نساء ورجال في مصر يشاركون في مسيرة أمام مسجد السيدة زينب في القاهرة شباط/فبراير الماضي ضد الاعتداءات الجنسية
القاهرة ـ محمد الشناوي
أثار ما حدث للنساء المصريات اللاتي تعرضن للاغتصاب الجماعي والتعذيب والتحرش الجنسي في ميدان التحرير في الـ25 من كانون الثاني/يناير 2013، الأوساط السياسية العالمية، وبدا الجميع في تحليل هذه الظاهرة التي انتشرت بعد ثورة يناير. فيما نشرت "صحيفة الغارديان البريطانية" مقالا للناشطة ماريز تاضروس
التي سبق وأن نشرت كتابًا لها العام الماضي بشأن جماعة الإخوان المسلمين في مصر المعاصرة، وتتساءل ماريز عن أن "ما حدث، هو قيام السلطات المصرية بتجريم الضحايا وتحميلهم مسؤولية ما حدث لهن"، ونتيجة لذلك، فقد قامت أربع من منظمات حقوق الإنسان برفع شكوى رسمية باسم سبع من النساء الضحايا، وهذه المنظمات، هي مركز النديم لإعادة تأهيل ضحايا التعذيب والعنف، ومركز دراسات المرأة الجديدة، ومركز نظرة للدراسات النسائية والمركز المصري لمساعدة النساء قانونيًا.
وقدمت هذه المنظمات الأدلة المتمثلة في تسجيلات فيديو وشهادات الشهود ، وتعتقد هذه المنظمات الموكلة عن النساء السبع أن "العنف الجنسي الذي تعرضن له يتم بصورة ممنهجة، وطالبت بإجراء تحقيقات رسمية للكشف عن هوية مرتكبي هذه الجرائم ومحاكمتهم". وتعتقد هذه المنظمات أن "هذا العنف الجنسي له دوافع سياسية، ويهدف إلى ترويع المرأة، حتى لا تشارك في أي أنشطة لمعارضة الحكومة".
وتقول عالمة النفس في مركز النديم، فرح شاش إنه "وعلى الرغم من أن الاعتداءات الجنسية ذات الدوافع السياسية، كانت تمارس في ظل حكم المجلس العسكري، لكن مثل هذه الحوادث، قد زادت معدلاتها، كما زادت حدة منذ أن تولى الإخوان المسلمين الحكم في مصر، وأن الهدف هو الناشطات وغير الناشطات المشاركات في أماكن المظاهرات". وتقول كاتبة المقال إن "الطبيعة السياسية للكثير من هذه الاعتداءات الجنسية واضحة تمامًا".
ومع ذلك، فإن الكثيرين يفضلون الحديث عن مشكلة التحرش الجنسي بشكل عام، والواقع أن الأمر يستلزم إدانة عامة من المجتمع والحكومة على السواء لنصرة هؤلاء النسوة، إلا أن مسألة الدوافع السياسية التي وراء العنف الجنسي يتحمل مسؤوليتها كما تقول الكاتبة، الإخوان المسلمين، نتيجة استخدامها كإستراتيجية سياسية للتخلص من المعارضة". وقد يقول البعض إن "المعارضة نفسها تستخدم العنف ضد حكومة الإخوان، إلا أن ذلك يعني إغفال الاختلاف بين الحزب الحاكم بكل ما يملكه من أدوات، وبين المعارضة والمواطنين والموارد المتاحة لهم".
وبصرف النظر عن الاعتداء الجنسي ودوافعه، سواء كانت سياسية أو اجتماعية، فإن ثقافة الخوف تهدد باختفاء الصورة المثالية التي ظهرت عليها المرأة المشاركة في الاحتجاجات في ميدان التحرير. وتشير الكاتبة إلى "حوارات أجريت مع نساء في منطقة المرج شمال القاهرة"، وتؤكد أن البعض منهن يرى "ضرورة عدم ذهاب المرأة إلى ميدان التحرير، وأن تتخلى عن تلك المشاركة السياسية مع الرجال، وأن تركز على عملها وعلى عائلتها". بينما يرى البعض الآخر أن "ما حدث ما هو إلى حيلة لإرهاب المرأة وترويعها حتى لا تخرج إلى الشوارع والتراجع عن المشاركة في المظاهرات".
ومع ذلك، فإن المرأة لا تملك دائمًا الخيار في هذا الشأن، إذ تقوم العائلات في الكثير من المناطق في مصر بسحب بناتهن من المدارس والجامعات بسبب تدهور الأوضاع الأمنية في البلاد. ولا يمكن هنا إلقاء اللوم على ثقافة المجتمع، فالرجل هو من يرفض تعليم ابنته، وإنما هو هنا يخشى عليها من التحرش والاعتداء الجنسي. والمشكلة أنه لا يوجد من يتحدث عن خطر الخسارة الوشيكة من فقدان جيل من النساء فرصة التعليم بسبب فشل الحكومة في ضمان الأمن وتوفير بيئة خالية من الاعتداءات الجنسية. والسبب في ذلك سياسة التزام الصمت وعدم الإفراط في انتقاد جماعة الإخوان المسلمين خوفًا مما يسمى بتهمة معاداة الإسلام أو الاستشراق.
ولا يوجد من يستمع إلى حكايات النساء في قنا والفيوم والقاهرة وأماكن أخرى بشأن استيائهن من أئمة المساجد المحلية الذين يشجعون الرجال المصريين على الزواج من النساء السوريات في إطار تعدد الزوجات، تضامنًا مع نساء سورية، وذلك على الرغم من أن تعدد الزواج نادرًا ما يحظى في مصر بتأييد، وإن تم فإنه يتم سرًا. ولكن أئمة المساجد يشجعون بذلك على تدمير العائلات المصرية، لا سيما وأن الكثير من النساء المصريات كما تقول الكاتبة "يعانين في صمت، خوفًا من فكرة قيام الزوج بالزواج عليها".
وتشير الكاتبة إلى أن "الكثير من المواطنين يعارضون إدعاء الإخوان المسلمين والسلفيين، بأنهم الحارس الوحيد والممثل الأوحد للديانة الإسلامية".
وتختتم الكاتبة مقالها بالقول إن "فشل الحكومة في الرد على مرتكبي حوادث العنف الجنسي الذي تحركه دوافع سياسية والتصدي لهؤلاء الذين يروجون لذلك، يمكن تفسيره على أنه "تورط حكومي" في هذه الأفعال، كما أن القول بأن من ينتقد الحكومة، إنما ينتقد الإسلام، إنما هو كما تقول الكاتبة "وسيلة لاستخدام الدين لأغراض سياسية، وهو ما لايصدقه الكثير من المصريين المسلمين من النساء والرجال ولا يؤيدونه".