الدوحة _ العرب اليوم
تعاني الخطوط الجوية القطرية من سنة كبيسة، ففي خضم الانقطاع المستمر في العلاقات الدبلوماسية بين قطر ودول الجوار العربي، أصبحت شركة الطيران الوطنية في شبه الجزيرة الخليجية الصغيرة محظورًا عليها الطيران إلى الدول الأربع التي أعلنت المقاطعة، وهي المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، ومملكة البحرين، وجمهورية مصر العربية.
ويعكس الاندلاع المفاجئ في التوترات حالة من الغضب طويل الأمد لدى قادة المنطقة على الدعم القطري للمتطرفين، مثل جماعة الإخوان المسلمين المصرية المحظورة، فضلًا عن علاقة الدوحة القوية نسبيًا مع طهران، رغم التهديدات الإيرانية للمنطقة، ولأن الحدود البرية القطرية الوحيدة هي مع المملكة العربية السعودية، فقد اندفع الآلاف من المواطنين في قطر إلى المتاجر ومراكز التسوق لابتياع ما يلزم من المواد الغذائية تحسبًا للنقص المتوقع إثر الأزمة الراهنة. ولكن هناك حدودًا جوية كذلك، وقطر الآن محاصرة بعد المقاطعة، وحدودها الجوية الثلاث هي مع المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، ومملكة البحرين
.
وحظرت المملكة العربية السعودية تمامًا على الطائرات المسجلة في قطر "أي أسطول الخطوط الجوية القطرية بأكمله" عبور مجالها الجوي، ولقد اتخذت الإمارات العربية المتحدة موقفًا صارمًا من الحظر الجوي يماثل الموقف السعودي المتخذ، وإن لم تصدر إيماءة بحسن النوايا من جانب مملكة البحرين، التي يحيط مجالها الجوي بقطر من الناحية العملية، فإن الشركة القطرية ستضطر إلى وقف رحلات الطيران إليها، والإيماءة هي على النحو التالي: يمكن لكافة الطائرات المسجلة في قطر عبور المجال الجوي البحريني، ولكن عبر طريقين اثنتين محددتين فقط – إحداهما مخصصة للطائرات المقبلة، والأخرى مخصصة للطائرات المغادرة، وهذا الأمر مثل توجيه الحركة المرورية في المدن الرئيسية على طريق سريع واحد فقط، وفيما يلي تصور لما سيبدو عليه الأمر بالنسبة للطائرات المغادرة: قبل نشوب الأزمة، كانت طائرات الخطوط الجوية القطرية تنتقل بانتظام عبر المجال الجوي السعودي، وفي واقع الأمر، كانت نسبة 18 في المائة من رحلات الخطوط الجوية القطرية موجهة إلى الدول العربية الأربع التي أعلنت المقاطعة، وكافة هذه الرحلات معلقة في الوقت الحالي حتى إشعار آخر، وفقا للبيانات الصحافية التي تصدر تباعا.
ووفقًا لوكالة تسنيم الإخبارية الإيرانية، كانت مراقبة الحركة الجوية الإيرانية تتوقع أن يصل عدد رحلات الخطوط الجوية القطرية التي تقطع المجال الجوي الإيراني إلى ما يقرب من 200 رحلة يوميًا – وبعبارة أخرى، أن كافة أو أغلب رحلات الخطوط الجوية القطرية ستعبر المجال الجوي الإيراني، وشركة الخطوط الجوية القطرية هي من الشركات العالمية العملاقة، وهي تملك 197 طائرة، وأغلبها مجهز للقيام بالرحلات الجوية الطويلة إلى أكثر من 150 وجهة من مركزها في العاصمة القطرية الدوحة، وهي من اللاعبين الرئيسيين في تحالف "وان وورلد" للطيران الدولي الذي يضم شركة أميركان إيرلاينز.
وعبرت هذه الطائرات المجال الجوي السعودي مرارًا وتكرارًا بصورة منتظمة قبل اندلاع الأزمة، وكانت كافة الرحلات إلى القارة الأفريقية، وإلى البرازيل، وإلى الأرجنتين تستخدم المجال الجوي السعودي. والكثير من الرحلات القطرية الأخرى استخدمت المجال الجوي الإماراتي الواقع إلى الشرق من دول قطر، في اتجاه قارة آسيا والمحيط الهادي، وحين ننظر إلى خرائط بشأن تعديل مسارات طيران الخطوط الجوية القطرية قبل وبعد الحظر، تظهر في الخرائط الطرق الدائرية التي يجب على الخطوط الجوية القطرية اتخاذها حاليا لتجنب المرور في المجالات الجوية بالدول التي أعلنت المقاطعة.
وتظهر الخريطة الأولى الطيران من الدوحة إلى ساو باولو في البرازيل. وتتوقف الرحلة الآن توقفًا غير محدد سلفًا في أثينا، من أجل التزود بالوقود للرحلة الأطول، على الرغم من أن شركة الخطوط الجوية القطرية لم تستجب لطلبات التعليق على الأمر، ويضيف هذا التحول في المسار مسافة 1088 ميلًا إضافية وساعتين ونصف الساعة من وقت الرحلة، دونما احتساب وقت التوقف على الأرض في أثينا، أما الخريطة الثانية فتقدم مثالًا صارخًا آخر: من الدوحة إلى العاصمة السودانية الخرطوم، ومن المعتاد لهذه الرحلة الجوية أن تستغرق ثلاث ساعات ونصف الساعة، وتطير في طريق مستقيم عبر المملكة العربية السعودية. وفي 6 يونيو /حزيران 2017، اليوم الأول لتطبيق الحظر الجوي، حلقت الطائرة على طول الطريق حول شبه الجزيرة العربية، لتفادي عبور المجال الجوي السعودي والإماراتي، واستغرقت نحو ست ساعات، وزيادة على التأخير قرابة نصف اليوم، فإن رحلة العودة في اليوم التالي قد ألغيت، وكانت المسافة التي قطعتها الطائرة القطرية يوم السادس من يونيو/حزيران تقريبًا ضعف المسافة المقطوعة في اليوم السابق لنفس الوجهة.