العدوان الإسرائيلي مستمر على قطاع غزة

كشفت وزارة الأشغال العامة والإسكان في غزة أنَّ طائرات الاحتلال الصهيوني دمرت 13360 وحدة سكنية، بين تدمير كلي وجزئي، خلال عدوانها المستمر منذ 6 أيام على قطاع غزة.
وأوضح وزير الأشغال مفيد الحساينة، في تصريح صحافي، الاثنين، أنَّ "ما تمَّ حصره، حتى مساء الأحد، يظهر أنَّ الأضرار كارثية؛ حيث جرى هدم 560 وحدة سكنية كليًا، و12800 وحدة سكنية هدمًا جزئيًا، منها 520 وحدة سكنية "غير صالح للسكن".
وألقت طائرات الاحتلال على القطاع أكثر من ألف طن من المتفجرات، عبر مئات الغارات التي شنتها، وتركز استهدافها على المنازل السكنية، في واحدة من أبشع الجرائم ضد الإنسانية.
هذا، ولم يجد عدد من العائلات التي قصفت منازلها مأوى يحميها من الغارات الإسرائيلية العنيفة والكثيفة، بعد قصف منازلهم، سوى الركام والأنقاض وبعضٌ من الممتلكات المدمرة.
ويشن سلاح الجو الإسرائيلي، منذ الاثنين الماضي، سلسلة غارات عنيفة على أنحاء متفرقة في قطاع غزة، ضمن عملية عسكرية أطلقت عليها إسرائيل اسم "الجرف الصامد"، وطالت عشرات المنازل والمباني السكنية، ما أدى إلى تشريد مئات العائلات، لتصبح بلا مأوى.
كما وتشن زوارق حربية إسرائيلية قبالة شواطئ بحر غزة، سلسلة غارات عنيفة في ساعات المساء، فيما تتمركز آليات مدفعية إسرائيلية قرب الحدود الشرقية للقطاع.
أبرز المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، الأحد، أنّه "تابع بقلق شديد الإنذارات التي وجهتها السلطات الإسرائيلية للسكان الفلسطينيين في أجزاء واسعة من قطاع غزة، وتطلب منهم إخلاء بيوتهم تمهيداً لقصفها، بادعاء أن تلك المناطق تستخدم لإطلاق الصواريخ".
ولفت المرصد إلى أنَّ "الاحتلال الإسرائيلي يقوم باستهداف الأعيان المدنية في قطاع غزة، منذ ستة أيام، بصورة موسّعة، بما يتجاوز الضرورة العسكرية، وبصورة قاسية جداً".
وبيّن أنّ "المناطق التي يهدد الاحتلال سكانها بالقصف هي مناطق واسعة جداً، وتمتد من شرق العطاطرة حتى شارع السلاطين، ومن غرب وشمال معسكر جباليا، وهي مناطق ذات كثافة سكانية كبيرة جدًا، ويصل عدد سكانها إلى 300 ألف نسمة".
وأضاف أنَّ "ذلك يجعل استهداف سكان تلك المناطق بهذه الصورة الواسعة جداً غير مبرر، ولا يأخذ في اعتباره (مبدأ التناسب) بين الميزة العسكرية المرجوة والتدمير الذي سيلحق بالمدنيين وأملاكهم".
ورأى الأورومتوسطي أنَّ "إسرائيل تتعمد استهداف منازل المدنيين منذ بدء الحرب على غزة بصورة واسعة جدًا"، مشيراً إلى أنَّ "عدد المنازل التي تم تدميرها خلال الخمسة أيام الماضية بلغ 1244 منزلاً، منها 176 منزلاً دُمرت بشكل كلي، إضافة إلى استهداف 19 مسجدًا، 3 منها دمرت بشكل كلي، و6 عيادات طبية، و33 مدرسة".
وتابع المرصد الحقوقي الدولي أنَّ "المادة 25 من لائحة لاهاي، المتعلقة بقوانين وأعراف الحرب البرية، قرّرت (حظر مهاجمة أو قصف المدن والقرى والمساكن والمباني غير المحمية)، كما نصّت المادة 53 من اتفاق جنيف الرابع على أنه (يحظر على دولة الاحتلال أن تدمر أيّ ممتلكات خاصة إلا إذا كانت العمليات الحربية تقتضي حتمًا هذا التدمير)".
ونوّه المرصد إلى أنّ "إسرائيل تقول إن قيامها باستهداف منازل المدنيين يعود إلى أن هناك مقاتلين يستخدمون، أو يمكن أن يستخدموا، تلك المنازل، للقيام بإطلاق الصواريخ بالقرب منها، أو لتخزين الذخيرة، وهو ما يجعل من تدميرها (ضرورة عسكرية تقتضيها العمليات الحربية)"، مؤكّدًا أنَّ "أعداد المنازل المدمرة، والمناطق التي تم الطلب من السكان إجلاءها تمهيداً لقصفها، غير دقيق، كما لم يثبت حتى الآن أنَّ أياً من تلك البيوت التي جرى هدمها استخدم لغايات عسكرية من طرف المقاومين في غزة، أو نجم عنه نتيجة عسكرية ملموسة، الأمر الذي يخالف مبدأ الضرورة".
وبيّن أنَّ "ذلك يتناقض وما نصت عليه المادة 52 في الفقرة الثالثة، من البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقات جنيف، والتي قررت أنه إذا ثار شك بشأن ما إذا كان مكان ما يستخدم عادةً لأغراض مدنية، إنما يستخدم في تقديم مساهمة فعالة للعمل العسكري، فإنه يفترض أنه لا يستخدم كذلك حتى يثبت العكس".
وأبرز المستشار القانوني للمرصد الأورومتوسطي إحسان عادل أنّه "حتى في حال الضرورة العسكرية، التي تدّعيها إسرائيل، يبقى على عاتق دولة الاحتلال أن تمتثل للأحكام الأخرى التي ينص عليها القانون الدولي الإنساني".
وأشار عادل إلى أنَّ "تلك الأحكام تقضي بحظر الإضرار بالممتلكات كوسيلة وقائية، أي في الحالات التي لم يتم التحقق بعد من الخطر، وتمنع تدمير الممتلكات لتحقيق الردع أو بث الذعر في صفوف المدنيين أو الانتقام منهم"، مبيّنًا أنَّ "تدمير الممتلكات يكون غير مشروع إذا لم يكن متناسباً، بالمقارنة ما بين الميزة العسكرية التي يحققها والضرر الذي يمكن أن يحصل، حسب موقف اللجنة الدولية للصليب الأحمر".
ورأى عادل أنَّ "استخدام إسرائيل لسياسية هدم منازل المدنيين وتدميرها، يشكّل ضربًا من ضروب العقوبة الجماعية للفلسطينيين، الذين يعيشون في قطاع غزة، وهو ما يعد انتهاكًا للقانون الدولي الإنساني، لا سيما المادة 33 من اتفاق جنيف الرابع، الذي ينص على (حظر العقوبات الجماعية، وجميع تدابير التهديد وتدابير الاقتصاص من الأشخاص وممتلكاتهم)".
ودعا المرصد الأورومتوسطي، في ختام بيانه، السلطات الإسرائيلية إلى "التوقف الفوري عن استهداف الأعيان المدنية ومنازل المواطنين الفلسطينيين بالقصف والتدمير، وإلى تجنيب المدنيين ويلات الحرب بقدر الإمكان"، مشدّداً على "ضرورة التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار بين الأطراف، بأسرع وقت ممكن، تنفيذًا للتوصية التي أصدرها مجلس الأمن الدولي أخيرًا".