بيروت ـ عمان اليوم
كرر البطريرك الراعي في لبنان، خلال عظة يوم الأحد، ما أعلنه في خطاب سابق حين شدد على حياد البلاد الإيجابي، لكي ينقي هويته مما شابها من التشويه، ويستعيد "بهاءه"، ولكي يتمكن من أداء رسالته كوطن لحوار الثقافات والأديان.وأكد أن هذا الحياد يمكن لبنان من تجنب النزاعات والحروب إقليميّا ودوليا، ويمكنه من أن يحصن سيادته الداخلية والخارجية بقواه العسكرية الذاتية. كما شدد على المطالبة بعقد مؤتمر دولي خاص بلبنان برعاية الأمم المتحدة، "بسبب عجز الجماعة السياسية عندنا عن اللقاء والتفاهم والحوار وتشخيص المرض الذي شل الدولة بمؤسساتها الدستورية وخزينتها واقتصادها وماليتها، فتفككت أوصالها، ووقع الشعب الضحية جوعا وفقرا وبطالة وقهرا وحرمانا".وأضاف "كان لا بد للمجتمع اللبناني الراقي والمستنير من أن يشخص هو بنفسه أسباب هذا الانهيار وطرق معالجته، بالاستناد إلى ثلاثة ثوابت: وثيقة الوفاق الوطني والدستور وميثاق العيش معا، استعدادًا لهذا المؤتمر".
وكان رأس الكنيسة المارونية في لبنان البطريرك مار بشارة بطرس الراعي، رفع من وتيرة خطابه المطالِبِ بحياد لبنان والتدخل الدولي لإنقاذ البلد، يوم السبت، أمام حشد من اللبنانيين من جميع الطوائف في بكركي، وقال: "إننا نواجه حالة انقلابية في لبنان"، مؤكدا أن "هدف دعوته إلى عقد مؤتمر دولي هو إعلان حياد لبنان". وأضاف "طالبنا بالمؤتمر الدولي لأن كل ما طرحناه رُفض، لتسقط الدولة ويتم الاستيلاء على السلطة، ونحن نواجه محاولة انقلابية على كل ميادين الحياة العامة، على المجتمع وعلى ما يمثّل وطننا من خصوصية حضارية، وعلى وثيقة الوفاق الوطني التي أقرت في اتفاق الطائف".وأضاف الراعي أن "عظمة حركات المقاومة أن تعمل في كنف الدولة، وقال: "لا يوجد جيشان أو جيوش في دولة واحدة ولا شعبان في دولة واحدة"، داعياً اللبنانيين، على وقع هتافات تصف "حزب الله" بالإرهابي وتطالب بخروج إيران من لبنان (إيران برا برا)، إلى عدم السكوت على السلاح غير الشرعي في لبنان.
رد حزب الله
وفي أول تعليق لـ"حزب الله" على كلمة البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، قال النائب حسن فضل الله، إن التدويل يشكل خطرا وجوديا على لبنان.وأضاف فضل الله "كنا نتوقع تصرفا مختلفا حول ما حصل في بكركي"، معتبراً أن هناك "من يتلطى خلف البطريركية المارونية" في لبنان.وشدد فضل الله على أن "حزب الله يرى بأن التدويل يشكل خطرا وجوديا على لبنان" متسائلا: "ماذا فعل التدويل في سورية وليبيا والعراق؟"، مضيفاً أن "من يريد التمسك باتفاق الطائف يجب ألا يدعو الدول إلى لبنان لحل الأزمة، بل يجب أن تبدأ المعالجة من الداخل".
ويرى الصحافي والمحلل السياسي، سعد كيوان، أن البطريرك الراعي استند في كلمته إلى ثوابت لبنان واتفاق الطائف الذي صار في صلب الدستور اللبناني، وطلب المساعدة الدولية لثبيت الكيان، لأن اتفاق الطائف هو القاسم المشترك بين كل اللبنانيين.ويضيف كيوان أن هذا الموقف "أحرج الأطراف الأخرى لأنه ليس موقفاً مسيحياً فقط بل هو موقف جامع، ويفسر ذلك الحضور الكثيف إلى بكركي من كل المناطق والطوائف، ولبنان جزء من المجتمع الدولي، وهو في أزمة سياسية واقتصادية والفقر يدق الأبواب، وهذا الموقف أحرج التيار الوطني الحر ووضع الاتفاق الثنائي بين التيار العوني وحزب الله في موقع حرج، لأن الغطاء المسيحي الذي أعطي لحزب الله لم ينفع، وكان لافتاً في كلمة البطريرك عدم ذكر رئيس الجمهورية فهو لم يسمه، وهذا تعبير عن عدم الرضا عن موقف الرئيس وقد أحرج رئيس الجمهورية ".
أما رد حزب الله قيقول كيوان، إنه كان ضعيفا إذ " كيف تكون المطالبة بالحياد ومساعدة لبنان تدويلاً بينما يقبل حزب الله بالتدويل عندما يكون في مصلحته في عدوان 2006 مثلا، أوليس تدخل إيران ووصايتها على حزب الله وأتباعه وولاية الفقيه تدويلاً وفرض وصاية؟". ويقول الصحافي والمحلل السياسي بشارة خير الله "موقف البطريرك حرك ضمير اللبنانيين، ووضع اليد على مكامن الخلل وأعاد توجيه البوصلة نحو الطريق الصحيح، وهو استمرارية لما قال إنه اتفاق الحوار في بعبدا، وتحييد لبنان عن صراع المحاور، وهو ليس تدويلاً حتى، بل هو "لبننة" الاستحقاقات، وبكركي استنفدت كل الأساليب فرفعت الصوت عالياً طلباً لتحصين اتفاق الطائف الذي وصلنا إليه بعد أن كلفنا الكثير من الدماء". ويضيف: "أما موقف حزب الله فهو هروب إلى الأمام وضعف في الحجة، والبديل الذي يقدمه حزب الله هو ما شهدناه خلال السنوات الماضية من الفلتان الأمني والحدود السائبة والتهريب والكبتاغون، واستفراد حزب الله بقرار الحرب والسلم".ويختم خيرالله تعليقه بالقول إن "كلمة البطريرك هي محاولة لإنزال حزب الله من شجرة الهروب إلى الأمام".
وعن دور البطريرك الراعي ورد حزب الله، قال الصحفي أسعد بشارة "دور البطريركية المارونية أساسي في لبنان، فقد أسهمت في تأسيس دولة لبنان الكبير والاستقلال عن فرنسا، ثم في الاستقلال الثاني عن نظام الوصاية السورية، وهذه المسؤولية التاريخية تصطدم مع منظومة حزب الله التي تصادر قرار لبنان لمصلحة إيران، ولذلك دقت بكركي ناقوس الخطر خوفاً على لبنان من التفكك والزوال بفعل ازدواجية السلاح كما قال البطريرك".ويختم بشارة رأيه بالقول "لبنان بلد مختطف، وحزب الله يرى أن بكركي مرجعية كبيرة ووازنة وقادرة على حمل طموحات اللبنانيين، ولذلك يحاول تخوينها ويهول من أمر الدعوة إلى مؤتمر دولي بجعلها مرادفا للحرب الأهلية، أما الكلام عن إحداث الفوضى فمعناه أن حزب الله هو من سيحدث الفوضى الأمنية في حال حدوثها".
قد يهمك ايضا:
حلم لبنان في دخول نادي الدول النفطية لن يتحقق قبل ثلاثين عاما