واشنطن - يوسف مكي
أعلن القاضي في المحكمة الأميركية العليا أنتوني كينيدي، أمس الخميس أنه سيتقاعد في نهاية يوليو /تموز المقبل، ما يفسح المجال أمام الرئيس دونالد ترامب لترجيح كفة القضاة المحافظين في هذه المؤسسة التي تؤثر قراراتها على مجريات الأحداث وحياة الناس.
ويُعد دور كينيدي "81 عاما" محوريًا في المحكمة المكلفة صيانة الدستور الأميركي، فهو محافظ بشأن قضايا مثل الأسلحة النارية أو تمويل الحملات الانتخابية، لكنه يمكن أن يتخذ مواقف تقدمية بشأن قضايا مثل الإجهاض أو التمييز الإيجابي، كما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية.
وأعلن القاضي تقاعده في رسالة موجهة إلى ترامب عبّر فيها عن "امتنانه" و"الشرف" الذي حظي به لممارسته مهامه طيلة ثلاثين عاما في المحكمة العليا.
وصرح ترمب بعدها أن تعيين بديل له بدأ "على الفور"، بعد أن أتيحت له فرصة تعيين قاض ثان في أعلى هيئة قضائية بعد القاضي المحافظ نيل غورستش الذي عينه بعد وصوله إلى البيت الأبيض.
وتابع ترامب "لدينا قائمة بـ25 شخصا عرضتها خلال حملتي الانتخابية. كانوا 20 وأضفت إليهم 5". وأشاد ترمب خلال لقاء انتخابي في المساء بقرار القاضي التقاعد، وقال "كان يثق بقيامي بالخيار الصواب حفاظاً على إرثه".
وكان الديمقراطيون وكل المنظمات التقدمية في البلاد تخشى تقاعد كينيدي، فهي تعلم أن ترامب سيرغب في تعيين شخص يميل أكثر إلى اليمين خلفاً له. ويمكن بالتالي توقع معركة سياسية تاريخية حول خليفة كينيدي، الذي قضى أطول مدة في المحكمة إذ عينه الرئيس الجمهوري رونالد ريغان في 1987.
ويعيّن قضاة المحكمة العليا مدى الحياة من قبل الرئيس الأميركي، ولا بد أن يخضعوا لتصويت إيجابي في مجلس الشيوخ حيث لا يتمتع الجمهوريون سوى بغالبية محدودة. وحذّر زعيم الديمقراطيين في مجلس الشيوخ، تشاك شومر، أن شغور المنصب في المحكمة العليا "هو الأهم منذ جيل على الأقل"، وأضاف: "مصير نظامنا الصحي وحقوق النساء على صعيد الإنجاب والكثير من التشريعات التي تحمي الأميركيين العاديين على المحك".
وغالبًا ما كان للقاضي كينيدي الكلمة الفصل بين القضاة الأربعة التقدميين والأربعة الآخرين المحافظين. وهو لعب دورًا حاسمًا لا سيما في مجال حقوق المثليين، فقد أتاح صوته تشريع زواج المثليين في كل أنحاء الولايات المتحدة. وكان هذا القاضي، وهو من أصول آيرلندية، من أعد القرار التاريخي. وأمضى كينيدي الكاثوليكي الملتزم وخريج كلية الحقوق في جامعة هارفارد العريقة شبابه في كاليفورنيا.
وتلعب المحكمة العليا، ومهمتها الأساسية السهر على دستورية القوانين، دورا حاسما في حسم نقاشات مهمة حول قضايا تهم المجتمع الأميركي، وهو دور يقوم به البرلمانيون بشكل أكبر في دول أخرى. ويسلط ذلك الضوء على أهمية خليفة كينيدي الذي يمكن أن يرجح الطابع المحافظ لهذه المؤسسة.
ويعتزم ميتش ماكونيل زعيم الغالبية الجمهورية في مجلس الشيوخ، إتمام عملية تثبيت القاضي الجديد في الخريف. ومن المتوقع أن يبدي الديمقراطيون مقاومة قوية، وربما سيحاولون المماطلة على غرار ما فعل أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريون عندما رفضوا حتى الاستماع في العام 2016 إلى القاضي ميريك غارلاند الذي عينه الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما في المحكمة العليا، مبررين ذلك بدنو موعد الانتخابات الرئاسية.
وفي النهاية، لم يثبت ترمب غارلاند واختار نيل غورسيتش. وصرح شومر: "على زملائنا الجمهوريين اتباع القاعدة نفسها التي اعتمدوها في 2016. وأن يرفضوا النظر في ترشيح قاض إلى المحكمة العليا خلال عام يشهد انتخابات"، في إشارة إلى انتخابات منتصف الولاية المقررة في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.