القاهرة ـ  العرب اليوم أعلنت القوى المعارضة المنسحبة من "الجمعية التأسيسية"، الثلاثاء، أن الوقت مازال قائمًا لإحداث توافق على مشروع الدستور الجديد، وإجراء التعديلات المقترحة عليه، فيما ادعى المرشح الرئاسي السابق أن هناك ورقًا كان "يوقَّع في أخر الليل من أجل تمرير مواد معينة"، واصفًا ذلك بأنه "طريقة لا تصلح لإدارة الأمور"، فيما قال عضو الجمعية الوطنية للتغيير، الدكتور حسن نافعة "أصبحنا نتعامل في الفترة الحالية بمبدأ القط والفأر، في مناقشة أمورنا"، مؤكدًا أن "مشروع الدستور به عوار حقيقي"، في حين حذرت "الجمعية التأسيسية"، من "تداول نسخ محرفة من مشروع الدستور الجديد"، مؤكدة أنَّ هذه النسخ "ليست التي تم التصويت عليها في الجمعية".
وقال رئيس حزب "المؤتمر الوطني"، المرشح السابق للانتخابات الرئاسية عمرو موسى، خلال مؤتمر صحافي عقدته القوى المنسحبة من التأسيسية، الثلاثاء، في مركز إعداد القادة:" إن الاعتراض لم يعد لخلافات سياسية أو لنصوص خاصة بالشريعة كما يدعون، وإنما للطريقة التي يدار بها الحوار في الجمعية التأسيسية وصياغة النصوص ما جعلها تُعبر عن جماعة وفصيل سياسي بعينه، ورفضًا لمواد متعلقة بنظام الحكم والوضع الاقتصادي والاجتماعي للبلد وحقوق المرأة والطفل والتأمينات الاجتماعية والتنمية الاقتصادية والعلاقة بين السلطات، واللغط الذي دار حول السلطة القضائية وموقف الدستور من الرق".
وأضاف موسى:"كان هناك اتفاق داخل التأسيسية على طرح الدستور للنقاش قبل تقديمه إلى الرئيس مرسي، وتحديد موعد الاستفتاء، والتعليق على المواد سواء بالزيادة أو الحذف"، لافتًا إلى أن "هناك ورقًا كان يوقَّع في أخر الليل من أجل تمرير مواد معينة، وهي طريقة لا تصلح لإدارة الأمور"، قائلاً:" في منهم كثيرون مزورون". في إشارة إلى بعض الإسلاميين داخل الجمعية التأسيسية.
بدوره، قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة، الدكتور حسن نافعة:" هناك 4 شخصيات  أنهوا وضع الدستور بصياغة مواد تعبر عن رأيهم، وهناك مواد لم تضف إلى الدستور إلا في النهاية، ودون أية مناقشة، ما جعله خادمًا لجماعة وفصيل سياسي معين، دون تعبير عن كافة المصريين"، متسائلا "هل سيقبل المصريون هذا؟".
وأضاف نافعة:" إن اللجنة الاستشارية التي أرفقت إلى التأسيسية لم تعلم عن قبولها سوى من الصحافة، ومع ذلك عملت واجتهدت وقدمت اقتراحاتها إلا أنها كانت منبوذة من الجمعية، ولم يوقع على خطاباتها رئيس الجمعية، وإنما الأمين العام، وعندما تم تقديم شكوى بذلك، التفت الغرياني( رئيس الجمعية التأسيسية)، وقال إنه يعلم تمام العلم، أنه عندما يدور النقاش بين الخاصة والمتخصصين حتى لو كانوا من مدارس مختلفة فإنهم يستطيعون أن يصلوا إلى تفاهم بشكل سلس وسريع".
واستطرد نافعة:" أصبحنا نتعامل في الفترة الحالية بمبدأ القط والفأر، في مناقشة أمورنا"، مؤكدًا أن "مشروع الدستور به عوار حقيقي، نظرا لغياب الجانب الإجرائي في كتابته"، مشددًا على أن "مشروع الدستور الذي طرح للاستفتاء نتاج جهد كبير لكل المشاركين في الجمعية التأسيسية، وليس للتيار الذي حسمها في النهاية".
من جانبه، حذر المتحدث السابق باسم الجمعية التأسيسية الدكتور وحيد عبد المجيد، من إهدار حقوق قطاعات عريضة من المجتمع في الدستور، الذي وصفه بأنه سوف يكون "من أسوأ دساتير العالم"، كاشفا أن "هناك بعض المواد في الدستور تبيح عودة السخرة مجددًا".
ودعا الإعلامي حمدي قنديل، الشعب المصري إلى "رفض مشروع الدستور، ليس فقط لأنه يهدد الحريات العامة، ولكن لأنه وُضِع ليلاً في مخالفة صريحة للقانون وبدون رقابة"، مشيرًا إلى أن "كل المواد الخاصة بحريات التعبير والصحافة جاءت مجحفة لحقوق الجماعة الصحافية، وعلى رأسها المادتان 215 و216، بالإضافة إلى أن واضعي المواد يكرهون الصحافيين".
وأكد قنديل، أن مشروع الدستور، "يفتح الباب مرة أخرى أمام قمع الإعلام، من دون مبررات، وأن المادة 48 وضعت انتقامًا من الإعلام، فيما تُعتبر المادة 76 لغمًا في الدستور، وتقيد الحريات العامة للمواطنين"، بينما أشار إلى أن "حرية التعبير أصبحت من حقوق الإنسان الأصيلة التي تكفلها كل المواثيق والمعاهدات الدولية، بينما كانت هناك جلسة استمرت 19 ساعة لم تسمع حتى لمطالب الجماعة الصحافية".
وقال مساعد الرئيس لشؤون التحول الديمقراطي المستقيل سمير مرقص:" هناك خطر كبير بالدستور الصادر عن التأسيسية لوجود كثير من المواد التي تمت إحالتها إلى القوانين، وهذا يمثل أمرًا خطيرًا، لأن التشريع سوف يكون بيد أغلبية هي التي ستقوم بوضع القوانين"، لافتًا إلى أنه "كان لابد من النص على حرية العقيدة دون أدنى شرط أو قيد، وكان لابد كذلك من الاتفاق على ملامح القانون الخاص بالمواد التي تمت إحالتها إلى القانون حتى لا تمثل ثغرات يحققون من خلالها ما يريدون".
من ناحيته، حذر أمين الجمعية التأسيسية للدستور، عمرو دراج من "تداول نسخ محرفة من مشروع الدستور الجديد"، مؤكدًا أنَّ هذه النسخ ليست التي تم التصويت عليها في الجمعية".
وقال دراج، في مؤتمر صحافي، الثلاثاء:"إنَّ هذه النسخ احتوت على مواد مثل عضوية رؤساء الجمهورية السابقين في مجلس الشورى، وهذا غير موجود في المشروع الذي تم التصويت عليه، واحتوت النسخ المحرفة أيضًا على مادة تمنح الحق لرئيس الجمهورية في إبرام المعاهدات، ويحق له فيها التنازل عن أجزاء من أرض مصر، وهذا أمر لا يقبله عاقل وغير موجود بالمرة داخل المشروع".
وأشار دراج، إلى أنَّ "النسخ المحرفة تضمنت تحديداً لسن الزواج بـ 9 سنوات، وهذا أيضًا تضليل"، مؤكدًا أنَّ "النسخ التي خرجت من الجمعية سوف تكون موقعة من المستشار حسام الغريانى، وأنَّ هيئة قصور الثقافة سوف توزع من جانبها نسخا رسمية بثمن رمزي".
ورد دراج، على الانتقادات الموجهة إلى عملية التصويت على مشروع الدستور في 20 ساعة قائلاً:" إن هذا التصويت جاء بناء على مناقشات وجلسات استماع متواصلة وجولات ميدانية لمناقشة هذه المواد، واستغرقت الكثير من المناقشات والدراسة داخل اللجان"، منتقدًا انسحاب القوى السياسية من الجمعية التأسيسية دون مبرر، لافتًا إلى أنهم "توافقوا في اجتماعات كثيرة، إلا أنَّهم لأسباب سياسية انسحبوا من الجمعية التأسيسية".
وقال المتحدث الرسمي باسم الجمعية التأسيسية محمد الصاوي "إنَّه فات الأوان للحديث عن طريقة تشكيل الجمعية، وما دار في داخلها، خاصة أنَّنا أمام منتج ندعو إلى قراءته ودراسته؛ من أجل التصويت عليه، ونحن لا نقول للناس صوتوا بنعم، ولكننا نشرح ما جاء في هذا الدستور من مواد تخدم مصر بكل أطيافها".
وأشار الصاوي، إلى أنَّ "هناك انتقادات ليست جادة، تقول إن المسودة أهملت مجال السياحة في مصر"، معقبًا بالقول:" إنه لا يوجد عاقل في مصر يستطيع أن يجمد السياحةً"، مشيرًا إلى أنَّ المادة 40 من الدستور "تؤكد حماية صناعة السياحة، وتشجع على الاستثمار في هذا المجال"، مشددًا على أن "الدستور لم يهمل صناعات كثيرة في المجتمع، مثل صناعة السينما التي لعبت دورًا مهمًا في الاقتصاد المصري".