لندن - العرب اليوم
تستحوذ قضية هدر الأغذية على اهتمام وعمل متصاعد على صعيد عالمي، وأصبح لدى الحكومات والمنظمات الدولية ومؤسسات البحوث والمنتجين والموزعين وتجار التجزئة والمستهلكين، أفكارًا مختلفة في شأن هذه المشكلة، والحلول الممكنة وإحداث القدرة على التغيير، ولاحظت "منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة" "فاو" التي تعقد مؤتمرًا وزاريًا في مقرها في روما حول الأمن الغذائي، أن حكومات الشرق الأدنى وشمال أفريقيا بذلت جهودًا منسّقة للإقرار بمسألة الفاقد والمهدر من الأغذية، والتوعية في شأن الوقاية والتخفيف، والالتزام باتخاذ إجراءات استراتيجية، وتمثّلت خطوة رئيسية في وضع هدف جماعي للحد من الفاقد والمهدر من الأغذية بنسبة 50 في المئة على فترة 10 أعوام، مع دعم منظم لإعداد دراسات واستراتيجية شاملة".
وعلى رغم هذه الأرقام الإيجابية، عانت الدول التي تشهد صراعات من تراجع خطير في حربها على الجوع. وشهدت المنطقة ارتفاع عدد الأشخاص الذين يعانون من سوء التغذية بنسبة 30 في المئة. وتضاعف عدد أولئك الذين يعانون من الجوع، ليصل إلى 33 مليونًا حاليًا.
ووُضع إطار إقليمي للحد من الفاقد من الأغذية في إقليم الشرق الأدنى وشمال أفريقيا، وأقر عام 2014، ويستند إلى السياق الاقتصادي الاجتماعي والمتعلّق بالموارد الطبيعية السائد في الإقليم، ويدعو إلى وضع خطط عمل وطنية تدعم أهدافًا وخطوطًا أساسية.
وقال المدير العام للمنظمة، جوزيه غرازيان دا سيلفا، إن 15 دولة من الدول الـ19 في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التي تراقبها "فاو" حققت الأهداف التي نصت عليها الأهداف الإنمائية للألفية، والتي تمثلت في خفض عدد السكان الذين يعانون من سوء التغذية بمعدل النصف. وحققت الكويت وسلطنة عمان هدف قمة الغذاء العالمية الأكثر طموحًا والذي تمثل في خفض عدد الأشخاص الجياع بمعدل النصف. ويعاني معظم الأشخاص في العراق وجنوب السودان وسورية واليمن، إلى جانب الضفة الغربية وقطاع غزة، من فقر في الأمن الغذائي، بسبب الصراعات.
ففي سورية، بلغ عدد النازحين داخليًا 6.5 مليون شخص، بينما فر أكثر من 4.8 مليون آخرين إلى البلدان المجاورة وغيرها كلاجئين. كما يحتاج نصف السكان الذين لا يزالون في الداخل إلى مساعدات غذائية. ولفت إلى أن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تواجه ارتفاعًا غير مسبوق في ندرة المياه، إذ يصل نصيب الفرد من المياه العذبة إلى 10 في المئة فقط من المعدل العالمي. وأكدت دراسات أن ثُلث مجموع المواد الغذائية التي تنتج للاستهلاك البشري لا تصل أبدًا إلى أطباق الطعام، كما تشير إلى أن أكثر من 40 في المئة من خسائر الأغذية تحدث في البلدان النامية في مراحل ما بعد الحصاد والتجهيز، بينما في البلدان الصناعية تحدث أكثر من 40 في المئة من خسائر الأغذية على مستويات تجارة التجزئة.
وقالت خبيرة الصناعات الغذائية والبنية التحتية في "فاو"، جينفر سمولاك: "من الضروري وضع خطط متسقة للحد من الفاقد والمهدر من الأغذية بما يتماشى مع الاستراتيجيات الوطنــية وخطط تنمية قطاع الزراعة بالتشاور مع جميع المعنيين من الإنتاج إلى الاستهلاك وعبر الاختصاصات المتنوعة كالتغذية والتعليم والصحة والصناعة وما إلى ذلك، كما يجب أن يتضمن ذلك توضيحًا للأدوار والمسؤوليات التي تضطلع بها الجهات الفاعلة المختلفة أي القطاع الخاص والمجتمع المدني والحكومات وفاو والمنظمات الدولية".
وأطلقت الشبكة الإقليمية للشرق الأدنى وشمال أفريقيا، الخاصة بالفاقد والمهدر من الأغذية عام 2015 بهدف توفير منصة متعددة الاختصاصات لتبادل المعارف والمعلومات والممارسات الجيّدة عن الحد من الفاقد والمهدر من الأغذية، كما تهدف أيضًا إلى تعزيز الجهود الوطنية في سبيل خفض الفاقد والمهدر من الأغذية إلى النصف خلال 10 سنوات.