مسقط - عمان اليوم
تزخر ولاية العوابي بمحافظة جنوب الباطنة بالعديد من الشخصيات العلمية والثقافية ذات التاريخ القديم الضارب في الأعماق ويعد الشيخ ناصر بن جاعد الخروصي – رحمه الله – من أبرز تلك الشخصيات التي ظهرت في القرن الثالث عشر الهجري وهو من مواليد قرية العلياء في وادي بني خروص بولاية العوابي.
ويقول الباحث خالد بن عبدالله بن سيف الخروصي لوكالة الأنباء العمانية بأن الشيخ ناصر بن جاعـد الخروصي من عائلة علم وأدب، وأسرة عريقة، فهو سليل علماء أفاضل، وأئمة أمجاد ونشأ ببيت علم وصلاح وفقه، وأخذ العلم عن والده وعالم عصره الشيخ جاعد بن خميس الخروصي الملقب بأبي نبهان حيث لازمه في البيت والمسجد ودروس العلم وحلقات حفظ القرآن الكريم ومجلس العلم الذي كان لا يفارقه.
كما أنه كان يقرأ كثيرًا من كتب الفقه والتفسير والطب وغيرها ومن الشواهد على هذا الاهتمام المسائل والمواقف التي كان ينقلها في كتبه عن أبيه الشيخ جاعد، حيث استفاد من علم والده ومدرسته التي أقامها في العلياء وكتبه ومؤلفاته ومكتبته العامرة ومن العلماء الذين توافدوا بها، وزاد في ذلك موهبته في طلب العلم مما جعله يشتهر ويتفوق على أقرانه في التحصيل والتأليف حيث تبلورت ملكة الشيخ ناصر بن جاعد الخروصي في الحفظ والفهم وطلب العلم الشرعي وكان مهتما كثيرا بالدعوة إلى ﷲ والإصلاح بين الناس وتدريس الشريعة طوال حياته.
وعن الآثار العلمية للشيخ ناصر بن جاعد الخروصي يقول الباحث خالد بن عبدالله الخروصي إن تنوع تراث الشيخ ناصر بن جاعد الخروصي ونتاجه العلمي يشمل أبوابًا واسعة من العلوم مثل أبواب الشريعة إضافة إلى بعض علوم العربية وبعض العلوم الأخرى مثل الكيمياء والطب واللغة وقد جاوزت مؤلفات الشيخ الثلاثين بين موسوعات علوم الشريعة الإسلامية ومؤلفات مستقلة في علوم متخصصة وتعليقات على بعض كتب الفرق الإسلامية ورسائل علمية قصيرة إضافة إلى أجوبة علمية منثورة في جملة من كتب المتأخرين من فقهاء عمان وبعض المجاميع المخطوطة.
وقد كانت للشيخ مؤلفات في علوم العربية من نحو وصرف ومعان وبديع، ومن ذلك نظمه لمتن (العوامل المائة) للإمام الجرجاني وهي في العوامل اللفظية، وقد شرحها في كتاب سماه (التهذيب بالنحو القريب)، وله كتاب في علم الصرف بعنوان (مبدأ الكشف في علم الصرف) وكتاب آخر في علم المعاني والبديع سماه (فلك الأنوار ومحك الأشعار) جمع فيه طرفًا من بلاغة العرب وفصاحتهم ومهارات العربية حيث إنه كان متعدد الاهتمامات العلمية، فله مؤلفات في العقيدة والفقه ومقارنة الأديان والسلوك الأخلاقي، واللغة والفلسفة والمنطق والطب والفلك والحساب والهندسة وتصنيف العلوم، وكان مستمرًا في المطالعة والتحصيل والبحث، مجتهدًا في طلب العلم ونشره، وله عناية بالتأليف في مجال العقيدة ومما كتبه في ذلك كتابه (الحق اليقيـن والنور المبين) وفي مجال الأصول وما كتبه في كتابه (تنوير العقول في علم قواعد الأصول) وكتاب (الإخلاص بنور العلم والخلاص من الظلم) والذي يتضمن أقسام العلوم ومدحها وعلم الحقيقة والولاية والبراءة ومعانيه، وكذلك ألف في مجالات أخرى وشـرح بعض الأحاديث المروية عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم فتناول (الجامع الصغير) بالشرح، وكذلك عني بالكتابة في مجال العربية، فقد كتب في علم الصرف وكذلك في النحو وأيضا عنــي بالتأليف في مجال الأوقاف والأمور الروحانية إذ كانت له يد في ذلك، وله مؤلفات عديدة في هذا الجانب، والجوانب الأخرى.
وأضاف الباحث خالد الخروصي قائلا إن الشيخ ناصر بن جاعد الخروصي لم يكتفِ بهذه العلوم وإنما تمكن من علوم أخرى كأدب السلوك والتصوف فنجده يشـرح التائية الكبرى لابن الفارض الشاعر السلوكي المعروف، أظهر فيه الشيخ نبوغه الفكري وكما أظهر تنوع مصادره وكثرتها مما يدل على أنه لم يكن منغلقا على فكر أو منهج أو كتاب معين، ونجد الشيخ ناصر يتخصص في كتبه التي ألفها في الشرق الأفريقي فهذا كتابه الطبي بعنوان (السر العلي في خواص النبات السواحلي) وكتاب (مبتدأ الأسفار في لغة أهل زنجبار) يوضح تخصصه في هذا الجانب.
وحول صفات الشيخ ناصر بن جاعد الخروصي يقول الباحث إنه يتصف بالأخلاق العالية التي ميزت مكانته الكبيرة بين العلماء فقد كان رحمه الله ذا همة عالية وتواضع جم ويتصف بالزهد والورع وبالشجاعة والجرأة وحسن التصرف والتدبير وبالذكاء وسرعة البديهة.
ومما تجدر الإشارة إليه أن الشيخ ناصر بن جاعد الخروصي سافر إلى زنجبار عام 1250هـ بصحبة السيد سعيد بن سلطان، وظل هناك حتى العام 1262هـ وهي السنة التي توفي بها حيث توفي في بلدة متوني في زنجبار وكان ذلك يوم الجمعة الخامس والعشرين من شهر جمادى الأولى سنة ١٢٦٢هـ وكان في هذه السنوات يزور عُمان بين الفينة والأخرى.
قد يهمك ايضاً
هطول أمطار بين الغزيرة والمتوسطة على عدد من ولايات ومحافظات السلطنة
أهالي قريات يشيدون بالإنجازات التي تحققت بالولاية فـي عهد السلطان الراحل