مشكلات زوجية السبب فيها الحماة
القاهرة - شيماء مكاوي
انتشرت بين الناس منذ وقت بعيد العبارة الشهيرة المقتبسة من اسم الفيلم المصري القديم "حماتي قنبلة ذرية"، و توارثت عبر الأجيال، وأصبح الخوف من الزواج هو الخوف من الحماة، وبخاصة أم الزوج، فباتت الفتاة المقبلة على الزواج تتعامل بحذر مع حماتها، لخوفها منها، ولاعتقادها أنها ستفسد حياتها الزوجية
، حتى لو كان هذا الاعتقاد خاطئًا، مما يشعل الخلاف والمشاكل فيما بينهما. وقد طرح "العرب اليوم" تساؤلاً على بعض الذين مروا بتجربة مع الحماة، بشأن ما إذا كانت الحماة مازلت تمثل القنبلة الموقوتة التي تهدد السعادة الزوجية، كما استطلعت كذلك رأي علماء الدين والاجتماع، في محاولة للوقوف على حقيقة الأمر.
تقول ليلى أحمد "تزوجت بعد قصة حب كبيرة جمعتني بزوجي أحمد، الذي أصبح الأن طليقي للأسف، بعد أقل من عام على الزواج، فكنت أتمنى أن نعيش سويًا حياة هادئة بلا مشاكل، ولكن للأسف، تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، فزوجي هو الأبن الوحيد لوالدته، ولديه شقيقه واحدة أيضًا، والده توفي منذ سنوات، ولكن والدته على الرغم من عملها الدائم في إحدى دول الخليج، إلا أن شقيقته كانت تعيش معنا، لغياب والدتها، ولظروف الدراسة الخاصة بها، وكنت أراعيها، ولكن عندما جاءت حماتي إجازة ثلاث شهور، كانت نهاية حياتي الزوجية، فقد كانت تتعمد أن تجعل زوجي يهجر فراشنا لينام بجوارها، هذا بالإضافة لمعاملتها السيئة لي، وكأنني خادمة، وذات مرة فوجئت وكأن زوجي يحاول افتعال أي مشكلة فيما بيننا، وانتهى الأمر باعتدائه علي بالضرب والإهانة، حتى أن ملامح وجهي قد اختفت من شدة ضربه لي، وحماتي واقفة تشاهدني صامتة، ولم تتدخل إطلاقًا لتهدئة زوجي، وعندها وجدت أن الحياة بيننا أصبحت مستحيلة، حيث قام بتكرار هذا أكثر من مرة، وفي آخر مرة فقدت الوعي من شدة الضرب، لذا أنا أؤكد أن الحماة بالفعل هي القنبلة الموقوته للسعادة الزوجية".
كذلك تروي لنا رنا عبد الرحمن حكايتها مع حماتها قائلة "أعيش في بيت عائلة، وهو عبارة عن منزل به الكثير من الطوابق، كل طابق يسكن فيه أخ لزوجي، بالإضافة إلى الطابق الأرضي الذي تسكن به حماتي، وعندما تزوجت، عاهدت نفسي ألا أعامل حماتي بطريقة سيئة، وأن أبدأ معها بالمعاملة الطيبة، وأعاملها كأمي، ولكن للأسف، هي ليست كذلك، فقد كان زوجي عندما يعود من العمل يذهب لأمه أولاً، وعندما يأتي لمنزلي أعرف تمامًا أنه ذهب لأمه، حيث معالم وجهه تبدو غاضبة، و يتشاجر معي لأتفه الأسباب، لذا، فالحماة لسبب غيرتها الشديدة على ابنها تفعل ما تشاء، و تفتعل المشاكل مع زوجة ابنها، حتى لو أن زوجة ابنها كانت تعاملها معاملة طيبة".
أما هبة حسن، فقد كانت لها وجهة نظر مختلفة تمامًا فهي تؤكد أن "حماتها ملاك"، حيث روت تجربتها على "العرب اليوم" قائلة "الحماة هي أم أولاً وأخيرًا، وأنا حماتي تعاملني معاملة طيبة جدًا، حتى أنها تقف أمام ابنها لإنصافي، حتى لو كنت على خطأ، وأنا لم أفتعل معها أي مشاكل، لأني أشعر بأمومتها الشديدة نحوي، حتى أنها في بعض الأحيان تغضب مني، وتعنفني، إلا أنها تعود لإرضائي مرة أخرى، وأنا لا أغضب منها على الإطلاق، لأنني وضعت نصب عيني قاعدة أساسية، وهي أن أعامل حماتي كأمي، وفي الحياة أحيانًا نختلف مع أمهاتنا، لكننا لا نغضب منهن، ونعشقهن كثيرًا، وأنا أعامل حماتي من هذا المنطلق".
كان هذا رأي بعض السيدات اللواتي حظين بتجربة مع الحماة، سلبية كانت أم إيجابية، وكان لزامًا علينا كي نتحرى الموضوعية في بحثنا عن الحقيقة أن نستشير العلماء المختصون في الأمر، من علماء الاجتماع والدين، فسألنا استاذ علم الاجتماع في كلية الأداب جامعة القاهرة، الدكتور مصطفى السخاوي، فأفادنا قائلاً "الخوف من الحماة من الموروثات الاجتماعية التي تورثناها جميعًا، ولا يوجد اختلاف بين الحماة في الماضي والحماة الأن، إلا في شيء واحد، وهو أن الحموات الأن معظمهن متعلمات ومثقفات، لذا فمعظمهن يحرصن على أن تكون صورتهن أمام زوجات ابنائهن صورة سليمة، وتليق بمكانتهن، إلا أن مشاعر الحماة لا تتغير للأسف، فالحماة هي تلك الأم التي ربت ابنها وسهرت على راحته وسعادته، و تشعر أنه راجلها وحمايتها، حتى في وجود زوجها، وإذا تزوج وذهب اهتمامه لفتاة أخرى، وأهمل والدته، وقتها تشب النيران في قلب الأم، و تشعر بغيرتها الشديدة تجاه تلك الفتاة، وتعمل جاهدة على التفرقة بينهما، حتى يعود ابنها لأحضانها مرة آخرى، وهذا سلوك خاطئ، وفي رأيي أن هذا الأمر يمكن معالجته من الابن أو الزوج، فإذا وازن بين معاملة أمه ومعاملة زوجته نجح في ألا يشعل الغيرة فيما بينهما، فعلى سبيل المثال، لابد أن يراعي مشاعر أمه، وألا يدلل زوجته أمامها، حتى لا تشعر الأم بالغيرة، ولكن لابد في وجود الزوجة أن يدلل الأبن أمه، ولابد أن تعي الزوجة ذلك، حتى يتفادى غيره أمه، وعلى العكس أيضًا، لابد ألا يتمادى في تدليل الأم على حساب زوجته، فتشعر زوجته وقتها بإهماله لها، فلابد عند عودته إلى منزلهما أن يدللها قدر الإمكان، وقتها أعتقد أن حدة الغيرة قد تقل، أما إذا إنحاز الزوج إلى واحدة منهما على حساب الأخرى، تفاقمت المشاكل والخلافات فيما بينهما، فالموازنة في المشاعر بين الأم والزوجة هي الحل الأمثل لهذه المشكلة".
كذلك وجهنا السؤال ذاته إلى رئيس الإدارة المركزية في مديرية الأوقاف، ووكيل وزارة الأوقاف السابق فضيلة الشيخ الدكتور سالم عبد الجليل، الذي أفادنا فقال "يقول الله تعالى في كتابه الكريم في سورة لقمان <<ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنًا على وهن وفصاله في عامين أن أشكر لي ولوالديك إلي المصير>>، فقد أوصى الله تعالى بحسن معامله الوالدين، وخاصة الأم، والحموات هن أمهات أولاً وأخيرًا، و يجب على الزوجة الصالحة أن تعي و تفهم أن لأم زوجها واجبًا مفروضًا على زوجها، فعليها أن تفرق تمامًا بين مكانتها وبين مكانة والدته، فمكانه الأم أكبر وأعظم بكثير من الزوجة، لذا عليها أن تعامل أم زوجها كأمها تمامًا، وكما أوصى الله تعالى بمعاملة الأم، ومثلما تعامل أمها عليها أن تعامل أم زوجها، وعليها أيضًا أن تصبر و تحتسب عند الله إذا عاملتها حماتها معاملة سيئة، فإذا صبرت فسيجزيها الله جزءًا حسنًا، و يعوضها خيرًا، فهي في يوم من الأيام قد تكون أمًا، و تشعر بمشاعر حماتها، لذا لابد أن تراعيها، وإذا كانت أم الزوج مريضة وقامت برعايتها، واتقت الله فيها، فسيفتح الله لها أبواب جنته".