متظاهرات مصريات في القاهرة يلوحن بالسكاكين في تحدي للتحرش الجنسي والاغتصاب
لندن ـ ماريا طبراني
عبرت إحدى الناشطات المصريات في مكافحة التحرش الجنسي عن سئمها من استمرارها في الخجل وشاركت في التظاهرات المنددة بعمليات الاغتصاب في الشوارع المصرية. مراسلة صحيفة "غارديان" البريطانية التقت بواحدة من هؤلاء النسوة داخل شقة من الشقق التي تطل على ميدان التحرير وسمعت
منها، وهي تخلع رداءها الموقت الذي كانت ترتديه لحمايتها من الاغتصاب، ما سمعته على لسان امرأة تناصر الإجهاض وتؤيده في العاصمة الأيرلندية دبلن، وذلك أثناء تغطيتها للحملة النسائية التي تناضل من أجل جعل الإجهاض أمرا مشروعا في أيرلندا.
وتتساءل مراسلة "غارديان" عن السبب الذي يدعو امرأتين بثقافتين مختلفتين ومن بلدين مختلفين وفي قضيتين مختلفتين، أن ينطقا معا بعبارة واحدة ضد الخوف وضد الخجل؟
ويشير المقال إلى أن المرأة في الهند وإيرلندا ومصر انطلقت عبر الشوراع والفضائيات وشبكة الإنترنت وباتت أكثر تنظيما وأكثر غضبا وأكثر تنسيقا داخل مجتمعاتها من أجل محاربة العنف الجنسي ضدها ومن أجل التصدي إلى تشريعات جنسية عفا عليها الزمن على حد قول كاتبة المقال. لقد أعلنت النساء عن تحديها للتحرش الجنسي وثقافة الاغتصاب. لقد اصاب المرأة حالة من السأم والضجر وبدأت تتمرد على صمتها وخجلها وخوفها وها هي الآن تناضل الآن بطرق وأساليب غير مسبوقة.
ويشير المقال أيضا إلى انهيار حالة الأمل التي سبق وأن عمت أوروبا وأميركا والشرق الأوسط وشبكة الأنترنت وتحولت إلى حالة من الفوضى والتوتر الاجتماعي.
وتقول الكاتبة إن القضايا الجنسية غالبا ما تعمل كمنفد للتخلص من الضغوط في الأوقات التي تشهد اضطرابات اجتماعية، وعندما يحدث ذلك فإنه يأخذ اشكالا متعددة ومتنوعة ويختلف باختلاف القيم المحلية السائدة في المجتمع. فهي الآن في مصر تتلمس طريقها وتأخذ شكل الاحتجاج على التعرض لهجمات الغوغاء، وفي أيرلند تأخذ شكل الدفاع بالحجج الدينية المسيحية والانقلاب على التشريعات التي تمنع الاجهاض والمطالبة بالمساواة بين الجنسين، وعلى شبكة الأنترنت هناك حالة شريرة لجعل المراة في حال إحساس دائم بالذنب.
ويشير المقال كذلك إلى أنه وعلى الرغم من عدم وجود صلة أو رابط يربط الحركات المحلية بعضها ببعض إلا أنها تتبادل المعلومات وتستمد الشجاعة التي تفتقدها من نضال الحركات الأخرى في العالم من حولها خصوصا بعد ثورات الربيع العربي وحركة احتلوا وول ستريت. وقد شهدت الإنترنت نشاطا قويا يناهض كراهية النساء من خلال شبكات تضامنية بين النساء يسودها حالة الثقة المتنامية وعبر قنوات غير تقليدية. وفي هذا السياق التقت الكاتبة في القاهرة بعدد من الناشطات البريطانيات في مجال الدفاع عن حقوق المرأة لجمع معلومات حية على أرض الواقع أثناء مسيرات النساء في مصر التي تنشر بقوة وسرعة على يد سلسلة من النشطاء في كافة انحاء العالم بداية من جنوب أفريقيا وحتى أقاصي الجنوب الأميركي، ووصلت اعداد المشاركات في تلك المسيرات إلى حجم لا يكمن إغفاله أو تجاهله.
والمدهش والرائع في هذه الحركات النسائية الجديدة هو استقلالها كما تقول الكاتبة عن دائرة المنظمات غير الحكومية التي باتت مستهلكة. ويمكن القول بأن النساء وحلفائهن في العالم يؤكدون على افتقادهم الثقة في الحكومات وقوات الشرطة في التعامل مع وباء الاعتداءات والعنف الجنسي، ولا تزال مطالب النساء بشأن تغيير القوانين كما هي من دون تغيير، الأمر الذي لم تعد تطيقه العديد من النساء إذ لم تعد المرأة قادرة على الانتظار والصبر والتزام الأدب حتى تغير اجهزة الشرطة والقضاء من ممارساتها، فلم يعد هناك وقت للانتظار من أجل إصلاحات تدريجية لعلاج أمراض المجتمع.
أما المجموعات الصغيرة على الفيس بوك وتوتير فقد بدأت تتحول إلى عصابات على استعداد لمقابلة العنف بعنف مثله دفاعا عن النفس. وفي الهند أبدت الحكومة الهندية تخوفا من اتخاذ موقف ضد ظاهرة الاغتصاب، وعلى شبكة الإنترنت التي تشهد حالة من الكراهية ضد النساء، أبدت الكثيرات قدرا أكبر من الجرأة، وفي القاهرة طالبت النساء حكومة الرئيس مرسي بالاعتراف بظاهرة التحرش في الشوراع وعلاجها ولكنهن كن يلوحن بسكاكين في أيديهن. وتقول الكاتبة أنها التقت بفتاة في بداية العشرينات من عمرها كانت قد نجت من محاولة اغتصاب ونسبت إليها قولها أنها لن تتردد في طعن أي رجل أو شاب يتعرض لها أو لصديقاتها بأي أذى جنسي على اعتبار أن ذلك من شأنه أن يخيف الرجال.
ولازال الوقت مبكرا حتى يمكن القول بأن حال التمرد النسائي هذه ستستمر. وتقول الكاتبة أن المرأة عندما تحارب كراهية النساء فإنها لا تحارب الحكومات أو الشرطة أو المنظمات الدينية أو الدخلاء في الشوارع، كما تقول إنها لمست خلال الأسابيع الماضية قدرا من الشجاعة لدى الناشطات التي التقت بهن، وتشير إلى أن الشجاعة مثل المرض المعدي قابلة للانتشار.