لندن ـ سليم كرم   أكد تقرير لمنظمة "أنقذوا الأطفال" البريطانية، الثلاثاء، أن "جهود المساعدات الدولية للتخفيف من آثار الأزمة السورية لم تتمكن سوى من جمع نصف المال الذي نحتاج إليه لمساعدة نحو 366 ألف لاجئ"، فيما لفت إلى أن "التبرعات التي تم جمعها تنخفض بنحو 200 مليون دولار عن المطلوب". وقال المدير التنفيذي لـ"أنقذوا الأطفال" في المملكة المتحدة جوستن فورسيث:"يحتاج المجتمع الدولي أن يقارن بين مخاوفه الدبلوماسية والأمنية، والتمويل الذي يقدمه لمساعدة الأطفال، فإذا لم تحدث زيادة في التمويل، سوف يقضي آلاف الأطفال شتاء مريرًا بدون ملاجئ مناسبة لحمايتهم من البرد، وسوف يصاب العديد منهم بالأمراض إثر ذلك".
ويعيش العديد من النازحين السوريين في ملاجئ مصنوعة من أجولة البطاطس.. يتناولون الخضروات المتعفنة، والسؤال"كيف يستطيع الأطفال البقاء في ظل اقتراب الشتاء؟"، وقد استبدلت أم كريم وأولادها منزلهم المريح في حمص بملجأ مصنوع من أجولة البطاطس في بقعة موحلة في الأرض اللبنانية.. ملابس أولادها متسخة، خدودهم متشققة وجافة بسبب التعرض للطقس البارد، وأقدامهم متجمدة في الصنادل المفتوحة التي يرتدونها.
هذه ليست الحالة الوحيدة، فأم كريم وأولادها، واحدة من عدة آلاف الأسر السورية، القابعة في الملاجئ تحت وطأة البرد والجوع في هذا الشتاء، والتي تقول وكالات المساعدات الدولية أنها غير قادرة على مساعدتها.
وفي لبنان، حيث لا توجد أي معسكرات رسمية، تبحث العائلات عن أي ملجأ تستطيع العثور عليه، فبعضهم احتل بعض المنازل التي لم يكتمل بناؤها، أو المدارس المهجورة، فيما ينام البعض الآخر تحت أسقف واهية مصنوعة من أقفاص الدجاج.
وزارت صحفية "دايلي تيليغراف"، البريطانية الاثنين، إحدى معسكرات اللاجئين في وادي البقاع، حيث تستأجر نحو 150 أسرة سورية مساحات من الأرض، يمكن بناء منازل عليها بأي نوع من المواد المتوافرة محليا. ومعظم هذه العائلات تأتي من حي بابا عمرو في حمص، وهو الحي الذي انهار تحت وطأة القصف المستمر خلال الاقتتال بين قوات المعارضة السورية وقوات الحكومة في شباط/فبراير الماضي.
وفي البداية انتقلت تلك العائلات إلى منازل مريحة، ولكنهم لم يتمكنوا من الاستمرار في دفع الإيجارات، حيث لم يتمكنوا من الحصول على فرصة عمل، فتقول السيدة أم كريم(43)عامًا:"لقد انهار منزلنا في حمص، ولم يبق لنا شيء هناك.. نحن هنا منذ عام تقريبًا، ونحن نقترض الطعام من متجر قريب، ونسدد له كلما تمكنَّا من الحصول على القليل من المال، ولكننا غارقون في الديون، حتى أننا نضطر أحيانا لأن نأكل الخضروات التي تخرج من الحقول القريبة، والتي كانت أسوأ من أن يتمكن الفلاحون من بيعها".
وأضافت وهي تجلس داخل ملجأها، والضوء يتسلل من الخارج عبر الفجوات في جدرانه، أنها تخشى الشتاء المقبل، وتخاف أن يمرض أطفالها، عندما يهطل المطر أو يسقط الثلج، قائلة أخشى أن يتسلل الوحل إلى الداخل وتغرق الفرشة التي ننام عليها، كما أننا ليس لدينا وقود أو وسائل للتدفئة، ولذلك فإننا نستخدم الأخشاب التي يمكننا العثور عليها، ولكن دخان حرقها يُمرِض الأطفال ويضر رئاتهم، حيث أصبح الأطفال دائمًا مصابون بالأنفلونزا".
ويقول تقرير "أنقذوا الأطفال": هناك مخاوف تتعلق بانتشار الأمراض والعدوى بين الأطفال اللاجئين، حيث إنهم أكثر عرضة للإصابة خلال الطقس البارد، كما أن الحالة بمثل نفس السوء في البلدان المجاورة، ففي العراق، حيث يقيم 60 ألف لاجئ في منطقة الأنبار غير المستقرة سياسيًا، لا توجد مصارف، ما يعني أن الأمطار تأخذ في طريقها المقتنيات القليلة التي تمكن اللاجئون من اصطحابها معهم. وفي الأردن، الذي يستضيف 200 ألف سوري، ليس مسموحًا للاجئين بالعمل، وبالتالي فهم لا يستطيعون إعالة أنفسهم، ولا يتمكنون من توفير الملابس أو الوقود لحماية عائلاتهم خلال الشتاء".
وفي ظل دخول سورية عاملها الثاني من الحرب، فإن تلك العائلات غير المسموح لها بالعمل والتي كانت من قبل أسرا ميسورة الحال أصبحت أسرا معدمة.
وتعمل منظمة "أنقذوا الأطفال" على الأرض في لبنان والعراق والأردن، حيث تساعد الأطفال الذين فروا إلى البلدان المجاورة على التعافي من التجارب التي مروا بها، والاستعداد للشتاء المقبل. وقد قدمت الوكالة التماسا لجمع 35.9 مليون دولار للمساعدة في تمويل أعمالها في المنطقة.