أربعة شبان من غزة يصنعون "غواصة" علميّة تصور تحت الماء

تمكنت مجموعة شبان غزيين، في العشرينات من أعمارهم، خلال الأسبوع الماضي، من اختراع "غواصة" علمية للتصوير داخل المياه، وذلك رغم أجواء الحصار المطبق، الذي يلف قطاع غزة، وما نتج عنه من شح في الإمكانات والمواد الأولية للكثير من الصناعات وأوضح الطالب في قسم الهندسة، وأحد القائمين على المشروع، المهندس لؤي الحلبي (20 عامًا)،  أنَّ "هذا المشروع طُلِب منهم في جامعتهم كمشروع عملي، في إحدى المساقات الهندسية، التي سهرنا ليل نهار بغية إنجاحه، رغم مرورنا في مراحل عدم نجاح في بداية العمل، ولكن وصلنا إلى نتيجة حقيقة على أرض الواقع، عبر تجارب قمنا بها داخل المياه، وبالفعل كانت نسبة النجاح كبيرة، ولاقت رضى قسم الهندسة في الجامعة كبير".
وأكّد الحلبي أنَّ "المشروع كان نتيجة تكوين مواد بسيطة جداً، استطعنا من خلالها الخروج بفكرة هندسية، رغم قلة الإمكانات في قطاع غزة، وشح المواد الخام التي نحتاجها بشكل كبير في عملنا، إلا أننا استطعنا أن نخرج بمخرجات عملية على أرض الوقع، وهي الغواصة المائية البسيطة، بحجمها وتجهيزاتها، تحت إشراف البروفوسور زاهر كحيل، الذي كان لهُ دور فعال وبارز في إنجاح هذا المشروع، وتنميته مستقبلياً".
وبيّن الطالب أحمد حسونة أنَّ "فكرة عمل الغواصة تستند على مبدئين اثنين، الأول مبدأ أرخميدس، والثاني الغمر الكلي (bouncy)"، مشيرًا إلى أنَّ "الغواصة تكونت من هيكل بلاستيكي خارجي، من مواسير البيلسا ( نوع من أنواع المواسير تركية الصنع)، مع ثلاثة مواتير من مجففات الشعر، تم عزلها، بحيث لا يصل الماء إليها، فضلاً عن أرضية من الشبك، للحفاظ على اتزان الغواصة، إضافة إلى أسلاك كهربائية ومرابط، وطوافتين اسفنجيتين، مثبتتين بأعلى جسم الغواصة، كفيلتين بتعويم الغواصة، حال قمنا بفصل الكهرباء عن المواتير، التي تعمل على تغريق الغواصة إلى عمق معين، وتقوم بمهامها".
وأضاف حسونة "نأمل بأن يتغير الحال في قطاع غزة إلى الأفضل، ونتخرج من جامعتنا، ونجد سوق العمل مفتوح، لنعمل من أجل بناء الوطن، والرقي به، لاسيما مع التطور التكنولوجي الهائل الذي يشهده العالم، وأن يُصبح لنا دور في الإنتاج والاختراع، ولو بأبسط الإمكانات المُتاحة".
وأشار المخترعون، الذين يدرسون الهندسة المدنية في جامعة فلسطين، غرب مدينة غزة، أنَّ "الفكرة بدأت تتبلور في أذهانهم بعد دراستهم لمساق ذي صلة بموضوع عمل الغواصات في جامعة فلسطين، وبدأت الفكرة تصبح واقعًا عمليًا، عبر البدء في العمل مطلع كانون الأول/ديسمبر الماضي". وأكّد المخترعون الأربعة أنه "جرى استخدام مواد بديلة، ومتاحة في السوق، حيث استخدمت أنابيب من البلاستيك، ومحرك بسيط لإحدى المراوح المنزلية".
وتقوم فكرة عمل الغواصة على خزانين أنبوبيين، أحدهما استخدم كجسم خارجي للغواصة، والآخر مخزن للمعدات، التي تمت زراعتها داخل الغواصة, واستخدم المخترعون الفراغ المتبقي بين الأنبوبين بغية إدخال وإخراج الماء من المكان، وذلك بغرض التحكم في ارتفاع وانخفاض الغواصة داخل الماء. وأوضح المخترعون أنَّ "الكاميرا الداخلية في الغواصة هي كاميرا كمبيوتر، يتم التحكم فيها عبر شبكة سلكية، تتصل بجهاز تحكم خارجي، يتم من خلاله تشغيل الغواصة، وتسييرها بالكامل".
وواجه المخترعون صعوبات كثيرة في تنفيذ اختراعهم، حيث اصطدموا في البداية في مشكلة توفير المواد المناسبة، اللازمة لصناعة الغواصة، لكن الحصار لم يذر شيئًا في غزة من المواد الخام, لكن جرى التغلب على هذه المشكلة عبر استخدام مواد بديلة موجودة في السوق المحلية.
كما عانى الطلاب الأربعة من عدم التبني المادي للفكرة، ما اضطرهم لدفع التكاليف بجهد شخصي, وفي الصعوبات التقنية أيضاً، واجه المخترعون مشكلة تتمثل في عدم إيجاد محرك معزول عن الماء، ما دفعهم إلى عزله عبر استخدام مواد مخصصة للعزل. لكن الأربعة، وبرغم كل الصعوبات، لاقوا دعمًا معنويًا جماً من الأهل والأصدقاء، ولا سيما مدرسهم البروفيسور زاهر كحيل، الذي أعطى توجيهاته ودعمه لهم منذ بدأوا بتطبيق الفكرة. وطالب المخترعون بتبني مشروعهم من طرف الجهات المختصة، كما طالبوا بإعطاء فرصة للشباب الفلسطيني، لكي يبدع في كل المجالات، وذلك عبر توفير أنواع الدعم كافة.