تظاهرة لطلاب الإخوان في جامعة الأزهر

بينما يُسدل السّتار على عام يُعد من أصعب الأعوام  التي مرّت على المصريّين، حيث الأحداث السّياسة المتلاحقة بعد ثورة 30 حزيران/يونيو والتي فاقت في سخونتها أحداث ثورة 25 كانون الثاني/يناير، يتزامن مع ذلك انتهاء الفصل الدراسي الأول من العام الجامعي الأصعب على الطلاب،  وإذا كان الجزء الأول من 2013 شهد مشاكل جامعية عادية يمكن حصرها في محاولة أخونة الجامعات، وسيطرة الإخوان على مقاليد الحكم داخل الجامعة بداية من عمادة الكليات وصولا إلى الاتحادات الطلابية، فإن الأربعة أشهر الأخيرة هي عمر الفصل الدراسي الأول  شهدت فيه الجامعات ما لم تشهده من قبل على مدار تاريخها منذ إنشائها، وفي السطور التالية وقبل نهاية العام رصدنا أغرب عشرة ظواهر حدثت في أروقة الجامعات في الأشهر الأخيرة على أمل أن تختفي تلك الظواهر في الأعوام المقبلة .

مقتل طالب داخل الحرم الجامعي
فقدت الجامعات عددا كبيرا من طلابها منذ ثورة يناير في أحداث مختلفة، ووصل العدد بحسب البيان الذي وقعت عليه اتحادات الطلاب في 15 جامعة حكومية، إلى 213 شهيدا، لكن تظل وفاة محمد رضا طالب هندسة القاهرة هي الأبرز، حيث قتل داخل ساحة الحرم الجامعي في سابقة لم تحدث من قبل، وعلى الرغم من أن جامعة القاهرة حملت أجهزة الأمن مسؤولية مقتله إلا أن المفاجأة التي فجرتها تحقيقات النيابة أكدت أن الشرطة لا تمتلك الخرطوش الذي قتل به الطالب، ورغم ذلك فالأيام المقبلة قد تكشف مفاجآت في هذه القضية، خصوصا وأن والدة الطالب تقدّمت منذ أيام بطلب للنائب العام المستشار هشام بركات، لضم عدد من مقاطع الفيديو التي تم تصويرها عن طريق بعض طلاب الجامعة من زوايا مختلفة داخل الحرم الجامعي لكلية الهندسة، توضح عملية قتل نجلها والمتورطين فيها إلى ملف القضية رقم 8272 لسنة 2013 إداري، كما طالبته باستدعاء مصوريها للإدلاء بشهادتهم أمام النيابة العامة.

تعدّي الطّلاب على أساتذتهم بالسّب والقذف والضّرب أحيانا
لم تكن حادثة التعدي على عميدة كلية أصول الدين جامعة الأزهر دكتورة مهجة غالب من قبل طالبات الكلية، والهجوم عليها داخل مكتبها بل ومحاصرة منزلها هي الوحيدة من نوعها، وقد تكون تلك الحادثة أخذت الحيز الأكبر من التغطية الإعلامية نظرا لكونها كانت الأولى، لكن مع الأسف أنها لم تكن الأخيرة، فقد تلتها أحداث التعدي على أستاذة إدارة الأعمال في جامعة الأزهر، د.ليلى شكري، والتي تبلغ من العمر52 عاما حيث قامت مجموعة من الطالبات المنتميات للجماعة بنزع حجابها، والاعتداء عليها بالضرب أمام البوابة الرئيسية لجامعة الأزهر فقط لإعلان رغبتها في الدخول إلى داخل الجامعة، كما قامت طالبات صيدلة الأزهر بالتعدي على معيدة في الكلية وضربنها على رأسها بقطعة حديدية ومزقن ملابسها وأصبنها مما أدى إلى نقلها إلى المستشفى.
واعتدى الطلاب على  د. سعيد مطاوع بالضرب وألقوا به من أعلى سلالم الكلية حينما حاول فتح أبواب الكلية أمام الطلاب الذين يرغبون في تأدية امتحاناتهم، ورغم أن طلاب الإخوان داخل جامعة الأزهر كانوا أصحاب النصيب الأكبر من تلك التجاوزات، إلا أن الأمر تعدى أسوار جامعة الأزهر فقد أصيب الأسبوع الماضي عميد كلية الصيدلة في جامعة الزقازيق بأزمة قلبية داخل مكتبه جراء تعدي طلاب الإخوان عليه.

التعدي على مفتي الجمهورية السابق
مشهد مُخزٍ حدث في إحدى قاعات العلم في أيلول/سبتمبر الماضي لأحد أهم رجالات العلم في مصر، فبينما كان مفتي الديار المصرية السابق الشيخ علي جمعة، يناقش رسالة ماجستير في إحدى القاعات في كلية العلوم جامعة القاهرة، اقتحم أعضاء حركة "طلاب ضد الانقلاب القاعة، ورددوا هتافات مناهضة له، وقذفوه بعدد من العبارات المسيئة في وجود رئيس الجامعة الدكتور جابر نصار ما دفع قوات الأمن لإخراج أعضاء الحركة من القاعة واستطاع الأمن توفير مخرج آمن للمفتي السابق، وإذا كان الاعتداء على تلك القامة العلمية الكبيرة أمر مؤلم، فإن الأكثر ألما هو العقاب الهزيل الذي أقره مجلس التأديب الابتدائي لكلية دار العلوم جامعة القاهرة على الطلاب، حيث عوقب أحد الطلاب بالحرمان من الامتحانات في الفصل الدراسي الأول.
 كما تم فصل ثلاثة طلاب لمدة عام، بينما حرم طالب من القيد للماجستير في كلية دار العلوم أو أي كلية أخرى في جامعة القاهرة، كما تم حفظ التحقيق لانتفاء المخالفة لطالبين آخرين.

 فتيات تحوّلن إلى فتوّات
مشهد الـ14 فتاة الإخوانية داخل قفص الاتهام في الإسكندرية ممن أطلق عليهن حرائر الإسكندرية واللاتي حكم عليهن بإحدى عشر عاما أثار شفقة الكثيرين، فلم يعتد المجتمع العاطفي بطبعه أن يرى فتيات في بداية حياتهن خلف القضبان، كما لم يتصور الغالبية أن باستطاعة هؤلاء الصغيرات عمل هذه التجاوزات،  لكن من المؤكد أن أي تعاطف معهن زال بعدما أعلن فتيات الإخوان عن أنفسهم بقوة داخل الجامعات، فالطالبة الإخوانية تجردت من كل ما يمت للأنوثة بصلة، فرأيناها تارة تشتبك مع قوات الأمن وتحاول استفزازهم بشتى الألفاظ في محاولة لخلق اشتباكات، وتارة أخرى تشتبك مع الصحافيين والإعلاميين وتتهمهم بالكذب والتلفيق رغم أن كل شيء مسجل صوت وصورة، والأدهى محاولاتها لغلق أبواب الكليات بالجنازير لمنع دخول زميلاتها للامتحان كما حدث في جامعة الأزهر، حيث منعت طالبات الإخوان دخول طالبات الدراسات العليا إلى امتحاناتهن في كلية الدراسات الإسلامية، واعتلين سطح الكلية وألقين الحجارة والأخشاب على من تحاول دخول الكلية لتأدية الامتحانات، ما اضطر عميدة الكلية الدكتورة مهجة غالب لاستدعاء الشرطة بعد عجز الأمن الإداري عن مواجهتهم.

الامتحانات ممنوعة بأمر الطلاب
فقد تمنع أسباب صحية أو أزمة مرورية أو أي أسباب قهرية  الطالب عن أداء امتحاناته، لكن آخر ما كان يتوقعه الطالب نفسه أن يكون السبب الحائل بينه وبين أداء الامتحان هو زملاء له قرروا أنه لا امتحانات هذا العام!!، مشهد عبثي تكرر الأسبوع الأخير وقد يتكرر طيلة الأسابيع القليلة المقبلة حتى تنتهى امتحانات الفصل الدراسي، فطلاب وطالبات الإخوان يبذلون الطرق كلها لمنع زملائهم من أداء الامتحانات، فقد أغلقت طالبات الإخوان بجامعة الأزهر كليتي الدراسات الإنسانية والإسلامية ق فرع البنات في القاهرة، اللتين تشهدان امتحانات التخلف، مستخدمات أحماضا سائلة، ومياها مخلوطة بالشطة لرشها في عيون من يعترضهن، بينما قام عدد آخر من الطالبات بالاعتداء على فردي أمن وإصابتهما بكدمات لأنهما أعادا فتح الباب الخلفي لكلية الدراسات الإسلامية بعد أن أغلقته طالبات الإخوان بالجنازير لمنع دخول باقي الطالبات إلى الكلية لتأدية الامتحانات، وحينما اكتشفت طالبات الإخوان الأمر صعدن لقاعات الكلية وحاولن إخراج زميلاتهن، ما باء بالفشل، ودفعهن للهتاف والتشويش بالزمارات على زميلاتهن، كما أقدم عدد من طالبات بجامعة الأزهر من مؤيدي جماعة الإخوان المسلمين، على تمزيق قوائم أرقام الجلوس المعلقة على حوائط عدد من الكليات منها دراسات إنسانية وتجارة، تعبيراً عن رفضهن الاعتراف بالامتحانات،كما أغلق عدد من طلاب الإخوان، باب كلية الهندسة الزراعية في جامعة الأزهر للبنين في القاهرة، بالجنزير لبعض الوقت، وحاولوا دخول الكلية لتعطيل امتحانات تجري بها ما دفع أحد الأساتذة لرش الطلاب بالمياه لدفعهم بعيدا عن الكلية التي تجرى بها امتحانات.

امتحانات خلف القضبان
أنْ يُؤدّي طلاب معتقلون امتحاناتهم أثناء فترة الاعتقال فهذا لا يعد أمرا غريبا، لكن الجديد هذا العام هو ارتفاع عدد هؤلاء الطلاب، فبحسب تقرير طلابي وقعت عليه اتحادات الطلاب في 15 جامعة حكومية عدد الطلاب المعتقلين قد تجاوز حتى الآن  الـ530 طالبًا وطالبة، وجامعة الأزهر لها النصيب الأكبر منهم حيث تجاوز العدد 128 طالبًا، ثم جامعة القاهرة بـ41 طالبًا ثم المنصورة بـ 39 طالبًا.ويليها جامعة الإسكندرية  التي أعلنت أن عدد الطلاب المعتقلين بها هو 34 طالبا سيؤدون امتحانات الفصل الدارسي الأول داخل سجن الحضرة في لجنة امتحان واحدة، وتعد جامعة الإسكندرية هي الجامعة الأولى التي أعلنت عن آليات  أداء الطلاب المعتقلين لامتحاناتهم، فعلى سبيل المثال قررت إدارة كلية العلوم جامعة الإسكندرية أداء الامتحان النظري للطلاب المعتقلين على أن تعلق النتيجة ويؤدي الطلاب الامتحان العملي عقب الخروج من السجن، وتضاف الدارجات تلقائيا بعد أدائه أقرب امتحان منعقد. فيما منحت كلية الهندسة الدرجة الكاملة على الورقة الامتحانية النهائية، حيث عاملت الطلاب بالسجون كالطلاب المقيمين خارج البلاد، ثم عقب ذلك وضع المجلس الأعلى للجامعات آليات امتحان الطلاب المعتقلين في سجون مصر كافة.

لغز الدكتور أسامة إبراهيم
إلقاء القبض على أساتذة وعمداء ينتمون إلى تنظيم الإخوان بتهمة التحريض على العنف داخل الجامعات، خبر تم تداوله كثيرا في الصحف في الآونة الأخيرة، فإقصاؤهم عن المشهد الجامعي ومحاسبتهم إذا ما تم ثبوت التهم عليهم أمر ضروري، وهو ما لا يعنى مطلقا محاسبة البشر بناء على توجهاتهم الفكرية ولكن على ما يرتكبونه من أخطاء وجرائم، ولكن الأمر مختلف بالنسبة لدكتور أسامة إبراهيم، رئيس جامعة الإسكندرية عضو التنظيم الدولي للإخوان وأحد المؤسسين لحزب الحرية والعدالة، والذي حصل  على منصبه بالانتخاب عقب ثورة يناير ولايزال مستمر به حتى الآن، على الرغم من صدور قرار بإدراج اسمه على قوائم الممنوعين من السفر فلازال يحضر الاحتفالات ويفتتح المشروعات باسم الجامعة، ووضع هذا الرجل يمثل لغزا للبعض، فإذا كانت هناك اتهامات تطاله فلماذا يستمر في منصبه ولا يتم محاسبته، وإذا لم يكن فلِمَ الهجوم عليه وإدراج اسمه في قوائم الممنوعين من السفر؟.

حرب تصريحات بين رئيس جامعة ووزير التعليم العالي
كان مقتل الطالب محمد رضا طالب هندسة بمثابة القشة التي قسمت ظهر البعير وحولت الحرب الخفية بين رئيس جامعة القاهرة الدكتور جابر نصار ووزير التعليم العالي الدكتور حسام عيسى إلى حرب كلامية معلنة عبر شاشات الفضائيات، حيث تسرّع الأول في إصدار حكمه باتهام الداخلية بمقتل الطالب، بينما انتقد الأخير هذا التسرع ورأى أنه من غير المناسب أن  يصدر رجل قانون أحكاما متسرعة قبل تحقيقات النيابة، لم يتوقف الأمر عند ذلك فقد تسرع د، جابر مرة أخرى عندما أعلن من تلقاء نفسه توقف الدراسة في الكليات النظرية داخل جامعة القاهرة، لتأتيه الإجابة سريعة من الدكتور حسام عيسى بأن ذلك الأمر ليس من اختصاص رئيس الجامعة، وأن أمر كذلك بيد المجلس الأعلى للجامعات الذي يتعمد الدكتور جابر نصار عدم حضوره، ووصل الخلاف ذروته عندما تخلف  حسام عيسى عن حضور احتفالية جامعة القاهرة بمناسبة "عيد العلم"، واحتفال الجامعة بالعيد الـ105 لنشأتها التي أقامتها الجامعة، لكن المستشار الإعلامي للوزير أعلن أن سبب تغيب الوزير عن حضور الاحتفالية عدم توجيه دعوة له من قبل رئيس الجامعة د. جابر نصار الذي سبب حالة من الاستياء داخل المجمع الانتخابي في الأيام الأخيرة من جراء تعينه، للدكتور عادل عبد الغفار، مستشاراً إعلامياً له ومتحدثاً رسمياً باسم الجامعة، بعد أن وعد بعدم تعيين مستشارين له،  بالإضافة إلى أن اختياره لشخصية د. عادل عبد الغفار في حد ذاته أثار سخطا أكبر حيث يوصف  الرجل بأنه رجل كل العصور، فقد كان المستشار الإعلامي للدكتور باسم عودة وزير التموين في عهد الرئيس المعزول محمد مرسي، كما كان مستشارا إعلاميا لوزير البيئة  قبل الثورة وحتى نيسان /أبريل 2011، كما عمل كمستشار إعلامي ومتحدث رسمي لوزارة التربية والتعليم، من مايو 2009 حتى يناير 2010، ولم يهدأ من الأمور داخل جامعة القاهرة سوى اعتذار رئيسها لوزير التعليم العالي د. حسام عيسى وقبوله بدخول الشرطة للحرم الجامعي، وحضوره لاجتماعات المجلس الأعلى للجامعات لعد غياب دام سبعة جلسات متتالية.

حلم عودة الحرس الجامعي
لم يكن يعلم أعضاء حركة 9 مارس لاستقلال الجامعات وهم يناضلون خمسة أعوام كاملة من أجل الحصول على حكم قضائي  بأن وجود الشرطة في الحرم الجامعي يعد انتهاكاً للقانون المصري ومبدأ استقلال الجامعة، أن الأيام ستمر ويتحول الانتصار لهزيمة في زمن أصبح فيه الطالب الجامعي يحمل أسلحة ويتعدى على أساتذته وعلى جامعته في ظل عجز تام من قبل الأمن الإداري، وأصبحت مطالبات عودة الحرس الجامعي إلى الجامعة تأتي من الطلبة قبل الأساتذة، ورغم منح أفراد الأمن الإداري الضبطية القضائية قبل بدء الفصل الدراسي بأيام إلا أن ذلك القرار لم يغير في الأمر شيء، فضعف تدريباتهم، وتفاقم الوضع يجعل دائما نهاية اشتباكاتهم مع الطلبة في غير صالحهم، وما حدث في جامعة القاهرة خير شاهد، حيث أصيب أكثر من 80 فرد أمن في الجامعة بإصابات  خطيرة أثناء الاشتباكات مع طلاب الإخوان، من بينهم 5 حالات في حالة حرجة حتى الآن نتيجة حرق الإخوان مقرات الأمن الجامعي، كما اعتدى طالب بجامعة الأزهر على فرد أمن مما أدى إلى كسر قدمه وإصابته بجروح بالغة في الرأس واليد، ونتيجة كل تلك المخاطر التي يلقاها الأمن الإداري في مواجهة لطلاب الإخوان قرّر رئيس جامعة القاهرة زيادة بدل أفراد الأمن الإداري بالجامعة إلى 150% من أساسي الراتب، كما تمّ تفعيل القانون الإداري وتطبيق بند المخاطر بنسبة 40 % دعما للعاملين في الأمن لما يواجهونه من مخاطر.

تمرّد العاملين في الجامعات
عمّال الجامعات المصرية يطالبون بحقوقهم منذ وقت طويل، لكنهم هذا العام عرفوا جيدا كيف تصل أصواتهم، وكيف يصبح لمطالبهم تأثير أكبر، حيث اتحد الجميع تحت مظلة اتحاد العاملين بالجامعات، ووحدوا المطلب وهو إنشاء صندوق دعم العاملين في الجامعات، كما وحّدوا الطريقة مستخدمين الطريقة  الأكثر تأثيرا والتي أزالت رئيسا من قبل من الحكم، حيث بدؤوا في جمع توقيعات لحملة أسموها تيمنا بحملة (تمرد) ، وذلك لسحب الثقة من وزير التعليم العالي الدكتور حسام عيسى لعدم تنفيذه الوعود التي أقرها بشأن إنشاء صندوق دعم العاملين في الجامعات.