رجاء زوجة عادل عبد الباري ومعاناة على مدى عشرين سنة سياسة
لندن ـ ماريا طبراني
تناول كتاب "الحياة في الظل النساء المنسيات في الحرب على الإرهاب" أحدث مؤلفات الكاتبة البريطانية فيكتوريا بريتين، حياة زوجات المشتبه في انتمائهم لتنظيم "القاعدة"، و يركز الكتاب على ظروف حياة زوجة عادل عبد الباري المصرية رجاء المصرية ومصيرها كامرأة متزوجة من رجل أمضى 13 عامًا في سجون بريطانيا
يناضل من أجل عدم ترحيله إلى الولايات المتحدة لمحاكمته هناك بتهم إرهابية ولكنه في النهاية يخسر معركته، وفي هذا المقتطف من الكتاب تحكي رجاء رحلة معاناتها في ظل هذه الظروف وزياراتها إلى السجن ومعاركها ضد البيروقراطية وكفاحها من أجل تربية أطفالها والضغوط الاستثنائية التي تعرضت لها، وتنتمي رجاء إلى عائلة مصرية انتقلت من الريف إلى مكان قريب من وسط القاهرة ، وفي تلك الأيام كانت ترتدي بنطلونات الجينز الضيقة والتيشرتات وكانت تتمتع بجمال وشعر طويل.
وعن حياتها الجامعية تقول رجاء "إنها وجدت نفسها تدرس إدارة الأعمال في جامعة القاهرة بدلا من الفنون والموسيقي التي كانت ترغب في دراستها ولكن مجموع درجاتها في الثانوية العامة لم تحقق لها تلك الرغبة. وعلى الرغم من أنها كانت تكره الدراسة بالجامعة إلا أن ذلك لم يمنع من انبهارها بالحياة الجامعية. وفي تلك الأثناء التقت بمجموعة من البنات المحجبات اللاتي بدأن يتحدثن معها عن جمالها وجمال شعرها وضرورة تغطية شعرها ، ودعوتها إلى المسجد القريب من ساحة الكلية. وتقول رجاء "لقد ذهبت معهن وشاهدت عالم مختلف شعرت فيه بالهدوء والسكينة والسلام".
وبعد ذلك بدأت رجاء وأختها في التقيد بتعاليم الإسلام الدينية المشددة على نحو يفوق التزام عائلتها بالإسلام. وانضمت الفتاتان إلى حلقة نسائية لدراسة الإسلام ، وكان المدرس وهو عادل عبد الباري يلقى دروسه من وراء ستار. وفي أحد الأيام وقع بصرها على المدرس بعد الدرس في الشارع ، وكان ذلك في عام 1981، لقد كان رجل وسيما بلحية صغيرة وعمامة ، وفي تلك اللحظة تمنته زوجًا، وفي وقت لاحقت التقت بأخته التي عرضت عليها الزواج من أخيها المدرس، وسرعان ما التقت العائلتان ثم الاتفاق على الزواج.
وفي تلك الأثناء كانت مصر تعيش حالة من الاضطراب السياسي والديني حيث قام الرئيس المصري الراحل أنور السادات آنذاك باعتقال الزعماء الدينيين والسياسيين والإعلاميين وضباط الجيش وغيرهم. وبعد ذلك بوقت قصر لقي السادات مصرعه خلال الاستعراض العسكري احتفالا بذكرى حرب أكتوبر على يد مجموعة من الجنود الإسلاميين. ثم تولى حكم البلاد بعد ذلك نائبه حسنى مبارك.
وبعد بعد عام عاد عادل عبد الباري من اليمن حيث كان يدرس هناك ، تم عقد القران والزواج الرسمي وقبل ان تسرح رجاء بخيالها في حياتها بعد الزواج ، قام نظام بإلقاء القبض على زوجها ضمن الآلاف من المعارضين للنظام ، وقد أمضت العروس ستة أشهر تجوب فيها كل سجون مصر بحثا عن زوجها وعندما عثرت عليه عرفت مدى التعذيب الذي تعرض لها ، ثم خضوعه لمرحلة علاج ثم عودته مرة أخرى للسجن .
وفي ظل تلك الظروف لم يكن أحد يعرف متى يمكن الإفراج عنه، الأمر الذي انعكس في صورة توتر بين عائلتها وعائلته ، ولكن رجاء ظلت متمسكة بزوجها ولم تتخلى عنها فهي كما تقول عن نفسها "فتاة عنيدة" وقاومت فكرة التخلي عنه فهو أول رجل في حياتها وهي تريد أن تقف إلى جانبه في محنته على اعتبار أن ذلك من واجبها. وفي تلك الأثناء حاولت أن تلتحق بدورة لتعلم الحياكة وخياطة الملابس وهي فكرة لا تروق لزوجها باعتبار أن عمل المرأة حرام الأمر الذي اضطرها إلى البقاء في المنزل دون عمل وهو ما ندمت عليه كثيرا في مراحل لاحقة من حياتها.
وبعد خروج زوجها من السجن ، تخللت سنوات الزواج الأولى تكرار دخوله وخروجه من السجن كل ستة أشهر تقريبا ، وخلال تلك الفترة بات التعذيب تجربة معتادة ولم يعد ينطق بها ، وقد أنعكس ذلك على حياتها التي غلب عليها الحزن والبؤس.
وفي نهاية المطاف سافر عادل عبد الباري إلى الولايات المتحدة ، وفي فترة لاحقة انتقل إلى بريطانيا. وكان قد أنهى دبلومة جامعية وهو داخل السجن ، وسرعان ما تحول إلى محامي شهير في مجال حقوق الإنسان ، وكانت لديه علاقات وثيقة مع منظمة العفو الدولية خلال السنوات التي شهدت فيها مصر اعتقال الآلاف من الشخصيات المعارضة. وفي عام 1990 حصل على حق اللجوء السياسي في بريطانيا ، وبعدها بثلاث سنوات لحقت به رجاء وأطفالها ، وفي لندن أمضت العائلة خمس سنوات من الحياة العائلية الهادئة ، ولم تكن رجاء تخرج إلا في المناسبات فقد كانت لغتها الانجليزية ضعيفة ، وكانت حياتها الاجتماعية من خلال زوجها وأصدقائه وزوجاتهم. لقد كان الزوج هو من يقوم بفعل كل شيء لها وللأطفال في لندن. لقد كانت تعتمد عليه في كل صغيرة وكبيرة ، لقد نعمت بالسعادة في تلك الفترة لكونه كان دائما إلى جوارها يلاعب الأطفال ويأخذهم جميعا إلى المنتزهات ، لقد عاشت رجاء حياة لم تراه من قبل في مصر.
وفي صيف عام 1998 ، قام "تنظيم القاعدة" بنسف السفارتين الأميركيتين في كينيا وتنزانيا وأسفر الهجوم عن مقتل 220 وإصابة ما يقرب من خمسة آلاف. وكان ذلك الهجوم بمثابة النهاية لحياة رجاء الطبيعية في لندن ، فقد قامت الشرطة البريطانية بشن غارة في الفجر اقتحمت فيها المنزل ، بعد كسر الباب الخارجي ، وقد تعرضت رجاء مع أطفالها أثناء ذلك إلى ردود، وخلال الغارة اقتحم رجال الشرطة غرف النوم وكانوا دائمي الصياح في وجه زوجها ويفتشون في ملابس الأطفال ويمزقون الحقائب وينزعون أي صفحات تحمل أرقام هواتف من دفتر الهاتف.
و قامت الشرطة باقتياد عادل عبد الباري وزوجته رجاء التي ارتدت في عجالة عبايتها السوداء وركبت حافلة مع أطفالها الخمسة الذي كان من بينهم طفل رضيع ، وقد أودعتها الشرطة بأطفالها في غرفة بأحد الفنادق لمدة أربعة أيام دونما معلومات عما يحدث لهم وطبيعة الاتهام وإلى متى يتم اعتقالهم. وعجزت عن الاتصال بعائلتها في مصر وشعرت آنئذ باليأس والوحدة.
وعندما عادت الشرطة بها إلى بيتها وجدته رأسا على عقب حيث الأدراج مفتوحة والباب الأمامي وبوابته الحديدية مكسورة . وتقول رجاء "لم تكن لدي فكرة آنذاك على الإطلاق عما ينبغي على عمله فقد كان زوجي هو من يقوم بكل صغيرة وكبيرة". وبعد خمسة أيام عاد زوجها إلى البيت ليستأنف حياته العائلية دون مناقشة ما حدث.
ولم تستطع الشرطة البريطانية أن تتهمه عبد الباري بأي تهم إرهابية واكتفت باتهامه بحمل أقنعة غاز ولكنه سرعان ما خرج بريئا من محاكمته. وبعد تسعة أشهر من التحقيقات المضنية على يد شرطة مكافحة الإرهاب البريطانية لم تجد الشرطة أي دليل على وجود علاقة بينه هو وغيره من المصريين الذين تم اعتقالهم وبين تنظيم "القاعدة"أو ممارستهم أي أنشطة إرهابية في بريطانيا.
وبعد ستة أشهر لاحظت أن هناك من يراقب تحركاتهم ، الأمر الذي أعاد لذهنها سنوات المعاناة القلق في القاهرة ، وبعد ذلك بأسبوع ألقي القبض من جديد على زوجها بعد أن تقدمت الولايات المتحدة بطلب ترحيله إليها لمحاكمته بنفس التهم والأدلة التي استبعدتها محكمة بريطانيا في العام السابق ، حيث قامت بريطانيا بإرسال تلك الأدلة غير الكافية إلى الولايات المتحدة في إطار التعاون في مجال الاستخبارات ومكافحة الإرهاب. لكن عبد الباري خاض معركة قضائية ضد ترحيله إلى الولايات المتحدة ، وأخذت معركته القضائية طابعا دراميا أشبه بأحداث وردت في رواية للروائي البريطاني تشارلز ديكينز. وخلال الفترة بين عامي 2002 و2008 دارت معركة قضائية بين وزراء الخارجية البريطانية وبين محاميه بشأن قرار ترحيله إلى الولايات المتحدة.
وخلال تلك الفترة ماتت أم عبد الباري وتزوجت أخته وكبر أولاده ، وفجأة وجدت رجاء نفسها وحيدة لا تدري ماذا تفعل في ظل عدم استعدادها اللغوي أو الاجتماعي ولا يربطها بزوجها سوى مكالمات هاتفية يوميًا من السجن أو الزيارة بين الحين والآخر للسجون التي ينتقل بينها.
وتقول رجاء "أثناء زيارته في السجن أترك الأطفال يتحدثون إليه ويلاعبونه ويلاعبهم واكتفي بمراقبتهم". وكانت الأم تري مدى الظلم الواقع على أولادها حيث كانت زيارة السجن هي السبيل الوحيد لهم كي يتعرفوا على والدهم ، لقد كانت الزيارة بمثابة محنة ومعاناة حيث كانت الشرطة النسائية البريطانية تقوم بتفتشيها وأولادها تفتيشا ذاتيا بملامسة الجسد واستخدام الكلاب البوليسية في تشممهم. كما كان أفراد الشرطة أثناء الزيارة يناصبونهم العداء لكون السجين مصنف ضمن الفئة (أ).
لقد كانت رجاء تناضل مع أطفالها الستة في عزلة ، ونادرا ما كانت تهاتف أهلها في مصر حيث بدأت الروابط العائلية تضعف تدريجيا. وفي عام 2004 ، ماتت أمها ، ولم يكن لديها جواز سفر يمكنها من السفر إلى مصر لزيارة أمها أثناء مرض الموت ولم تستطع أن تغفر لنفسها غيابها عن امها في تلك اللحظات الإنسانية.
ومع كبر سن أطفالها بدأت مخاوفها عليهم خارج المنزل مما كانت تسمعه عن قصص إدمان المخدرات والعنف والجرائم في المدارس الأمر الذي اضطرها إلى إخراج أولادها من المدرسة وتعليمهم منزليا.
لقد زادت عليها الأعباء والمسؤوليات وتدهورت صحتها في ظل نقص الموارد المالية ومر عليها أوقات كانت تنام فيها على الأرض حيث لم يكن لديها أسرة تكفي لنوم أفراد الأسرة وفي شتاء لندن كانت مضطرة لعدم استخدام المدفأة.
وفي تلك الأثناء تزوجت ابنتها الكبرى في سن مبكرة من أحد الأقارب بترتيب من عبد الباري أثناء تواجده في السجن ، وقد تحملت رجاء عبء رعاية أحفادها أيضا نظرا لانشغال ابنتها التي تجيد الانكليزية بمعارك إدارية لا نهاية لها مع المجلس المحلي أم مكتب الإعانات الخيرية وترتيب علاج أمها في المستشفى.
أما بنتها الصغرى فقد كانت تكتب الشعر في غياب الأب بالسجن. كما كانوا يكتبون إلى والدهم في السجن ويرسمون له صورا ويتحدثون معه عبر الهاتف ، كما كان المنزل حافل بلوحات بعضها كان يحمل رموز السجن المتمثلة في المفاتيح وقضبان الزنزانة. تلك كانت الأجواء في المنزل.
لقد كان عبد الباري يواجه فترة اعتقال مطولة قبل محاكمته في سجون أمريكا وهي محاكمة يتوقع محاموه أنها لن تكون عادلة وأنها من المنتظر أن تسفر عن سجنه مدى الحياة هو وغيره من المدعي عليهم في قضية الإرهاب المعروفة باسم (الولايات المتحدة ضد بن لادن وغيره).
وفي لندن كان كل تركيز عبد الباري على بلده مصر كما أدار مكتبا دولي للدفاع عن الشعب المصري. وكان يصدر نشرة إخبارية عن الشؤون المصرية ، وكانت رجاء تكتب فيها عمود أسبوعي إلى جانب مهامها المنزلية ورعاية الأطفال.
و يشار إلى إن ترحيل عبد الباري إلى أميركا يعنى محاكمته مع قائمة ضخمة من المدعي عليهم الذين يزداد أعدادهم سنة بعد سنة ، بتهمة التآمر العام لقتل الأميركيين بالإضافة إلى التهمة الخاصة بتفجير سفارتي أميركا في شرق أفريقيا. وتقول رجاء أن زوجها يحاكم بسبب حوزته على فاكس أرسل إليه عثر عليه في مكتبه بعد أسابيع من تلك الأحداث بشأن تفجيرات السفارتين في شرق أفريقيا ، وهي فاكسات كانت في كل المناطق العربية في لندن آنذاك وكانت توزع في أماكن خارجية مثل ريجينت بارك وعدد من المساجد كما أرسل إلى الوكالات الإخبارية العالمية. إلى جانب هذا الفاكس ، كانت هناك شهادة جمال الفضل المنشق عن "القاعدة"بشأن جماعة الجهاد الإسلامية التي يفترض أنها على علاقة بتنظيم "القاعدة "، هذا في حد ذاته كافي للولايات المتحدة كي تتوصل إلى قناعة بأن عبد الباري كان على علم مسبق بالهجمات على السفارتين وتحمل المسؤولية في ذلك.
وفي عام 2011 حوكم أحد المدعى عليهم وهو أحمد الغيلاني بتهم وصل عددها إلى 286 تهمة وقد تم إدانته وحكم عليه بالسجن مدى الحياة.
وبمرور الزمن بدأت ذاكرة رجاء يعتريها النسيان ، وتقول أنها لم تكن تقرأ شيئا عن تلك الأحداث ولم تكن تهتم بها وتقول أيضا أن عشرين سنة من المعاناة السياسية شيء يفوق الوصف ، وتضيف قائلة " ينبغي أن أعيش الحياة التي يعيشها أطفالي".
لقد التحقت رجاء بدورة في التفصيل وحياكة الملابس في أحد المعاهد التعليمية العليا بعد أن سمح لها زوجها بذلك ، وقد عانت كثيرا لإقناع إدارة المعهد لانضمامها بسبب ضعف لغتها الانجليزية. وكانت تركب يوميا الحافلة وتحمل معها غذائها وتجلس إلى جوار زميلات يصغرنها بعشرين سنة. وفي البيت كانت طاولة الطعام دائما مغطاة بقصصات باترونات الملابس. كما كانت تستعير الكتب التي تساعدها في هذا الشأن وكانت تذهب إلى المتاحف وتجوب النت وتخيط ملابس حصلت بها على جوائز من المعهد. وفي تلك الأثناء تحسنت لغتها الإنكليزية وتجاهلت مدى التعب والمعاناة وألام المشي والصراع من أجل الحصول على المعونات الخيرية. وفي نهاية العام حصلت على شهادة من المعهد بتفوق وامتياز وانتقلت إلى مرحلة متقدمة أعلى بمستوى سنتين ، حدث كل ذلك على الرغم من أن زوجها دائما ما يقول لها أنه يفضل لها البقاء في المنزل.
كان يقول لها أيضا أنه قلق على أمنها وأمانها كما كان يفضل عدم قيامها بزيارة القاهرة بعد صدور جواز سفرها البريطاني. ولكنها سافرت بصحبة بناتها الصغيرات وابنها الصبي. وهناك تلتقي بعائلتها بعد غياب 17 عامًا ، هناك عرفت كيف أخذتها حياة لندن عن الحياة المصرية ، حتى أنها بدت في عيون أفراد عائلتها كشخصية باردة وبريطانية.
وفي عام 2010 ، انتقل زوجها وعدد من المسلمين الذين يناضلون من أجل عدم الترحيل إلى أميركا إلى سجن في مانشستر ، وذلك خلال فترة ترميم سجن لونغ لارتين الذي أمضوا فيه سنوات. وهناك حرموا من المكالمات الهاتفية اليومية ، كما كان الحرس يعاملهم بازدراء وعنصرية ، وفضلا عن ذلك فإن سجن مانشستر كان بعيدا على رجاء مما اضطرها إلى عدم القيام بزيارته في ذلك السجن.
وقد ابلغها زوجها آنذاك بأنه سوف يضرب عن الطعام احتجاجا على تلك المعاملة وباتت البنات على قناعة بأن والدهم سوف يموت ولهذا أمضين الليالي في البكاء دون نوم ، والاتصال بالمحامين مرارا وتكرارا من أجل السماح لهن بزيارة طارئة.
وحتى بعد عودة المعتقلين المسلمين مرة أخرى إلى سجن لونغ لارتين ، لم يرتاح بال الأسرة ، فقد بلغت ابنتها الصغري سن عشر سنوات بما يعني إعادة تقييم الدعم المالي لرجاء ، ورأت الجهة الاجتماعية بأن رجاء قادرة على العمل وذلك على الرغم من التقارير الطبية التي تقول بصعوبة قدرتها على المشي بسبب آلام في إحدى قدميها.
وباتت كل أسبوعين تعيش حالة من المهانة وهي تذهب للتوقيع من أجل الحصول على المساعدات الاجتماعية الخيرية. ولم تكن رجاء نفسها تشتكي ذلك ، ولكن ابنتها التي كانت تصاحبها لمساعدتها بدنيا وأثناء الترجمة ، كانت تعرب عن غضبها وسخطها بسبب ما تلقاه من تمميز عنصري واستهانة بأمها وبآلامها وهي في الخمسينات من عمرها وترعى ستة أطفال ، حيث كان المسؤولون هناك يستجوبونها عن أسباب عدم اشتغالها بمهنة من قبل وعدم تحسين قدراتها في اللغة الانكليزية طوال هذه السنين.
واليوم وبعد أربعة أشهر من وداع رجاء وأطفالها لزوجها عبد الباري بعد أن صدر حكم المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان برفض الاستئناف الأخير في خريف 2012 ضد الترحيل إلى أميركا. ولم يعد هناك إمكانية لإجراء مكالمة هاتفية يومية معه ، ومنذ ذلك الحين بات مسموحا لها بالتحدث معه هاتفيا مرتين لمدة 15 دقيقية في سجنه في نيويورك ، وخلال تلك المكالمة يتحدث مع كل طفل ولا يبقي لها وله سوى لحظات قليلة من وقت المكالمة ، وتعلم رجاء أن زوجها يعيش في زنزانة معزولة وغير مسموح له برؤية أحد سوى محاميه. وسوف تبدا محاكمته في تشرين أول/أكتوبر المقبل.
والآن تعيش رجاء وحيدة في لندن وهي تقول "أطفالي هم كل حياتي الآن ، ولكن ربما بعد عشرين سنة لم يكن فيها سوى القلق ، ربما أستطيع يوما ما أن استرد نفسي وعافيتي من جديد".