لندن ـ سامر شهاب
ألقى نائب مدير الجامعة البروفيسور أندرو هاملتون خطبته السنوية للجامعة، الأسبوع الماضي، تحت عنوان "نحن في حاجة لرفع الرسوم الدراسية إلى 16 ألف جنيه إسترليني"، ومعلوم أن أكسفورد بالفعل معروفة بكونها جامعة للمتميزين والأغنياء، وما الذي نأمل تحقيقه من وراء هذا التصريح سوى أن الجامعة قريبًا ستكون متاحة
فقط للأثرياء الذين يستطيعون تحمل نفقاتها، بحجة أن نظامها التعليمي الذي توفره هو الأفضل على مستوى العالم.
وجامعة أكسفورد لديها عادة سيئة تتمثل في أنها تحب أن تكون ضمن العناوين الرئيسية، ولذلك عندما ألقى نائب مدير الجامعة البروفيسور أندرو هاملتون خطبته السنوية للجامعة، الأسبوع الماضي، لا بد وأنه كان يعرف أن مضمون خطابه سيكون كالقنبلة.
وسرعان ما سنجد ما ورد في خطبته يتصدر صفحات "ذي إندبندنت" ناقلة ما قاله البروفيسور أندرو هاملتون تحت عنوان "نحن في حاجة لرفع الرسوم الدراسية إلى 16 ألف جنيه إسترليني"؛ أما صحيفة "ذا ميل" فستختار عنوانًا يقول "جامعة أكسفورد ترجو رفع الرسوم الدراسية".
وفي رأيي، لا يمكن تبرير ما قاله نائب رئيس الجامعة، فأكسفورد بالفعل معروفة بكونها جامعة للمتميزين والأغنياء، وما الذي نأمل تحقيقه من وراء هذا التصريح سوى أن الجامعة قريبًا ستكون متاحة فقط للأثرياء الذين يستطيعون تحمل نفقاتها.
حتى مجرد اقتراح رفع الرسوم الدراسية إلى 16000 جنيه إسترليني في السنة من شأنه أن يقف حائط صدٍّ أمام أيّ طموح يحلم بالالتحاق بجامعة أكسفورد، وفي حين يمكن للطلاب ذوي المستوى الرغيد التغاضي عن الزيادة في الرسوم الدراسية لأكسفورد ، فإن الطلاب الأقل ثراءً سيفكِّرون بعناية ما إذا كان مكان في أكسفورد حقًا يستحق 48 ألف جنيه إسترليني في دورة تعليمية مدتها ثلاث سنوات.
والحجة المستخدمة لتبرير رفع الرسوم هي أن النظام التعليمي الذي توفره الجامعة لطلابها هو النظام الأفضل على مستوى العالم، ولا يمكن العثور عليه في الجامعات الأخرى، يوضح الأستاذ هاميلتون أن تكلفة التعليم للفرد في أكسفورد هو 16 الف جنيه استرليني، وإذا كان هذا صحيحًا، ومن وجهة نظر اقتصادية بحتة كل طالب يمثل حاليًا خسارة قدرها 7000 جنيه استرليني.
ولكن لا يمكننا النظر في الأمر من هذا المنطلق الاقتصادي البحت، فالطلاب ليسوا معاملات مالية، بل مشاريع، ومشاريع غالبًا ما تدر أرباحًا ومكاسب كبيرة في مراحل لاحقة من حياتهم على أية حال.
وبلا شك، توفر جامعة أكسفورد فرصة تعليمية رائعة لهؤلاء الذين يمكنهم تحقيق الاستفادة القصوى من ذلك، ولكن عندما تحدثت مع بعض الطلاب عن هذه المسألة وجدتهم يستخدمون عبارة "تسويق التعليم"، وهي عبارة أعتقد أنها تلخص الوضع تمامًا، بالنسبة إلى الأستاذ هاميلتون فإن ربطه بين اسم الجامعة واقتراح زيادة الرسوم الدراسية يبدو تصرفًا غير مسؤول تمامًا.
وأما هؤلاء الذين في مراتب عليا في الجامعة فيصرون على أن وصول الطلاب المميزين للجامعة هو أعظم أهمية بالنسبة إليهم، وأن تشجيع طلاب المدارس الحكومية التابعة للدولة هو أحد أهم أولوياتهم، وكوني أحد هؤلاء الطلاب الذين تعلموا في مدارس حكومية، فإنني لم أكن لأفكر في اتمام دراستي في مؤسسة تعليمية تطلب مني رسومًا قدرها 16 الف جنيه استرليني في السنة.
وعلى أي حال، فإن جامعة أكسفورد غنية بشكل كبير – غنية بما يكفي لدفع راتب سنوي قدره 424 ألف جنيه إسترليني لنائب رئيس الجامعة، وهذا المبلغ يغطى قيمة الرسوم الدراسية لحوالي خمسين طالبًا، على المعدل الحالي، ولو أن لي الخيار، فإنني سأفضل بلا شك هؤلاء الطلاب الخمسين على البروفيسور هاملتون.