اثينا - العرب اليوم
بعد فوزه الاحد في الانتخابات التشريعية اليونانية على رأس حزب سيريزا اليساري الراديكالي، يستعد رئيس الوزراء المنتهية ولايته الكسيس تسيبراس منذ الاثنين لتشكيل حكومة ائتلافية مع حزب اليونانيين المستقلين سيكون عليها تطبيق الاصلاحات الاقتصادية الصعبة التي ينتظرها الدائنون.
واعلن تسيبراس مساء الاحد لانصاره في وسط اثينا "اعتبارا من الغد سننكب على العمل" بعد فوزه برهاناته الثلاثة اذ اعاد حزبه سيريزا بسهولة الى السلطة واعاد تشكيل ائتلاف مع اليمين السيادي وتخلص تماما من الجناح المعارض في حزبه.
وبعد فوزه بنسبة 35,46% من الاصوات متقدما بسبع نقاط على حزب الديموقراطية الجديدة اليميني الذي حاز على 28,05% من الاصوات، نجح تسيبراس في ترسيخ حزبه على الساحة السياسية اليوناية والاوروبية.
ولكنه وكما حصل في كانون الثاني/يناير، لم يحقق سيريزا الاغلبية المطلقة، وسيمثله في البرلمان الجديد 145 نائبا ما جعله يعلن ائتلافه مع حزب اليونانيين المستقلين الذي فاز بعشرة نواب لتأمين اغلبية مطلقة من 155 من اصل 300 نائب.
ومن المتوقع ان يؤدي تسيبراس اليمين رئيسا للوزراء الاثنين امام رئيس الجمهورية قبل اعلان حكومته الثلاثاء وفق ما اعلن حزبه.
ويدرك تسيبراس ان مهمة الحكومة لن تكون سهلة حيث ينتظر منها الدائنون ان تبدأ بسرعة بتطبيق الاتفاق الذي ابرم في تموز/يوليو وينص على زيادة الضرائب واصلاح القطاع العام وتحرير الاسواق لمواصلة استلام دفعات المساعدات التي تلقت منها اليونان اول دفعة في اب/اغسطس بقيمة 13 مليار يورو.
كما تم تسليم دفعة من عشرة مليارات لحساب خاص لاعادة رسملة البنوك التي اضعفتها القيود المفروضة على الرساميل لمنع نقلها الى الخارج.
ومع تهنئة سيريزا بالفوز، اعرب رئيس مجموعة اليورو (يوروغروب) لوزراء مالية منطقة اليورو يورين ديسلبلوم في تغريدة على موقع تويتر عن امله في "تشكيل حكومة جديدة سريعا" من اجل "مواصلة عملية الاصلاح".
وبالمثل قال المتحدث باسم المفوضية الاوروبية مارغاريتيس سكيناس "نأمل ان نتمكن من العمل سريعا مع الحكومة الجديدة (فور) تشكيلها. هناك الكثير من العمل ولا مجال لاضاعة الوقت".
واضاف انه من المنتظر ان تتم مراجعة الحسابات العامة اليونانية "هذا الخريف".
ويدرك تسيبراس ما ينتظره لكنه حذر منذ مساء الاحد خلال تجمع لانصاره من ان "الانتعاش الاقتصادي لن يحدث بفعل السحر" وانه ينبغي "التخلص من الفساد المستشري في البلاد".
ويرى المحللون ان استقرار الحكومة هو الرهان الرئيسي مذكرين بان انتخابات الاحد هي الخامسة منذ بروز ازمة الديون في 2010.
ونقل تلفزيون "بلومبرغ" عن مجتبى الرحمن رئيس فرع اوروبا لدى جمعية اوراسيا غروب للاستشارات السياسية ان "نجاح التقييم الاول للبرنامج يتوقف على الاستقرار السياسي والاقتصادي".
وينوء الاقتصاد اليوناني تحت عبء الديون العامة التي تزيد عن 170% من اجمالي الناتج الداخلي وحيث يستخدم القائض الأولي في الميزانية لتسديد خدمة الدين فحسب.
ويضع سيريزا اعادة هيكلة الدين في صلب برنامجه وهي مسألة بدأ الحديث بها بشكل خجول في منطقة اليورو خلال الاشهر الماضية. ويؤد صندوق النقد الدولي خفض الديون لاتاحة استئناف النمو الاقتصادي لكن الاتحاد الاوروبي وهو كبير الدائنين لا يتحدث حتى الان سوى عن اعادة هيكلة الديون.
وخرجت صحيفة "تا نيا" الاثنين بعنوان "عهد تسيبراس" مؤكدة انه حصل على "فرصة ثانية" ولكن عليه ان يواجه "شتاء قاسيا، ومتطلبات مذكرة (خطة الانقاذ) والانكماش وازمة الهجرة المتفجرة".
واعلن المتحدث باسم المستشارة الالمانية انغيلا ميركل ان المانيا "ستعمل عن كثب وبروح من الشراكة مع الحكومة الجديدة في اليونان". وقال المتحدث ستيفن سيبرت "هذا ينطبق على تجاو ازمة الديون بشكل مشترك والتحديات التي يطرحها وضع اللاجئين والتي نحتاج لاعطاء ردود مشتركة عليها".
ولكنه اوضح "لدينا اساس واضح للتغلب على ازمة الديون وهو الاتفاق على خطة المساعدات الثالثة" مؤكدا ان الاتفاق موقع مع الجمهورية اليونانية وليس مع حكومة بعينها وانه "يبقى ساريا بمجمله، بغض النظر عن الانتخابات وتغيير الحكومة. وعلى هذا الاساس، سنتعاون نحن وباقي الشركاء الاوروبيين مع الحكومة اليونانية الجديدة".
وتلقى تسيبراس التهاني من مارتن شولتز رئيس البرلمان الاوروبي والرئيسي الفرنسي فرنسوا هولاند والمستشار النمساوي فيرنر فايمان، وكذلك من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي ارسل له برقية تهنئة "عبر فيها عن الامل في مواصلة حوار بناء وتعاون نشط" مع اثينا.
وجاء في البرقية ان موسكو "ترغب في تعزيز التعاون الروسي-اليوناني الذي يفيد الطرفين في عدة مجالات لا سيما التجارة والاقتصاد والطاقة والشق الانساني".
وبالرغم من امتناع نسبة كبيرة من الناخبين عن التصويت (حوالى 44%) منح اليونانيون فرصة ثانية لتسيبراس الذي كان اول رئيس حكومة من اليسار الراديكالي في اوروبا. وقد استقال في اب/اغسطس بعدما خسر غالبيته في البرلمان، مراهنا على الفوز بتفويض اقوى.
وكان تسيبراس الذي وصل الى السلطة في كانون الثاني/يناير وسط موجة امل كبيرة عمت البلاد في ظل ازمة خطيرة استقال بعد تفكك غالبيته النيابية لدى تصويت النواب على خطة المساعدة الجديدة للبلاد بقيمة 86 مليار دولار، وهي ثالث خطة يمنحها الاتحاد الاوروبي وصندوق النقد الدولي لليونان خلال خمس سنوات.
ووقع تسيبراس على هذه الخطة تحت الضغط موضحا انها اهون الشرور سعيا لتجنيب البلاد خروجا كان يبدو محتوما من اليورو.
وينتيجة انتخابات الاحد انضم حزب تو بوتامي (النهر) الوسطي الذي انشأه عام 2014 ستافروس ثيودوراكيس الصحافي السابق في التلفزيون، وحزب باسوك الاشتراكي الواسع النفوذ سابقا، الى صفوف المعارضة.
وسيكون انتصار سيريزا الجديد موضع ترقب في اسبانيا والبرتغال وايرلندا، البلدان التي تعاني من الازمة والتي تنظم انتخابات مهمة خلال الاشهر المقبلة.
وبنتيجة الانتخابات، عزز حزب "الفجر الذهبي" للنازيين الجدد موقعه كثالث احزاب البلاد في ظل ازمة المهاجرين الحالية، بحصوله على 6,99% من الاصوات ما يرفع عدد نوابه الى 18 بزيادة نائب واحد.
وارتفعت الى 7,78% مقابل 3,12% نسبة الاصوات المؤيدة لهذا الحزب في جزيرة ليسبوس التي تكدس فيها قرابة عشرين الف لاجىء في بداية ايلول/سبتمبر، وبالمثل تقدم الحزب في جزيرتي كوس وساموس اللتين تستقبلان كذلك اعدادا كبيرة من المهاجرين.
المصدر أ.ف.ب