موسكو - حسن عمارة
حذرت موسكو من "تداعيات خطرة" في حال أقدمت واشنطن على توجيه ضربات عسكرية جديدة ضد مواقع النظام في سورية , ودعا نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف واشنطن وحلفاءها إلى عدم القيام بأي "خطوات متهورة جديدة"، في حين نشرت وزارة الدفاع الروسية معطيات عن تحرك قطع عسكرية أميركية استعدادًا إلى شن هجوم.
لغة الإنذارات من واشنطن متواصلة
وقال ريابكوف أمس، إن "لغة الإنذارات من واشنطن متواصلة، بما فيها على مستوى علني"، مشددًا على أن تصاعد التهديدات الغربية لن يؤثر على الحزم لمواصلة السياسة الهادفة إلى القضاء التام على المراكز المتطرفة في سورية، وعودة البلاد إلى الحياة الطبيعية , وأشارأن موسكو ستواصل تقديم كل المساعدة اللازمة إلى دمشق، بما في ذلك ما يخص عودة اللاجئين السوريين إلى أماكن إقامتهم الدائمة.
الدول الغربية تسعى إلى زعزعة الاستقرار في سورية
ولفت نائب الوزير الروسي إلى أن "الدول الغربية لا تريد المشاركة في هذا الجهد، وهذا يدل مرة أخرى على أن لديها أهدافًا أخرى تمامًا، هي زعزعة الاستقرار في سورية بأي أساليب كانت، وإيجاد حجج جديدة لطرح مسألة تغيير السلطة في دمشق , ولا يوجد هناك شيء جديد في ذلك, ونحن نستعد لمثل تطور الأحداث هذا، ونحن نكشف هذه الخطط , لكن الأميركيين لا يتعلمون من دروس التاريخ شيئًا , لذلك نرى حاليًا تصعيدًا جديًا للوضع".
ولَم يستبعد الدبلوماسي الروسي احتمال تكرار السيناريو لتنظيم استفزاز جدي في سورية يليه توجيه ضربة ضدها من قبل الدول الأجنبية" , وزاد "نحذر الأميركيين وحلفاءهم من اتخاذ خطوات متهورة جديدة" , وكان مستشار الرئيس الأميركي للأمن القومي جون بولتون، أعلن عشية لقائه سكرتير مجلس الأمن الروسي نيكولاي باتروشيف في جنيف، الخميس الماضي، أن الولايات المتحدة ترى خطط النظام السوري لشن هجوم جديد في محافظة إدلب"، مشيرًا أن واشنطن سترد بقوة أكبر في حال استخدام الأسلحة الكيماوية من قبل دمشق.
واشنطن جاهزة للقيام بضربة ضد القوات الحكومية السورية
ونقلت وكالة "بلومبيرغ" أمس، أن بولتون قال لباتروشيف أثناء محادثاتهما في جنيف، إن واشنطن جاهزة للقيام بضربة أكبر قوة من السابق ضد القوات الحكومية السورية، إذا استخدمت الأسلحة الكيماوية , واتهمت الخارجية الروسية في بيان أمس "مجموعة كبيرة من دول الغرب والشرق الأوسط" بأنها "قامت باستفزازات شنيعة في سورية نفذها المتطرفون باستخدام السلاح الكيماوي لتحقيق مصالحها في المنطقة".
وأوضح البيان الذي تميز بلهجة حادة تطابقت مع لهجة
بيانات النظام أن "الترويكا الغربية للدول دائمة العضوية في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، استخدمت الذكرى الـ5 لكارثة استخدام السارين في منطقة الغوطة الشرقية، والتي أودت، وفق تقديرات مختلفة، بحياة أكثر من ألف مواطن مدني سوري، لتوجيه اتهامات قاطعة باستخدام الأسلحة الكيماوية للرئيس السوري، بشار الأسد".
الخارجية الروسية تبدي آسفها
وأعربت الخارجية الروسية عن أسفها لأن "واشنطن ولندن وباريس تستغل هذه الذكرى الحزينة بالنسبة للشعب السوري والمجتمع الدولي برمته لتمرير نهجها المخرب الهادف إلى تشويه صورة رئيس الجمهورية العربية السورية" , وزادت، أن "مجموعة كبيرة من الدول الغربية والشرق أوسطية استخدمت أدوات الاستفزازات غير الإنسانية، مثل الهجوم الكيماوي الذي شنه المتطرفون في الغوطة الشرقية بإملاء من مموليهم الخارجيين .
وأكدت الوزارة، أنه "من الواضح منذ وقت طويل للجميع، من بينهم الخبراء المستقلون، أن هذه العملية البشعة وغيرها يقف وراءها (داعش) ومسلحو ما يسمى بالمعارضة المعتدلة والمنظمات غير الحكومية التي تعمل لخدمة مصالحهم، مثل الخوذ البيضاء الذين يحصلون على تمويل من الخارج". وشددت الوزارة على أنه "ليس من المصادفة أن الخوذ البيضاء، ومع تقدم عملية تحرير الأراضي السورية من المتطرفيين، ينسحبون بصورة مستعجلة إلى خارج سورية"، مشيرة أنه "من الواضح أن ذلك يجري لإخفاء الجوهر الحقيقي لهدفهم وأنشطتهم الإجرامية" , وجددت الخارجية التأكيد على أن "كل ما يحدث بشأن ملف الكيميائي السوري الذي بادرت بإبرازه الدول الغربية مرتبط بسعيها إلى تحقيق طموحاتها الجيوسياسية في الشرق الأوسط"، داعية من وصفتهم بأنهم "منتحلو صفة المحامي عن مصالح الشعب السوري وأنصارهم الذين يتبعون هذا النهج إلى وقف التلاعب بالموضوع الكيماوي من أجل الضغط على دمشق وحلفائها".
أميركا تستعد إلى تنفيذ ضربة جديدة في سورية
أفادت وزارة الدفاع الروسية، بأن المدمرة الأميركية "يو إس إس سوليفان" وصلت إلى الخليج العربي محملة بـ56 صاروخًا من طراز كروز بهدف تنفيذ ضربة على سورية , وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية، إيغور كوناشينكوف، إن الاستعدادات الأميركية تضمنت وصول قاذفة استراتيجية أميركية إلى قاعدة "العديّد" في قطر محملة بـ24 صاروخًا مجنحًا , وحذر المتحدث من أن واشنطن وحلفاءها يعدون لضربة جديدة على سورية بذريعة استخدام دمشق للسلاح الكيماوي بعد توفير ذريعة عبر "استفزاز كيماوي" تحضر له "جبهة النصرة".
وقال، إن خطة يجري إعدادها من قبل مسلحي "هيئة تحرير الشام" بمشاركة الاستخبارات البريطانية لتنفيذ مسرحية "استخدام أسلحة كيماوية من قبل السلطات السورية" في مدينة جسر الشغور في إدلب؛ ما سيشكل حجة للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وفرنسا، لشن هجمة جديدة على سورية.
واشنطن وحلفاءها يستعدون إلى ضربة جديدة على سورية
وصرحت وزارة الدفاع الروسية، السبت، بأن واشنطن وحلفاءها يعدون لضربة جديدة على سوريا بذريعة استخدام دمشق للسلاح الكيماوي , ووفقًا للناطق العسكري الروسي، فإن مسلحي التنظيم نقلوا 8 حاويات مليئة بالكلور إلى مدينة جسر الشغور في محافظة إدلب لتنظيم مسرحية "الهجوم الكيماوي" المزعوم. كما شدد كوناشينكوف على أن تنفيذ هذه الخطة يجري بمشاركة المخابرات البريطانية.
وزاد، أن معطياته تؤكد وصول مجموعة خاصة من المسلحين الذين مروا بفترة تدريب على استخدام المواد السامة تحت إشراف خبراء من شركة "أوليفا" العسكرية البريطانية الخاصة.
وقال إنه من المتوقع أن يقوم هؤلاء المسلحون مرتدين لباس (الخوذ البيضاء) بتقليد عملية إنقاذ المصابين في الهجوم المزعوم , وأشار الناطق أن التصريحات غير المبررة لعدد من المسؤولين الكبار في الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، التي أدلوا بها الأربعاء الماضي بشأن نيتهم "الرد بشدة" على استخدام الكيماوي من قبل الحكومة السورية "تمثل دليلًا غير مباشر على تحضير الولايات المتحدة وحلفائها لعدوان جديد ضد سورية".
ملف إدلب محورًا أساسيًا للبحث بين موسكو وأنقرة
ونبهت أوساط دبلوماسية روسية مع احتدام الجدل بشأن التهديدات الأميركية في حال تم استخدام الكيماوي مجددًا في سورية، إلى أن "الهدف الأساسي هو منع السلطات السورية وإيران وروسيا من حسم الموقف في آخر معقل للإرهابيين في سورية" , وكان ملف إدلب محورًا أساسيًا للبحث ، بين موسكو وأنقرة على مستوى وزراء الخارجية والدفاع في البلدين , ورغم عدم تقريب وجهات النظر بشأنه، لكن استقبال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الوزراء الأربعة في ختام المحادثات فسّر في وسائل الإعلام الروسية بأن مساحة الخلاف باتت أضيق بكثير من السابق بشأن عملية إدلب والوضع في سورية عمومًا.
بوتين يشيد بالتقدم في تسوية الأزمة السورية
وأشاد الرئيس الروسي خلال اللقاء بإحراز "تقدم ملحوظ في تسوية الأزمة السورية بفضل التعاون بين روسيا ونظيراتها بما فيها تركيا وإيران والولايات المتحدة" , وخاطب الوفد التركي "بفضل جهود دولتينا مع إشراك دول معنية أخرى، بما فيها إيران ودول أوروبية والولايات المتحدة، بالإضافة إلى تعاوننا مع الأمم المتحدة، نجحنا في المضي قدمًا بشكل ملموس في تسوية الأزمة السورية".
وأشار بوتين أن العلاقات بين موسكو وأنقرة تتخذ طابعًا أكثر جوهرية، مشيدًا بالتعاون الاقتصادي المكثف بين الدولتين في حل أهم المسائل الإقليمية، وعلى رأسها التسوية السورية.
وأكّد وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو خلال اللقاء، أن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان ينتظر زيارة بوتين إلى إسطنبول في المستقبل القريب، علمًا بأن الرئيسين سيلتقيان مع نظيرهما الإيراني حسن روحاني في طهران في الأسبوع الأول من الشهر المقبل لبحث الملف السوري.