رئيس حزب "الكتائب" الرئيس السابق أمين الجميل والرئيس العماد ميشال سليمان
بيروت ـ جورج شاهين
أكد رئيس حزب "الكتائب" الرئيس السابق أمين الجميل أنه "بحث مع رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان الهاجس الذي يفترض أنه موجود عند الجميع وهو تداعيات الوضع السوري على لبنان وإمكان حدوث أي تطور على هذا الصعيد" فيما كشف عن ترقب سليمان بحذر شديد الدعوة المؤجلة إلى طاولة الحوار
التي وجه الدعوة إليها للمرة الثانية في السابع من كانون الثاني / يناير من العام 2013 بعد مقاطعة قوى 14 آذار لها، ووضعهم سيلا من الشروط التي يستحيل تحقيقها في الوقت الراهن، أو أنها خاضعة لنقاش لم ينته بعد إلى صيغة توافقية".
وأضاف الجميل أن "رئيس الجمهورية يبحث عن شكل جديد من أشكال الحوار بين اللبنانين، لإمرار المرحلة الخطيرة التي تشهدها المنطقة، لتعبر من دون ردات فعل سلبية على الساحة اللبنانية والحفاظ على الحد الأدنى من الهدوء والاستقرار وسط الإصرار على سياسة النأي بالنفس لحماية لبنان من الأخطار المحدقة من كل صوب".
وقال الجميل إنه "ناقش مع رئيس الجمهورية في اللقاء الذي جمعهما المعطيات التي توقف عندها رئيس الجمهورية"، مثنيًا على "مواقفه"، ومؤكدًا أنه "إلى جانبه في سيل المواقف التي أطلقها ويطلقها من مختلف القضايا اللبنانية والعربية، لأنه يتفهم مواقف رئيس الجمهورية، باعتباره كان من قبل في هذا الموقع، ويدرك حجم المسؤوليات الملقاة على عاتقه والمصاعب التي تواجهه على أكثر من مستوى سياسي وإقليمي ودولي بعد المحلي".
وقال الجميل شعرت أن رئيس الجمهورية متخوف من انقطاع الحوار ومنزعج من عدم تلبية دعوته إلى هذه الطاولة التي جنبت البلاد الكثير من المطبات في مراحل لم تكن تشهد ما نشهده اليوم من مخاطر بالغة تتعدى الخوف من حادث أمني إلى الخوف على الكيان والمستقبل".
وأضاف الجميل "أن رئيس الجمهورية يريد الحوار من أجل مصلحة لبنان واللبنانيين قبل أي هدف آخر، وهو لم يفهم بعد ماهية هذه المقاطعة التي تتعرض لها دعوته".، وقال إنني "أشاركه هذا الهم"، فأنا لا يمكن أن اقتنع بأن هناك من يقاطع دعوة رئيس الجمهورية إلى مثل هذا الحوار أيًا تكن النتائج المترتبة عليه، فلا بد أن يأتي الوقت المناسب، لتثمر هذه الاتصالات كلها، ولنكن جاهزين لاقتناص الفرص متى سنحت بإنجازات قد لا نراها اليوم، لكننا لا ندري متى ستتحقق؟ وكيف ستترجم؟ فللظروف أحكام".
وقال الجميل "ما ذنب رئيس الجمهورية في كل ما حدث، فهو يسهر على سلامة البلاد، وأمن أبنائها ولا يمكننا إلا أن نشاركه المسؤوليات من خلال الحوار، فالتواصل بين اللبنانيين له فوائده الثابتة، ولنكن صريحين ومقتنعين ليس هناك من الملفات المطروحة علينا ما يمكن حله بكبسة زر"
وقال "لقد وضعت إمكاناتي كلها في تصرف رئيس الجمهورية وأبلغته أننا إلى جانبه في الاستمرار بالبحث عن صيغة للحوار بين اللبنانين، فلا تنقطع وسائل التواصل من أجل التفاهم على الكثير من الملفات المطروحة أمامنا، وكنت واضحًا معه منذ البداية وأمام الحلفاء كلهم، وقلت لهم بصراحة "أنا لا يمكنني أن اقاطع أو أرفض دعوة رئيس الجمهورية إلى طاولة حوار أو إلى أي مناسبة أخرى، ولا أرى أن بعض العراقيل التي توضع اليوم أمام رئيس البلاد في محلها، فالبلد يعيش مرحلة استثنائية وصعبة للغاية ونحن نعيش في محيط ملتهب ينعكس من الخارج على الداخل، وكل ما هو مطروح اليوم من أزمات مالية وإدارية واقتصادية، ليست وليدة لحظتها، فهي كانت مدار بحث ونقاش منذ سنوات، ولم تحل إلى اليوم، وسلسلة الرتب والرواتب مثلا هي واحدة منها، وننتظرها منذ عقد ونصف من الزمن، وكان يمكن أن تنفجر هذه القضايا أمام أي كان، وفي أي وقت كان والحلول المؤدية إليها تحتاج إلى تضافر جهود الجميع من أهل الحكم والحكومة ومن أصحاب العمل كل من هو معني بالوضع المعيشي والمالي والاقتصادي في البلاد وأن أي مقاربة أخرى لن تكون ناجحة".
وعن رأيه في ما أنتجته أزمة النازحين السوريين والفلسطينيين إلى لبنان وسبل المواجهة، قال الجميل إنها "قصة معقدة وتزيد خطورتها ونتائجها المتوقعة من هذه المخاطر لتضعها في مصاف الأزمات الوطنية".
وأضاف أن "مشروع إغلاق الحدود مستحيل، لأسباب إنسانية قبل أن تكون أي أمر آخر، وعن أي حدود يتكلمون؟ صرخنا لسنوات ودعونا، وما زلنا ندعو إلى ترسيم الحدود وإغلاق المعابر غير الشرعية، ولم يرد علينا أحد، قبل أن تنقلب الأمور على من كان يرفض هذه الأمور، وبات ينادي اليوم ويشكو من عدم ضبط الحدود".
وتساءل الجميل متعجبًا "عن أي حدود يتكلمون؟ والبلاد فالتة، ولا ندري من يدخل ومن يخرج ومن أين؟ وهل كل من دخلوا لبنان نازحون مهجرون وفقراء؟ وكيف يمكننا أن نميز بين النازح والمجرم واللص، وكل من يتقن فنون الخطف والترهيب؟".
وقال الجميل "علينا أن نقوم بالمستحيل من أجل تنظيم الدخول إلى لبنان ومعرفة أين يقطن هؤلاء النازحون من سوريين وفلسطينيين وعرب وأجانب ومن جنسيات مختلفة، بعدما تحول بعض لبنان ملجًأ آمنًا لهم والتمييز بين من دخلوا لأسباب أمنية وإنسانية ومن قصدوا الترهيب والسرقة والقتل".
واعتبر الجميل أن "ما هو مطروح اليوم يقود إلى أزمة وطنية ما لم نستدرك الأمر من اليوم، وما لم نراقب ونعالج هذه المظاهر المخلة بالأمن قبل أن تنقلب الأمور علينا".
وناشد الجميل "المجتمع الدولي والمنظمات الدولية والأونروا والدول العربية القادرة لمعاونة لبنان في مواجهة هذه الأزمة الناشئة واعتبارها أزمة إنسانية". وأضاف أن "لبنان لا يستطيع أن يتحمل لوحده مثل هذه الأزمات الخطيرة التي ترضخ تحت ثقلها بلادنا التي تعاني ما تعانيه من حجم الدين العام وضعف الموارد المالية والاقتصادية".
وحذر الجميل من "مخاطر الفلتان على الساحة اللبنانية"، معتبرًا أن "مثل هذه المظاهر لا تخدم أحدًا من اللبنانيين، ومن يعتقد أن هذا الحجم من الأزمات يمكن أن يفيده لأسباب مذهبية أو طائفية، سيرى أنها سترتد عليه بشكل كبير وخطير، ولاسيما إذا صدقت التوقعات الدولية والإقليمية التي ترجح أن يصبح عدد النازحين إلى لبنان مطلع الصيف المقبل ما يزيد عن 750 ألفا، ومن سيأويهم ومن يتحمل طلباتهم كافة، ومواجهة موسم شتاء عاصف يحتاجون فيه إلى التدفئة والحماية في الحد الأدنى الذي يضمن لهم حقوقهم الإنسانية والتي يقول بها القانون الدولي وسلسلة المواثيق التي تراعي شؤون النازحين واللاجئين الفارين من بلادهم من بطش نظام ومن آلة عسكرية تفتك بهم وبعائلاتهم وأطفالهم بعدما ارتفع عدد القتلى المدنيين السوريين إلى أكثر من 40 ألفًا عدا العسكريين من الجيش النظامي السوري ومن الجيش السوري الحر والمنتفضين على نظام الأسد في سورية".
ولفت رئيس حزب الكتائب إلى أنه "إذا لم نستوعب بما فيه الكفاية خطورة التطورات المرتقبة في سورية، في ظل وجود البعض الذي يعتقد من هنا أو من هناك أن باستطاعته أن يقطف ثمار تطورات كهذه، فإنها قد تأتي على حساب لبنان ومصالحه، لأن في اعتقادنا أنه من الصعب على أي كان أن يقطف أي ثمار".
وقال الجميل "الوضع في البلد مقلق، لأن أي تطور في سورية، لن يغير بشكل جذري في ميزان القوى اللبناني، طالما أن القوى الأساسية على موقفها وأحوالها وقوتها وحضورها مع امتداداتها الإقليمية سواء بالنسبة إلى حزب الله أم بالنسبة إلى المقلب الآخر. وأعتقد أنه إذا لم يحدث استيعاب لخطورة التغيير في النظام في سورية وتأثيره على الساحة اللبنانية، فإن لبنان يدفع ثمن هذا التغيير، وبالتالي يجب تحصين الساحة الداخلية حيال أي تطور سياسي أو أمني سوري، لا سيما أن التطرف من كل جهة لن يحقق الاستقرار، ولأن عودة التطرف قد تتجاوز كل حدود، ويجب الحذر من أن يضع التطرف الكيان على المحك، لأن البلد منقسم سياسياً وجغرافياً أيضاً، و علينا أن ندرك أننا في مرحلة حرجة بدلاً من أن نتسلى بسياسة المختار وناطور الضيعة".
وردًا على سؤال يتصل بالتهديدات التي يتلقاها فريق من قوى 14 آذار وقيادات مسيحية فقال"لا أعتقد أن أيًا من رؤوس المسؤولين اللبنانيين في مأمن ولا اعتقد أن هنالك شبكة أمان تحمي البلد وطرحنا للحياد الإيجابي لم يتفهمه البعض، ولا يريد أن يفهمه البعض الآخر على الإطلاق، وهنالك أمور خطيرة تجري ونحن نغمض العينين تجاهها ولكن متى نستفيق." ولفت إلى أنه "يعجز عن عدم فهم الجميع لمخاطر التدخل في الشأن السوري ومن لا يتفهم هذه النظرية فهم مخطئون، فاللعبة أخطر من نظام ومعارضة وتضع المنطقة على شفير حرب لن تنتهي بسهولة".
وقال" طرحنا حكومة إنقاذ ويردون بالتفاهات وبالأوصاف التي لا تنطبق على الواقع، ويعتقدون أننا نعيش في النعيم ونحن في اتجاه السقوط المريع ولا يعترفون بالحقائق، لا أولئك الذين يحكمون، ولا الذين يريدون استعادة السلطة، نحن نريد حكومة تحفظ البلد وتوقف مشاريع الانهيار على أكثر من مستوى، وتعزز سياسة النأي بالنفس إلى أن تستقر الأمور، فالترف السياسي غير مسموح، والانتصار للنظام أو المعارضة غير مسموح أيضًا في بلد لن يستطيع تحمل تبعات الأحداث الجارية، لأن أهدافها أكبر من البلدان في المنطقة، ونحن منهم بل أضعفهم وأصغرهم".
واختتم الجميل بالقول"المطلوب أن نستعيد الحس بالمسؤولية الذي أنقذ لبنان في مناسبات تاريخية مثل التي نعيشها اليوم وهي خطيرة، فقادتنا الكبار ومن سبقنا إلى تحمل المسؤولية انتصروا في الماضي على الخلافات الداخلية والغرائز وحكموا العقل، فانتصر لبنان الكيان والوطن ونجونا من مطبات كبيرة، وكلي أمل أن ننتصر مرة أخرى على كل من يريد بلبنان شرًا ومن يريد أن يجرنا إلى المستنقع المتفجر الذي تعيشه سورية إلى وقت لا يمكن لأحد أن يقدره".