القاهرة – علا عبد الرشيد
القاهرة – علا عبد الرشيد
أكّدت منظمة الأمّم المتحدة للأغذية والزراعة "فاو" أنَّ أفريقيا، على الرغم من التقدم الاقتصادي الهام، والنجاحات الزراعية المحرزة لديها، لا تزال أسوء قارات العالم وضعية، في مقياس انعدام الأمن الغذائي، بما يسود لديها من مستويات منخفضة نسبياً من الإنتاجيّة الزراعيّة، وانخفاض مستويات الدخل الريفيّة، وارتفاع معدلات سوء التغذيّة.
وناشدت المنظمة العالمية وزراء الزراعة الأفارقة بـ"تركيز الجهود في مجالات الأولوية، بغية الإسراع
بزيادة الاستثمار، وخطى التحوّل الواسع النطاق في القارة، دعماً لصغار المزارعين، مع العناية بفئتي الشباب والنساء في الريف".
وأشارت "فاو" إلى أنَّ "أفريقيا سجّلت نموًا اقتصادياً متواصلاً، منذ عام 1992، رافقته تحسينات في الحوكمة وتنمية الموارد البشرية"، موضحة أنّه "في الوقت الراهن، يقع في أفريقيا سبعة من البلدان العشر الأولى ذات الاقتصادات الأسرع نمواً على الصعيد الدولي".
ويقدر صندوق النقد الدولي أنَّ النمو الاقتصادي للقارة جنوب الصحراء الكبرى سيبلغ 6.1 % عام 2014، حيث نما متوسط الناتج المحلي الإجمالي السنوي في أفريقيا، خلال الفترة 2000 – 2010، بنسبة 4.8 %، بعد أن كان 2.1 % في العقد الماضي، بينما بلغت معدلات النمو في القطاع الزراعي، خلال الفترة نفسها، 3.2 و3.0 % على التوالي.
وأحرزت القارّة سلسلة من النجاحات في مناطقها الزراعية الرئيسية، بما في ذلك تكثيف إنتاج أغذية القوت الأساسي، ونشر أصناف محسنة من الموز في شرق ووسط أفريقيا، واستنباط أصناف عالية الغلّة من الذرة في شرق وجنوب أفريقيا، وتحقيق مكاسب إنتاجيّة في حصاد القطن، في كل من بوركينا فاسو، ومالي، ومن الشاي، وزراعة الزهور، في المناطق الشرقيّة من القارة.
وفي بيان عن المنظمة الدولية، حصل "مصر اليوم" على نسخة منه، تساءل المدير العام المساعد، مسؤول المكتب الإقليمي لأفريقيا لدى منظمة "فاو"، الخبير بوكار تيجاني عن "كيفيات تمكين القادة الأفارقة من البناء على صرح هذا التقدم، عبر توفير زراعة مستقرة، وسياسات مالية تشجع على الاستثمار، وفق الالتزامات المقطوعة قبل عشرة أعوام في إعلان (مابوتو)، مع تعزيز آليات الحوكمة والمحاسبة، بغية المساهمة على نحو أكثر نظاميّة في تنفيذ السياسات والبرامج".
وأكّد تيجاني أنَّ "هذه الإجراءات حاسمة لإحداث التحوّل المطلوب في قدرات بلدان القارة على تحقيق النمو والتنمية الزراعية على نطاق واسع".
ويعتزم مؤتمر "فاو" الإقليمي الثامن والعشرون، المنعقد في تونس، تهيئة البيئة المواتية لمحو الجوع في القارة، مع حلول عام 2025، مع التركيز في المقام الأول على التنمية المستدامة للقدرات الكامنة في قطاعات الزراعة ومصايد الأسماك والثروة الحيوانية والغابات، كمصدر لفرص العمل والدخل للشباب الأفريقي والنساء والرجال، ممن ينخرطون في هذه القطاعات، تحقيقاً للأمن الغذائي ونهوضاً بالتغذية، وكذلك دعم مشروعات الأعمال الزراعية التجارية الهادفة إلى رفع دخل الأسرة.
وأشار البيان إلى أنّه "على مدى العقود الأخيرة ظلّت اتجاهات نصيب الفرد من الإنتاج الغذائي إيجابية عموماً، وفي المتوسط سجلت زيادة الإنتاج الزراعي في أفريقيا أقل قليلاً من 1% سنوياً، مقارنة بنحو 2 % كمعدل عام لدى البلدان النامية".
وأضاف "في حين شهدت أفريقيا عدم استقرار شديد في أسعار المواد الغذائية، كان نصيب الفرد من إنتاج الأغذية أكثر ثباتاً مع مرور الوقت، وتراجعت حدّة تفاوت الأسعار نسبياً، بالمقارنة مع أقاليم ومناطق أخرى، مثل آسيا أو أميركا اللاتينية".
وتشير تقديرات منظمة "فاو" إلى أنّه "على الرغم من هذا التقدم المحرز في مواجهة الجوع وسوء التغذية في القارة على مدى العقود الماضية، إلا أنَّ المستويات المطلقة للجوع وسوء التغذية السائدة تظل باعثة على القلق في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى".
وتدلّ تقديرات المنظمة على أنَّ "معدلات الفقر في أفريقيا انخفضت على نحو طفيف من 56 % في عام 1990 إلى 49% في عام 2010، مما خلّف 388 مليون نسمة من سكان القارة في حالة من الفقر المدقع، ونحو 239 مليوناً يعانون سوء التغذية المزمن".
وما زالت أوضاع الأمن الغذائي في إقليم الساحل ومنطقة القرن الأفريقي تشكّل مصدراً لقلق خاص.
وتابع البيان "بحلول عام 2012، كانت أفريقيا أقل قارة تحرز تقدماً في الحد من معدلات الفقر"، مشيرًا إلى أنّه "أورد تقرير الأمم المتحدة الخاص بالأهداف الإنمائية للألفية لعام 2012، أن أفريقيا ظلّت أبعد بنسبة 41% عن تحقيق هدف الإنمائية للألفية في التخفيف من مستويات الفقر، مقابل 25% في جنوب آسيا، و6.1% في أميركا اللّاتينيّة، ومع ذلك، نجح 11 بلداً أفريقياً في تحقيق الهدف الأول من أهداف الألفية الإنمائية للحد من معدلات الجوع بمقدار النصف، وخفض نسبة الأشخاص الذين يعانون من الجوع خلال الفترة 1990 - 2015، بل وتمكن أيضاً ثلاثة بلدان أفريقية، هي جيبوتي، وغانا، وساوتومي وبرينسيبي، من الإيفاء بهدف مؤتمر القمة العالمي للأغذية (1996)، الأكثر طموحاً، في الحد من العدد الكلي المطلق للجياع بمقدار النصف".
وكشفت "فاو" عن أنَّ "أفريقيا، لكي تقوى على المنافسة بنجاح في مواجهة الواردات المتزايدة الوافدة إلى أسواقها المحلية والإقليمية الزراعية، فسوف يحتاج مزارعوها وأعمالها التجارية الزراعية إلى تحسين كفاءة سلسلة القيمة على المستويات كافة".
وأكّدت المنظمة أنَّ "هناك فرصاً كبيرة سانحة للإسراع بنمو قطاع الزراعة، الذي يحركه أصحاب الحيازات الصغرى، وصغار الأعمال التجارية الزراعية في أفريقيا، كأساس لهذا التحوّل المنشود، ولتتجير القطاع".
ولفتت "فاو" إلى أنّه "نظراً لسياق التحضّر السريع، فإن 40 % من سكان أفريقيا يعيشون الآن في تجمعات عمرانية، ويستهلكون ما يقرب من 50% من مجموع الأغذية الموّردة، ما يضفي أهمية متزايدة على سلاسل الإمدادات الغذائية من الريف إلى الحضر".
وشدّدت المنظمة على أنَّ "صنّاع السياسات ينبغي أن يروا في هذه السوق الحضرية على الأقل فرصة، شأنها شأن أسواق التصدير، لاسيما لأنها في متناول المزارع الأسرية الصغيرة، والشركات المحدودة النطاق".