أنقرة - العرب اليوم
طالبت شركات كبرى تعمل في قطاع النسيج التركي، الذي يعد من أكبر القطاعات التصديرية في البلاد، الحكومة بتأجيل خطط ترمي إلى فرض رسوم وطلب وثائق جديدة على واردات القطاع من الصين وتعديل بعض بنود هذه الخطط.
وكشفت مصادر في 3 من كبرى الشركات عن اجتماع لمسؤولين تنفيذيين بها مع مسؤولين بالحكومة الأسبوع الماضي لمناقشة خطط الحكومة بشأن الرسوم الجديدة، وعن أن ممثلي الشركات أبدوا انزعاجهم من هذه الخطط والمتطلبات الجديدة التي تسعى الحكومة لإلزام الشركات بها.
وقالت المصادر إن ممثلي شركات النسيج طلبوا من الحكومة تأجيل بعض الإجراءات التي ترغب في فرضها وتعديل بعضها الآخر.
وقالت مصادر في وزارة الاقتصاد التركية إن الوزارة أكدت دعمها واردات الإنتاج من الصين، لكن بشرط جلب قيمة مضافة إلى تركيا.
ويشكل قطاع النسيج إحدى الركائز المهمة للاقتصاد التركي، وشكلت الملابس الجاهزة نحو 18 في المائة من صادرات تركيا البالغة 157 مليار دولار العام الماضي. ويعتقد مسؤولو شركات النسيج البارزة في البلاد أن خطة الحكومة تستهدف جزئياً معالجة العجز في الحساب الجاري الآخذ في الاتساع في تركيا، والذي بلغ 47.1 مليار دولار العام الماضي.
واستوردت تركيا ربع وارداتها النسيجية بقيمة 10.1 مليار دولار من الصين في عام 2017، وكان أكثر من نصفها من الأقمشة القطنية والسلع ومستلزمات الإنتاج الوسيطة.
وأعدت وزارة الاقتصاد التركية خطة لزيادة توثيق واردات المنسوجات من الصين، من المنتظر أن تدخل حيز التنفيذ في منتصف يوليو/تموز المقبل، في حين يقول مسؤولو الشركات الكبرى وقادة الأعمال في قطاع النسيج التركي إن المواد المستوردة من الصين بيعت إلى دول أخرى مثل روسيا والولايات المتحدة، مما يعود بالنفع على تركيا.
وتعتزم وزارة الاقتصاد على ضوء اللقاءات مع ممثلي الشركات إما تأجيل خطتها أو مراجعة الإجراءات التي تتضمنها، ومنها الحصول على وثائق حول الشركات الصينية التي تستورد منها الشركات التركية، وهو ما سيزيد التكاليف ويسبب تأخيرا.
وهناك عجز تجاري واضح بين تركيا والصين في قطاع النسيج، حيث تبلغ واردات القطاع من الصين 10 أمثال الصادرات، ويطالب المنتجون بتحقيق بعض التوازن.
ومن المنتظر، بحسب مصادر في قطاع النسيج، أن تؤجل وزارة الاقتصاد الإجراءات التي تتعلق بطلب وثائق إضافية عن الشركات الصينية إلى يناير/كانون الثاني 2019.
وقال مسؤول في شركة كبرى لوسائل الإعلام التركية: "أبلغنا بأننا سنحتاج كثيرا من الوثائق الإضافية للواردات من الصين، لذلك طلبنا عقد الاجتماع مع مسؤولي وزارة الاقتصاد، ولم تطلب منا الوزارة التوقف عن الاستيراد من الصين".
على صعيد آخر، قال وزير الاقتصاد التركي نهاد زيبكجي إنه لا يمكن التقليل من أهمية العلاقة الاقتصادية بين بلاده والولايات المتحدة التي تعد ثاني أكبر مستثمر في بلاده، وإنه "بغض النظر عن الخلافات السياسية المؤقتة أو فرض تعريفة جمركية على واردات الصلب التركي، فإن شراكتنا التجارية وعلاقاتنا التجارية مع الولايات المتحدة عميقة، وتظل أولوية قصوى بالنسبة لنا في تركيا، خصوصا بالنظر إلى طبيعة الرئيس دونالد ترامب ذي العقلية التجارية".
وفي ما يتعلق بالرد التركي على قرار الولايات المتحدة فرض رسوم إضافية على واردات الصلب والألمنيوم من تركيا، قال زيبكجي في مقابلة مع مجلة "فوربس" الأميركية إن بلاده تأخذ هذه القضية على محمل الجد، وإنها أوضحت أنها مستعدة لفرض رسوم على الواردات الأميركية.
وفي سياق آخر، قال زيبكجي إن المؤسسات المالية التركية تمتلك الأدوات والقدرات اللازمة للقضاء على عدم الاستقرار الذي تواجهه الليرة التركية في الوقت الحالي، معربا عن ثقته في استعادة الليرة قيمتها في وقت قريب.
وخسرت الليرة التركية أكثر من 20 في المائة من قيمتها منذ بداية العام الجاري وسط مؤشرات على مخاوف من تعزيز الرئيس رجب طيب إردوغان قبضته على الاقتصاد بعد الانتخابات البرلمانية والرئاسية المبكرة التي ستجرى الأحد المقبل في تركيا.
وأضاف زيبكجي أن التقلبات في سعر الليرة لا تدل على الواقع الاقتصادي في تركيا، حيث بلغ معدل النمو في العام الماضي 7.4 في المائة، كما أن المؤشرات الاقتصادية والمالية الكلية سليمة ومستقرة، علاوة على أن أساسيات الاقتصاد التركي قوية.
وتابع أن "الاقتصاد التركي يتميز بالمرونة الشديدة وينمو عاما بعد عام في أعقاب الركود في الربع الثالث من عام 2016، وهو اتجاه نتوقع بشدة استمراره، خصوصا مع زيادة نفقات الأسر التركية... كما تحسنت سوق العمل وتعززت بدرجة كبيرة الاستثمارات الأجنبية والصادرات".
ووصف زيبكجي برنامج الحوافز الجديد الذي طرحته الحكومة لدعم الاستثمارات بقيمة 33 مليار دولار، بأنه "أحد أكثر حوافز الاستثمار تنافسية في الأسواق الناشئة، وستكون له منافع كبيرة للاقتصاد، كما أنه سيفيد في دعم التوظيف بتوفير 134 ألف وظيفة بشكل غير مباشر و34 ألف وظيفة مباشرة".
وتابع أن "تركيا تحتل حالياً المرتبة الستين في مؤشر (سهولة ممارسة أنشطة الأعمال) التابع للبنك الدولي، ويتمثل هدفنا، من خلال مثل هذا البرنامج، في نقل تركيا إلى المراكز العشرين الأولى خلال العامين المقبلين".