مسقط - عمان اليوم
وجّه سماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي المفتي العام للسلطنة عبر برنامج سؤال أهل الذكر من تلفزيون سلطنة عمان رسالة أهاب فيها بتوخي الحذر والالتزام بالتعليمات الصادرة من اللجنة العليا المكلفة ببحث التعامل مع جائحة كورونا وما أقرته من إجراءات للحفاظ على الصحة العامة حيث قال: لا ريب أن الإنسان مسؤول عن نفسه ومسؤول عن غيره، مكانته مكانة كبيرة في موازين الله تعالى، كما يؤذن بذلك قول الله تعالى: (مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا)، فالإنسان قيمته قيمة هي بمنزلة قيمة العالم لأنهم بمثابة القطب لهذا العالم فلذلك يعتبر التعرض لسلامة الإنسان أمرا خطيرا يتحمل من تعرض عاقبته ومسؤوليته بين يدي الله تعالى، وسواء كان هذا التعرض بالنسبة إلى سلامة المرء نفسه أو سلامة غيره، فانه مسؤول عن نفسه ومسؤول عن غيره، فمسؤول عن نفسه عليه أن يحافظ عليها، وأن يجنبها كل مضار الخطر، ومسؤول عن غيره بحيث عليه أيضا أن يتفادى كل ما يسبب سلامة غيره لأي خطر من الأخطار.
وأضاف قائلا: نجد أن القرآن الكريم يبين حكم من قتل نفسه وكذلك من قتل غيره هو في حكم من قتل نفسه، فالله تعالى يقول: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا، وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا)، مبينا أن هذه هي عقوبة من تسبب لأي خطر يصيب نفسه أو يصيب غيره، فلأجل هذا كان لزاما على الإنسان ألا يكون سببا لتعريض نفسه أو لتعريض غيره لأي خطر من الأخطار، إذ أن حياة المرء نفسه لا تعوّض، وحياة غيره أيضا لا تعوّض، فلا يمكن أن يأتي بحياة بدلا من الحياة التي تلفت، لذلك كان صون الحياة من أي سبب من أسباب التلف أمرا ضروريا تقتضيه المحافظة على أمن الحياة واستقرارها، ولا ريب أن الذين يكسرون هذا الحجر ويتعدون هذه الخطوط الحمراء هم معرضون حياتهم وحياة غيرهم للخطر، لذلك يبوؤون بمسؤولية تعريض حياتهم وحياة غيرهم للخطر، والله سبحانه وتعالى سائلهم عن ذلك يوم القيامة.
وأضاف قائلا: من تسبب لأي خطر يصيب حياته فهو مسؤول بينه وبين ربه، وكذلك من تسبب لحياة غيره هو ضامن، فهؤلاء الذين يكسرون الحجر ويتعدون هذه الخطوط الحمراء هم ضامنون لما يصيب الآخرين، ومن الذي يحصي المصابين عندما يتسبب الإنسان للعدوى التي ينتقل اثرها إلى أعداد لا تحصى من الناس، فقد يصيب العشرات وقد يصيب المئات والعياذ بالله تعالى، وقد يكون العدد أكبر من ذلك، وهو مسؤول عن كل واحد من هؤلاء وضامن بينه وبين ربه لحياته، وضامن لما أصابه من الخطر، فعلى الناس أن يدركوا هذا، ونوصيهم أن يغلّبوا الجانب العقلي في هذا الأمر، وألا يغلّبوا أطماع النفس ورغباتها، وألا يغلّبوا العاطفة التي قد تسوقهم أحيانا إلى أن يتعدّوا هذه الحدود ويتجاوزوا هذه الخطوط، عليهم أن يحرصوا على سلامة أنفسهم وسلامة غيرهم وإلا فانهم ضامنون لما أصاب كل أحد..
مؤكدا أن كل من تسبب الإضرار بغيره هو ضامن بينه وبين ربه سبحانه وتعالى في هذا الضرر الذي يصيب الآخرين فضلا عما يصيبه بنفسه، فهو بلا ريب مسؤول عن ذلك بين يدي الله تعالى، فالحق سبحانه وتعالى يقول: (وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا، وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا)، لذلك أوصي الجميع بالحذر مبينا: نحن كلنا حذرون، ونحن كلنا في شوق مُلحّ إلى بيوت الله، والاجتماع بإخواننا في المساجد ولكن غلّبنا الجانب المصلحي على الجانب العاطفي، غلّبنا الجانب العقلي على الجانب العاطفي فلم ننسق مع العاطفة بحيث نلبي النداء الذي نسمعه، ونذهب إلى المساجد مع شدة شوقنا إليها ورغبتنا في إقامة الصلوات فيها، وندعو الله تعالى في جميع الأوقات أن يردنا إلى بيوته ردا جميلا، وأن يمنّ علينا بالصحة والعافية والحفظ من كل خطر والوقاية من كل سوء، وأن يكلل هذه الحياة كلها بالنجاح، وأن يلبسها ثوب العافية انه على كل شيء قدير.
أما بالنسبة لتعبير الناس عن فرحتهم بالعيد، وعلى ما اعتادوه من التجمعات الأسرية أيام العيد تحت ظل هذه الجائحة وكسر الطريقة المعتادة في المعايدة في هذه الأحوال، قال سماحته: هذه التجمعات الأسرية يجب أن تكون محدودة جدا، جدا بحيث لا تتجاوز الأسرة الواحدة في داخل البيت مع تفادي اجتماعهم وتقاربهم بحيث يظلون متباعدين في اجتماعهم لأجل تفادي الخطر، أما بالنسبة لفروع الأسر ندعو للاكتفاء بالاتصال وتبادل التهاني من خلال الهواتف أو من خلال الرسائل الهاتفية وتجنب الزيارات، هذا الذي ندعو إليه، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يعيد إلينا أعيادنا وأن يعيد إلينا فرحتنا، وأن يعيد إلينا ابتهاجنا بالعيد السعيد وأن يعيد مواسم الخير في أمن وسلامة واطمئنان من غير أن يكدر صفوها أي شيء من هذا القبيل.