ناشطات "فيمن"
تونس ـ أزهار الجربوعي
نددت منظمة "فيمن" الأوكرانية للاحتجاج بالصدور العارية، بالحكم الصادر عن القضاء التونسي بسجن 3 من ناشطاتها أربعة أشهر، متوعدة الإسلاميين بـ"جيش من العاريات وبمواصلة تجنيد ناشطاتها لمواجهتهم دفاعًا عن الحرية".
وعبرت المنظمة الأوكرانية عن استيائها من تعامل قادة أوروبا، ولا سيما المستشارة الألمانية أنجيلا
ميركل والرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، مع من وصفتهم بـ"الإرهابيين"، ومواصلة دعمهم سياسيًا واقتصاديًا، فيما أكد المحامي القائم بالحق الشخصي ضد ناشطات "فيمن" أنور الحاج علي، لـ"العرب اليوم"، أن القضاء التونسي سيكون أشد وأكثر حزمًا إذا ما أصرت "فيمن" على تهديداتها، وكررت الواقعة في مناسبات لاحقة، مشددا على أن تونس ليس ولاية فرنسية، وترفض تدخل أي دولة أجنبية في قضائها، مهما كان حجمها.
وقالت "فيمن"، "إن ناشطاتها جوزفين، وبولين، ومارغريت، قد واجهن حكمًا استبداديًا قاسيًا بالسجن لمدة أربعة أشهر في السجن من قبل الإسلاميين التونسيين، عقابًا على احتجاجهم بشكل سلمي لسبب إقدامهن على تعرية صدورهن أمام أحد المحاكم التونسية منذ أسبوع، تضامنًا مع الناشطة التونسية في المنظمة نفسها أمينة السبوعي، المعتقلة بدورها لتهمة التجاهر بما ينافي الحياء، وإن القرار قد كشف الوجه الوحشي للديمقراطية الدينية التي يمارسها النظام الإسلامي في تونس، الذي تجاهل جميع المواثيق الديمقراطية في العالم"، مشيرة إلى أن المنظمة ستتحرك للدفاع عن ناشطاتها ولن تتركههن يتعفن في السجن.
وأبدت المنظمة الأوكرانية قلقها، بشأن مصير ناشطتها التونسية أمينة السبوعي الموقوفة لتهمة تدنيس مقبرة، والعزم على التجاهر بما ينافي الحياء، التي قد تواجه عقوبة الرجم في تونس، متوعدة إسلاميي السلطة في تونس التي يحكمها حزب حركة "النهضة" بـ"جيش من العاريات اللاتي سيواصلن مسيرة الدفاع عن الحرية"، فيما استنكرت "فيمن" تعامل قادة أوروبا ولا سيما الرئيس الفرنسي والمستشارة الألمانية، مع من وصفتهم بـ"الطغاة والإرهابيين" وتقديم الدعم لهم ماديًا وسياسيًا.
وأكد المحامي التونسي أنور أولاد علي، القائم بالحق الشخصي ضد ناشطات "فيمن"، في حديث لـ"العرب اليوم"، أن المحامين الذين ينوبون عدد من الجمعيات التونسية القائمة بالحق الشخصي ضد المنظمة الأوكرانية، يطالبون بإرجاع الملف إلى النيابة العمومية، على اعتبار أن نص الإحالة لا يتماشى مع الجريمة التي كشفت جميع الوقائع والدلائل أنها كانت عملية منظمة ومدبرة حرفية وليست اعتباطية، معتبرًا أن القائمين على القضية لا يسعون إلى التشفي، بقدر ما يريدون بث رسالة إصلاح وتصحيح إلى العالم.
وردًا على موقف وزارة الخارجية الفرنسية التي اعتبرت الحكم "قاسيًا"، مشددة على أن سفاراتها في تونس تتابع القضية، قال المحامي، "تونس ليست ولاية فرنسية، ونحن نرفض تدخل سلطاتنا المحلية في استقلال القضاء، فما بالك بالتدخل الأجنبي؟"، مضيفًا أن "تونس بلد عصي على المستعمرات، ويرفض تدخل أي دولة مهما كان حجمها في سياسته الداخلية أو استقلال قضائه".
وقد أعربت فرنسا عن أسفها بشأن الحكم على ناشطات حركة "فيمن" من بينهم فرنسيتين، بالسجن 4 أشهر مع النفاذ في تونس، وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الفرنسية فيليب لاليو، "كنا نأمل بالرأفة، ولا يمكننا إلا أن نأسف فقط لشدة العقوبة، وأن الفرنسيتين الاثنين قررتا الاستئناف على الحكم، والسفارة الفرنسية لدى تونس تواصل متابعة القضية".
وأعلن المحاميان الفرنسيان باتريك كلوغمان وإيفان تيريل، اللذين وكلتهما منظمة "فيمن"، بأنهما سيستأنفان الحكم القضائي، حيث قال كلوغمان، "أركان الجريمة في هذه القضية غير متوافرة، والحكم القضائي كان قاسيًا، ويمثل انتهاكًا لحرية التعبير".
وكانت ألمانيتان وفرنسية من ناشطات منظمة "فيمن" قد أقدمن على تعرية صدورهنّ أمام مقر إقامة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، احتجاجًا على الزيارة الرسمية التي يؤديها رئيس الحكومة التونسية علي العريض إلى ألمانيا منذ أسبوع، وذلك للمطالبة بإطلاق سراح الناشطات الثلاث المعتقلات في تونس، حيث طالبت المحتجات بتدخل ميركل من أجل إطلاق سراح زميلاتهن المحتجزات في تونس لسبب تعرية صدورهنّ أمام قصر العدالة بالإضافة إلى الناشطة التونسية أمينة.
يُذكر أن الأمن التونسي قد اعتقل أول ناشطة تونسية في منظمة "فيمن" والمدعوة "أمينة تايلر"، في 19 أيار/مايو في مدينة القيروان، بعدما كتبت عبارة "فيمن" على جدار مقبرة قريبة من جامع عقبة ابن نافع (أول جامع في شمال أفريقيا)، وصادرت لديها عبوة غاز مشل للحركة.
وقد تعرضت أمينة، التي تحولت إلى القيروان لحضور ملتقي تيار "أنصار الشريعة" السلفي الجهادي رغم التهديدات التي وصلتها بالقتل، إلى محاولات طرد واعتداء من قبل المواطنين ،الذين اعتبروا ما أقدمت عليه "حركة استفزازية وتحديًا لمشاعرهم الدينية"، في حين أصدرت محكمة القيروان في 29 أيار/مايو الماضي، حكمًا بتغريم أمينة 300 دينار (200 دولار)، من أجل حيازة عبوة غاز مشل للحركة من دون ترخيص قانوني، وقررت الإبقاء عليها رهن الاعتقال، بعدما وُجهت لها تهمًا جديدة تتعلق بـ"تكوين وفاق من أجل الاعتداء على الأملاك والأشخاص" و"التجاهر بما ينافي الحياء"، قد تتجاوز عقوبتها 10 سنوات سجنًا، حسب القانون الجنائي التونسي.