غزة ـ كمال اليازجي
أكدت مصادر فلسطينية أن حركة "حماس" تتجه إلى "تصعيد شعبي كبير" مع إسرائيل عبر إعطاء "مسيرات العودة" على حدود قطاع غزة زخما أكبر، بما في ذلك إمكان استئناف إرسال الطائرات الورقية الحارقة باتجاه الأراضي الخاضعة لسيطرة إسرائيل، وأضافت أن هذا التحرك المرتقب من "حماس" هدفه إعادة لفت النظر إلى الوضع العام السيئ في قطاع غزة، بعد فشل مباحثات التهدئة، كما أنه يمثّل رسالة احتجاج قوية على وقف تلك المباحثات.
وبينت المصادر أن "حماس"، الغاضبة من وقف هذه المباحثات بعد تهديدات أطلقها الرئيس الفلسطيني محمود عباس، تريد "فرض" استئنافها بهذه الطريقة، وأضافت: "قيادة حماس تؤمن بأن الوسطاء سيتحركون مجدداً إذا كانت إسرائيل تحت ضغط"، وتابعت أن "التحركات جاءت على وقع التصعيد وستعود كذلك بالطريقة نفسها".
وفشلت مباحثات التهدئة التي رعتها مصر بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل بعد تهديدات عباس بأنه لن يسمح باتفاق تهدئة في قطاع غزة باعتباره يساهم في فصل القطاع عن الضفة، ومدخلاً لما يُعرف بـ"صفقة القرن".
كان المسؤول الفلسطيني أحمد مجدلاني، وهو عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير ومساعد كبير لعباس، قال إن القيادة الفلسطينية "لن تموّل الانفصال مثلما فعلت مع الانقلاب"، في رسالة واضحة بأن عباس سيوقف تمويل قطاع غزة بالكامل إذا عقدت "حماس" تهدئة مع إسرائيل.
وتصرف السلطة على القطاع أقل بقليل من 100 مليون دولار شهريا، وأبلغ عباس مسؤولين مصريين بأنه سيوقف ذلك بالكامل إذا وقّعت "حماس" اتفاقاً مع إسرائيل، وطلب عباس أولاً إنجاح المصالحة باعتبار أن منظمة التحرير هي الجهة الوحيدة المخولة بتوقيع اتفاق مع إسرائيل وليس أي فصيل آخر.
ولم تشارك حركة "فتح" في مفاوضات التهدئة السابقة ورفضت دعوة مصرية من أجل ذلك. وعملياً، يعني موقف عباس فشل جهود التهدئة في الوقت الذي وصلت فيه المصالحة إلى طريق مسدود.
وتقول السلطة إن على "حماس" تسليم قطاع غزة بالكامل للحكومة الفلسطينية بما في ذلك الأجهزة الأمنية والقضاء والمعابر وسلطة الأراضي والجباية المالية، وهو أمر رفضته "حماس". وأقر مسؤول في الحركة الحاكمة في قطاع غزة بوصول المصالحة إلى طريق مسدود، وقال إنه لا يوجد كذلك أي مسودة لتوقيع اتفاق التهدئة. وأبلغ يحيى السنوار، قائد "حماس" في غزة، مجموعة من الشبان أن الوسطاء يتحركون فقط إذا كان هناك تصعيد. ونُقل عن السنوار قوله: "نحن أُفشِلنا في تحقيق وإنجاز المصالحة، ولا يوجد حتى مسودة اتفاق تهدئة". وأكد السنوار أن مسيرات العودة هي خيار الفلسطينيين في غزة، مضيفاً أن "الوسطاء كانوا يأتوا مرات عدة في اليوم عندما كان الضغط الشعبي على الاحتلال قوياً، والآن الضغط تراجع بإرادتنا لإتاحة الفرصة للأطراف لكسر الحصار، ونحن ندرك أن الاحتلال لا يتحرك نحو كسر الحصار إلا تحت الضغط". وضرب السنوار مثلاً كيف أن مبعوث الأمم المتحدة نيكولاي ميلادينوف زار غزة مرتين في يوم واحد عندما كانت الأمور مشتعلة لكنه لم يأتِ لأسابيع بعد الهدوء. وتابع: "اتخذنا قرارا بأن الحصار يجب أن يُكسر بعزِّ عزيز أو ذُلِّ ذليل، ومن لا يعجبه ليشرب من بحر غزة أو سنجعله يسف من رمله".
وفُسّرت تصريحات السنوار بأنها دعوة إلى التصعيد مجدداً. وقالت مصادر فلسطينية إن الجمعة المقبل سيكون "جمعة مغايرا". ويفترض أن تحمل "مسيرات العودة" يوم الجمعة المقبل عنوان "المقاومة خيارنا" وذلك "ردا على خداع العالم للشعب الفلسطيني"، كما جاء في بيان "الهيئة الوطنية لمسيرات العودة".
وموقف "حماس" الجديد جاء بعد أن أبلغتها مصر بوقف محادثات التهدئة في الوقت الراهن، إلى حين الانتهاء من ملف المصالحة الفلسطينية.
وكان واضحا أن المصريين أوقفوا هذه المباحثات بسبب الرفض القاطع الذي أبداه عباس، بما في ذلك قطع العلاقات بين السلطة الفلسطينية وميلادينوف لأن الأخير "تجاوز صلاحياته" بالعمل على تشجيع محادثات التهدئة بين "حماس" وإسرائيل، دون التنسيق مع السلطة في رام الله.
ووقف التمويل عن قطاع يستلزم وجود جهة مستعدة لتغطية مبلغ 100 مليون دولار شهريا، وهو الأمر الذي لم يتحقق، واتهمت "حماس" الرئيس عباس صراحة بتعطيل التهدئة ورفعت من سقف الهجوم ضده هذه الأيام.