صورة من الارشيف لفتاة سورية في مظاهرة
دمشق ـ جورج الشامي
"أوضاعنا بغاية السوء والوصف ليس كالرؤية" بهذه الكلمات وصفت سجينات سوريات في سجن عدرا المركزي سوء الأوضاع التي تعانين منها خلف القضبان ، وجاء ذلك في رسالة مسربة من السجن، نشرت على صفحات الإنترنت. واستعرضت الرسالة المكتوبة بخط اليد والتي سربها موقع "زمان الوصل" المعارض
إلى قصة مأساوية تروي تفاصيل وفاة إحدى السجينات في شهر فبراير/ شباط الماضي.
وجاء في الرسالة: نعلم بثقل المسؤوليات التي تقع على عاتق الشعب والمعارضة الداخلية خاصة والخارجية عامة، ولكن نريد أن نلفت انتباهكم إلى "حياة قيد موت" نعيشها هنا".
وأوضحت الرسالة أن هدى تركي عيسى"من اللاذقية عمرها ما يقارب خمسين عاماً, عانت كثيراً، فعلى الرغم من خلوّ السجن من أي طبيب، منعت قيادة الشرطة والأمن السياسي هدى من الذهاب إلى المشفى على الرغم من خطورة حالتها بحجة أنها سجينة سياسية".
وكشفت الرسالة أن وضع هدى الصحي كان يسمح لإسعافها, ولكن أحد الضباط قال "لن نرسل دورية لأجل واحدة"! فكان مصيرها الإهمال "حتى ماتت أمام أعيننا, والجثة ما زالت في برادات مشفى الشرطة، ولم يتم إخبار أهلها بموتها".
وكانت قصة هدى التي تحملت بطش النظام قبل استشهادها مناسبة للحديث عن وضع الإسعافات والأدوية المفقودة في السجن، ليبقى (السيتامول)،غير المتوفر كل الأحيان، وحيداً في الساحة ليواجه كل الأمراض فهو "العلاج لكل داء".
وأوضحت الرسالة أن كثير من المريضات والمسنّات يمتن ببطء أمام أعين السجينات اللاتي ليس بأيديهن حيلة لإسعافهن، إضافة إلى معاملة الشرطة التي وصفنها بالقاسية وغير الآدمية.
وأعربت السجينات عن استيائهن الشديد من الطعام الذي يقدم إليهن، حيث وصفنه بالسيء، كما أنه في كثير من الأحيان لا يكفيهن، إضافة إلى المعلبات التي تشتريها المعتقلات معظمها فاسد، فضلًا عن مياه الشرب التي يضطررن لشرائها لعدم تزويد السجن بالمياه.
وأضافت المعتقلات في رسالتهن " الكهرباء دائماً مقطوعة، ونعيش دائمًا فالظلام الذي يملأ قلوبنا، والعتمة التي تغشى عيوننا، حتى أهالينا لا يستطيعون المجيء بسبب الطريق وبسبب تشديد الموافقات على الزيارات وتحويل أي موافقة إلى محكمة الإرهاب والفرع الذي تم من خلاله الإعتقال".
كما كشفت الرسالة عن وجود ما يقارب 100 معتقلة في الجناح السياسي، 35 منهن تأتيهن الزيارات، والباقيات جميعهن ممنوعات ولا يعرف أهاليهن عنهن شيئاً، إضافة إلى سوء الوضع المادي الذي يعاني منه معظمهن، فضلًا عن أن الفتيات اللاتي يتم تحويلهن يوجد على أجسادهن آثار التعذيب والتشبيح واستخدام الكهرباء بكثرة.. لذلك أغلبهن يعاني من أمراض فعلاً مميتة".
ووصفت السجينات عميد السجن فيصل العكل بأنه "مجرد واجهة" تخفي وراءها الأمن السياسي الذي يهددونا به ليل نهار في حال تنفَّسنا أو أبدينا سخطنا من سوء اللاحياة واللاإنسانية التي نعيشهما".
ولفتت الرسالة إلى وجود أطفال رضّع لا يتم توفير الحليب لهم في السجن، إضافة إلى نساء حوامل وأطفال لا تتجاوز أعمارهم الخامسة معتقلين مع أمهاتهم ويتعرضون للإهانة.
وبينما أكدت المعتقلات إدراكهن الوضع الذي تمر به سوريا "هو همنا الأساسي, فحرية سوريا هي حريتنا ولا كرامة لنا طالما أن قوات الأسد ما زالت تغتصب أرض بلدنا" وجهن نداء "نحن نناشدكم أنتم يا أبناء سوريا الشرفاء الأحرار، أغيثونا فلم يعد أمامنا سوى اللجوء للاستعصاء وهذا سينقلب على رأسنا" ..
وكشفت السجينات عن تعرض السجن لهجوم بتاريخ 18-2-2013- اقتصر على الأضرار المادية فقط كتكسير الزجاج والشبابيك "ولكن هذا يعني أن استهداف السجن أمر وارد".
وفي ختام رسالتهن قالت المعتقلات إن "هناك الكثير لا نستطيع شرحه منعاً للإطالة ولكن أملنا بكم كبير،نريد أن نتوحّد وأن يكون شعارنا هو "الخلاص من أعداء الحرية وقتلتها".
وتتعرض النساء المعتقلات في سورية حسب العديد من المنظمات الحقوقية والإنسانية إلى مختلف أنواع التعذيب والاضطهاد والإهانة، كما يتعرضن للاغتصاب والضرب يصل إلى حد الموت.
وكانت الشبكة السورية لحقوق الإنسان كشفت أن 1215 مواطنًا سوريًّا لقوا مصرعهم تحت وطأة التعذيب منذ بداية الثورة، بينهم 17 امرأة و34 طفلا و23 مسنا تجاوزت أعمارهم الستين.
وأشارت الشبكة، في سياق تقريرها، إلى ما وصفته بالتعذيب الممنهج الذي تمارسه قوات الأسد في المعتقلات، موضحة أن عدد المعتقلين بلغ قرابة 194 ألفا، بينهم 4500 امرأة وتسعة آلاف معتقل دون سن الثامنة عشرة.