مسيرة احتجاجية لمصريات ضد استخدام الجيش للقوة المفرطة ضد المتظاهرات
لندن ـ ماريا طبراني
قالت الناشطة المصرية وأستاذة الأدب الإنكليزي في جامعة الإسكندرية، أميرة نويرا إن جماعة الإخوان المسلمين أصدرت خلال الأسبوع الماضي بيانا شديد اللهجة ترفض فيه مسودة إعلان الأمم المتحدة الذي يدعو إلى إنهاء كافة أشكال العنف ضد المرأة بحجة أن الإعلان يتنافى مع الخصوصية الثقافية لمصر، وأنه
سوف يؤدي إلى تفكك وتفسخ المجتمع حال إقراره، وتشير إلى أن بيان الجماعة أثار غضب العديد من المصريين وبخاصة المرأة.
وتساءلت نويرا في مقال لها في صحيفة "غارديان" البريطانية عن السبب الذي دعا جماعة الإخوان إلى إصدار هذا البيان التصعيدي السافر في مثل هذا التوقيت الذي وصفته بأنه حرج، مشيرًا إلى أن الرئيس مرسي يواجه حاليا معارضة ضخمة في الداخل كما يواجه انتقادات دولية ، وفي ضوء ذلك فإن جماعة الإخوان بهذا البيان إنما تخاطر بتعريض نفسها لمزيد من الغضب في الداخل وصرف القوى الدولية الكبرى التي تدعمهم.
وترجح الناشطة أن السبب في ذلك ربما كان الدافع وراءه هو إرسال رسالة تهديد للمراة المصرية، وتقول إن الحكومة المصرية على مدى الشهور السبعة الماضية ، فعلت كل ما بوسعها لإخراج المرأة من المعادلة السياسية، حيث إن مشاركتها النشطة في المظاهرات الاحتجاجية باتت تمثل مشكلة حقيقية لنظام الرئيس مرسي ، كما أن البيان على مايبدو جاء نتيجة ضغوط المرأة المتصاعدة ومعارضتها الصريحة وأن الهدف منه هو التأكيد على هيمنة الإخوان المسلمين وسطوتهم.
وتعتقد الكاتبة أن ما جاء بين السطور في البيان يقول بان النظام الجديد ليس في نيته احترام حقوق المرأة التي كفلتها لها الاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها مصر.
وتشير إلى أن مرسى وقبل انتخابه رئيسًا لمصر حاول تحسين صورته وقدم نفسه كزعيم ديموقراطي وتقدمي يحترم حقوق المرأة ، كما تعهد بتعيين المرأة كواحدة من نوابه كرئيس للبلاد ، ولكن هذا التعهد كغيره من التعهدات لم تتحقق على أرض الواقع ، وبدلا من ذلك يتواصل العنف ضد المرأة تحت أعين الحكومة التي تبدو وكأنها لم ترى شيئا.
وتابعت أن أعمال العنف والتحرش الجنسي الذي يتم بصورة منهجية ضد النساء ليست فقط المتظاهرات منهم وإنما ايضا المرأة العادية في الشارع ، أصبحت تحدث يوميا، وعلى الرغم من ذلك ، ومع تزايد العنف لم تستسلم المرأة وظلت على عنادها وجرأتها.
ويشير المقال إلى أن جماعة الإخوان المسلمين والرئاسة المصرية لم تنظر يوما ما إلى العنف ضد المرأة باعتباره قضية مهمة حتى ولو صدر عنهم تصريحات بغير ذلك،
والدليل على ذلك دعمهم على سبيل المثال لعملية ختان المرأة ، وخلال الفترة القصيرة من عمر البرلمان المصري الذي كانت الجماعة تحظى فيه بالأغلبية حاولت إضفاء الشرعية القانونية على الختان ولولا معارضة المرأة الصريحة لذلك لنجح الإخوان في تمرير التشريع. وعندما سئل مرسي عن رأيه في هذا الموضوع ، لم يدين الختان صراحة وعلنا، مشيرًا إلى أن قرارًا مثل ذلك لابد وأن يترك للشأن العائلي بما يعني أنه لم يبد أي نوع الرحمة تجاه تعرض الفتاة لمثل هذه العملية الوحشية بقطع جزء من جسدها.
وترى الناشطة أن من يقرأ بيان جماعة الإخوان الذي يحمل بشدة على مسودة إعلان الأمم المتحدة بشأن محاولة وقف العنف ضد المرأة ، قد يشعر بأن من كتبه قد استيقظ فجأة من سبات عميق ليجد نفسه في القرن الواحد والعشرين.
ويفهم من البيان مدى رعب الجماعة من فكرة ضرورة بناء الزواج على المشاركة وليس على الوصاية ورعبهم من فكرة عدم ضرورة حصول المرأة على موافقة زوجها قبل السفر أو العمل أو تناول موانع الحمل أو فكرة عدم السماح للزوج بضرب زوجتها أو اغتصابها.
وتعلق الكاتبة على البيان بطرح حجتها المنطقية على الإخوان والتي تقول بأنه من الخطأ إساءة معاملة الكائنات البشرية ، والمرأة كائن بشري ، وعليه فإنه من الخطأ إساءة معاملة المرأة.
وتقول أن هذه الحجة المنطقية لا يمكن أن تسرى إلا إذا كان هناك اتفاق من حيث المبدأ على أن المرأة كائن بشري وهي حقيقة من المحتمل أن يشكك الأخوان المسلمين فيها، لافتة إلى أن تاريخ الإخوان وخطابهم الديني غالبا ما يحط من قدر المرأة وتشير في ذلك إلى تصوير المرأة في صورة الجوهرة المكنونة التي ينبغي حمايتها من السرقة، أو كقطعة من الحلوى التي ينبغي تغليفها حتى لا يتساقط عليها الذباب.
وأشارت الكاتبة في نهاية مقالها إلى أن التاريخ الحديث لا يناسب الإخوان المسلمين وأن المرأة المصرية على مدار ما يزيد عن 100 عام كافحت وناضلت بكل ما أوتيت من قوة من أجل معاملتها ككائن بشري وصيانة كرامتها وأن تحظى بالاحترام الذي تستحقه.