رام الله ـ وليد أبوسرحان
تحوّلت الجامعات الفلسطينية في الضفة الغربيّة، إلى ساحات خلفيّة للصراع ما بين حركتي "فتح" و"حماس"، في ظل تبادل الاتهامات بالمسؤولية عن استمرار الانقسام الداخليّ، وعدم توافر النوايا الصادقة لتنفيذ اتفاق المُصالحة الوطنيّة.
وشهدت جامعات الضفة الغربية، صراعًا ما بين الطلبة المنتمين إلى حركة "فتح"، والمعروفين باسم
"شبيبة فتح"، وبين طلاب الكتل الإسلامية الجناح الطلابي لحركة "حماس"، حيث باتت الأروقة الجامعية ساحات للصراع بين الطرفين، يصل في بعض الأحيان إلى تبادل اللكمات والاعتداء على الطالبات، وفق الاتهام الذي وجهته "حماس" إلى "شبيبة فتح" في جامعة بير زيت وسط الضفة الغربية، في حين كان رد الأخيرة بأن "حماس" تحاول تكرار تجربة انقلابها على السلطة في غزة في الضفة الغربية.
وأكد مُنسّق "الشبيبة الفتحاوية" في جامعة بيرزيت هيثم أبو رضوان، الأربعاء، أن الكتلة الإسلامية التابعة لـ"حماس"، تسعى إلى إحداث انقلاب ثاني في الضفة الغربية، على غرار ما حدث في غزة، وذلك من خلال افتعال المشاكل في الجامعات الفلسطينية، وأن هناك أوامرًا من قيادات "حماس" في غزة لعناصر الكتلة الإسلامية، بإفتعال فتن داخل الجامعات لإحداث بلبلة في الضفة، من خلال تشويه صورة الشبيبة وقياداتها.
وأشار أبو رضوان، إلى أن عناصر الكتلة الإسلامية في جامعة بيرزيت، قاموا الإثنين، بضرب الطالب عمر البزار بالآلات الحادة والعصي، بالإضافة إلى الاعتداء عليه من قِبل هذه العناصر، مضيفًا أن "كاميرات المراقبة في الجامعة رصدت هذه الاعتداءات من قِبل الكتلة الإسلامية، وسيتم التحقيق من قِبل عمادة شؤون الطلبة، وأن عناصر الكتلة الإسلامية أقدموا على فصل التيار الكهربائيّ أثناء إحياء (أسبوع فلسطين)، الذي ينظمه مجلس الطلبة بقيادة (فتح)".
ودعا مُنسّق الشبيبة، طلبة جامعة بيرزيت، إلى ضبط النفس وعدم الانجرار وراء ما تسوقه "حماس"، بأن الشبيبة اعتدت على طالبات في الجامعة، معتبرًا ذلك "مجرد سعي من (حماس) لإحداث بلبلة، وأن الشبيبة لن تسمح بجرّ الشعب الفلسطينيّ للانقسام مرة أخرى في الضفة الغربية".
وأُصيب ثلاثة طلاب، الإثنين، بجروح نتيجة شجار وقع بين طلاب ينتمون إلى الشبيبة، وآخرين من الكتلة الإسلامية التابعة لـ"حماس"، وذلك وسط روايات مُتضاربة من الطرفين بشأن أسباب الشِجار، وكل منهم لديه روايته، ولكن المحصلة أن الجامعات أصبحت ساحة لتصفية الحسابات ما بين الحركتين.
وأفاد شهود العيان، أن "الشِجار تطوّر إلى عراك بالأيدي وتبادل اللكمات وإلقاء للحجارة، قبل أن يتدخل حرس الجامعة لفضّه وإخلاء الجامعة على خلفية ذلك.
ودان القيادي في حركة "حماس" في الضفة الغربية وصفي قبها، اعتداء عناصر "شبيبة فتح" على طالبات الكتلة الإسلامية في جامعة بيرزيت، خلال معرض عن الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال، معتبرًا أن هذا الاعتداء "تماهي مع الاحتلال وممارساته".
ووصف قبها، في تصريح صحافي، هذه الاعتداءات بـ"السياسة الفتحاوية المُبرمجة، التي تعكس بلطجة مُتأصّلة ومُتجذّرة، وتهدف إلى إفشال نشاطات الكتلة الهادفة، والتي تخدم القضية الفلسطينية والأسرى وجموع الطلبة"، مؤكدًا أن ذلك "يأتي امتدادًا لسلسلة طويلة من الاعتداءات على الكتلة، وأن أعنفها تعود إلى بدايات الثمانينات عندما حوصرت حرائر الشعب الفلسطيني في كافتيريا الجامعة من قبل الشبيبة وقياداتها، التي اشترطت نزع الأغطية عن رؤوسهن حتى يتم السماح لهن بالخروج"، مضيفًا "من المؤسف والمخزي، بل ومن الجريمة، أن يأتي هذا الاعتداء من قبل الشبيبة على أرض الجامعة، الأمر الذي يعكس استهتارًا واستخفافًا بالصروح العلمية الفلسطينية، وأن السباب والشتائم التي رافقت عملية الاعتداء مرفوضة بالمقاييس كلها، وليست من قيم وأخلاق طلبة العلم، وأن الاعتداء في حد ذاته يُشكّل طعنة في جسد الحركة الأسيرة وقضية الأسرى، لأن ما كانت تقوم به الطالبات نشاطًا يُجسّد ويُسلّط الضوء على معاناة الأسرى وقضيتهم".
وطالب القيادي الحمساويّ، إدارة الجامعة، بـ"اتخاذ الإجراءات كافة التي تكفل حرية الرأي والتعبير وأمن وسلامة الطلاب وعدم تكرار مثل هذه الهمجية"، فيما دعا "الشبيبة" الفتحاوية بالاعتذار إلى سكرتيرة اللجنة الفنية في مجلس الطلبة وعضو المؤتمر العام الماجدة زينب الكرمي، والاعتذار أيضًا للكتلة الإسلامية، وإلى جموع الأسرى في سجون الاحتلال، معتبرًا أن "تخريب محتويات المعرض وتمزيق صور الأسرى، قمة الإسفاف والانحطاط الأخلاقيّ والوطنيّ، لأنها تعكس نكرانًا لتضحياتهم، وخذلانًا لقضيتهم، واستخفافًا بمعاناتهم".