مسقط - عمان اليوم
أسدل الستار مساء أمس على فعاليات الدورة الـ27 لمعرض مسقط الدولي للكتاب بعد عشرة أيام احتفى فيها المبدعون بنتاجهم الأدبي كل في مجاله، بحضور نوعي للفعاليات الثقافية وبحضور كبير للزوار تصاعد منذ يومه الأول حتى يوم أمس (الختامي) الذي شهد حضورا كثيفا من الزوار بمختلف فئاتهم لينهلوا من المعرفة التي توفرها العناوين الكثيرة التي رافقت دور النشر المشاركة طيلة أيام المعرض.
وفي الحفل الختامي الذي أقيم مساء أمس برعاية سعادة السيد سعيد بن سلطان البوسعيدي وكيل وزارة الثقافة والرياضة والشباب للثقافة أعلن خلاله عن موعد الدورة المقبلة الـ28 المؤمل أن تقام خلال الفترة من 24 فبراير إلى 3 مارس 2024م وستحل محافظة الظاهرة ضيف شرف المعرض، كما تم تتويج المبادرات المكرمة بشهادة الإجادة وهي «مبادرة مجلس إشراقات ثقافية» و«مبادرة مركز الورّاق الثقافية» ومبادرة «الماحة الثقافية»، كما تم تكريم جميع المبادرات المجتمعية الثقافية المجيدة المشاركة إضافة إلى الشركات الداعمة والمؤسسات الإعلامية ومحافظة جنوب الباطنة ضيف شرف الدورة الـ27 للمعرض إضافة إلى تكريم اتحاد الناشرين العرب.
وألقت الشاعرة بدرية بنت محمد البدرية قصيدة في ختام الفعالية، وتم تقديم عرض مرئي يختصر الأحداث والفعاليات المتنوعة التي احتضنتها دورة المعرض المنصرمة، كما ألقى أحمد بن سعود الرواحي مدير معرض مسقط الدولي للكتاب كلمة أكد فيها أن المجتمع عمق ارتباطه بالكتاب، من خلال توافده الدائم ودون انقطاع على المعرض وحضور فعالياته والتجول في ردهاته وأركانه. وقد تمثل هذا التفاعل المجتمعي الخلاق في الارتفاع الملحوظ في نسبة عدد الزوار مقارنة بالعام الماضي. ولدينا هذا العام أرقام موثقة لعدد الزوار من خلال الرصد الإلكتروني الدقيق باستخدام الكاميرات الذكية المخصصة لهذا الشأن. وهذا تطور جديد يستخدم للمرة الأولى في المعرض.
وأضاف «الرواحي»: إن كان من إشارة ينبغي التوقف عندها هنا فهي حضور الكاتب العماني الذي واكب المعرض من خلال وجوده في الفعاليات الثقافية وحفلات التوقيع وعبر إصدارته الحديثة، إذ كان للكتاب العماني هذا العام حضوره اللافت بين العناوين والإصدارات المختلفة.
وقال مدير معرض مسقط الدولي للكتاب في كلمته: شاركَنا هذا العام 32 دولة حول العالم، ممثلة في 826 دار نشر، قدمت 533063 عنوانا، من بينها 22950 كتابا عمانيا، و5900 إصدار جديد. وقد شهد المعرض حراكا ثقافيا كثيفا أسفر عن إقامة أكثر من 300 فعالية منوعة.
سفير الأغنية العراقية
وكانت قد أقيمت جلسة فنية حوارية بعنوان «سعدون جابر.. سفير الأغنية العراقية»، أدارتها المذيعة سها الرقيشية وافتتح الفنان سعدون جابر الجلسة الحوارية بذكريات ربطته بسلطنة عمان منذ سنوات وجسدت حضوره الفني، ومن خلالها تعرف على الجمهور العماني بأعمال فنية متعددة، وتطرق إلى بداياته وانطلاقته نحو الغناء وعلاقته أيضا بالمقام اللامي، واتجه «جابر» في التعريف بهذا المقام وارتباطه به، ثم تحدث عن علاقته بأسرته وما كان عليه وهو صغير، والتحول الذي أحدث تغييرا في حياته وعلاقته، ثم بالفن والموسيقى.
وتطرق الفنان العراقي إلى كيفية استيعاب الفن والتفاعل معه، وإمكان أن يكون جسرا للتقارب والمحبة بين الشعوب، وما يحدثه من ثقافة يتفاعل معها الجمهور، كما عرج إلى بعض النصوص الخالدة في ذاكرته التي أسست مسيرته الفنية.
وأشار الفنان سعدون جابر إلى العوامل التي أثرت في حياته الفنية، خاصة التي أثارت الشجن والحزن في أعماله الفنية، ومنها ظروف اجتماعية ثقافية وسياسية متداخلة، بالإضافة إلى أخرى تتعلق بالطبيعة وظروفها المتضادة.
المسرح والصناعات الأدبية
من جانبها نظمت جامعة السلطان قابوس ممثلة بكلية الآداب والعلوم الاجتماعية ندوة ثقافية بعنوان «أهمية المسرح في الصناعات الأدبية»، شارك فيها الدكتور عبدالكريم جواد أستاذ المسرح والدكتورة كاملة بنت الوليد الهنائية المتخصصة في مسرح الطفل والدكتورة رحيمة بنت مبارك الجابرية مشرفة النشاط المسرحي بجامعة السلطان قابوس، وأدارها الدكتور سعيد بن محمد السيابي، وتناولت جملة من المحاور من بينها أهمية المسرح والأدوار التي يقوم بها في آفاق الصناعات الإبداعية باعتبارها أحد مقومات الاقتصاد المعرفي والابتكار، التي يشكل المسرح جزءا منها وشريكا في تحريك مساراتها والتطور الذي ساهمت به هذه الصناعات في خدمة المجتمع والإنسان من خلال استعراض عدد من النماذج والتجارب العالمية والعربية والمحلية.
وتطرق المشاركون في الندوة إلى المسرح كونه يتشارك ويتداخل مع مجموعة من القطاعات الثقافية والفنية والترفيهية كالدراما التلفزيونية والإذاعية والسينما والموسيقى وقطاعات الأزياء وفنون العمارة والتصميم والديكور والفنون التشكيلية والتصوير الضوئي والفنون الرقمية، بالإضافة إلى قطاعات المعارض والمكتبات والمتاحف والآداب والترجمة والتراث المادي وغير المادي، وألعاب الكمبيوتر والموسيقى، وقطاعات النشر المطبوع والإلكتروني والدعاية والتسويق والإعلان.
وذهب المشاركون إلى ما قامت به وزارة الثقافة والرياضة والشباب من عقد فعالية مختبرات خارطة الصناعات الإبداعية، وكان حضور المسرح في هذا المختبر والنقاشات التي بدأت وما زالت مستمرة تمنح الكثير من الأمل بأهمية قيام صناعات إبداعية في قطاع الدراما المظلة الأكبر والمسرح على وجه الخصوص.
وأوضح المشاركون في الندوة أن المسرح في عمومه يعد أحد الأوجه المهمة للصناعات الإبداعية، حيث يسهم في القطاعات الاقتصادية كقيمة مضافة في الناتج المحلي ويرفد تنوع مصادر الدخل في الدولة، وتوليد الآلاف من الفرص الوظيفية التي تعزز بشكل مباشر استقرار المجتمع مع إمكانية أن يقوم المسرح العربي والعماني بمثل هذه الأدوار.
كما بيّن المشاركون توجّه الكثير من الدول في العقود الأخيرة إلى التسلح بالقوة الناعمة التي أصبحت في أولويات التخطيط الاستراتيجي أكثر من الأسلحة التقليدية، وإمكانية أن تكون صناعة المسرح في هذا السياق، مستعينين بجملة من التساؤلات خاصة فيما يتعلق بأهمية المسرح بشكل عام والمسرح العماني بشكل خاص، وما يحظى به المسرح من دعم من قبل المعنيين به من خلال الجهات المسؤولة عنه.
كما تطرق المشاركون إلى مسرح الطفل وأهميته محليا وعالميا وما يجب العمل عليه لأن يكون ذا مسار نوعي ينهض بقضايا الطفل ويناقش أبجدياتها، بالإضافة إلى المسرح الجامعي وتدريسه في الجامعات لما له من أهمية في الأنشطة الجامعية وتأهيل الكوادر المسرحية أكاديميا.
وناقش المشاركون المأمول من إيجاد أرضيات جاذبة لتوطين الصناعة المسرحية الاحترافية في سلطنة عمان ودول الخليج العربي، من بينها مجال مسرح الطفل والناشئة، مرورا بإمكانية قيام مؤسسات غير الجامعات بهذه الأدوار في الصناعة في المستقبل القريب، وما إذا سيشهد الواقع المسرحي تجارب مسرحية لفرق متفرغة وشركات إنتاج مسرحي طوال العام.
ترميم الوثائق وصيانتها
كما نظمت هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية جلسة حوارية حول دور ترميم الوثائق وصيانتها في تعزيز الهوية الوطنية، «ترميم مخطوطة أحمد بن ماجد أنموذجا» .
وناقشت الجلسة دور الترميم في حفظ الوثيقة كونه إحدى المحطات المهمة التي تمر بها المحفوظات، حيث يتم من خلالها معالجة الوثائق بالطرق المناسبة لإعادتها إلى حالتها الطبيعية التي نشأت فيها أو قريبة منها وذلك بالمعالجة اليدوية والكيميائية، بعد أن تُدرس خصائصها ومكوناتها مثل نوع الورق والمادة المصنوعة منه، ونوع الأحبار المستخدمة، وقابليتها للتحلل. قدمت الجلسة ريم العميرية أخصائية ترميم وثائق بهيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية وأدارها زاهر بن مهنا الإسماعيلي.
ترجمة الكلاسيكيات
كما نظمت وزارة الثقافة والرياضة والشباب جلسة حوارية حول ترجمة الكلاسيكيات العربية إلى الفرنسية لجيل الألفية، شارك فيها الدكتور بيير لارشيه، وهو شاعر ومترجم وبروفيسور اللسانيات العربية في جامعة إكس إن بروفانس بفرنسا، والدكتورة عائشة أسماء فرنان مديرة نشر حبر الشرق. دار الحوار حول الكلاسيكيات عمومًا، وإمكان تقديمها للشباب، بالإضافة إلى التجارب العربية والغربية في هذا المجال، وافتتح بيير لارشيه كلمته بتعريف لكلمة «كلاسيكي» في الفرنسية واللاتينية والعربية، وقال: إنّ الكلاسيكيات العربية ما هي إلا آثار أدبية مضيئة، وأشعار عابرة للزمان والمكان، تحمل قيم جماعة وتجربة إنسان، وما المعلقات إلا شعر قيم تزيد قيمته مع تقدم الزمن وتوالي الأيام.
وأثار «لارشيه» في حديثه تساؤلا مهما وهو: كيف نترجم الكلاسيكيات العربية لجيل الألفية؟ وكيف نصل إليه ونثير اهتمامه بكلاسيكيات بلاده؟ وهو الجيل المهتم بثقافات أخرى خارجية ومهتم بمفاهيم جديدة تُصدّر لها من الخارج.
وأشار كذلك إلى الاستشراق الذي بدأ بحب للمعرفة من أجل المعرفة، بعيدًا عن الدوافع السياسية التي تشكلت لاحقا، كما توسع في الاستشراق الفني الذي اهتم بالأدب العربي.
وفي حديث الدكتورة عائشة أسماء فرنان، أجابت على تساؤل: كيف نسهّل قراءة الكلاسيكيات للجيل الجديد من حيث الفهم وليس القراءة فحسب.
كما عدّدت فرنان الأسباب التي أدت إلى عزوف الجيل الجديد عن الكلاسيكيات الأدبية العربية، وأشارت فرنان بالتفصيل إلى ترجمة البروفيسور بيير لارشيه -الذي يشاركها الحوار- للمعلقات السبع إلى الفرنسية التي صدرت عام 2000م.
قـــد يهمــــــــك أيضــــــاُ :