لندن - ماريا طبرني
نشرت مجلة "نيتشر" العلمية، ورقة بحثية حول كيفية تطوير النظام الدقيق والموثوق للتنبؤ بالطقس في جميع أنحاء العالم بناء على قدرات التعلم العميق وتحليل البيانات التي تم جمعها على مدار 43 عاماً.
الذكاء الاصطناعي ومعرفة أحوال الطقس
تتناول الورقة البحثية نموذج الذكاء الاصطناعي المبتكر الخاص بتنبؤات الطقس "بانغو ويذر" المطور ضمن وحدة أعمال "هواوي كلاود" المتخصصة بالحوسبة السحابية والذي اعتبرته المجلة ثورياً بدقة أعلى من أساليب التوقعات التقليدية العددية، ويعمل على تحسين سرعة التنبؤ بنسبة تصل إلى 10 آلاف ضعف، مما يقلص مدة التنبؤ بحالة الطقس العالمي لبضع ثوانٍ فقط.
وتقدم الورقة البحثية المعنونة "تنبؤات جوية عالمية متوسطة المدى ودقيقة باستخدام شبكات عصبونية ثلاثية الأبعاد"، طيفاً واسعاً من التجارب المستقلة التي تثبت كفاءة النموذج الجديد، حيث يتحدى "بانغو ويذر" الافتراضات السابقة التي تزعم بأن تنبؤات الذكاء الاصطناعي للطقس أقل دقة من التنبؤات التقليدية العددية. وتعتبر هذه المرة الأولى التي يقوم فيها باحثون بالتأليف الحصري لورقة بحثية.
وأدى التطور السريع لقدرات الحاسوب على مدار الثلاثين عاماً الماضية إلى تحسن ملحوظ في دقة نظام التنبؤ التقليدي العددي للطقس، مما ساهم في تجنب العديد من مخاطر الكوارث الكبرى وتوفير توقعات حول التغيرات المناخية. إلا أن عملية التنبؤ لم تصل لمستوى السرعة المطلوبة.
ويسعى الباحثون للوصول إلى كيفية استخدام طرق التعلم العميق للوصول للدقة المطلوبة للتنبؤ بالطقس، لكن الأنظمة التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي للتوقعات متوسطة وطويلة الأجل بقيت أقل من دقة التنبؤات العادية. ولم يتمكن الذكاء الاصطناعي من التنبؤ بالأحوال الجوية الشديدة وغير العادية مثل الأعاصير.
ورغم بعض النتائج الإيجابية التي حققتها نماذج الذكاء الاصطناعي للتنبؤات الجوية، إلا أنها كانت تفتقر على الدوام للدقة والسرعة، ويعزى ذلك لسببين. أولهما اعتماد نماذج ذكاء الاصطناعي للتنبؤ الجوي على شبكات عصبونية ثنائية الأبعاد، لذا لا تستطيع معالجة البيانات الجوية ثلاثية الأبعاد المتباينة. وثانياً، تعرض توقع الطقس على المدى المتوسط لأخطاء تراكمية عند استخدام النموذج عدة مرات.
كيفية تعامل "بانغو ويذر" مع هذه التحديات
برزت دقة نموذج "بانغو ويذر" في التجارب العلمية كبديل ثوري لطرق التوقع العددية التقليدية التي تحتاج لوقت يتراوح بين ساعة واحدة إلى 7 أيام. ومع زيادة سرعة تنبؤه بمقدار 10 آلاف مرة، بات بإمكانه تنبؤ أدق تفاصيل الحالة الجوية كالرطوبة وسرعة الرياح ودرجة الحرارة وضغط مستوى سطح البحر خلال بضع ثوان.
ويستخدم النموذج الجديد محولاً خاصاً بالأرض ببنية ثلاثية الأبعاد لمعالجة البيانات الجوية ثلاثية الأبعاد غير المنتظمة والمعقدة. وتم تدريبه باستخدام استراتيجية تجميع هرمية زمنية على فترات تنبؤ مختلفة عبر فواصل زمنية قدرها ساعة واحدة و3 ساعات و6 ساعات و24 ساعة، ما نتج عنه تقليص حجم التكرار في التنبؤ بالحالة الجوية في وقت معين بالإضافة إلى تقليل التوقعات الخاطئة.
وقام الباحثون بتدريب النموذج على فترات زمنية معينة، عبر 100 دورة باستخدام عينات ساعية من البيانات الجوية للفترة الممتدة من 1979 إلى 2021. وبات بإمكان النموذج الجديد توفير تنبؤات الطقس العالمية لمدة 24 ساعة في 1.4 ثانية فقط باستخدام بطاقة رسومات V100، مما يمثل تحسنًا بمقدار 10,000 مرة مقارنة بالتوقعات العددية التقليدية.
وألقى البحث الضوء على سهولة تنزيل وتشغيل نموذج "بانغو ويذر" وسرعة تشغيله حتى على الحاسوب المكتبي، ما يعني أنه يمكن الآن لأي فرد من مجتمع الأرصاد الجوية واستخدام هذا النموذج واختباره بقدر ما يرغب. وهي فرصة رائعة للمجتمع العلمي للاطلاع على درجة الجودة التي تتمتع بها تنبؤات النموذج لظواهر طبيعية محددة. وسيساعد ذلك في تعزيز التطور والتقدم في مجال الأرصاد الجوية ويشير المراجعون بأن النتائج التي تم الوصول إليها تمثل نقلة نوعية هامة ومبتكرة تتفوق بالتأكيد على النتائج السابقة، وسيؤدي النموذج الجدد لإعادة تقييم شكل نماذج التنبؤات في المستقبل.
مستقبل معرفة الطقس
من جانبه، أوضح تيان تشي، رئيس علماء الذكاء الاصطناعي في فريق "هواوي كلاود"، وعضو معهد مهندسي الكهرباء والإلكترونيات الأمريكي IEEE والأكاديمية الدولية اليورو آسيوية للعلوم، أن سبب اختيار فريق البحث للذكاء الاصطناعي التركيز على مجال التنبؤات الجوية، قائلًا: "تعد توقعات الطقس واحدة من أهم السيناريوهات في مجال الحوسبة العلمية باعتبار أن التنبؤ الجوي نظام معقد للغاية، ومع ذلك، يصعب الإلمام بجميع جوانب المعرفة الرياضية والفيزيائية المتعلقة به".
وأضاف "تشي": "أبحاثنا في نماذج الذكاء الاصطناعي تمتلك القدرة على استخراج القوانين الإحصائية لتغير الغلاف الجوي من خلال تحليل البيانات الضخمة، ويقوم نموذج ’بانغو ويذر‘ الجديد بإتمام عملية نظام التوقعات بشكل أساسي، وتركز قدرته الرئيسية على التنبؤ بتغير حالة لغلاف الجوي. ويتمثل هدفنا النهائي في بناء جيل أكثر تطوراً في مجال التنبؤ بالطقس عن طريق تقنيات الذكاء الاصطناعي من أجل تعزيز أنظمة التوقعات الحالية والمساهمة بتفادي الكوارث والخسائر".
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
دراسة توضح أن تطبيقات الكشف عن نصوص الذكاء الاصطناعي متحيزة ويسهل تضليلها
الأمم المتحدة تتبنى قراراً حول الذكاء الاصطناعي يدعو لاتخاذ تدابير وقائية