امرأة فلسطينية في أم الفهم وإلى جوارها شرطي أثناء زيارة لأحد أعضاء البرلمان الإسرائيلي للمنطقة
القدس المحتلة ـ ناصر الأسعد
يرى المحللون السياسيون أن " الناخب العربي الإسرائيلي في منطقة أم الفحم المعروفة باسم (المثلث الشمالي)، يعيش حالة من اللامبالاة وعدم الاكتراث مع حلول الانتخابات الإسرائيلية المقبلة التي باتت على الأبواب، لاسيما أن هذه المنطقة تضم ما يقرب من 1.5 مليون مواطن من العرب الذين يحملون الجنسية الإسرائيلية"، فيما
قامت مجموعة من الإسرائيليين بالتبرع بأصواتهم على "فيسبوك" لفلسطينيين في الأراضي المحتلة للمشاركة في الانتخابات الإسرائيلية، كوسيلة لتحدي الديمقراطية التقليدية الإسرائيلية خلال الانتخابات المقبلة.
وأكد المحللون السياسيون، أن "هناك سببين وراء هذه اللامبالاة، السبب الأول، وهو معروف في الكثير من الأنظمة الديمقراطية، جاء على لسان المواطن الفلسطيني الإسرائيلي، فايز ناجمي وهو بائع أسماك، عندما قال (لا أحد يستحق صوتي)، وعلل ذلك بقوله (نحن لا نرى أي تقدم أو أي إنجاز، نحن لا نرى السياسيين، إلا أثناء الحملات الانتخابية)، فيما جاء السبب الثاني على لسان نضال جازماوي الذي عاش حياته كلها في إسرائيل، ويدير محلاً للتنظيف الجاف للملابس بالقرب من أم الفحم، عندما قال إنه (سيمتنع عن التصويت، لأنه يشعر مثله مثل البعض في الأقلية الفلسطينية، وأن مواطنته فارغة بلا معني، هذه بلدي، ولكني لن أحصل على حقوقي في هذه الدولة".
وذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، أن "هذه التصريحات التي جاءت على لسان اثنين من المواطنين العرب الإسرائيليين والتي تعلل عدم اكتراثهما بالانتخابات الإسرائيلية، في الوقت الذي تستعد فيه إسرائيل للتوجه إلى صناديق الانتخاب الثلاثاء المقبل، إنما تضع مزيدًا من علامات الاستفهام عن مدى صحة وسلامة الديمقراطية الإسرائيلية". ويؤكد المحللون السياسيون أن "هناك حملة عبر وسائل التواصل الاجتماعي على شبكة الإنترنت تدعو لمقاطعة الانتخابات وسط تنامي حالة الاحباط، بسبب تركيز المرشحين العرب الإسرائيليين على مسألة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وليس على القضايا المحلية، مثل الجريمة والفقر والبطالة"، وتوقع المحللون السياسيون أن "من شأن هذه الحملة أن يؤدي إلى هبوط معدل المشاركة في الانتخابات إلى نسبة تقل عن 50%".
ويعتقد المحللون أن"من شأن ذلك أن يثير قلق عرب إسرائيل واليهود معًا، إذ أن الأقلية العربية التي طال تهميشها، بات ينتابها شعور متزايد بالاغتراب بسبب سياسيات الحكومة اليمينية في إسرائيل، وبسبب اللهجة السائدة في الحملات الانتخابية الحالية، وفي ظل الانتقادات الدولية التي تتهم إسرائيل بالعنصرية في معاملة الفلسطينيين، وانتهاك الأسلوب الديموقراطي".
وقد دعت بعض الصحف الإسرائيلية العرب إلى "المشاركة في التصويت"، كما نشرت صحيفة "هاآرتس" العبرية مقالة باللغة العربية تقول فيها إن "الانتخابات البرلمانية هي قلب أي نضال مدني، وأن اليأس والامتناع عن التصويت، هو أسوأ أعداء الكفاح المدني".
ويقول عضو البرلمان منذ العام 1999، أحمد طيبي إن "حزب القائمة العربية المتحدة انضم إلى اثنين من منافسيه، وهما حداش وبلد في حملات على الفيس بوك تهدف إلى إقناع الناخبين بضرورة المشاركة في الانتخابات". وأضاف طيبي أن "العنصرية والتمييز تُمارس في مناحي الحياة كلها في إسرائيل، وبالتحديد في التعليم وفي البنية التحتية وفي التوظيف، إلا أن العرب الفلسطينيين لا يتساوون مع الإسرائيليين، إلا في يوم واحد، هو يوم الانتخابات، فكل فرد له صوت واحد، سواء كان يهوديًا أو عربيًا، ولهذا فهو يطالب الجميع بالمشاركة في الانتخابات".
وفي الوقت الذي تشهد فيه العقود الأخيرة انخفاض نسبة المشاركة في الانتخابات في أوساط الإسرائيليين العرب، إلا أن الناخبين والمراقبين يقولون إن "النسبة تبدو مرتفعة هذه المرة في ظل عدم وحدة الأحزاب العربية وفي ظل الشارع الإسرائيلي نحو الجناح اليميني، بما يعني أن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، بات مشكلة غير قابلة للحل، وبما يعني المزيد من القوانين التي تجسد العنصرية والتمييز ضد العرب الإسرائيليين".
ويقول أستاذ السياسات العامة في جامعة بن غوريون غوي بن بورات إن "أزمة الثقة في النظام، تدفع بالناخبين إلى عدم المشاركة في الانتخابات".
وقد حظيت المبادرة التي أطلقها جماعة من الشباب النشطاء على "فيسبوك" لمقاطعة الانتخابات ببعض الجاذبية، ومن المنتظر أن يشهد السبت المقبل، مسيرة تطالب بعدم المشاركة. ويقول أحد المنظمين إن "المشاركة في التصويت تتعارض مع طموحاتنا"، وأضاف أننا "في ظل إسرائيل، لن نتمكن من تحقيق طموحاتنا".
ومن المعروف أن أي من الأحزاب العربية لم تشارك يومًا ما في ائتلاف حكومي، على الرغم من انتماء البعض إلى أحزاب صهيونية. ويشكل العرب نسبة 20 % من سكان إسرائيل، ويضم الكنيست 11 عضوًا عربيًا.
وفي الوقت الذي شهدت فيه الانتخابات البلدية العام 2008 نسبة مشاركة وصلت إلى أكثر من 75 %، إلا نسبة المشاركة في انتخابات العام 2009 انخفضت إلى 53%. ومن المنتظر أن تقل النسبة عن ذلك خلال الانتخابات المقبلة.
وتؤكد الصحيفة أنه "لو شارك العرب في الانتخابات بنسبة المشاركة اليهودية نفسها، فإن مقاعدهم يمكن أن تزيد عن 20 مقعدًا داخل الكنيست، وبالتالي يمكن أن يحتلوا ثاني أكبر كتلة في البرلمان".
وفي الوقت الذي يستشهد فيه الزعماء الإسرائيليون بالحضور العربي وحقهم في التصويت كدليل على ديمقراطية النظام في إسرائيل، يرفض أعضاء البرلمان من العرب تعريف إسرائيل بالدولة اليهودية، حيث يشكو هؤلاء من أن "مجتماعتهم تعاني من البطالة وازدحام الفصول الدراسية ونقص الخدمات البلدية، إذ لا توجد منطقة صناعية في أم الفحم، ولا يوجد ممثل للحكومة في هذه المدينة"
وفي استطلاع للرأي قال 31 % ممن يرفضون المشاركة في الانتخابات إن "السبب أنهم لا يعرفون شخصية المرشح، بينما قال 26 % إنهم غير مهتمين بالسياسة، بينما قال 8% إن ضميرهم يحتم عليهم ذلك، أو أن أصواتهم لا يعتد بها".
ويقول عسيل فادوس ويعمل نجارًا إنه "كلما زادت نسبة المشاركة العربية في التصويت، كلما زاد عدد مقاعدهم في الكنيست". وتؤكد امرأة شابة أخرى انها "إذا لم تشارك في التصويت، فإن ذلك يعني دعم الأحزاب المتطرفة". ويقول رجل فلسطيني طاعن في السن إنه "دائمًا ما يصوت للأحزاب العربية، ولكنه سيصوت هذه المرة إلى حزب ميريتس اليساري الذي يدعم السلام مع الفلسطينيين"، وعلل ذلك بقوله إن "العرب هنا في إسرائيل مجرد أرقام ولا نفوذ أو تأثير لهم".
ويؤكد ناديم ناشف أن "إسرائيل تستخدم المواطنين العرب كواجهة لتقول إنها ديمقراطية وهي ليست كذلك"، ولكنه قال إن "العرب في حاجة إلى أن يكون لهم صوت في مواجهة القوانين العنصرية، ولهذا فهو يدعو إلى المشاركة في الانتخابات".
في سياق متصل، قامت مجموعة من الإسرائيليين باستخدام موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" كوسيلة لتحدي الديمقراطية التقليدية الإسرائيلية خلال الانتخابات التي تشهدها إسرائيل خلال الأسبوع المقبل، حيث أطلق هؤلاء مبادرة تحت شعار "نريد ديمقراطية حقيقية"، والتي سمحت لمئات من الإسرائيليين بمنح أصواتهم إلى الفلسطينيين الذين ليس لهم حق الانتخاب، على سبيل الاحتجاج الرمزي على ما يرونه افتقاد للديمقراطية في إسرائيل.
وقال منظمو الحملة على "فيسبوك"، إن "هذه المبادرة عبارة عن عمل من أعمال العصيان المدني ضد الطبيعة الغير ديمقراطية التي تتسم بها الانتخابات الإسرائيلية، وهي انتخابات لحكومة تسيطر على أربعة ملايين فلسطيني محرومين من حق التصويت"، في حين رأى شيميري زاميريت أحد القائمين على هذه الحملة، أنه "يأمل بأن يصل عدد المشاركين والمتضامنين إلى الآلاف يوم الانتخابات، وأن فكرة الحملة جاءت محاكاة لحملة مشابهة جرت في بريطانيا عام 2010، عندما قام بريطانيون بالتبرع بأصواتهم الانتخابية إلى مواطنين في أفغانستان وبنغالاديش وغانا"، مضيفًا أن "السياسة تتجاوز الحدود، بينما الحكومات تقبع في أوطانها"، واصفًا هذه الحملة بأنها "محاولة لخلق شكل جديد من أشكال السياسة".
ومن بين هؤلاء الذين منحوا أصواتهم الرمزية إلى مواطن فلسطيني، الإسرائيلية شوشان (28 عامًا)، التي تعمل في منظمة غير حكومية في تل أبيب، وتقول إنها "قالت على (فيسبوك) أنها مواطنة إسرائيلية وترغب في التبرع بصوتها إلى مواطن فلسطيني يعيش تحت الاحتلال الإسرائيلي، وأن ذلك إنما هو تصرف رمزي"، مضيفة "طالما كان الفلسطينيون لا يشكلون جزءًا من هذه الديمقراطية، فأنا أيضًا لست جزءًا من هذه الديمقراطية"، مشيرة إلى أنها تقوم حاليًا بالتفاوض مع الفلسطيني الذي تبرعت بصوتها له، وهو من مدينة الخليل في الضفة الغربية ويعيش حاليًا في أميركا، وأنه لم يقرر بعد الكيفية التي يريد أن يستخدم بها صوتي الذي وهبته له.
من جانبها، طلبت مدرسة جامعية فلسطينية من غزة واسمها آية بشير، من نظيرتها الإسرائيلية درور ديان، مقاطعة الانتخابات نيابة عنها، مضيفة أنها تطالب بمقاطعة إسرائيل على المستويات كافة، ليس فقط على مستوى الانتخابات، وإنما أيضًا على المستوى الأكاديمي"، في حين وصفت النظام الإسرائيلي بأنه "نظام عنصري".
أما من جهته، قال باسم أرامين وهو فلسطيني من القدس الشرقية، قُتلت ابنته عبير على يد جندي إسرائيلي قبل ستة أعوام، إنه يؤيد هذه المبادرة، وأنه لا يملك التحكم في الحكومة الإسرائيلية التي أرسلت جنودها لقتل ابنتي، كما أنني أعيش تحت الاحتلال، وأن الفلسطينيين لا يملكون حق التصويت أو (الفيتو) داخل مجلس الأمن الدولي أو حتى الاعتراض على الحكومة الإسرائيلية التي تسيطر علينا"، مؤكدًا أنه "لا يوجد ديمقراطية في إسرائيل