهيد من الأسرى في هذه المعركة".
وأوضح أنّ اليوم صار لدى الفلسطينيين أمل بأن يتحقق انتصار مهم ونوعي في هذه المعركة، وأن هذا الأمل يتعزز طالما بقي الجنود الثلاثة مختفين، مستدركاً "لكن الخشية التي تتملك كل فلسطيني ناتجة عن ما ينشر ويتداول من معلومات متطابقة عن التنسيق الأمني بين أجهزة السلطة والاحتلال في تعقب آثار الجنود المختفين والوصول إليهم وهنا نحن بالتأكيد نتجرع كأس سم قاتل".
وأكّد أنّ استمرار التنسيق الأمني لن يفيد أصحابه ودعاته، لأنهم لن يجنون منه سوى العار والبؤس، ولن ترضى عنهم إسرائيل بل ستبقيهم في دائرة الابتزاز والضغط.
واعتبرت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، على لسان ناطقها الدكتور سامي أبو زهري، أنّ تصريحات الرئيس عباس حول التنسيق الأمني غير مبررة وضارة بالمصلحة الفلسطينية، وهي مخالفة لاتفاق القاهرة وللإجماع الوطني الفلسطيني وهي تمثل إساءة إلى نفسيات آلاف الأسرى الفلسطينيين الذين يتعرضون للموت البطيء في سجون الاحتلال. كما أكّدت أن هذه التصريحات تستند فقط على الرواية الإسرائيلية دون توفر أي معلومات حقيقية هذا مع تأكيدنا على حق شعبنا في الدفاع عن نفسه ومواجهة جرائم الاحتلال بكل الوسائل الممكنة.
أما "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين"، فأكدت أنّ حديث الرئيس أبو مازن اليوم في اجتماع مجلس وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي بشأن التنسيق الأمني خارج السياق، ويشكّل صدمة للشعب الفلسطيني ولكل من يكتوي بنار الإجراءات الإسرائيلية الجارية في الضفة.
وقالت، في بيان لها، إنّ هذه التصريحات تأتي في الوقت الذي تتصاعد فيه هستيريا قوات الاحتلال الصهيوني في البحث عن المستوطنين، وانفلاتها في الإجراءات العقابية ضد الفلسطينيين في مواقع الضفة، وفي الوقت الذي تقدم فيه حكومة الاحتلال على التهديد بإبعاد مئات المناضلين، وقادة الأسرى المضربين عن الطعام إلى قطاع غزة، فضلاً عن اعتقال أكثر من 50 أسيراً محرراً في صفقة وفاء الأحرار.
وشدّدت على أنّ التنسيق الأمني الذي ألحق أشد الضرر بالمقاومة وقواها، لم يكن في يومٍ من الأيام إلاّ لصالح العدو ومستوطنيه، وقد تحوّل مع الوقت إلى قيدٍ يطوّق أعناق السلطة، والى التزام يتناقض مع مصالح شعبنا.
وأوضحت "فليذكرنا المتحمسون للتنسيق الأمني كم مرة قامت فيها حكومة الاحتلال وأذرعها الأمنية بمنع اعتداءات المستوطنين على أهلنا وأرضنا في كل بقاع الضفة، وكم مرة منعت قوات جيش الاحتلال من اجتياح المدن والقرى لاعتقال فلسطينيين أو هدم بيوت، وكم مرة منعت المستوطنين من غزو المسجد الأقصى وغير ذلك الكثير الكثير حتى يُدّعى أنه يحمي الفلسطينيين.
واستهجنت الجبهة تصريحات الرئيس عباس، رافضة ما جاء فيها بشأن التنسيق الأمني، داعيةً اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية إلى تحمل مسؤولياتها في تصويب وضبط السياسات والمواقف الرسمية، كما تدعو إلى وقف التنسيق الأمني، والى وقف المفاوضات الثانية التي لا هدف لها من قبل العدو، إلاّ تعزيز الالتزام الفلسطيني بهذا التنسيق، وبتغطية استكمال المشروع الصهيوني في فلسطين.
واعتبر الناطق الإعلامي لـ"لجان المقاومة" أبو مجاهد، أنّ هذه التصريحات لا تليق برئيس السلطة، فحديثه استكمال لدور الاحتلال بالبحث عن أسرى "إسرائيليين" في مقابل الظلم والقهر والجرائم المتواصلة بحق أبناء شعبنا الفلسطيني، ووجود أكثر من 5000 أسيرًا في السجون.
وطالب أبو مجاهد، الرئيس عباس بالتراجع عن هذه التصريحات ووقف التنسيق الأمني والوقوف لجانب الشعب الفلسطيني في مواجهة الترسانة العسكرية الصهيونية التي تفتك بأبناء شعبنا.
وطالب النائب عن كتلة "التغيير والإصلاح" يحيى العبادسة، الشعب الفلسطيني أن يكون حكماً وفيصلاً لتصريحات عباس، والذي تعهد بالبحث المستوطنين المختطفين ومحاسبة الفاعلين واعتبار التنسيق الأمني مصلحة الشعب الفلسطيني، مشدداً بأن تصريحاته تعتبر خروجاً عن الخطوط الحمراء.
وشدد العبادسة، في تصريح للكتلة وصل "العرب اليوم" نسخة عنه، أنّ تصريحات عباس تشكل انقلاباً على ميراث منظمة "التحرير الفلسطينية" وميراث الحركة الوطنية الفلسطينية، وتميعاً لكل المفاهيم والقيم الوطنية، موضحاً بأن عباس وضع نفسه في مواجهة كل الشعب الفلسطيني باعتباره مفرطاً بدماء الشهداء وعذبات الأسرى وأنات الجرحى.
وتمنى من حركة "فتح" ألا تعتبر حماس في صراعٍ معها أو صراعٍ مع عباس، مبيناً بأن عباس أصبح في مواجهة الشعب الفلسطيني وكل الكل الفلسطيني، ومطالباً فصائل منظمة التحرير أن يكون لها موقف وكلمة.