لندن - العرب اليوم
حذر تقرير أصدره "معهد الشؤون الاقتصادية" في لندن رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي من أنه سيتم إلغاء الرحلات الجوية في حال خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست)، ما لم يتم إبرام اتفاق محدد خاص بالطيران مع بروكسل.
وذهب التقرير إلى أنه بالرجوع إلى منظمة التجارة العالمية، فقواعدها لن تمنح بريطانيا حقوق مراقبة حركة النقل الجوي إذا غادرت التكتل الأوروبي دون التوصل إلى اتفاق شامل , وذكر "معهد الشؤون الاقتصادية" وفق ما نقلت صحيفة الـ"إندبندنت" البريطانية، أمس، على موقعها الإلكتروني، أن الانسحاب من سوق الطيران المتحدة في مارس / آذار المقبل من دون إيجاد ترتيبات بديلة سيحرم شركات الطيران الموجودة في بريطانيا من تراخيص التشغيل لديها في الـ27 دولة الأعضاء في الاتحاد الأوروبي.
وتضمن سوق الطيران المتحدة حقوق بريطانيا فيما تسمى "الحريات الجوية" التي تتضمن التحليق فوق الدول دون الاضطرار للهبوط، إلى جانب تسيير رحلات جوية داخلية في بلدان أجنبية , ولفت التقرير أن بريطانيا ستفقد حقوق الملاحة الجوية التي تشمل دولًا من بينها الولايات المتحدة وكندا وسويسرا، مشيرًا أن الحكومة البريطانية ستكون لديها خيارات حتى في حال تنفيذ "بريكست بلا اتفاق"، من بينها الانضمام إلى بلدان أخرى غير عضو في الاتحاد الأوروبي مثل النرويج وآيسلندا بصفتهما عضوين في منطقة الطيران الأوروبية المشتركة، وهو ما يعني اتباع قوانين التكتل الأوروبي والتلاعب بالخطوط الحمراء لـ"بريكست".
وقدم التقرير حلًا آخر في هذا الصدد، يتمثل في إجراء مفاوضات بشأن اتفاق مفصل للتجارة الحرة للطيران، رغم أن هذا قد يعني تضاؤل إمكانية الوصول إلى السوق الأوروبية، كما سيستغرق الأمر وقتًا طويلًا للتوصل إلى اتفاق , وكان وزير المال البريطاني فيليب هاموند قد قال في أكتوبر / تشرين الأول) 2017 إنه يمكن نظريًا أن يترتب على الفشل في التوصل لاتفاق بشأن "بريكست" وقف الحركة الجوية بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي.
وتتزامن تلك المخاوف في قطاع الطيران البريطاني مع إصرار المملكة المتحدة من جهة أخرى على وقف ما يعرف بـ"حرية الحركة لمواطني الاتحاد الأوروبي" في بريطانيا عقب تفعيل الانفصال، وهو الإجراء الذي يكفل لمواطني الاتحاد الدخول والخروج لأراضي المملكة المتحدة دون إجراءات , أعلن الوزير البريطاني المكلف شؤون خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست)، دومينيك راب، أن المملكة المتحدة ستحافظ على موقفها بإنهاء حرية الحركة لمواطني الاتحاد الأوروبي بعد خروج بريطانيا من الاتحاد.
وقال راب في مقابلة مع صحيفة "صنداي تايمز" البريطانية: "لا أعتقد أن حرية الحركة قابلة للاستمرار، والأهم من ذلك أن رئيسة الوزراء قد أوضحت أن حرية الحركة يجب أن تنتهي"، مضيفًا أن الاتفاق مع الاتحاد الأوروبي بشأن حقوق حركة الأشخاص مرتبط باتفاق تجاري يتضمن "مناقشة معقولة بشأن التأشيرات اللازمة لتسهيل التجارة" ,وحين سُئل عن خطاب نشره مستشار الخزانة البريطانية فيليب هاموند، الأسبوع الماضي، يشير أن خروج بريطانيا قد يُقلل من الناتج المحلى الإجمالي لبريطانيا بنسبة تصل إلى 10 في المائة، قال راب إنه حذر دائمًا من أي توقعات "لأن معظمها ثبت خطأه".
وتتواصل نداءات الأصوات المتعالية في بريطانيا وخارجها خلال الفترة الأخيرة، والمطالبة بضرورة التوصل إلى اتفاق جيد بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي قبل الانفصال، محذرة من الانفصال بشكل سيئ على الطرفين , لكن مسؤولين أوروبيين يرون أن المخاطر على بريطانيا ستكون الأسوأ على الإطلاق، وقال رئيس المجلس الأوروبي السابق هيرمان فان رومباي، الأحد ، إن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق، سيؤدي إلى تفكك بريطانيا.
وأضاف رومباي أن التهديد الناجم عن إجراء "بريكست دون اتفاق" هو أسلوب تخويف جديد تستخدمه الحكومة البريطانية، إلا أنه قال إن هذا الأسلوب لن يجدي نفعًا مع الاتحاد الأوروبي، حسبما نقلت صحيفة الـ"غارديان" البريطانية , وحذر رومباي من أن مثل هذه النتيجة ستؤدي إلى وضع ضغوط جديدة بشأن استقلال اسكوتلندا، متوقعًا أن الخروج من التكتل الأوروبي دون اتفاق سيكون له تأثير كبير، ويؤدي إلى إثارة بعض القلق في بعض المناطق.
وأوضح أن مسألة الخروج من التكتل الأوروبي من دون اتفاق لا تعد مجرد مشكلة لبريطانيا أو بروكسل، فهي أيضًا تهديد وجودي لبريطانيا ذاتها , ولفت أن الأمر يمكن أن يؤدي إلى وضع تكون فيه الـ27 دولة الأعضاء في الاتحاد الأوروبي أكثر اتحادًا، بينما تكون المملكة المتحدة أقل اتحادًا، مشيرًا أن المحادثات بشأن "بريكست دون اتفاق" نوع من الخطاب القومي المتشدد الذي ينتمي إلى عصر آخر.
وأضاف رومباي أن "بريكست دون اتفاق" يمكن أن يؤدي إلى إجراء انتخابات أخرى في بريطانيا، موضحًا أنه في حال عدم تأييد مجلس العموم البريطاني لـ"بريكست دون اتفاق"، يرجح بشكل كبير إجراء انتخابات جديدة، مما يترتب عليه الاضطرار إلى تأجيل المادة "50" المعنية بالعملية القانونية لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي؛ إذ لن يكون واضحًا وجود حكومة أو حكومة لديها برنامج.