رئيس مجلس النواب العراقي أسامة النجيفي
مطالب المتظاهرين، فيما دافعت شبكة الإعلام العراقي عن نفسها واصفة الجلسة التشاورية بأنَّها "ليست خبرًا يستحق التغطية"، وقال مدير الشبكة محمد الشبوط لـ"العرب اليوم": إنه حينما طلب مني بشكل مباشر أن نبث الجلسة التداولية وهي جلسة غير رسمية أنا اعتذرت عن ذلك، لأنَّ ذلك لا يتفق مع سياقات العمل في شبكة الإعلام، وأنا كمدير عام لشبكة الإعلام لا أعتبره انحيازًا وإنَّما أعتبره التزامًا بالضوابط المنصوص عليها في عمل شبكة الإعلام العراقي".
وأضاف: بغض النظر عن أن بقية وسائل الإعلام كان "يسيل لعابها" للإطلاع على مجريات الجلسة التشاورية فإن الضوابط التي تحدث عنها الشبوط لم تمنع قناة العراقية من بث عشرات الأخبار العاجلة عن كتلة ائتلاف دولة القانون التي دعت نوابها إلى مقاطعة جلسة النجيفي.
ويوضح الشبوط هذا الأداء من القناة بالقول "حينما تعقد جلسة فهذا ليس بخبر ولكن حينما لا تعقد فهذا هو الخبر وعندما تحضر الكتل السياسية إلى البرلمان فهذا هو طبيعي وليس خبرًا، وحينما تعلن كتلة أنها انسحبت أو قاطعت فمن الجانب المهني هذا هو الخبر، وتعاملنا مع ما جرى من جانب مهني بحت ونحن إعلاميين محترفين ولسنا هواة ونعرف كيف نتعامل مع الأخبار".
لكن قرار قناة العراقية لم يمنع رئيس مجلس النواب من أن يعد خلالها بإرسال وقائعها عبر أشرطة مسجلة إلى أكثر من عشر قنوات فضائية، مؤكدًا أن قرار العراقية بعدم بث الجلسة جاء بإيعاز من رئيس الحكومة.
وتعرضت قناة "العراقية" ومؤسسات شبكة الإعلام العراقي عامة إلى اتهامات مماثلة طوال الفترة التي أعقبت تأسيسها، والتي كانت تغطيات العراقية فيها تبدو "منحازة" للحكومة، أو الحكومات المتعاقبة التي حرصت على تعيين مقربين منها في المراكز القيادية داخل الشبكة أو مجلس الأمناء الذي يديرها.
ويرى مراقبون ومختصون في الحريات الصحافية، أنَّ ما جرى هو "نتيجة طبيعية" للسيطرة الحكومية على شبكة الإعلام، مما جعل تغطياتها تتأثر بالرغبات الحكومية، وجعلها أيضًا "خصمًا لخصوم الحكومة".
وقال مدير مرصد الحريات الصحافية في العراق زياد العجيلي إن إعلام الدولة العراقية بالتأكيد هو منحاز لأسباب عدة، والسبب الرئيس هو أن جميع من تم تعيينهم في شبكة الإعلام العراقي جاؤوا بقرار حكومي ولم يأتوا بقرار من مجلس النواب أو ما شابه"، مبينًا أن "ذلك يجعلهم يمثلون الشخص الذي عينهم في منصبهم".
وأضاف العجيلي لـ"العرب اليوم" أن "قرار رئاسة البرلمان غير مبرر"، ويوضح أن "هناك انتكاسات وليست نكسة واحدة عندما تغطى الأحداث بهذا الأسلوب وانتكاسة أخرى عندما يقرر رئيس مجلس النواب من يغطي ومن يبقى خارجًا"، مؤكدًا أنَّه "لا توجد مبررات لمنع وسائل الإعلام من التغطية حتى إن كانت منحازة ولا يوجد داعي لشبكة الإعلام أن تكون منحازة لأنها تمثل إعلام دولة".
ويخلص العجيلي إلى القول إن "حقيقة الموضوع الجميع لا يعرف كيف يتعامل مع الإعلام العراقي ولا حتى مع الجمهور العراقي"، ويوضح بالقول "فترى الحكومة من جانب تحاول أن تضغط على وسائل الإعلام للانحياز لها، في حين تهاجم الوسائل التي تنحاز للمعارضة وبالتالي لا الحكومة ولا المعارضة تعرفان الحيادية في تغطية الأزمات والأحداث".
وقد يبدو هذا صحيحًا إلى حد بعيد إذ أن قناة الفضائية العراقية عادة ما تمنح لها الأولوية في جميع المؤتمرات والمناسبات الرسمية والخصوصية في نقل الأخبار والتصريحات على حساب وسائل الإعلام الأخرى، ويستطيع صحافيوها الإطلاع بسهولة نسبية على ما يريدون من مصادر معلومات، وتخصص أوقاتًا كبيرة من البث لتغطية "النجاحات الحكومية"، فيما تتغاضى في الكثير من الأحيان عن الأزمات أو الإخفاقات أو تنقلها بشكل مخفف.
وكان رئيس مجلس النواب العراقي أسامة النجيفي اتهم في (21 /12 /2011 ) قناة "العراقية" شبة الرسمية بقطع أجزاء من جلسة البرلمان لأسباب غير معروفة وتم على إثرها استضافة مسؤولين في الشبكة لغرض التحقق من هذه القضية إلَّا أنها لم تثمر عن أي قرار بتغيير سياسية القناة المعروفة بميولها للحكومة العراقية، كما اتهمت قناة العراقية في شباط/فبراير من العام 2011 والذي شهد تظاهرات ضد الفساد في الحكومة أبان اندلاع الربيع العربي، بالخضوع لإملاءات مسؤولي حزب الدعوة الحاكم وامتنعت على إثرها من تغطية تلك التظاهرات وغض النظر عن العنف الذي استخدمته القوى الأمنية ضد المتظاهرين والصحافيين العراقيين الذي حاولوا تغطيتها.
على الرغم من محاولة الجانب الأميركي عقب سقوط نظام صدام حسين خلق مؤسسات إعلامية تابعة للدولة العراقية شبيهة بمؤسسة BBC (هيئة الإذاعة البريطانية) وإنشاء هيئة تشرف على مراقبة وسائل الإعلام وإعطائها التراخيص للعمل كأساس للحرية الإعلامية في العراق فإن مرور نحو تسع سنوات من التجربة يبدو لم يكن كافيًا لنضج عمل هذه المؤسسات لتصبح كما كان يريد المخططون من إنشائها لخلق تجربة رائدة في منطقة الشرق الأوسط.
لكن منذ تسليم السيادة للعراقيين في نهاية حزيران/يونيو من العام 2004 لم تستطع شبكة الإعلام العراقي وهيئة الاتصالات والإعلام المحافظة على استقلاليتهما كما كانت الحال عليه إبان فترة مجلس الحكم الانتقالي من استقلال إداري في عملها بعيد عن الصراعات السياسية في البلاد.
فشبكة الإعلام بقنواتها وإذاعاتها وصحفها أصبحت بسرعة مقربة لكل رؤساء الوزراء الذين حكموا البلاد خلال السنوات السبع الماضية لتقترب بشيء غير قليل من القنوات العربية الموالية للأنظمة الشمولية حتى وصل الأمر إلى عدم انتقاد رئيس الوزراء لا في التقارير أو من الضيوف أو حتى من المواطنين.
كما أدت بعض الأحداث الكبيرة التي هزت العراق، أكان خلال فترة العنف الطائفي وما بعدها من تفجيرات آب/أغسطس من العام 2009 وغيرها من القضايا كتظاهرات شباط/فبراير 2011 والتي كانت الشبكة تغطيها بوجهة نظر واحدة تجامل الحكومة على حساب الحقائق، إلى تثبيت انطباع لدى منظمات المراقبة الإعلامية المحلية والدولية أيضًا يشكك بصدقية عمل الشبكة وحياديتها.
ويرى المراقبون لعمل الشبكة أن التغييرات التي طرأت على الشبكة منذ العام 2004 كانت سياسية أكثر منها إدارية، وكان أول رئيس لها جلال الماشطة ثم خلفه حبيب الصدر الذي أقيل عقب أحداث صولة الفرسان في 2008 بعد قيام قناة العراقية بتغطية نشاطات التيار الصدري على حساب نشاطات رئيس الحكومة في البصرة، ليخلفه حسن الموسوي.
وجاء تعيين عبد الكريم السوداني والذي أقيل في خريف 2010 لأسباب غير معروفة ليخلفه الإعلامي محمد عبد الجبار الشبوط الذي تولى أكثر من مرة رئاسة تحرير صحيفة الصباح الحكومية، الأمر الذي يؤكد بحسب مراقبين سيطرة رئاسة الوزراء على هذه المؤسسة وعدم قدرة البرلمان على إدارتها على الرغم من ارتباطها به دستوريًا وليشير بشكل شبه واضح إلى صعوبة خلق إعلام مستقل في دول شرق أوسطية يخصص له قرابة 100 مليون دولار سنويًا