الأوضاع الأمنيَّة في ليبيا

شهدت مدينتا طرابلس وبنغازي الثلاثاء وحتى فجر الأربعاء، هدوءاً حذراً مع انحسار المعارك نسبياً بسبب انهماك الطرفين في الحشد والتعبئة لجولة عنف مقبلة يتوقع أن تشهد تصعيداً ، في وقت وصف فيه المراقبون هذا الهدوء بالهدوء الذي يسبق العاصفة، فيما تزايد أعداد السفارات العربية والغربية التي تقفل أبوابها في طرابلس وتغادرها على عجل . وقد وصلت قوة من "الثوار الإسلاميين" إلى بنغازي آتية من الغرب، في محاولة لقطع الطريق على تحرك قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر، فيما وصلت قوة من مصراتة إلى مشارف طرابلس، للحيلولة دون استيلاء قوات حفتر على مقار حكومية في العاصمة.
وأصدر عدد من منظمات المجتمع المدني في طرابلس، مناشدات لثوار مصراتة للوقوف على الحياد، وتجنيب المدينة حمام دم، وعدم الاستجابة لقرار رئيس المؤتمر الوطني نوري بوسهمين تكليفهم الانتشار في العاصمة.
وكثفت لجنة وساطة مشاوراتها واجتماعاتها في بنغازي، في محاولة لتفكيك فتيل الأزمة، ولكن حفتر لم يستجب لاقتراحاتها الجلوس إلى طاولة الحوار مع الإسلاميين الذين أبدوا استعدادهم لذلك، كما قال عضو في اللجنة المكونة من حكماء وأعيان وناشطين في المجتمع المدني.
في المقابل فشل المؤتمر الوطني العام (البرلمان) في ليبيا أمس في عقد جلسة سرية دعا إليها ، لمنح الثقة لحكومة رئيس الوزراء المكلف أحمد معيتيق الذي يشكك خصوم المؤتمر في شرعية انتخابه ويطالبون باستمرار الحكومة الموقتة برئاسة عبد الله الثني في تصريف الأعمال. ودعت مفوضية الانتخابات ليل أمس إلى انتخاب برلمان جديد في 25 حزيران/ يونيو المقبل.
أتى ذلك في وقت انضمت شخصيات سياسية إلى مبادرة أعلنتها حكومة الثني، تقضي بتجميد عمل المؤتمر إلى حين إجراء انتخابات جديدة، ونقل صلاحياته إلى الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور، وذلك في محاولة لحل الأزمة الناجمة عن التجاذبات حول شرعية المجلس وقراراته، وآخرها استدعاء ثوار مصراتة المحسوبين على التيار الإسلامي للانتشار في العاصمة طرابلس وقطع الطريق على ما اعتبروه محاولة انقلابية يقوم بها العقيد المتقاعد في الجيش خليفة حفتر.
وفي تطور يعيد خلط أوراق اللعبة السياسية، اكتسب تحرك حفتر المناهض للإسلاميين زخماً امس، مع انضمام تشكيلات عسكرية من مناطق مختلفة إليه، إضافة إلى إعلان قبائل عدة مهمة، في مقدمها قبيلة ترهونة الواسعة الانتشار، تأييدها لـ"حملة الكرامة" التي أطلقها حفتر من بنغازي الأسبوع الماضي، وامتدت تداعياتها إلى طرابلس بتحرك ميليشيات الزنتان وتشكيلات مسلحة عدة لنصرة هذه الحملة التي تستهدف الميليشيات الإسلامية والمتشددة المتهمة بـ "الإرهاب".
وسط ذلك دعت مصر إلى إنهاء الانقسام على الساحة الليبية وحقن الدماء، فيما طالب الحلف الأطلسي كل الأطراف في ليبيا بالامتناع عن العنف والالتزام بالحوار. وأعربت الناطقة باسم الخارجية الأميركية جنيفر بساكي عن قلق بلادها إزاء أعمال العنف في ليبيا، مشيرة إلى أن الوضع على الأرض هناك يمكن أن يتغيّر بسرعة وسنواصل تقييمه، علماً بأن السفيرة الأميركية لدى ليبيا ديبورا جونز كانت غادرت البلاد قبل أيام في إجازة.
وقالت وزارة الخارجية الاميركية مساء أمس إن الولايات المتحدة لم يكن لديها اتصال مع حفتر قبل تحركه العسكري، في نفي لوقوفها وراءه. وأضافت انها لا تؤيد كما أنها لا تتغاضى عما يحصل على الأرض في ليبيا.