الدوحة ـ العرب اليوم
أكدت الصحف الفرنسية، أن سياسة الشيكات القطرية في إفريقيا، لن تفلح هذه المرة؛ لأن أمن واستقرار تلك البلدان أهم من تقديم التمويل الاقتصادي، والعلاقات الدبلوماسية المزيفة، وذلك على خلفية الجولة الإفريقية التي بدأها أمير قطر تميم بن حمد، الأربعاء الماضي لستة بلدان، هي مالي وبوركينا فاسو وساحل العاج وغانا وغينيا والسنغال، حيث اعتبرها البعض محاولة لاستعادة نفوذ قد تكون خسرته الدوحة في شرق إفريقيا، في حين يرى آخرون أنها تأتي في سياق جهد قطري متصل منذ أعوام في دعم جماعات التطرف والتشدد في القارة السمراء بما يلتقي مع الجهد التركي في الشرق، الذي يستهدف دعم حركة الشباب الإرهابية في الصومال وجماعات أخرى.
وفي هذا الصدد ذكرت صحيفة لوموند الفرنسية، في تقرير لها، على خلفية الجولة الإفريقية التي يجريها أمير قطر، بعد عزلته التامة في الشرق الأوسط، لأكثر من ستة أشهر، على خلفية اتهام الدوحة بدعم وتمويل الإرهاب، أنه يهرب إلى دول غرب إفريقيا.
وتحت عنوان «أمير قطر يهرب من عزلته في الشرق الأوسط إلى غرب إفريقيا»، أشارت الصحيفة إلى أن تميم في ستة بلدان إفريقية، بحثاً عن بديل اقتصادي.
ولفتت الصحيفة الفرنسية إلى أنه على الرغم من المحاولات المستمرة للدوحة لتقديم الدعم المادي لدول إفريقية، إلا أن العلاقات لاتزال متوترة، باتهام دول إفريقية عدة للدوحة بزعزعة استقرارها، وهو ما دفعها لقطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر، مثل مصر وموريتانيا، بالإضافة إلى النيجر وتشاد والسنغال التي قامت باستدعاء سفرائها من الدوحة، فيما عاد السفير السنغالي إلى قطر في أغسطس الماضي، إلا أن العلاقات لاتزال يشوبها بعض التوتر.
وكشفت الصحيفة عن سر توتر العلاقات القطرية السنغالية، مشيرة إلى أن الدوحة تدخلت لإطلاق سراح كريم عبدالله واد نجل الرئيس السنغالي السابق عبدالله واد (2000-2012)، المتهم في قضايا فساد وكسب غير مشروع، وحُكِم عليه في مارس 2015 بالسجن ست سنوات، وغرامة قيمتها 210 ملايين للثراء غير المشروع، وأقرت محكمة الاستئناف السنغالية في أغسطس عام 2015 الحكم. وأشارت الصحيفة الفرنسية إلى أنه «لأسباب غير معروفة، عن سر العلاقة المشبوهة بين الطرفين، تدخل الأمير القطري للإفراج عن كريم واد، وبالفعل أفرج عنه في 24 يونيو 2016، وطار بعد ساعات إلى الدوحة، حيث يمكث منذ ذلك الحين، وفقاً للصحافة السنغالية».
وفي هذا الشأن، علقت مجلة لوبوان الفرنسية، أنه على الرغم من أن السنغال المحطة الأولى لتميم في جولته الإفريقية، إلا أن هذا البلد الذي اتهمته دول الجوار بدعم الإرهاب وبث الكراهية والتقارب مع إيران، لا تجمعه علاقات طيبة بالسنغال، ولا الرئيس السنغالي ماكي سال. وأرجعت المجلة سوء العلاقات القطرية السنغالية إلى الواقعة نفسها (كريم واد)، مشيرة إلى أنه على الرغم من التعزيزات الاقتصادية والأموال التي تقدمها الدوحة لكسب السنغال في صفها، إلا أن الرئيس سال لن يغفر للدوحة تدخلها في الشأن السنغالي.
ويرى متابعون أن قطر تسعى بتحرك أميرها إلى إيجاد موطئ قدم في منطقة كانت وبالاً على استقرارها، طوال الأعوام الماضية. وشكلت قطر شرياناً دائماً للإرهاب في عدد من بلدان إفريقيا، فمالي مثلاً تحولت إلى أرض خصبة للإرهابيين، بسبب دعم قطري منقطع النظير. كما يستهدف السعي القطري لموطئ قدم في غرب افريقيا استمرار جهدها التخريبي في دول شمال افريقيا العربية كمصر وليبيا، التي منيت جهودها فيها بانتكاسات متتالية مع تراجع دور الجماعات الإرهابية التي تدعمها الدوحة.
وعملت الدوحة على جذب الإرهابيين إلى مالي من مختلف أنحاء العالم، كما استخدمت قطر ستار المساعدات وتوطيد العلاقات الثنائية، وتجول المسؤولون القطريون في مناطق شمال البلاد المضطرب، تحت حماية «حركة التوحيد والجهاد» المتطرفة في مالي.
ويصل الدعم القطري بالمال والسلاح لهذه الجماعات المتطرفة بصور ملتوية، بهدف ربط التنظيمات الإرهابية التي تدعمها مروراً بمنطقة الصحراء الكبرى وليبيا وصولاً إلى سورية. وتركز عناصر الإرهاب القطري على خمسة تنظيمات رئيسة أبرزها؛ حركة «التوحيد والجهاد» المتطرفة التي تعتمد في مصادر تمويلها إلى جانب الدوحة، على تجارة المخدرات والسلاح والاختطاف، فضلاً عن ذلك، تقدم الدوحة مساعدات مالية ولوجستية كبيرة لكل من متمردي حركة «تحرير أزواد»، وحركة «أنصار الدين»، و«أنصار الشريعة»، إلى جانب تنظيم «القاعدة في بلاد المغرب»، كما تريد الدوحة أن تقدم دعماً لوجستياً جديداً لكتائب «جماعة أنصار الإسلام والمسلمين». وعلى هذا النحو، عملت الدوحة على ضرب استقرار دول كثيرة في منطقة غرب إفريقيا، من خلال تمويل وتسليح الجماعات الإرهابية واستخدامها في هز استقرار هذه الدول، بهدف السيطرة على مواردها. وكشفت صحيفة «لوكانار أنشينيه» الفرنسية، أخيراً، عن تلقي «حركة أنصار الدين» التابعة لـ«القاعدة» وحركة التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا والانفصاليين الطوارق، دعماً مالياً من قطر بحجة المساعدات والغذاء، التي كانت تهبط في مطاري غاو وتمبكتو في مالي لتصل إلى أيادي المتطرفين والإرهابيين. وانتقدت مرشحة الرئاسة الفرنسية السابقة مارين لوبان - أثناء السباق الانتخابي، الدعم المالي الذي تقدمه قطر للمجموعات المتطرفة في مالي.
ونشرت صحف فرنسية، قبل أعوام، تقارير قدمتها الاستخبارات العسكرية إلى رئيس أركان الجيوش الفرنسية، أكدت أن أكثر من حركة في مالي تستفيد من الدعم المالي القطري، سواء بالحصول على مساعدات لوجستية أو مساهمات مالية مباشرة تحت غطاء جمعيات خيرية وإنسانية تنشط هناك.
ووجه عمدة مدينة غاو في شمال مالي، سادو ديالو، اتهامات لأمير قطر بتمويل المتشددين عبر مطاري غاو وتمبكتو وتمويلهم تحت غطاء المساعدات الإنسانية والغذائية. وأكد أن من بين المستفيدين من هذه المساعدات القطرية على وجه التحديد، حركة «التوحيد والجهاد» في غرب إفريقيا، التي تعتمد أيضاً في مصادر تمويلها على تجارة المخدرات والسلاح والاختطاف، واحتجزت لأشهر عدة سبعة دبلوماسيين جزائريين، وطالبت بفدية لكن السلطات الجزائرية رفضت ذلك.