الحرب تترك بصماتها على القطاع التربوي في سورية

أدت الحرب إلى انعكاسات خطيرة جدًا على طلاب المدارس، لم تقتصر على الأزمات السلوكية والتعليمية، وإنما تعدتها لتصل إلى ازدياد حاﻻت التسرب ورفض العودة إلى المدرسة كتعبير عن حالة الغضب.

واعتبرت المدرّسة نهى العلبي، أنّ مصطلحات الطلاب تغيرت فأصبحت  أحاديثهم تتمحور عن أنواع الأسلحة وطرق القتل، وحالات الموت حتى ألعابهم وحركاتهم تحمل الكثير من العنف، مُوضحةً أنّ هذه التصرفات مرتبطة بنشأتهم، أو طريقة تربيتهم، بل هي مجرّد ردود أفعال آنيّة للظروف التي يعيشونها، في هذا الوقت.

وأشار  المرشد النفسي علي إبراهيم إلى  أنّ الحالة العامّة للطلاب، هي عدم استقرار نفسي، وانعكس على أغلب سلوكياتهم، سواء في المدرسة أو خارجها، ﻻفتًا  إلى أنّ الانطوائية ظهرت  لدى بعض الطلاب ممن فقدوا آبائهم بسبب الحرب  حتى فقدوا الأمل في المستقبل، ووصلوا  إلى حالة نفسية سيئة.

وتؤكّد المدرّسة في كلية علم النفس في جامعة دمشق الدكتورة هبة لطفي، وجود حالة مرضية نشأت بين الأطفال نتيجة تراكم العنف الذي يتعرضون له، وشرحت قائلةً "الظروف الصعبة التي خلّفتها الحرب إلى أسرهم من ضيق معيشة وعدم شعور بالأمان، شكّلت حالة تتصف بصعوبة المعافاة، وتسبّبت بخلل المنظومة الاجتماعية بشكل عام.

ويتضح ذلك في سلوك الطلاب مع أقرانهم، وما يصدر عنهم من حالات عدوانية، والسعي إلى الرفض الدائم لكلّ ما هو إيجابي من حولهم، ويصل الأمر أحيانًا إلى عدم الامتثال إلى أوامر المدرسين، وحتى الأهل، وغيرها من السلوكيات غير السويّة،

وترافق التغير في سلوكيات الطلاب مع حالة انخفاض في مستوى التحصيل الدراسي، لم ينج منها إلا قلّة ممّن أصروا على الحفاظ على تفوقهم، وتؤكد الإحصاءات أنّ  النشاط الصفّي إلى أكثر من 70% من الطلاب  أصبح دون مستواهم المعروف سابقًا.

وأبرزت المدرسة نور سقال والتي تعمل في إحدى مدارس دمشق، وفي عدد من مراكز الإيواء، أسباب التأخّر الدراسي عند الطلاب الذين نزح ذووهم من أماكن سكنهم الأصلية، قائلةً أنّ "فترة النزوح، وترتيب الأوضاع في أماكن الإقامة الجديدة جعلا الطالب يتأخر دراسيًا عن أقرانه، وخصوصًا مع وضعه في صفّ أدنى من مستواه العمري، ما شكّل لديه ردّة فعل سلبية تجاه التعلم، ومظاهر عدوانية مع زملائه، تمثلت بتعطيل وقت الجماعة، ووصلت إلى حدّ الضرب، أو السرقة.

وأمّا الطلاب الذين لم يغيّر ذووهم مكان سكنهم، فلم يسلموا من الضغوط التي انعكست على الأهل، وتمثلت بعدم القدرة على تلبية كل متطلبات أبنائهم، المادية والمعنوية، ما أدّى أيضًا إلى التراجع في مستوى التحصيل الدراسي، كما يلجأ بعض الطلاب إلى ترك المدرسة، للتعبير عن الغضب، أو التمرّد نتيجة الظروف التي يعيشونها أو قد يكون التسرّب قرارًا شخصيًا إلى الطالب، أو ذويه، سعيًا للبحث عن عمل لكسب العيش.

وأكد معاون وزير "التربية" الدكتور فرح المطلق، أنّ العملية التربوية ليست في أفضل حالاتها، إلا أنها في حالة جيدة، وخصوصًا في ما يتعلق بمستوى التحصيل الدراسي، والدليل على ذلك، حسب قوله، نتائج امتحانات شهادات التعليم الأساسي والثانوي التي لم تختلف عمّا كانت عليه قبل سنوات الحرب ، سواء بالكمّ أو النوع، عازيًا الفضل في ذلك إلى الجهود المبذولة في القطاع التربوي، على المستويات كافة، ورغبة ذوي الطلاب بمتابعة أبنائهم مسيرة العلم.

وأضاف  أنه بالرغم من خروج حوالي 7 آلاف مدرسة عن الخدمة في الرقة، وحلب، ودير الزور، وإدلب، وريف دمشق، من أصل 22 ألف مدرسة في جميع أنحاء سورية، وخسارة مادية تزيد على 230 مليار ليرة، في القطاع التربوي، وفقدان 403 شهداء من كوادر وزارة "التربية"، و524 طالبًا وطالبة، لا تزال العلمية التربوية والتعليمية مستمرة، ومضبوطة.

وحسب احصائيات  وزارة "التربية" فإنّ نسبة التسرّب لطلاب التعليم الأساسي من الصف الأول الابتدائي حتى التاسع الإعدادي خلال عام 2010 هي 3.4%، وفي عام 2011 هي 3%، وعام 2012 هي 3.19%، وعام 2013 هي 4.12%، وعام 2014 هي 3.23%، ويعود التذبذب بالنسب إلى اختلاف العدد الكلّي للطلاب بين عام وآخر