مسقط - عمان اليوم
ثلاثة من أبناء ولاية العوابي هم محمد، وخميس، وخالد شحذوا الهمم وتعاهدوا على العمل من أجل كسب الرزق الحلال وإيجاد مصادر دخل لتحسين أوضاعهم المعيشيّة فقاموا بالبحث عن خلايا عسل النحل في أعالي الجبال وداخل الكهوف وتحت الأشجار، فإمكانياتهم المادية لا تسمح لهم بشراء العسل أو خلايا النحل من النحالين الآخرين، فكان النجاح حليفهم واستطاعوا أن يجدوا العسل من نوع أبو طويق، كما جمعوا عددا من الخلايا التي تربى في الجذوع والصناديق بعد أن أصابهم التعب وعانوا من المشقة والإرهاق الشيء الكثير للوصول لتلكم الخلايا التي بعضها تسكن في مرتفعات جبلية، والوصول إليها لا يخلو من المغامرات وقاموا بنقل الخلايا من الكهوف وتسكينها في صناديق تربية النحل وبحكم خبرتهم ومعرفتهم للنحل استطاعوا تكوين منحل للاستهلاك المنزلي لهم وكمصدر دخل ينتفعون بالفائض منه كمصدر يساعد على مصاريف الحياة.
أبو طويق !
يقول محمد بن سليمان الهطالي: كنا في البداية نبحث عن عسل النحل من نوع (أبو طويق) ونحل التربية وبدأنا بهذه المهمة منذ عام 2004م وكانت أعمارنا لم تتجاوز الـ 18 وما زلنا مستمرين حتى الآن، حيث بدأنا بتربية النحل الذي حصلنا عليه وحولناه من الجذوع لفترة إلى الصناديق الحديثة لسهولة الإشراف والمتابعة على النحل وأيضا معرفة ما يعترض النحل من الآفات والحشرات والأمراض.
وعن الصعوبات التي تواجههم يقول: من أكبر الصعوبات عدم توفير المكان المناسب، فالعمل بهذا المجال يجب أن يكون بعيدا عن المساكن حتى لا يتسبب النحل في إيذاء أصحاب المنازل القريبة من المنحل، وعن الفرق بين تربية النحل بالطريقة الحديثة في الوقت الراهن وبين الطريقة التقليدية السابقة يقول: الطريقة التقليدية من سلبياتها انك لا تستطيع أن تتعرف على أحوال النحل لأن الخلية لا تفتح إلا من جانبين فقط ولا يمكن الاطلاع على ما بداخلها كاملا، كذلك لا يمكن التحكم بالتطريد مما يؤدي إلى فقد شيء من الخلايا، أما الطريقة الحديثة فهي سهلة الإشراف ومضمونة في طريقة التقسيم، حيث يتكاثر النحل بأريحيّه أما الطريقة التقليدية فمن سلبياتها أن مربي النحل يجب إن يكون حاضرا في موقع المنحل بشكل مستمر وقت التطريد ونشاط النحل.
طريقة التسويق !
وعن طريقة تسويقه للعسل يقول: أبيع العسل على مستوى الولاية والحمد لله فإن الأهالي والجيران هم الداعمون لنا في المقام الأول، والنحل يبشر بالخير والإنتاج جيد في بعض مواسم برم السمر وجباب السدر وأزهار الشوع والسرح وغيرها، وعن الاستفادة من هذا المشروع له ولزملائه يقول: الحمد لله لدينا الاكتفاء الذاتي من العسل ما يزيد عن حاجتنا نبيعه ونستفيد من قيمته لتغطية مصاريف الأسرة وشراء مستلزمات النحل ويقول: لقد أتاحت لنا وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه فرصة للمشاركة في دورة تدريبية في مجال تربية النحل، واكتسبنا معلومات مفيدة في مجال تربية النحل، ولهذا فقد طورت الفكرة وأقمت منحلا لي ولأسرتي وإخواني وأعطيتهم فكرة عن هذا العمل، كما تقوم الوزارة مشكورة في بعض الأحيان بتزويدنا بملكات النحل ليتكاثر النحل وهذه مبادرات طيبة ومشجعة.
وعن طريقة تغذية النحل يقول: عند الحاجة لذلك وخاصة مع انعدام المرعى والجفاف نضطر إلى تغذية النحل للحفاظ على مستوى قوته فنقوم بتغذيّته في الجفاف وقبل بداية الموسم نجري عملية تصفية لجميع الخلايا وذلك باستخراج البراويز من الخلية التي فيها عسل بهدف الاستعداد لموسم السمر مع نهاية شهر أبريل وأوائل شهر مايو، وكذلك عند موسم جباب السدر في نهاية شهر نوفمبر وبداية شهر ديسمبر. وحول أسعار العسل يقول: عسل أبو طويق يتراوح بين ثمانين إلى مائة وعشرين ريالا، وسعر عسل التربية يتراوح بين عشرين إلى ثلاثين ريالا والفرق بينهما أن عسل أبو طويق يعيش وينمو ويصنع الشمع دون تدخل مربي النحل أما عسل التربية فهو بالطريقة الحديثة، حيث يضع مربي النحل أساسات الشمع ويقوم النحل ببنائه والمتعارف عليه (بالمط) أي مط العيون السداسية لوضع الحضنة عليه أو العسل.
ويرى محمد الهطالي ضرورة أن تمنح الوزارة أراضي تخصص لمربي النحل والحيوانات خاصة أن الكثير من الشبان ليس لديهم السيولة المالية أو مصادر دخل كافية لشراء الأرض لإقامة المنحل، ولو أتاحت الوزارة هذه الميزة فإنها ستحقق مكسبا، وستشجع الناس على تربية الحيوانات وتربية عسل النحل.
من هواية إلى حرفة
ويتحدث خميس بن محمد الهطالي عن تجربته مع النحل وإنتاج العسل: كان البحث عن العسل بالنسبة لنا مجرد هواية صاحبتنا منذ الصغر وقبل ذلك كنا نتعلم من آبائنا عندما كانوا يتابعون النحل ونتعلم منهم طريقة ملاحة حشرة النحل؛ للوصول إلى الخلايا وهي مهنة تحتاج إلى حدة في النظر وسرعة في الحركة لمتابعة سير النحل الذي يجري التركيز عليه عند موارد المياه ومنابعها، فالنحل إن كان مع مورد المياه فإنه لا يذهب لمكان آخر أما إذا وجد في الأشجار فلا يمكن أن نتعرف على بيت الخلية لأنها تتنقل من زهرة لزهرة لجمع الرحيق، ومِن هواية حتى أصبحت مهنة، فأنا وإخواني محمد الهطالي، وخالد الهطالي توارثناها أبّا عن جد، فكنا نجمع خلايا النحل من قمم الجبال والأودية لكي نحصل على قليل من العسل وبعد فترة تطورت العملية وجمعنا ولله الحمد بعضا من الخلايا من النوعين المسماة (النحلية وأبو طويق) فأصبح لدينا مجموعة من الصناديق وقد اكتسبنا خبرة في مجال المناحل وفي كيفية نقل وترتيب الخلية من مكان لآخر وفي طريقة تصفية العسل وترتيبه وكثير من الأعمال التي نقوم بها في هذا المجال.
اهتمام مطلوب !
ويؤكد خالد بن نجيم الهطالي أن اهتمام الجهات المعنية بالنحالين أمر مهم جدا كما أن التنسيق بيننا وبين المختصين في مجال النحل خاصة عندما يتعلق الأمر برش حشرة دوباس النخيل ليأخذ مربو النحل احتياطاتهم في نقل الخلايا إلى أماكن بعيدة بهدف المحافظة على الخلايا، كما أؤكد ضرورة منحنا أراضي تخصص لإقامة المناحل عليها، وأن تكون منحة من الحكومة كدعم منها للمشروعات الصغيرة بهدف إنتاج العسل وتوفيره في السوق المحلي، فالعسل العماني معروف بجودته ونقائه وهو صالح للغذاء وللعلاج وكان الآباء والأجداد يعتمدون عليه اعتمادا كليّا في مصدر الرزق وإني أشجع أبناء الولاية على هذا العمل المجدي النافع، وأضاف أن أهالي ولاية العوابي ومنذ القدم يمتهنون تربية العسل ويعتبرونها من المهن الأساسية لهم وتدر لهم بالدخل، وتعينهم على المعيشة وعلى إكرام الضيف وعلاج المرضى والآن فكرة تربية النحل تطورت إلى الأفضل وأصبح الكل بمقدوره أن يتعلم وينتج لأسرته ولزيادة دخله والاستعانة به في إضافة مصدر دخل يعينه على مصاريف الأسرة وتحمل أعباء البيت وما يعتريه من متطلبات وغيرها، ونشكر جريدة «عمان» على تسليطها الضوء على مثل هذه المشروعات.
قد يهمك ايضاً